الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب: مارتن هايدغر ( نقد العقل الميتافيزيقي )

محمد بقوح

2012 / 4 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


رغم أنه يطغى عليه طابع الوصف، و شيئا من الإطناب الواضح، أثناء إغراقه بين ثنايا التحليل التاريخي التفصيلي، فكتاب مارتن هايدغر- نقد العقل الميتافيزيقي - لصاحبه الباحث علي الحبيب الفريوي يقارب فيه بالكثير من الحذر و التبصر، مسألة الميتافيزيقا، كسؤال فلسفي قديم و جديد في نفس الوقت، و من منظور فيلسوف تفكيكي، لكن ليس بالمفهوم الديريدي المختلف، و إنما بالمعنى التجذيري النقدي، المؤسس على البحث العمودي العميق، عن حقيقة ( ماهية ) فلسفة الميتافيزيقا، كفكر و تصور فرضا نفسيهما بقوة، على تاريخ الفكر الفلسفي القديم و الحديث، بل لا يزال ممتدا، حتى لحظة كتابة هذه الكلمات، في الحياة الفلسفية المعاصرة و بأشكال عديدة و أقنعة مختلفة.

فلماذا ظل الطرح الميتافيزيقي، كمفهوم فكري عميق، مهيمنا و مسيطرا على مختلف المنظورات الفلسفية، التي قدمها و حاول الاجتهاد فيها معظم – إن لم نقل – كل فلاسفة التاريخ الفلسفي، الذي مروا من العتبة الفكرية لعرش التفلسف الإنساني؟
يذهب مارتن هايدغر إلى أن الفيلسوف، في جميع العصور، باستثناء ما قبل المرحلة التاريخية، التي عاش فيها شيخ الفلاسفة سقراط، أي اللحظة الزمنية الفلسفية السوفسطائية الذهبية، كلما أقبل على التفلسف، سواء شفويا أو كتابيا، كلما سقط و وقع بالضرورة، في مصيدة التفكير الميتافيزيقي الشمولي و المجرد، الذي يعتبره هايدغر بمثابة منطلق البدء الفلسفي و منتهاه الفكري. و يرى هايدغر أن السبب الأساسي، الذي تحكم بقوة في هذا العود الأبدي المتكرر- بتعبير نيتشه- للتفكير الميتافيزيقي عند الفلاسفة القدامى و المحدثين، هو عدم قدرتهم على التخلص الجزئي أو الكلي، من التفكير المنظوري المثالي، الذي يجري عندهم داخل دائرة الارتباط الوثيق، بالقدرات المحدودة للعقل الميتافيزيقي، الشبه السجين بين جدران سؤال الموجود و حيثياته المتعالية، على حساب الانشغال الفعلي فكريا و فلسفيا، بسؤال الوجود الحقيقي، الذي يعتبره هايدغر المنبع الأول و الأصلي للتفلسف الخالص و الفعال. لهذا يطرح هايدغر هنا، لفك هذا اللغز – لغز بقاء و تجذر الميتافيزيقا، في تربة الفلسفة و التفكير الفلسفي، كل هذا الزمن التاريخي الطويل- يطرح مفهوم الإنصات الفلسفي. يعني أن الفيلسوف الميتافيزيقي، سواء قديما أو حديثا، و الذي استسلم لقدره المثالي المحتوم، لم يكن يحسن الإنصات للوجود، و لمظاهره المدهشة المحيطة به كإنسان، كما كان يحصل مثلا، مع الفلاسفة السوفسطائيين، في اللحظة الفلسفية الكلاسيكية الإغريقية، و قبلهم الطبيعيين الذين ينطلقون، في تفلسفهم الوجودي، من قضايا و أسئلة و وقائع، لها علاقة بوجودهم الطبيعي الملموس، و لم ينشغلوا بأمور الموت و العقل و الذات و الفكر و السعادة و الأخلاق ...إلخ، كما فعل الفلاسفة الميتافيزيقيين، الذين كان أولهم هو سقراط الذي أدخل الفلسفة إلى نفق الميتافيزيقا، و كان آخرهم هو - حسب هايدغر دوما - هو فيلسوف إرادة القوة نيتشه.

هكذا نخلص إلى أن مسألة الميتافيزيقا، كمفهوم فلسفي، عند هايدغر، تفهم إنطلاقا من التمييز الواضح، الذي وضعه بين الوجود، كمفهوم فلسفي كلي يرتبط عنده بالطبيعة، و بكل مكوناتها المادية و الموضوعية و التجريبية، و الموجود، كمفهوم فلسفي جزئي، يشكل عنده مفهوما مضادا لمفهوم الوجود، رغم انتمائه التكويني لدائرته الواسعة، و نعني به الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المثقف و المسألة الدينية
محمد بقوح ( 2012 / 5 / 4 - 11:24 )
Lموضوع علاقة المسألة الدينية بالفيلسوف هو موضوع قديم و جديد.. لا يزال يفرض نفسه حتى الساعة على كل مهتم بالشأن الفلسفي كفكر يعتمد في اشتغاله مع الظواهر الطبيعية و المجتمعية على القدرات البشرية العقلية الخالصة.. و ليس على جانب آخر من جوانب ذات الإنسان.
شكرا على مروركم
مودتي

اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ