الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة مفتي مصر للقدس تكشف المسافة بين السياسي والديني في الصراع.

خالد عبد القادر احمد

2012 / 4 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ اطلق القرضاوي فتواه, المخالفة لنص حديث رسول الله في شد الرحال, وفي توقيت يعاكس دعوة السلطة الفلسطينية لزيارة القدس, فحرم زيارة القدس متحججا انها تنطوي على مضامين سياسية تتعلق بالتطبيع, والاعتراف بشرعية الاحتلال من خلال الخضوع لاجرائية الاحتلال في الدخول الى فلسطين المحتلة لاداء الشعيرة الدينية, اقول منذ تلك اللحظة, انفتح حوار _ اقليمي _ حول قبول او رفض هذه الفتوى ببعديها السياسي والروحاني, برهن على وجود تفاوت مسافة بين المنهجية الروحانية والمنهجية السياسية في التعامل مع القضايا القومية, وان كل منهما يعاكس الاخر في نتائجه,
وجاءت زيارة الداعية اليمني ومفتي مصر للقدس فرفعت مستوى الحوار الى حالة انفجار صراع _ سياسي _ بين المقولة الروحانية والمقولة السياسية ومنهجياتهما, الامر الذي يؤكد على وجود التعارض بين الروحاني والسياسي ويحمل القضايا القومية اخطار نتائج الصراع بينهما, ليس في مجال الصراع مع اجندات العلاقات الدولية فحسب, بل وفي رسم صورة الاجماع الوطني حول المستجدات السلطوية التي ترتبت في مواقع الربيع العربي,
ان قوة حجة كلا الطرفين في اثبات صوابية رؤيته تكاد تتعادل, فتربك المواطن العادي غير المهيأ وعيه للمفاضلة بينها, لانه عاطفي يفتقد صورة الضرورة السياسية القومية, علما ان القوميات هي الان مكون حداثة الحضارية العصرية, وان الاستجابة لضرورات ردم تفاوت مستويات ترقيها وتفوقها الحضاري باتت مجال الصراع بينها عالميا, وان الاستجابة لمركزية الضرورة القومية تمر عبر ايجاد حالة مجتمعية من التجانس الايديولوجي الوطني, والاستجابة لمطلب تجاوز اشكال الانقسام العرقي والطبقي والطائفي,
ان مشكلة الشيخ القرضاوي في الافتاء الديني السياسي, هي انه يخلق في المجتمع مسارات فكرية تعمل على زيادة تفتيت المستوى المتحقق من هذا التجانس الايديولوجي الوطني فيه, والذي نسميه تكافؤ المواطنة ووحدة اتجاهها ومصيرها, مما جعل من افتاء الشيخ القرضاوي عامل تغذية فكرية لمخطط الفوضى الخلاقة, يقدم للاعلام الطفيلي غير الشفاف المادة اللازمة لتقويته, ونتيجة ذلك توسيع عملية تفتيت الوحدة الروحية للمجتمع_ فيتراجع مستوى وحجم تحقق حالة التجانس الايديولوجي الوطني فيه_, اي وحدة مواطنته. وقد ثبت الدور التامري لهذا الافتاء في مختلف مواقع الربيع العربي, حين غيب عن الوعي الشعبي الدور التامري التخريبي الذي تلعبه الاجندة الاجنبية في ظرف الفوضى, ولم ينتقد اتفاقات التيارات الاسلامية معها, مركزا جهده على العمل على تضخيم الحاجة الانتقامية من هذه الانظمة الفاسدة,
لقد لعب افتاء الشيخ القرضاوي الخاص من بين الافتاء السياسي الاسلامي العام بكفاءة مميزة دوره المرسوم في خلق وتعميق حالة الانقسام والانشقاق الجيوسياسية الفلسطينية, دون التفات للضرر الذي يلحق بالقومية الفلسطينية منها, ففكره لا يعترف اصلا بوجود ضرورة قومية فلسطينية مستقلة, ففلسطين بالنسبة لفكر الاخوان المسلمين, والتيارات الاسلامية الاخرى, ليست وطن وانما ارض وقف ديني والفلسطينيون تبعا لذلك ليسوا مواطنين وانما سكانا فقط,
ان ادعاء الرؤية السياسية الاسلامية انها تحاول اسقاط شرعية وجود الكيان الصهيوني وعزله ومحاصرته والقطع معه, هو ادعاء كاذب في شفافيته وفاسد في منهجيته: فهو غير معني بالتصدي للنظام الرسمي القادر على عزل ومحاصرة الكيان الصهيوني ويسكت عن عدم القطع معه, وهو لا يلجأ لمعارضة منهجية الانظمة في التعامل مع القضية الفلسطينية, الا بالقدر الذي يقوي شعبيا موقفه الخاص ضد النظام الرسمي فقط, وقد اثبت اعلان التيارات الاسلامية التزامها بالاتفاقات الدولية والاحجام عن مجرد الاشارة الى نيتها مراجعة هذه الاتفاقيات كذب شفافية ادعاءاته بالوطنية, واخذه بموروث الانظمة الفاسدة من الاتفاقات والعلاقات الدولية,
ان الافتاء السياسي الاسلامي بخصوص القضية الفلسطينية لا ينطلق من الاستجابة لخصوصية الحاجة الوطنية الفلسطينية بل من حاجته لتوظيف ديماغوجيته حولها في الصراع مع الانظمة على السلطة, بل وينسحب هذا الامر على توظيفه الديماغوجي للمقولة التشريعية الاسلامية نفسها ايضا,
فخلال الفترة من 1948 وحتى 1967م, كان هناك حصار وعزل وقطع مع الكيان الصهيوني, وجهه الاخر حصار وعزل والقطع مع الشعب الفلسطيني واعتقاله في مهاجر تشريده تحت طائلة القمع الامني, فماذا كانت النتيجة وماذا كان الموقف السياسي الاسلامي؟
لقد تم تمزيق وحدة المجتمع الفلسطيني, وتفتيت وحدة بناءه الايديولوجي الوطني الاستقلالية, وتوزيعها على المدارس الفكرية الاقليمية, حيث سكت لسان الافتاء السياسي الاسلامي عن قمع الحالة الوطنية الفلسطينية, ولم ينطق الا بعد انطلاق الثورة الفلسطينية ليعلن بوقاحة منقطعة النظير ان قتيل الثورة الفلسطينية ليس شهيدا, وليحبس انصاره عن الانضمام لها, الى ان هزمت عسكريا عام 1982م فتقدم حينها ليكون خنجرا يطعن تاريخها النضالي, ويطرح في الوقت غير الوطني نفسه بديلا لها, مدعيا انه منشق عن المنهجية الفلسطينية الاستسلامية التفاوضية, لنصدم في النهاية بانبطاحيته, ليس في مجال القضية الفلسطينية فقط, وانما في قضايا كافة المواقع القومية ذات الاغلبية الاسلامية من باكستان وافغانستان حتى اواسط افريقيا؟
بالطبع لم يكن هناك اكثر من القيادة الفلسطينية تفهما لمنطلق القرضاوي في الافتاء, فكما يقال _ ابن بطني يفهم رطني _ وكلاهما يمين انهزامي استسلامي, غير ان القيادة الفلسطينية تميزها رؤية حاجات السوق الاقتصادي الفلسطيني وتحذر من الانعكاسات الخطرة لافتاء القرضاوي عليها, في حين ان القرضاوي يضع الافتاء الاسلامي في خدمة الفوضى الامريكية الخلاقة على الصعيد الاسلامي كاملا, وكلاهما معا يعمل على تحجيم القضية الفلسطينية وتقليصها الى حجم وضع القدس, ليس لحرص على هويتها الوطنية وانما للمردود المالي لسياحتها الدينية فحسب, اما عكا وحيفا فيودعونها الجحيم الصهيوني. والا ؟ فلماذا السكوت عن الناصرة مثلا؟ اليست الناصرة مقدسة ايضا؟
ان الفلسطينيين في ظل الحصار الاقليمي وابتزاز محاورها لهم مجبورين على استجداء شعوب المنطقة, فالقيادة الفلسطينية ببراغمتيتها الانهزامية لم تسلك مسار الانهزامية الا بفعل الحصار الاقليمي الرسمي والديني لها, الذي عمل على تنمية الاتجاهات الانهزامية في البنية الفصائلية للحركة الوطنية الفلسطينية, وها هو الشيخ القرضاوي يتنبه لنافذة الشعبية كطوق نجاة للصمود الفلسطيني, فيعمل فورا على غلقها باعلان فتوى التحريم الديني للحج للقدس تحت الاحتلال, لان المطلوب هو مزيد من ارهاق ظرف _ الصمود الشعبي _ الفلسطيني, وزيادة تكلفته على المؤسسة الرسمية الفلسطينية, والحقيقة انه لا يجب الفصل بين دور فتوى القرضاوي وباقي اشكال واساليب ومسارات حصار الموقف الفلسطيني من قبل انظمة المنطقة جميعها, والتي تعمل على اجبار القرار السياسي الفلسطيني على تقديم _ مستوى جديد من التنازلات _, تبدأ من اسقاط شروط العودة الفلسطينية لعملية التفاوض المباشر والاستجابة للشروط الصهيونية لها عبر التضحية بمسار تدويل الصراع,
ان فتوى الشيخ القرضاوي هي من اشكال الضغط الفجة على القيادة الفلسطينية, والتي تظلل على ضغوط الانظمة الرسمية التي تختبيء خلف منهجية تبادل الزيارات من _ اجل تدعيم صمود الاشقاء في فلسطين_, في حين ان القيادة الفلسطينية وباستعداداتها الانهزامية تبلع هذا المنجل, وتظلل على انهزاميتها هذه باللعب على مقولة معالجة الانقسام ومقولة المقاومة الشعبية السلمية,
ان الشيخ القرضاوي _ يعمق الضغط الدولي على الفلسطينيين_ , فيعمل على اسهام قوة الشعوب فيه, فطعم ونكهة ولون هذا الشيخ اصيلة الى درجة انها لن تتغير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منهجية إنسانية بخلاف الروحية و السياسية
Amir_Baky ( 2012 / 4 / 21 - 15:12 )
أخى معتقل بسجن كبير و يعانى المرض و سوء التغذية فهل إستئذان السجان معناه التطبيع معه؟ وهل إدخال الدواء و الغذاء لأخى السجين أمر خطأ؟ فزيارة القدس لا يوجد بها طرف الشعب الإسرائيلى أصلا فأين التطبيع بين الشعوب؟لدى عدة أسئلة. هل زيارة و تدعيم المسجون هو تطبيع مع السجان؟ هل عدم زيارة القدس أعاد لنا القدس؟ هل عدم زيارة القدس منع تهويد القدس؟ هل عدم زيارة القدس يثبت أهمية القدس عند العرب أم تاتى بإستنتاج آخر؟ لماذا أبو مازن يريد وجود عربى فى القدس؟ هل الفلسطينيون خونة لأن معظمهم يريدون زيارة العرب للقدس؟ هل التجار المقديسيين يستفيدون تجاريا و معنويا من زيارة القدس؟ هل إفقار المقديسين –بسبب عدم زيارة القدس- سيجعلهم يتمسكون بالقدس رغم الإغراءات المادية التى تقدم لهم؟ لماذا الفنادق التى يملكها المقديسيين تتعرض للإفلاس و الفنادق التى يملكها يهود تنمو و تزدهر؟ هل زائر القدس من الغربيين يذهب للتاجر المقديسى أم التاجر الإسرائيلى؟ هل ترك الساحة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية للإسرائيلين بالقدس يخدم قضية القدس؟ لماذا لا نجرب وسائل آخرى للضغط السياسى بعد فشل الطريقة القديمة؟


2 - الاخ امير
خالد عبد القادر احمد ( 2012 / 4 / 21 - 21:18 )
تحياتي اليك
اتفق مع اجابتك التي تتضمنها اسئلتك, الاستنكارية, وتفضل بقبول تحياتي

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah