الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة كما تريدها فلسفة الان باديو

محمد بوجنال

2012 / 4 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحدد آلان باديو العدالة باعتبارها المبدأ الأساس الذي يجب استحضاره وتبنيه الأبدي دون أي شكل من أشكال الضغوطات الخارجية؛ إنها الحرية التي هي أصالة الوجود البشري؛ انطلاقا من المعني ذاك تحصل وتكون الحقيقة في مختلف العلاقات البشرية والسلعية من إنتاج واستهلاك وبيع وشراء...الخ. وما عدا ذلك، في نظر باديو، نكون أمام تصور صنمي متمثل في ما يسمى تحايلا ب"الإصلاح". هذا التصور الإصلاحي، بمختلف أشكاله التي تتقاطع حول مفهوم تسليع العدالة، هو الخطاب الرأسمالي المهيمن الذي لا يمكن أن ينتج سوى الحكامة السيئة التي تفتقر المبادئ؛ ومعلوم أنه في غياب هذه الأخيرة، تغيب أصالة العدالة التي تحل محلها عدالة تتضمن القواعد والقوانين المسلعنة لحصول ما يسمونه تارة بالحكامة ، وأخرى بالتدبير المرن وبالتالي توجيه أشكال الحريات بشكل فني ومقبول بفعل وجود عدم التكافؤ على مستوى مختلف المجالات؛ بل يمكننا التساؤل ،يقول آلان باديو، أنه في غياب مبادئ العدالة الأصيلة، ما هي مرجعيات أحكامنا وقيمنا ومختلف أشكال تدابيرنا؟ وبلغة أكثر دقة يقول فيلسوفنا إن العدالة هي الوجود، والوجود هو العدالة؛ وفي تغييب أحد طرفي المعادلة، يستغل النظام الرأسمالي الطرف الآخر لتزييف دلالة الوجود الحق؛ ومن هنا تري أننا نصبح أمام تشكل مجتمعات تفتقر العدالة حيث تصبح هذه الأخيرة هي الظلم، والظلم هو العدالة. فالعدالة الحقة هي التنظيم الأصيل للعلاقات، والتدبير الحق هو القدرة على ضمان تطور نمو مكونات المجتمع؛ وبذلك فالعملية تعني حدوث أهم متطلبات إنسانية الإنسان التي حددها جون راولز بشكل خاطئ كقيمة تقتضي الحفاظ على الإختلاف بين الأغنياء وغير المحظوظين باللجوء إلى الرفع من الضرائب على الأغنياء وإسكات نقيضهم بتمكينهم من ما يسمونه بالحق في منح عادية تسمى أحيانا منحا عائلية وأحيانا أخرى منحا تعويضية عن البطالة باعتبار كل ذلك جزء لا يتجزأ من العدالة. وهذا تنظير لا يخرج ، في نظر آلان باديو، عن المنطق اللاإنساني للرأسمالية وذلك بسلعنة الإنسان بالشكل الذي يتطلبه المنطق الرأسمالي ذلك من جهة، وبالصيغة التي يتقبلها الإنسان المسلعن من جهة أخرى.
وباديو يؤمن بالمبدإ المادي الذي يحدده في قوله أن الوجود هو "الجسم واللغة"؛ وقد اعتبر ذلك من أهم مبادئ المادية الدموقراطية الذي طالما ركزت عليه واستثمرته ووظفته الأيديولوجيا الرأسمالية. ومن هذا المبدإ يصل آلان باديو إلى فكرة أن الوجود كمجتمعات ذات ثقافات محددة وقيم عالمية هو ما يمثل في نظره الحقيقة؛ هكذا نصل إلى فكرة وجود الحقائق طالما أن الوجود هو وجود "الجسم واللغة".من هنا فمصدر العدالة الأصيلة أو غير الأصيلة، في تصور فيلسوفنا، هي الكيف الذي به تم تحديد "الجسم واللغة". ولكن ، وعلى الرغم من ذلك، فالعدالة الأصيلة لا يمكن اختزالها في غيرها ما دامت قيمتها قيمة عالمية؛ لذا فربطها بالعقد الاجتماعين كما لذي راولز، هو قول يخفي حقيقة دلالة وجود المجتمعات ما دام العقد ذاك يتميز، وبشكل واضح بهيمنة طبقة محددة على باقي مكونات الطبقة النقيض التي تفتقر إلى شروط فرض الذات. صحيح أن العالم يعرف أحيانا تغيرات فجائية إلا أن تلاحمها وتركيبها يرجع دائما إلى ذلك الرجع الذي هو الوحدة "المتعالية" المبنية على عدد من المبادئ كالمبادئ الرياضية أو المبادئ الفنية أو السياسية أو مبادئ الحب. وفي هذا الإطار قال باديو بأن من أهم مبادئ الفلسفة،صياغة قيمة العدالة انطلاقا من مجموع هذه المبادئ؛ مبدأ هو بمثابة عمل وممارسة، لا الاقتصار على التعبير عن الذات كما فعلت وتفعل كثير من المذاهب الفلسفية؛إنه مبدأ العمل والممارسة وليس التوافق الذي لا يفكر في العدالة الأصيلة باعتبارها أهم قضايا الوجود. فالممارسة والعمل يقتضي، حسب المنظومة الشيوعية وهو ما يدافع عنه آلان باديو، أن الحلول المطلوبة للمتناقضات يلزم عنها بالضرورة اختفاء عناصر أصبحت معرقلة وغير مقبولة وهي في الفترة الراهنة العدالة المسلعنة الرأسمالية. فالعدالة الأصيلة إذن هي العمل والممارسة الذي يجب أن لا يسرق من أصحابه العاملين جسديا وفكريا والذين يسمون بطبقة العمال بالمعنى الواسع علما بأن الفيلسوف هو بدوره عاملا بشكل آخر يتمثل في العمل من أجل الاكتشاف وتوضيح وجمع حقائق مرحلته التاريخية، منتقدا كل أشكال الوجود الزائف وبالتالي العدالة الزائفة والمسلعنة-بفتح العين- والمسلعنة-بكسر العين-؛ إنه المنبه الدائم والحريص اليقظ على حماية العدالة بما فيه مصلحة الإنسانية.
قلنا أن الان باديو قد انطلق من مبدإ مادي مؤداه أن كل الموجودات هي أجسام ولغة. فكيف يتحقق وجود هذا الوجود باعتباره العدالة الكلية للإنسانية؟ هنا يتكلم لنا باديو عن ما يسميه بالوجود المتعالي باعتباره دلك النظام الذي يحتوي ما سماه بدرجات الهوية؛ ويحدد هذا المفهوم الأخير باعتباره المادة المتعالية التي توجد وجودا رياضيا مجردا خاليا من الاستغلال والتسليع والظلم كالقول بالرموز التالية:×،ـ،+،=...الخ.وقد سمى النسق الذي يجمع بين كل هذه المكونات"بالقواعد المتعالية"؛ فالإنسان عندما تعطاه قيمته القصوى سيكون حتما أمام العدالة؛أما عندما تعطاه القيمة الدنيا فهنا سيكون أمام الاختلاف الدوني في مستوى الوجود العزيز على النظام الرأسمالي وبالتالي نكون أمام مستويات تراتبية للعدالة.
محمد بوجنال-المغرب-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الضرب على الوترالقومى
karuke ( 2012 / 4 / 11 - 17:32 )
رغم

اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح