الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يجعلنا كفار في نظر الاخرين؟

وسام غملوش

2012 / 4 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ان تكون كافرا هو ان تكون عدوا للاخر وليس عدوا للدين، ولكن لم عدو للاخر؟، فالنبي محمد قد قال (لكم دينكم ولي ديني) ولم يحارب الا حين فُرض عليه القتال.
فان كنت متدين من ملة ما، فانت كافر في نظر الملة الاولى، والعكس صحيح، فالكفر اضحى ليس على معيار سماوي ولا على معيار الصلاة والصوم والاعتراف بدين الاله الواحد، فالكل في الدين الاسلامي يصلي ،يصوم ويحج البيت وربه واحد، ولكن كل من جهته يكفّر الاخر، وذلك ليس بسبب التطبيق الخطأ وانما فقط لأنه ليس من مطيعيه وهو ضد مشروعه الارضي الذي يساهم في علو كلمته الذي يعتبرها كلمة الحق، ولان الجميع ينادي في علو كلمة الحق قد ضاع مفهومها، فكل الاديان تنادي وتصيح (ان مهمتنا علو كلمة الحق)، حتى الرأسمليين نراهم يريدون رفع كلمة الحق من خلال تسويق مفهوم الديمقراطية الذي يوسع لهم رقعة الشطرنج لتسرح اكثر خيولهم الجامحة فوق سهول الناس وممتلكاتهم، وكلمة الحق لا تُرفع الا من خلال مفهوم الخالق الذي يعلم كيف يرفع كلمته، ويمكن ان تكون خارج مفهوم الحق المزعوم لدى البشر، فمن يدري فهو ايضا يريدها كما يريد للمفهوم ان يكون ليكون المستفيد الاول من علو شأنه وهذا حقه من وجهة نظره.
فلم يعد يعتمد الكفر على المفهوم العام الذي نعرفه فكثير من الحركات الاسلامية تتعامل مع الغرب ويتم مقايضات وصفقات كثيرة بينهما تكون ذات مصلحة للطرفين، فما ينادى به بالعلن يعمل عكسه بالخفاء.
فما هو الكفر المعتمد في هذا الزمن؟
تم تعريف الكفر على مبدأ اساسي في زمننا الحاضر بشكل اكثر وقاحة عم كان عليه من مئات السنين، الا وهو "انك ان لم تكن معي فأنت ضدي"، بمعنى انك لست على ملتي ولا على مبتغاي ولا تأزرني في رأي ودائما تكون ضد مصلحتي العليا، وتم تحريف الاديان لتصبح غراب البين بدل حمامة السلام، فإينما حل الدين، علينا ان ننتظر ابشع الحروب وتنوع في الاسلوب لنبذ الاخر ، فاحتكار الصح الذي اعلنته الاديان جعل من الاخر عدو وليس فقط انه ليس على صواب، بل وجب محاربته والاستهتار به وبفكره وبمعيشته، ليصبح المتدين قيم على اولائك الذين رفضوا الانصياع لم تخفيه نفسه من حب الانا واتباع اهواء الذات والانغماس في رتابته الفكرية ، وهذه الحالة ليست فقط لدين معين وانما تشمل كل ما سمي بدين.
وهذه المحاربة ليس حبا به ليصعد الى الجنة وانما ليكون خادما لمصالحهم الخاصة ومن دون اجر مباشر منهم وانما اجره ياخذه في الجنة او من الله رغم (استكرادهم) له.
وقال الله: (لا تهدي من احببت فالله يهدي من يشاء) فلم اذاً يتم محاربة الاخر ويخير بين اثنتين اما معي او تكون عدوا لي، وقد اختلفت اساليب الحرب وتعددت لتصل الى الحروب الاقتصادية المعيشية وصولا الى النفوذ القوي الذي يجعل من الاخر متحكما على كل الاصعدة الحياتية ،فلماذا هذا العداء المبطن الغير مبرر دينيا ،لماذا اصبح الدين سيفا مسلطا على رقاب العباد رغم ان الله قال للرسول (ما ارسلناك الا رحمة للعالمين).
ولنعد قليلا في الزمن الى الوراء ،فكل الانبياء كانوا كفار بالنسبة لمجتمعاتهم عندما بدأو يروجون افكارهم في مجتمع له دينه الخاص، ليس لأن دينهم سيء او افضل من الموجود، بل لأن هناك من يستفيد من الدين الموجود، لذلك يكون رفض اي دين جديد ليس لخطئه او صوابه وانما فقط لانه يتعارض مع مصلحة الجماعة الحاكمة من خلال دينها، "فلا فضل لدين على اخر يكون عامة الناس فيه الحكم، وعامة الناس دائما تساق امام من يملك ام حكمة عالية او دهاء ماكر" ، فدائما هناك تضارب مصالح، فمن يستطيع ان يقنع الجماهير اكثر هو من يُتبع، ومن يقود الجماهير هو صاحب السلطة العليا، فكل الحروب التي نشبت بالماضي وكانت دينية كانت لبسط النفوذ، لأن الهداية الدينة لا تتوجب القتال الا في حال الدفاع عن النفس (وفرض عليكم القتال وهو كرها لكم)، ولكن ما فعله الدين في غزو بلاد الشرق كان للنفوذ وايضا ما فعله المسلمين حين اجتاحوا الغرب كان ايضا لبسط نفوذ اوسع ولعيشة رغيدة افضل.
وكما نعلم ان الدين لا يبتغي من رسالته عيشة مترفة وفرض الرأي على الاخر وانما فقط القاء الحجة عليه لأن الله قسم وقال (لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين) لذلك فان الله لا يريد الهداية المطلقة بل فقط الحجة، وهذا التحليل من وجهة نظر دينية فقط ،فالله له حكمته في اشعال جحيمه!.
فالاديان جميعها تنظر الى بعضها انها محرفة واصحابها كفار ويسعى كل من جهته لدحر الاخر او السيطرة عليه مع ان الله قال(لو اراد ربك لجعل الناس امة واحدة) فلم يسعى دائما الاخر الى اعلان الحرب على نقيضه بشتى الوسائل ليكون تحت رايته!، السبب الوحيد هو لكي ينصره في مصالحه، فالذي يقوم به المتدين اتجاه شريكه الغير متدين في الحياة كالذي يقوم به الغربي العلماني اتجاه المتدين من خلال نظرته له كارهابي، وحين يصبح المسلم مناصرا لافكار الغربي يصبح حليفه ومدافعا عنه ، فنظرة الغربي للمسلم كنظرة المسلم المتدين لغير المتدين تضارب مصالح فقط.
فالانسان مفطور على حب الانا فكيف اذا كان هناك دين ليعزز هذا الحب ويزيده قناعة بانه هو صاحب الحق في ممارسة هذه الانانية المفرطة في سذاجة تتحكم بها طفولة الشهوة تحت نير الغريزة الهائجة، ولان ممارسة الشعائر الدينية توجب على الفرد ان يقلص من التحليل المنطقي، وعندما ينعدم التحليل المنطقي يصبح الدين مع طفولة الانا قنبلة موقوتة فيها الكره والعداء وحب السيطرة لتصبح جميعها مبادئ مقدسة في عباءة فضفاضة من المكر، وما الفضيلة الا واجهة يمارس من خلالها ترويج الانا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا هو مصدر الكفر يا أخي
مدحت محمد بسلاما ( 2012 / 4 / 23 - 08:22 )
كنت اعبد الشيطان - قصيدة لطه حسين
كنت أظـن أنك المــضـلُ وأنك تهـدي من تـشاء
الضـار المقيت المــذلُ عن صـلف وعن كبـرياء
جـبــــار البـــأس تـكنُّ للنـــاس مـكــراً ودهــاء
تقـطع أيـــادي السـارقين وترجم أجساد النساء
تـقيم بالســـيف عــدلاً فـعدلك في سفك الدمـاء
فيا خـالق القاتـلين قـل لي أين هو اله الضعفاء
لوكنت خــالـق الكل ما حــرمت بعضهم الــبقاء
وما عساك من القــتل تجني غير الهدم والفناء
فهل كنت أعبـد جـزاراً يسحق أكباد الأبـرياء ؟
أم كنـت أعبـد شيـطاناً أرسل إلينا بخاتم الأنبياء
حسبتُ الجنه للمجاهدين سيسكن فيها الأقوياء
تمـــرٌ وعـــنبٌ وتـــيـنٌ وأنهـار خمــرٍ للأتـقياء
خير مـلاذ لجـائـعين عاشـوا في قـلب الصحراء
وأسِرَّةٌ من ياقــوت ثمين وحور تصدح بالغنـاء
نحن عاشـقات المـؤمنين جـئنا ولـبـينا النـــداء
جزاكم الله بنا فأنـظروا كيف أحسن الله الجـزاء
هل جنـتك كــفاحٌ وصـياحٌ وأيـلاجٌ دون إنــثناء
تجدد الحـور الثيب بكراً وأنت من تقوم بالرْفاءِ
هل كـنت أعــبدُ قـواداً يلهـو في عقول الأغبياء
أم كنـت أعبـد شيـطاناً أرسل إلينا بخاتم الأنبياء


2 - رد
وسام غملوش ( 2012 / 4 / 23 - 12:04 )
شكرا على مرورك على المقالة بكل الاحوال
والقصيدة حلوة لا شك
بس ما عرفت انت وين من المقالة وما هو الذي لم يعجبك بها


3 - الكفر في الاسلام
عبد الله اغونان ( 2012 / 4 / 23 - 19:15 )
صحيح ان كل ذي ملة او دين يكفر من لايعتقد اعتقاده فاليهود يكفرون المسيحيين والمسلمين
والمسيحيون يكفرونهما معا ونحن المسلمين نكفرهم بصريح القران والسنة والعقل
اسلاميا كافر من انكر وجود الله تعالى او انكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم او انكر الملائكةو الكتب المنزلة او اليوم الاخر والبعث وكافركل من انكر معلوما من الدين بالضرورة
كمنكر الصلاة والصوم والحج والزكاة
ان لم يكن على دين الاسلام يبلغ فان امن وارتد يستتاب وقيل يقتل
اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين
اااامييين


4 - الفرق بين التكفير الاسلامي والهرطقة
بشارة خليل قـ ( 2012 / 4 / 23 - 22:02 )
التكفير باسلام معناه معاداة من تم تكفير واضطراره لاضيق الطرق واذلاله وعدم التعامل بالحسنة معه (التغليظ على الكفار) باوامر شبه الهية
بينما الهرطقة هي مجرد اعلان عن خطأ في العقيدة لا يبيح لاحد معاملة صاحبها بالسوء
فمسألة وضع جميع الديانات في خانة واحدة فيما يخص قضية التكفير هو نوع من المراوغة والغش لتلميع قذارة التعامل الاسلامي مع الانسان الغير مسلم (وحتى المسلم من الفرقة الضالة المزعومة) هي عملية ترفيع وتبرير العنصرية بحجة اللاله المغلول الايدي الذي يعذب مخالفيه بهمجية اتباعه
تحياتي


5 - رد
وسام غملوش ( 2012 / 4 / 23 - 22:23 )
شكرا اخ عبدالله على مرورك
وما قلته في مقدمة التعليق هو الصح
فان كان الجميع يكفر بعضه
وتكون النسبية هي سيدة الموقف كيف ستعلم انك على صواب


6 - رد
وسام غملوش ( 2012 / 4 / 23 - 22:26 )
شكرا اخ خليل على مرورك
ان فن المراوغة هو اجمل تعبير يا صديق


7 - إنه عداء دون مبرر
محمد البدري ( 2012 / 4 / 24 - 17:12 )
إذا كان محمدا قد قال لكم دينكم ولي ديني، فقد قالها بعد ان قدم الكفر في الايه وارتكز عليه طوال السورة من اجل تمييز نفسه ورجاله. بهذا اصبح التكفير مبررا لتمييز المؤمنين وتوصيفهم (مؤقتا) وهو ذاته التمييز الذي تحول الي عداء وقتال واستبعاد ونفي واستباحة بعد عده سنوات عندما هاجر واصبحت له سيادة سياسية علي المؤمن والكافر باستخدام فكرة التكفير بعد تحولها الي سلاح. الفارق في استخدام التكفير هو الخلفية السياسية فيما بين الفترتين. الاسلام بهذا التوصيف هو دين سياسي بامتياز والقول بانه لا يجوز خلط الدين بالسياسة مع فتيلا. فاما ان نأخذ منه كدين موقفا حازما وكفعل سياسي لا علاقة له بالسياسة وتحقيق مصالح كل فئات المجتمع كافرا كان ام ومؤمنا. ولنتذكر ان من آمن بالمسيحية واليهودية ووقع تحت طائلة الاسلام لم تنفع معه حيل التسامح ولنا في التاريخ اسوة سيئة لما فعله المسلمين بالجميع بما فيهم الكفار. اللهم الا في فترات ضعفهم.. شكرا وتحية لك


8 - رد
وسام غملوش ( 2012 / 4 / 25 - 12:02 )
شكرا اخ محمد على مرورك وتعليقك القيم
حتى الان مازال المسلم يتغنى بما فعله من حروب ضد ما يسميه الكفار ،مع ان كل حروب النبي كانت للدفاع وليست لنشر الدين الاسلامي بالقوةولكن بعد موت النبي اصبحت كل الحروب تحت بسط النفوذ السياسي ، وهذا اسوء ما اخذا المسلم الحالي من الدين وجميعنا يعلم ان بعد موت النبي كيف تشعب الاسلام وهناك حرب الردة حيث تم جمع الناس بالقوة تحت راية الاسلام وقامت
حروب بين المسلمين
تحياتي لك صديقي

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية