الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيحيو الشرق والمواطنة

جورج حزبون

2012 / 4 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في تصريح صحفي يوم 28/2/2012 قام الان جوبيه وزير خارجية فرنسا باعلان قلقه على وضع ومستقبل مسيحي الشرق ، نتيجة هذا الربيع العربي المتفاعل والمتدحرج، والاضرار التي لحقت بهم او قد تلحق، وطالب بان يؤخذ وضعهم بالاعتبار، وان فرنسا لن تخذلهم .
موضوع مسيحوالشرق هذا ليس خطاباً جديداً ، وقد استخدم كورقة للتدخل في الدولة العثمانية ضمن سياسة تدميرها واسقاطها عبر خلق صراعات داخلية قومية واثنية ودينية ، واستمر تأثير هذا النهج حتى اليوم لدى اوساط شعبية ورسمية في الوطن العربي ، من حيث النظر الى المسيحين كجالية لها ولااءت اخرى!!،و بغض النظر عن الصيغة التي يتفاعل فيها ، والاهداف ذاتها ، وهي افساح المجال اوسع للتدخل حتى في الحقل الاجتماعي لضرب الوحدة الداخلية ، واكثر ما يثير الاستهجان في البيان كان خلوه من الاشارة الى المسيحين الفلسطينين ، فهم اصل المسيحية ، والقائمون على ( ام الكنائس ) وانه يمكن القول ان المسيح فلسطينياً ، وهم يواجهون صعوبات حياتية وازمات اخلاقية واستيلاء على ارضهم وحقوقهم بسبب الاحتلال ، والذي نتج عن تلك الممارسات ارتفاع وتيرة الهجرة خاصة الى اميركا اللاتنية بحيث اصبحوا اكبر جالية في التشيلي وغيرها ، وانهم لا يتمكنوا من الوصول الى اماكن عبادتهم ومراكز صلواتهم في القدس دون الحصول على تصريح خاص ، تصدر عن ادارة الاحتلال مرتين سنوياً في اعياد الميلاد واعياد الفصح .
بعد الحرب العالمية الاولى ، وخروج تركيا من المنطقة ، انتعشت الروح القومية رغم قيام قوات الحلفاء بتقسيم البلاد العربية ، وارتفعت هامات الشعوب العربية واتجهوا نحو تحقيق الاستقلال الكامل ، قاد العديد من المسيحيون المستنيرن حركة التحرر وليس مجرد المشاركة فيها ، ولم يكن احد يهتم بالمذاهب الدينية على حساب النضال الوطني التحرري ، وهذه كتابات واشعار اليازجي وزيدان والخوري والقروي وسواهم ، بيانات كفاحية وملهم وحدودي لا يعرف سوى الاستقلال واخراج المستعمرين الفرنسين والانجليز في تلك الايام ،وقد اسس ميشيل عفلق حزب البعث ، وجورج حبش القوميون العرب ، وفيما بعد الجبهة الشعبية ، والقائمة طويلة ، وقد نما بين شعارات الثورة تلك الايام نشيد بعنوان ( يا شعوب الشرق هذا وقت رد الغاضبين ...... الخ ) ، والان يقال مسيحيو الشرق ، الفرق كبير جداً ، والمسؤولية كاملة تظل على الانظمة التي قامت برايات وطنية التي انتقلت بنقلتها الطبقية لتصبح برجوازية كبرادورية صغيرة ، ثم اضحت حليفة للمستعمر باشكاله ومسمياته القديم والجديد ، ولتاكيد معاداة حركة تحرر الشعوب العربية ، كان لا بد من الحرص على شقها وخلق تناقض بينها ، ثم جاء امر الاسلام السياسي بمختلف مسمياته ليستخدم لاحتواء حركات التحرر بابعادها اليسارية والقومية ، وهو تيار ديني ( لاوطني ) اسلاموي ، يتوجه بخطابه نحو الامة الاسلامية ، ويرفض شعارات القومية والوطنية ، وليس بيعد الزمن حين شتم القرضاوي مصر والوطنية ، فهو حسب عقيدته الامة اسلامية ووحدتها على قاعدة العودة بها الى ( الخلافة ) حيث الحكم الديني والشريعية حسب الاجتهاد والتاويل والقياس للقائمين عليها وهذا ما ادى الى ضعف الحركة العروبية ، والى غياب برنامج تحرر عربي ، اضافة الى تدمير بلدان كانت مستقرة قيل تلك الاسلاموية، مثل الصومال وقبلها الهند ثم افغانستان، واليوم ايران وظاهرة الصراع بين سنة وشيعة وكان الخاسر الاكبر هو الوطن ، والمباح هو الوطن ، ويستطيع المستعمرون الجدد الافادة من هذا الوضع والهيمنة على مقدرات الشعوب العربية ، ونهب ثراوتها ، عبر التحالف معها لضرب الحركات الوطنية كما جرى في اليمن واليوم في ليبيا والسودان ومصر واخيراً وليس اخراً سوريا .
واضح ان الوطن العربي يتعرض لهجمة امبريالية منسجمة امبريالية راسمالية ومتحالفة مع الاسلام السياسي والسعودية وبلدان الخليج ، لخلق وضع لا يعود يهدد امنها ؟! على طريقة جمال عبد الناصر ، وانهاء دور الاطر السياسية العروبية ، والهروب بالشعوب العربية الى الامام بعيداً ، تحت عناوين مختلفة لكن ليس وطنية ، وتفعيل مفاهيم الاختلافات الذهبية والتكفير ، وبهذا يتحقق نجاح انظمة كان انشائها تاريخياً هو خدمة هذه الاهداف ، والوقوف بديلاً مناسباً كهنوتيا مؤدلجاً دينياً وليس قوميا .
وهنا نستطيع ان نلاحظ ازمة المسيحين في الشرق ، او في البلدان العربية فهم لا يجدون ذاتهم بغير المواطنة ، والعروبة وحرية الرأي والتعبير ، والبديل الاسلاموي بصيغه الراهنه ، ينبش في الذاكرة ، تلك الايام الكالحة التي كان المسيحي مضطهد في الدولة الاسلامية ، وليس مواطناً على قدم المساواة ، ويمكن رؤية ذلك ايام الخليفة المتوكل ، والفاطمين ، والظاهر بيرس والقائمة تطول، لا يفيد معها محاولات لي عنق التاريخ بالقول عن السماحة والتسامح ، فالاديان بشكل عام ان اقامة دولة كانت عصبوية ، وهذا الامر ليس قاصراً على الاسلام ، فقد حدث في المسيحية الشيء ذاته ، ابان الخلافات بين الكاثوليك والبروتستنت ، لا زالت اثار ذلك بادية على الاقل في ايرلندا ، لكن النظر الى الواقع الراهن ، يفضح طبيعة تلك الحركات من حيث هي لا تترك الدين للعبادة ، وانما تفسره بطريقتها ، وتستند الى نماذج سالفة في التاريخ والحياة ، وترهيباً من المستقبل ومن الانفتاح ، خاصة تجاه المرأة ، موشحين ذلك باقوال لاشخاص من تاريخ السلف ربما بعضهم واغلبهم لم يكن يملك ثقافة خارج الوعي المعطى له في ذلك المجتمع القبلي البطريركي ، واعتبار كافة ابتكارات وفلسلفة المبدعين في العالم ، اوهام وخرافات !! وان الحقيقة تكون عند العلماء ( المشايخ )؟!
ان مواجهة هذا اليتار المتاسلم مهمة وطنية وثورية لاعادة نقش شعار الوحدة العربية على راية شعوبنا ، واهمها وحدة مجتمعنا ، والخروج من دائرة صراع المذاهب المشبوهة ، والالتزام بمفهوم المواطنة ، وهو ما يطمئن كافة الاثنيات والشعوب العربية ومنها المسيحيون العرب ، ومعهم الدروز والاكراد وغيرهم ، ولا يجوز التعامل مع الدين كاداة قهر بل اداة طهر ، ولادراك مفهوم المواطنة تتحقق المساوة والحرية على طريق تجديد المشروع النهضوي العربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مــلاحــطــة هـــامـــة
أحــمــد بــســمــار ( 2012 / 4 / 12 - 16:44 )
مقالك صحيح جيد طيب. لولا أنك أهملت ذكر أنطون سعادة, مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي, في ثلاثينات القرن الماضي, الذي كان مسيحي المولد, رغم علمانيته الكاملة الحقيقية,والذي كان من أكبر مؤسسي الأحزاب الوطنية في المشرق التي جذبت العديد من الأنتليجنسيا قي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن. والذي أعدمته السلطات اللبنانية في الخمسينات, أيام حكومة رياض الصلح.
مع تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة


2 - السيد بسمار
جورج حزبون ( 2012 / 4 / 12 - 18:19 )
تحية واحترام
ربما دون قصد ، فانا متزوج ابنة احد قادة القوميون السورين ، حيث كان من المتهمين باغتيال المالكي وجاء الى فلسطين وتزوج واقام ، فورثت عنه كتب القوميين ، واعرف قيمة من تقول عنه، ولكن القائمة تطول فهناك الادباء والكتاب والشعراء والمناضلين ، لكنه كان لا بد من ان نذكر حيث قد تنفع الذكرى ، شكرا لك

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah