الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آثور المسيحية.. تاريخ يعود الى الواجهة

عادل دنو

2012 / 4 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بهدف وضع لوحة فسيفسائية جغرافية تاريخية لما بين النهرين المسيحية، او بالاحرى آثور المنطقة التي تحددت بنينوى واربيل ودهوك التي اصبحث في معظمها في اقليم كردستان حاليا، سعى العلامة الذائع الصيت الاب جان موريس فيي الدومنيكي الى رسم هذه اللوحة بدقة عالية وبتفاصيل جمعها من مقتطفات وشذرات موزعة على عشرات الكتب والمراجع التي رأى اهمية ذكرها حتى لو كانت المعلومة مشكوك فيها او انها لا تثبت حسب قناعته اسم او موقع او تاريخ او شخصية او غيرها من عناصر البحث الممتع. فهو العالم الذي غاص في البحر الواسع واصطاد اللؤلؤ والمحار وعثر على جواهر وكنوز كانت خفية ومخفية حتى منتصف القرن الماضي.
قراءة معمقة للمقدمة التي وضعها المؤلف في الجزء الاول من موسوعته آثور المسيحة يبين انه باحث اكاديمي وموسوعي يشار له بالبنان. ولكيما يحدد اطارا للوحته يقول ان هذه المنطقة التي حملت اسم آثور لا تشكل الا جزء من الكنيسة السريانية الكبيرة، التي امتدت الى أقاصي الصين. وعندها يرسم خطوطا تفصيلية يضمنها عدته في البحث والتمحيص والاستكشاف مثل عدة اي بحاثة علمي تحيطه الفرضيات بالعشرات والاراء بالمئات وهو يعلم علم اليقين ان البعض يحول معلومة ما الى نظرية ويؤمن بثباتها ومستعد للجدال مع الآخر لدحض نظرياته هو الاخر. ومع ذلك فانه يعي العلامة جان فيي ما وضع نفسه فيه، فيدشن دراسته باعلام قارئه انه من المبكر تقديم شيء غير رزمة من البطاقات هكذا بتواضع العالم الجليل.
وشملت ادوات بحثه جمع معلومات مكتوبة في بطاقات صغيرة بخط يده رأيت عددا منها في مكتبة الاباء الدومنيكان في بغداد موضوعة في علبة كارتونية مع بعض قصاصات خرائط وبيانات مستنسخة من ربما وثائق دوائر الآثار العراقية واعتقد انه كان يمتلك المئات بل الالوف من هذه البطاقات الا انها فقدت ولم يتبقى منها الا المعدود على اصابع اليد. وواحدة من اهم مصادره هو محاوراته مع علماء ورؤساء كنسيون بطاركة واساقفة ينتمون الى كنيسة المشرق وسؤالهم عن بعض مما اعتقد انهم يمتلكون معلومات وافرة ومهمة لبحثه وخاصة في عهودهم وقبلها بقليل. ولا ينسى ان يقوم هو بنفسه لاستكشاف موقع ما لكنيسة او دير او مزار سواء اكان ما يزال قائما في ايامه او لم يتبقى سوى اثر بعد عين.
وجدير بالذكر ان اعتماده المصادر والمراجع لم يتحدد بأي شرط او قيد لذا فقد تنوعت المنابع التي استقى منها كل ما ذكر عن منطقة آثور فيما يخص مسيحيتها ذاكرا الاحداث الجسام التي عصفت بها والانقسامات الكنسية والاضطهادات والتحولات التاريخية وكذلك جميع الشخصيات التي لعبت دورا او مرت مرور الكرام بكنيسة المشرق في هذه المنطقة ثم الكنائس المكرسة بأسماء عشرات القديسين والاديرة والرهبان والمزارات وحتى المعابد التي رأى ان لها صلة بمسيحية المنطقة مثل مسجد النبي يونس الذي يعود اليوم للمسلمين ومزار الشيخ عادي الذي يعود الى اليزيديين.
وكانت من مصادره ما هي اسلامية مثل "مسالك" و" احسن التقاسيم" المعروفة. واعمال مؤلفين موصليين مثل ياسين ابن خير الله الخطيب العمري، وابن فضل الله العمري. ومؤلفات ياقوت الحموي وكتابات حبيب زيات وسعيد الديوه جي والشابشتي وتحقيقات كوركيس عواد واحمد محمد زين السقاف وغيرهم .
ومن مصادره ما هو مسيحي مثل كتاب الرؤساء لتوما المرجي وكتاب العفة لايشوع دنح ومؤلفات عمر بن متى وصليبا بن يوحنان وماري بن سليمان وتحقيقات الاب بيجان والاب رايموند تونو وشموئيل جميل وجان شابو ومصنفات ساخو والسمعاني والمطران ادي شير وفهارس كوين وبوكنون وبدج والبطريرك برصوم، وحتى الحواشي في المخطوطات والمجموعات المحفوظة في جامعات ومكتبات اوربية وغيرها الكثير الكثير.
ولم يتوانى ان يستعرض بحس نقدي لكل معلومة وتصنيفها وفق اهميتها التاريخية والعلمية ومصداقية المصنف ومدى الوثوق بمحتواه. والمقارنة بين الترجمات التي فيها يختلف المؤرخ عن المترجم في اهمية محتوى ما.
ان الخوض في هكذا موضوعة معقدة وشائكة لم يكن ليتصدى لها غير العالم الرهيب الاب جان موريس فيي الذي فض الكثير من الاشكاليات من اختلاط الاسماء وانظمة ترجمتها المختلفة ونسب اعمال شخص الى شخص آخر بنفس الاسم او مشابه له صعب على الباحثين قبله التمييز في النصوص. وكذلك تشابه الاديرة والمواقع واختلاطها مع بعضها البعض.
آثور المسيحية مجلد ضخم احتوى على سفر كنيسة المشرق منذ القرن الخامس والسادس وحتى منتصف القرن العشرين. دراسة تاريخية جغرافية لايمكن ان يتجاوزه اي قارئ سواء اكان عاديا ام باحثا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال