الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة و الأشياء ( 1 )

محمد بقوح

2012 / 4 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الحقيقة شقيقة للعين التي ترى. لنقل العين الثالثة، التي تحسن الإنصات، بتعبير هايدغر، أكثر من صناعة الخطب، و ممارسة فعل التفسير و التأويل، قبل تأسيس فعل الفهم الجيّد، و الاستيعاب الأمثل. أما صناعة الخطب، فنعني به إعداد )المخدر(، الإعداد الفني الجميل، لكن المغامر في حساباته.. لأنه مهما طالت لحظة غفوة فرد، و غفلة جماعة بشرية، أو تغفيل و تهميش، أو تنحية الحقيقة العاقلة، و المرفوضة بالكامل، من طرف سلطان الحقيقة المهيمنة، و المستبدة و الطاغية، فلا بد، ذات يوم، أن يستيقظ أهاليها المغفلين و المقموعين.. أو الممنوعين من الكلام أو التعبير و العمل المباحين.. و حينذاك، سيصعب تخيل الطريقة البشعة، التي يمكن أن يعيد بها ذلك الفرد، أو تلك الجماعة، توازنهما الطبيعي المفتقد، في الزمن السابق، و الباحث عن رد الاعتبار لذاتهما المشروخة، كمكوّن بشري مجتمعي و مدني، أي خاضع لتحولات المدينة السريعة و المعاصرة، بخصوص علاقته الصراعية في حقيقتها، بمالكي أنبوب )المخدر( و توزيعه، حسب الحاجة و الرغبة.. حاجة المستهلك العمياء، و رغبة طمع المنتج، الذي لا يشبع. نتحدث هنا طبعا، عن مفهوم سيكولوجية الإنسان المقهور، كما طرحه الباحث المصري مصطفى حجازي.. في تعلقه الكبير و الجدلي - نعني المفهوم - بسلطة حقيقة ما هو استبدادي و طاغ، بطريقة تجعل الطرف الثاني ) المقموع ( في معادلة الصراع الجاري، في الحقل الاجتماعي، مفتقد لأدنى شروط آدميته الجوهرية، و نعني بها الحرية و الكرامة و العدالة و المساواة.. فتبدو القوة المتسلطة سيدة الميدان، تصول و تجول كما تشاء، مبعدة الآخرين بالقوة، سواء المادية أو الرمزية، مع الحرص الأساسي على المضي التأكيدي، في أسلوب إضعافهم التدريجي، بكل ما يتيحه لهم ذكاؤهم السياسي البليد، من سبل و استراتيجيات تفكير الإبعاد اللاوطني، و الدوغمائي في عمقه.. و احتكار الحقيقة، كمنظومة قيم بشرية، بفرض حقيقة استعباد الأفراد و الشعوب. و هو أمر بات اليوم، مع حراك الربيع العربي، و الثورة الشبابية، من حقائق المستحيلات ؟
إن الحقيقة التي تهيمن، هي دوما، الحقيقة المرغوب فيها، سواء بالنسبة للإنسان القوي المتسلط ، أو بالنسبة للإنسان الضعيف الخضوع. أي هناك فارض للحقيقة، و مستقبل لها. لكن قوة الأول ليست ضرورة قوة مادية. و قد يكون نيتشه هنا على خطأ، لو عاصر و شاهد بأم عينيه الضيقتين، ثوراتنا العربية المجيدة، و هي تقلب القيم : القوة تنهار لتصير ضعفا، و الضعف ينقلب قسرا، بقدرة قادر، إلى قوة هائلة. لأن الإنسان الذي أشعل فتيل الثورات العربية ) تونس، مصر..( كان من فئة شباب، لا حول لهم و لا قوة.. بالمعني المادي و السياسي. و نعي جيدا ماذا نعنيه بكلمة "أشعل". لأن أغلب ممارساتنا السياسية القوية، تتوقف عند عملية الإشعال. أي التنفيذ الحقيقي المكمل لسلسلة العمليات السابقة. القوة هنا، تعني المعنى العملي، لكلمة إرادة الحرية و التحرير و التحرر. أي تقويض و تكسير قيود و أغلال سلطة الاعتقال الفكري، و الروحي و الرمزي للإنسان. إنها الحقيقة المبحوث عنها، في تاريخ البشرية. و تقمع دوما بالسيف أو بالتهميش، أي بحقيقة مضادة، هي حقيقتهم الطاغية، بمعنى حقيقة الأقوى بالسلطة و المال و السلاح و السياسة الرسمية.. إلخ في مواجهة دائمة مع الحقيقة المفقودة.. و المدفوعة دوما إلى التيه الملتبس. و هي حقيقة حرية الشعوب المقموعة، التي إذا طفت إلى السطح، تتحول إلى تسونامي قوي، لا يهدأ له بال، إلا بعد أن يعمل على اجتثاث أصول السلطة المهيمنة، و تنحية النظم القمعية و الطاغية من جذورها العميقة. و لدينا الأمثلة البليغة في واقع الكتاب المفتوح راهنا، في الواقع العربي، نعني به ما اصطلح عليه ب ) الربيع العربي (.. و هو شكل من أشكال التغيير الفعلي و الحتمية التاريخية، اللذين فرضتهما شروط ضرورة رد التوازن و الاعتبار، لكرامة الإنسان و لقيمه النبيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدني تأييد ترامب وسط المستقلين بعد إدانته جنائيا | #أميركا_ا


.. فواز منصر يجيب.. ما خطورة نشر الحوثيين للزوارق المفخخة الآن؟




.. تضرر مستوصف في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي


.. قادة أوروبا يبحثون مستقبل الاتحاد في ظل صعود اليمين في الانت




.. ما دلالات الكشف عن وثيقة تؤكد أن الجيش والمخابرات كانا على ع