الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وكان الكيّ آخر علاج التبشير في كردستان

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 4 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد حملت الينا الاخبار أخيرا بأن كل المدرسين الامريكيين في اعدادية (ميديا النموذجية) التبشيرية في مدينة السليمانية، في اقليم كردستان العراق، قد عادوا الى امريكا بعد ان قُتل احدهم على يد احد الطلبة في داخل الفصل الدراسي، والذي اقدم على قتل نفسه ايضا اثناء الحادثة, وجاءت مغادرة المدرسين بعد ان قررت مديرية التربية في المدينة اغلاق المدرسة نهائيا بسبب ذلك الحادث. ان كردستان, وبالاخص جزءها الذي صار اقليما في الدولة العراقية الحديثة, قطن فيها المسيحيون منذ ان ظهرت الديانة المسيحية نفسها، فيما كان معظم الكرد على الديانة الزرادشتية وعقيدة اليارسان الوحدانية قبل الاسلام. وبعد دخولهم الدين الاسلامي في عهد الفتوحات الاولى, نهجوا عقائد مختلفة تمثلت بالفرق الاسلامية المختلفة, وبقي المسيحيون على ديانتهم. لم يذكر التاريخ اية محاولات تبشيرية لمسيحيي كردستان تجاه الكرد المسلمين بجميع فرقهم سواء السنية أو الشيعية أو العلوية أو الديانات الاخرى كاليارسان (اليزيدية والكاكائية والهاوارية و السنجابية والقلمحاج والقلخانية ... وغيرها) أو حتى تجاه اليهود الكرد, وكانوا كثيرين. ولم يلتزم الكرد ابدا نهج دعوة المسيحيين لدخول الاسلام، لا بالقوة ولا بالدعوة ولا بالاكراه, الا ماتزوجوا من المسيحيات اللاتي اسلمن رغبة منهن في احترام ازواجهن. وكذلك فيما بين المسلمين انفسهم لم تكن هنالك اية محاولات لاستمالة افراد طائفة معينة نحو طائفة اخرى الا من تجاذبتهم المدارس الصوفية وكانت ضمن نطاق ضيق غير محسوس. أما اليارسان وكذلك العلويين فأن عقيدتهم لاتدعوا الى الدعوة او التبشير لدينهم مثلما هي عليه اليهودية تماما. وهذا انما يظهر العقلية المتفتحة عند الكرد في نظرتهم للدين وللفرق الدينية. وما نسمعه عن الارساليات والمدارس التبشيرية في بلدان العالم لم يكن له وجود في كردستان, ولا في العراق, لانها غير مستساغة عند العراقيين والكرد اصلا. والأهم من كل ذلك، لم يشر التاريخ الى اي احتكاك طائفي فيما بين الكرد انفسهم، حيث يتناصف الكرد بين السنة والشيعة, بل والاكثر من ذلك فان بلادهم كانت مسرحا لحرب طائفية بين الفرس والعثمانيين لمئات السنين لم تتمكن من أن تزرع فيهم رائحة الكراهية الطائفية على الاطلاق. وبعد تشكيل الادارة الكردية في اقليم كردستان العراق عام 1992, بدت بوادر لحركات تبشيرية غريبة على الواقع الكردستاني تبنتها جهات كانت تعمل ضمن منظمات خيرية أو انسانية او ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء الذي أقره مجلس الامن الدولي ونفذته هيئات المنظمة الدولية في حدود الادارة الكردية. وقد تطورت تلك التحركات بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003, اذ بدأ انتشار غريب لمدارس وجامعات تركية واوربية وامريكية متعددة في محافظات الاقليم, وكان الغرض من المدارس التركية هو التتريك وطمس الشعور القومي عند الأكراد لاغير, أما الاوربية والامريكية فقد كان التبشير بالانجيل هدفها الاكبر. ولان كردستان ليست بلادا فقيرة بمعنى الفقر لكي يكون الدافع نحو عيش رغيد هو المستهدف في اسلوب التبشير, فان الدافع الرئيسي الذي ادى الى ارسال الاسر لاولادهم للدراسة في تلك المدارس هو تعلم اللغة الانجليزية في المقام الاول والسفرات الى خارج البلاد والوعود باكمال دراستهم في اوربا وامريكا في المقام الثاني. ولعل ماشجع الآباء كثيرا في ارسال ابناءهم الى تلك المدارس هو الظاهرة المريبة في اسناد مناصب مهمة في الحكومة الاقليمية لاشخاص لايمتون باية صلة للواقع الكردستاني, بل ولم يكونوا ليشتروا كردستان ولو بفلس واحد حين تركوها واحزانها وهاجروا الى اوربا وامريكا طلبا للغنى والعيش الرغيد, سوى لأنهم عاشوا في اوربا أو امريكا أو لانهم يتكلمون الانجليزية بطلاقة! وعلى هذا الاساس فان الاغنياء والمتطلعين الى السياسة أو الى زعامات مستقبلية هم من ارسلوا ابناءهم لمدارس التبشير, فيما لم يطل ذلك الفقراء من الشعب. وعلى الرغم من ان الكرد لايعيرون، بطبيعتهم، اهمية لتغيير الاديان و الطوائف اذ يبدوا ذلك عقيما عندهم, فقد كان المكسب المنتظر في ضوء مااستفاد منه المقيمون او المتجنسون في الغرب, من دون وجه حق, هو الحافز لتقبل تلك المدارس والجامعات, فان ذلك لم يعني عدم السكوت على تلك الظاهرة التي تكلم في تاثيراتها الاجتماعية المضرة عدد من علماء الدين المسلمين والمثقفين ومناصروا الثقافة الكردستانية, ولكن كل ذلك كان في نطاق محدود, الا ان العرٓض الرئيسي لتلك المدارس كان باديا في الطلبة انفسهم حين اداروا ظهورهم لآمال آباءهم بسبب الازدواجية التي اكتسبوها, بل واصابة بعضهم بانفصام الشخصية بسبب الصراع النفسي الذي تسبب به اختلاط ثقافتين متظادتين في نفس واحدة, وهو الاختلاط الذي لم تعرفه الثقافة الكردية ولا نفسية الفرد الكردي منذ أن عاش على ارضه المعروفة بكردستان. لم تكن هنالك جدوى من معالجة تلك الظاهرة الغريبة على المجتمع الكردستاني برفضها من قبل الطلبة أو من خلال محاربتها من قبل المحافظين على الثقافة الكردية أو الناقمين على (استيراد) الادارات من الغرب, طالما بقيت تلك المدارس بحماية القانون ومطلبا لاولياء الامور المتطلعين (الاغنياء), الى جاء العلاج الاخير, بالكيّ, حين هوى الطالب (بيار) ذي السبعة عشر عاما على مدرسه الامريكي (جرماية), في اللحظة التي كان فيها يصلي بالثالوث, بثلاث طلقات من مسدسه اردته ميتا ومضرجا بدمائه امام الطلبة في موقف ارهب القاتل، فقتل نفسه ايضا، لينتهي فصل التبشير الساذج نهائية ماساوية لاتسر بشرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وسيلة دفاع عن عقيدة ركيكة
طالب ( 2012 / 4 / 18 - 23:45 )
كاكا بهروز اكو عند الاسلاميين رعب فظيع من المبشرين... هذا كان نهج محمد مع اليهود والنصارى عند انكشاف لعبة النبوة. ضرب مقولتة (جادلوهم بالتي هي احسن) بعرض الحائط لان ما كان عنده ما هو احسن لمجادلتهم فلجاء الى استخدام العنف...وكذا فعل ناتج عن غريزة زرعها محمد في المسلم كوسيلة للدفاع عن هذه العقيدة الركيكة...مدرسة واحدة وهيجي لعد لو شالو حد الردة شراح يصير يا كاكا؟؟؟؟؟؟؟


2 - احترس من المسلم ... قنبله موقوته
حكيم العارف ( 2012 / 4 / 19 - 00:18 )
الجهل نور عند الاغبياء ...

قفلنا المدرسه ... هيه ... يالا بينا نعمل حفله ...

من الخاسر فى هذه القصه الزائفه ... واحد عايش بشخصيتين ...!! طيب ما هو كل المسلمين عايشين بعشرين شخصيه .. على سبيل المثال:

فى صلاة الجمعه ربما يغض البصر (علشان الناس شايفاه) والايام العاديه مافيش مانع يتفرج على اليسا وهو بيصلى.. نفاق او رياء!!

اللهم انى صائم صباح رمضان ... واى صباح اخر يكفر كل اللى حواليه..

حرامى بيقول الله اكبر علشان كان بيسرق بيت الكوفتس اللى جاره..

احترس من المسلم ... قنبله موقوته


3 - مقالك عبارة عن مغالطات إسلامية -1
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 4 / 19 - 00:23 )
تحية لك عزيزي الكاتب،
يؤسفني القول، إن مقالك عبارة عن مغالطات إسلامية، وهي عدم تعرض غير المسلمين للأرهاب ألأسلامي لترك دينهم، وخاصة من الكرد، إن مذابح ألأرمن على يد الكرد خير شاهد،ولا تزال تفاعلاته الدولية إلى اليوم. عوضاً عن مذابح اليزيديين والزرادشت، والحرانيين الصابئة والذين إختفوا من المنطقة الكردية لقرون قريبة ، بعد أن إحتموا بالجبال من الأسلام. المغالطة الثانية هي تقول إن التبشيرأثر على نفسية المسلمين، طيب، إذا كنت كمسلم حساس لمشاعر الآخرين، فلماذا تذيعون الصلاة خمس مرات بالجوامع والأذاعات، وأنت تلعن غير المسلمين في صلاتك يومياً ١٧ مرة بقراءة سورة الفاتحة، وتسميهم مغضوب عليهم وضالين، عوضاَ عن القرآن الذي ملئ بالتهديد والوعيد لغير المسلمين، فهل أن غير المسلم غير حساس والمسلم حساس فقط .


4 - مقالك عبارة عن مغالطات إسلامية -٢
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 4 / 19 - 00:43 )
والمغالطة الثالثة، وهي أن الدعوة للمسيحية غريبة ، أن الديانة المسيحية ديانة تبشيرية، لماذا تدعون أنتم لأسلمة العالم وبالسيف والتفجيرات،إن المسيحي حينما يدعوك للمسيحية يعطيك الأنجيل ويقول لك إقرأ وإسأل مالم تفهمه، إن إققتنعت فأهلا وسهلاًَ، وإ ن لم تقتنع، تبقى أنت أخي وصديقي، أما المسلم، فيقول لك أسلم تسلم، أو بأحسن الأحوال قل الشهادة، وكلها عبارة عن غصب، كيف أشهد على شيء، وأنا لم ولن أراه ولم أشاهده، أي شهد ماشافش حاجة، مثل مسرحية عادل إمام، وإذا سألت المسلم مجرد سؤال يحكم عليك بالكفر وكره الأسلام، وهو لم يجاوبني، كي أحب الأسلام، لأنه بإختصار يتهرب من الجواب، لأنه لايستطيع الجواب.


5 - مقالك عبارة عن مغالطات إسلامية - ٣
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 4 / 19 - 00:46 )
المغالطة الرابعة، هي الأشادة بالعمل الأرهابي ضد المبشرين، وهذا يدل ويؤكد ضعف الأسلام وعدوانيته لغير المسلمين وعدم صموده أمام الحقائق والنقاش، لذلك إستخدم ألأسلام،ومنذ نشأته، الأرهاب لتكميم الأفواه، وإخضاع الشعوب بالسيف، وهي غارقة بدمائها إلى اليوم بسبب هذه العقيدة الدموية.
إن الرد على مقالك، أتمنا أن لايكون بالكي لأمثالك، الذي ستضطر البشرية لأستخدامه، ولو إني أراه يقترب شيئاً فشيئاً بسبب ستمراركم بأعمالكم ألأرهابية، وإحتقار الشعوب الغير مسلمة وعدم أحترام لحياة وعقائد ألآخرين.


6 - الى طالب وحكيم وأحمد
بهروز الجاف ( 2012 / 4 / 19 - 06:43 )
اعزائي المعلقين، هذا المقال ليس دفاعا عن الاسلام كما يرى (طالب) أو دفاعا عن الجهل كما يرى (حكيم العارف) أو دفاعا عن عمل ارهابي!! كما يرى (احمد حسن البغدادي), ألم تر يا أحمد بان نهاية المقال تضمن (نهاية مأساوية لاتسر بشرا)؟ لايجب الانطلاق من العصبية الدينية لعرض الظواهر السلبية، هنا قراءة لواقع الحال في كردستان من منطلق الثقافة الكردية وليس الاسلام. الاكراد بمسلميهم ومسيحييهم وطوائفهم ليسوا متعصبين دينيا، انهم مجتمع منحدر عن قبائل رحالة كانت تعرف العصبية القبلية ولكنها لم تنشأ على العصبية الدينية على الاطلاق. أما مذابح الارمن، يا احمد، فليس للكرد يد فيها لان الكرد والارمن عاشوا لآلاف السنين معا منذ زمن الميديين والاورارتيين ولم تكن بينهما خلافات جوهرية ولكن المذابح كانت من فعل الاتراك القوميين وهذا لاشك فيه، اما جبال كردستان فاحب ان اذكرك بانها حمت كل من لجأ اليها من مسلمين وغير مسلمين مستفيدين من الاجارة الكردية الاصيلة كما استفاد منها الارمن الهاربون من الجحيم التركي وهم مازالوا في كنفهم الى هذا اليوم.


7 - للزيادة في المعلومات
بهروز الجاف ( 2012 / 4 / 19 - 07:00 )
في بيانها لم تعد مديرية الأمن في السليمانية الحادث عملا ارهابيا، كما ان مراسيم الدفن لكلا الضحيتين جرت بموجب الاعراف الكردية بحضور عائلتي الفقيدين في آن واحد ومقبرة واحدة لم تفرق بين دينين ولا جنسيتين في اروع صورة تجلت فيها التقاليد الكردية.


8 - في الاتحاد قوه
سمير حميد ( 2012 / 4 / 19 - 07:12 )
-لقد دأب الاكراد على مهاجمه الاديره والكنائس المسيحيه في شمال العراق وقيامهم بالسلب والنهب وقتل الرهبان واخيرا ما تم التنسيق له بالهجوم على المسيحين في زاخو وغيرها - اتركو ا الغرب والعرب خيرا لكم


9 - نكران الجميــــــل
كنعــان شـــماس ( 2012 / 4 / 19 - 23:50 )
يا اخ بهروز الجاف لماذا تخاف من التبشــــــــــر انت تعرف فعل الاية القرانية ( الانفـــــال ) في كردستان ؟؟؟ ومع ذلك تخاف من الثالوث الذي حمى كردستان من الفناء بين الفرس والترك عندما هربوا من الانفـــــــــال وتجمد الاف من البرد والجوع في الجبال نكران جميل اهل الثالوث ليس من اخلاق الفرسان النبلاء اظن يا بهروز في المستقبل القريب مايبقى على بقاء تكتلات بشرية على العيش هو مدى احترامها لشــــــريعة حقوق الانسان


10 - الى كنعان شماس
بهروز الجاف ( 2012 / 4 / 21 - 08:07 )
أخي كنعان: لأنك تبدو مناصرا للتبشير، هل تعتقد بأن التبشير بمنأى عن نقد الفكر الديني؟

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah