الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميزان

نبيل هلال هلال

2012 / 4 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا ما ذُكرت السلطة , ذكرت العدالة , فلا تستقيم الأولى إلا بالثانية . وحِرْصُ الإسلام على إقرار العدالة بالغ الأهمية , وقد أُمر النبي بممارسة العدل في حكومته النبوية :" وأُمرت أن أعدل بينكم " الشورى 15. ونزلت آيات عديدة في شأنها - أي العدالة - والله تعالى يصفها بلفظ واحد جامع لمعاني العدالة والعدل والمساواة والحق , هو "الميزان" , واسمعه يقول :
" الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان " الشورى 17, "وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " الحديد 25 , " ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان , وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان " الرحمن 9. وتوخي العدل أمر إلهي واجب التنفيذ , : " إن الله يأمر بالعدل " النحل 90 .
والسلطة والسعي إليها من أكبر العوامل المحركة للأحداث . وتاريخ سعي الملوك إلى العروش والنفوذ هو تاريخ الإنسان نفسه على هذا الكوكب , وحرص السلاطين على حيازة السلطة شديد , يبذل السلطان في سبيله كل مرتخص وغال , فمنهم من قتل أمه أو أباه أو أبناءه أو المنافسين له من أقاربه من أجل العرش والسلطة . والسلاطين يسنون القوانين التي تخدم مصالحهم ويجندون الأعوان والجنود لحمايتها , وينفقون على ذلك كله من أموال الأمة المنهوبة , وتتعاون السلاطين في ذلك مع الملأ ومجموعات المصالح التي تسير مصالحها بالتوازي مع مصالح السلطان . فَعلَ ذلك فرعون موسى وغيره من الفراعين والملوك والقياصرة والأكاسرة وملوك المسلمين وخلفائهم .
لذا كان على السلاطين تحريف الدين وتزييف السُّنَّة من أجل اختلاق شرعيات موهومة تبرر استيلاءهم على السلطة والمال وتبرر شن حروب توسعية باستخدام ما توافر لهم من فائض قوة , شأنهم في ذلك شأن سائر الأمم التي حازت مثل هذا الفائض من القوة , وزعموا أنها لنشر الدين وهي لتأمين الغنائم اللازمة للوفاء بالتكاليف الباهظة لجندهم وحراسهم وغوانيهم وغلمانهم وقيانهم .
والمعيار الرئيسي للحكم على صلاحية نظام مَّا , هو كفالته حرية الفرد وضمان كل حقوقه , لا حرية طبقة أو طائفة أو تمايز طبقة بنَيلها فوق ما لها من الحقوق , فإذا كفل النظام سلطات لطبقة دون أخرى على حساب تقليص سلطات وحريات سائر خلق الله , كان النظام فاسدا , ولحرصت الطبقة المحظوظة التي تعيش في ظل النظام إلى تعزيز مكاسبها وتأمين سيادتها , فتسعى من جهة أخرى إلى تجنيد أعوان لها , وتشكيل جماعات مصالح تساند السلطة ويتبادلون جميعا المنافع والمكاسب , والشعب بعيد بعيد عن الأمر برمته , بل في الغالب تنجح أبواق الحاكم والطبقة المحظوظة في خداعه فيصفق الشعب المخدوع لحاكمه الظالم وهو ينحره .
ولن يتسنى لهذا المسلم أن يعيش حياة كريمة أو يحظى بجنة السماء أو الأرض بعد إقصائه على هذا النحو الذي يقضى على أي فرصة له تمنحه حظا - ولو يسيرا - في إدارة أمور حياته , فهولا يمسك بأي من الخيوط التي تحرك واقعه أو مستقبله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العدل يقيمه الإنسان بنفسه
عادل الليثى ( 2012 / 4 / 9 - 18:45 )
عزيزى الأستاذ : نبيل هلال .. جاء بالمقال
حِرْصُ الإسلام على إقرار العدالة بالغ الأهمية . ويقول القرأن .. وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .. المائدة 38 ... ولكن بالقانون في أكثر دول العالم يتم محاكمة الافراد وفقاً لحجم الجريمة ووفقاً لشقيها المدتى والجنائى.. بخلاف القرأن الذي يلقي بحكم قطع اليد مهما كان حجم الجريمة .
وجاء أيضاً .. والمعيار الرئيسي للحكم على صلاحية نظام مَّا , هو كفالته حرية الفرد وضمان كل حقوقه , لا حرية طبقة أو طائفة أو تمايز طبقة ينَيلها فوق ما لها من الحقوق ويقول القرأن .. -‏قَاتِلُوا الَّذِينَ لايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.- ‏ سورة التوبة: رقم 9 آية رقم 29 ... هل هذا يساوى بين جميع أفراد الشعب ؟.


2 - تكملة
عادل الليثى ( 2012 / 4 / 9 - 18:46 )
وجاء أيضاً .. وحِرْصُ الإسلام على إقرار العدالة بالغ الأهمية .. وجاء بالقرأن - ‏للذكر مثل حظ الأنثيين- .. - وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى- ... عكس كل القوانينن المرأة والرجل سواء حتى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ساوى المرأة بالرجل ... هل الحرص على العدالة يتطلب عدم مساواة المرأة بالرجل ؟
هل خالف كل البشر القرأن والسنة من أجل اختلاق شرعيات موهومة تبرر استيلاءهم على السلطة والمال ؟


3 - تحية للأستاذ عادل الليثي
نبيل هلال ( 2012 / 4 / 9 - 21:39 )
شكرا على مرورك على المقال ,استفساراتك لها ما يبررها ,وقد سبق لى الرد عليها في مقالاتي السابقة ويمكنك الرجوع إليها ,كما تناولتها بكثير من التفصيل في كتابي (خرافة اسمها الخلافة -قراءة في سقوط الدولة الدينية ) وهو متاح في مكتبة الحوار المتمدن ,مع أطيب التمنيات بوقت قراءة ممتع


4 - منتهى العدل الالهى !!!
حكيم العارف ( 2012 / 4 / 10 - 04:02 )
الحسنات تذهبن السيئات والحسنه بعشرة امثالها ....

وبعد كده تقول العدل والميزان !!! يعنى لما الحسنه تذهبن عشرة سيئات ....

انا اروح انصب (لا اسرق) على عشرة بنوك واقدم احسانا على طفل يتيم (احتمال يكون ابنى ) !! وادخل الجنه !!! هاها ... منتهى العدل الالهى ...




عشر حراميه مسلمين يدخلوا الجنه والمسيحى الامين يدخل النار ... وتقول عدل !!! هذا اله ظالم ...


5 - ---
حسين عمر ( 2012 / 4 / 10 - 10:04 )
نشأت الأديان لتحقيق ظروف سياسية بالدرجة الأولى فلايكمن تجاهل أن محمد أراد أن يخرج قومه مما كانوا عليه و يحدث تغييرا (حسب مايقتضيه زمنه) و العهد القديم كذلك ملئ بأسفار تحض شعبا يدعى إسرائيل (يعلم الله وحده وجوده من عدمه) على القتال و إحتلال الأراضي..كل تلك التعاليم مزجت بتعاليم تحث على الصدق و الاخلاص و الوفاء و المحبة وإحترام الجار و الحقوق الخ.. ولكن الساسة والمتنفذين هم من يستخدمون تعاليم القتال والطاعة للحاكم و يتجاهلون التعاليم الاخرى..فلم ار دولة عربية تدرس حديث -اطع ولو جلد ظهرك- مرفوقا بحديث اخر يقول:-اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر-...

اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس