الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة وهموم العراق

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2005 / 1 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعل شيخ الازهر كان آخر من ادلى بدلوه في موضوع الانتخابات العراقية ملتحقا باية الله علي السيستاني الذي يحث عليها ( عبر وكلائه ) ، وهيئة علماء المسلمين التي ترفضها وهكذا يصبح الدين اداة لترويج او رفض عملية سياسية في ظروف معقدة مثل طروف العراق، وسبب ذلك يعود باعتقادي الى الصيغة التي شكل بها الاحتلال مجلس الحكم والتي فتحت شهية رجال الدين للسلطة واحدثت استقطابات خطيرة داخل المجتمع العراقي الذي يعيش توترات وتداعيات ثلاث عقود من الدكتاتورية والقمع.
فالسيد السيستاني الذي دفع عبر( ممثليه طبعا)الى التشبث بموعد الانتخابات هو رجل متفرغ لدينه ومجتهد في مذهبه منذ عدة عقود ولم يعرف عنه أي اهتمام بالعملية السياسية وعادة يخاطب مقلديه عبر ( وكلاءه ) وهؤلاء الوكلاء وكما يبدو دخلوا لعبة السياسة من باب ماسمي ب( البيت الشيعي ) وهو تنظيم ابتكره احمد الجلبي بعد احساسه بمحاولات تهميشه سياسيا وكان حلا منطقيا بالنسبة لسياسي اعطى لنفسه امام الاخرين( الادارة الامريكية ) ايام المعارضة في الخارج ثقلا سياسيا واكتشف الامريكان بعد اجتياح العراق انه لايملكه ولايستطيع ان يوجده على الارض ،وضم معه احزابا وقوى بعضها شكليا اكثر منه تنظيما سياسيا واقعيا وكان الهدف في الاساس انتخابيا ولهذا سعى الجلبي ان يوجد له موطيء قدم كوسيط في احداث النجف، ومكنه ذلك من تعميق علاقاته مع وكلاء المرجع السيد علي السيستاني ليصنع معهم فيما بعد تحالفا تدعمت اركانه بدخول المجلس الاعلى وحزب الدعوة في قائمة انتخابية تلقى دعم المرجعية وقد اعلن هو مؤخرا انه كان وراء تشكيل القائمة الانتخابية ، وليس غريبا ان نرى اكثر المتحمسين للانتخابات الان واكثر المهددين بنتائج التاجيل هما الجلبي والربيعي لانهما يدركان جيدا بانهما لن يحققا شيئا في اية انتخابات مقبلة دون غطاء المرجعية التي يغازلون بدعمها مشاعر الناس البسطاء ويراهنون على كسب اصواتهم ، في المقابل يقف الاخر الرافض لاجراء الانتخابات ولااريد ان استعير مفردات الخطاب الاعلامي الغربي الذي شطر المجتمع العراقي الى طوائف هذا الاخر المتمثل ب ( هيئة علماء المسلمين ) هو ايضا لايمثل من يدعي تمثيلهم لانهم لم ينتخبوه اصلا ، كما ان فقه المذهب الذي ينتمون اليه لايقر بوجود مرجعيات وسيطة بين الانسان وخالقه بعد خاتم الانبياء أي انها وجدت اصلا كردة فعل على الاستقطاب الذي يدأه الاخر ولااعتقد ان ردود الفعل تنتج عملا سياسيا صحيا ، انها السلطة اذن والوطن سيكون هو الضحية .
خذوا عندكم شيخ المعارضين لصدام ودكتاتوريته ( اقدمهم ) سعد صالح جبر الليبرالي الذي اعلن الحرب على الدكتاتورية مبكرا ( وانا لااعرفه شخصيا ) نقلت الانباء انسحابه من الانتخابات ، هذا الرجل كان راسه مطلوبا يوم كان الاخرين يسبحون على ضفة نظام صدام حسين ويكرسون اوقاتهم لجمع الثروات ، حاولوا اغتياله اكثر من مرة يوم كان يصدر صحفه من لندن وكانت حيازة جريدة منها تطيح برقبة حاملها وعاد مع العائدين لممارسة العمل السياسي .
عبدالاله النصراوي مناضل ضد دكتاتورية صدام يوم كان الاخرون يغرقون في صفقات جمع المال عبر التعاون المباشر او غير المباشر مع النظام الدكتاتوري اشرف على الموت في قصر النهاية ولم ينقذه سوى تدخلات فلسطينية وظل هو الاخر هدفا لصدام اعلن الاخر انسحابه من الانتخابات ، الاول مارس العمل السياسي الخارجي وحضر اغلب مؤتمرات المعارضة ان لم نقل جميعها وكان من اولئك الذين تعاملوا مع العامل الخارجي افلا يستحق انسحابه تساؤلا أي تساؤل ، الثاني عاد مع فصيله السياسي ( الحركة الاشتراكية العربية ) الذي يضم مناضلين لهم تاريخ وطني طويل ،تعامل فصيله بواقعية مع ظروف الاحتلال وكان وفصيله من ابرز الناشطين في الدعوة لتعزيز دور الامم المتحدة في عملية التحولات في العراق الايستحق انسحابه هو الاخر تساؤلا الاثنان طبعا لاعلاقة لهما (باللون الطائفي الداعي لمقاطعة الانتخابات )
مؤخرا قال وزير عدل الحكومة القائمة مالك دوهان الحسن ان الانتخابات عملية غير واقعية في الظرف الراهن،
وهو يدخل الانتخابات بكيان سياسي أي انه ليس مقاطعا ، كذلك ابدى غسان العطية الذي يشترك بقائمة مستقلة في الانتخابات مخاوفه من الاستقطابات الطائفية التي تشهدها الساحة ، وقال نصير الجادرجي الذي يشترك وحزبه بقائمة ان الانتخابات لن تحل المشكلة العراقية ، ولو اردنا ان نستعرض ماقيل ويقال لاحتجنا صفحات عدة .
,فلماذا هذا الاصرار على الانتخابات ؟ وهل كل المنسحبين على خطأ ؟ وماتأثير التاجيل لو حصل على حقوق الاكثرية التي اصبحت امرا واقعا ومعروفا من الجميع ؟.اذا كانت هناك نوايا صادقة .
الصورة واضحة تماما هناك ( الراعي الامريكي ) المتمثل بالاحتلال والذي يصر على الانتخابات بهدف ( تعريق الصراع ) أي ابعاد جنوده عن الصراع وهناك احزاب وحركات اوجدها العامل الخارجي ولاتملك أي وجود حقيقي في الشارع وتصر على لعب دورا في مستقبل العراق ولكن ليس بجهودها السياسية وانما باسلوب ( مغازلة مشاعر الناس ) فالتجأت الى عباءة المرجعية واحدثت هي والاخر ( الهيئة ) انشطارا خطيرا في المجتمع العراقي وهي تدرك جيدا ان أي عملية تاجيل للانتخابات الى مرحلة يتوفر فيها الاستقرار وتنتهي فيها الاعمال الارهابية سيمكن الاحزاب والحركات السياسية العراقية من النزول الى الشارع وتقديم برامج حقيقية للناس وليس مجرد شعارات وبالتالي سيجد هؤلاء انفسهم غارقين في فضائح تجعلهم معومين تماما . وهناك وللاسف احزاب لها وجودها التاريخي كحزب الدعوة ارتضت ان تلجأ الى التحالف مع تلك القوى الصورية خوفا من ان تستحوذ الاولى باصوات معينة بعد ان حظت بدعم المرجعية.
الانتخابات قادمة لامحالة والنتائج التي ستعقبها تحتاج الى العودة الى العقل وعدم اعطاء الفرصة للطامعين بالسلطة والمستوردين من الخارج من المتأسلمين والارهابيين من استمرار استغلال مشاعر الناس ودفع البلد اسرع للهاوية .
ان الكتاب والمفكرين مطالبين اليوم بالتخلي عن المفردات التي اوجدها الاحتلال الامريكي والتوقف عن استخدام لغة ( المثلثات ) و( المستطيلات ) فليس من المنطق ان يستخدم محلل ماركسي يفترض به العلمية مفردات تقسم المجتمع العراقي الى طوائف بهذه الطريقة الفجة ، وليس من المنطق ان يستخدمها من يدعي حرصا على التراب الوطني العراقي وعلى بناء دولة القانون والمؤسسات والتعددية السياسية .
لقد عانى العراقيون من دكتاتورية دموية استهدفتهم جميعا ولايعني انتماء رموزها الى طائفة معينة ان ذلك النظام كان يعمل لصالح تلك الطائفة، كما لايعني استخدامها لاخرين من مذاهب وطوائف مختلفة كادوات في حكمها القمعي ان هذه الطائفة او تلك تتحمل نتائج مشاركة تلك الرموز في السلطة ، كان الحكم الدكتاتوري بعمل لتكريس دكتاتوريته وقمعه بصرف النظر عن الرموز او الادوات وينبغي ان لاندمر الوطن بذريعة ندرك جيدا انها تستخدم لصالح عدد من الساسة بعضهم لايقل سوءا عن الدكتاتور في عبادته للسلطة وغدره بالوطن.
اما رجال الدين الذين دخلوا اللعبة فان عليهم احد امرين اما ان ينزعوا ثياب الدين ويلبسوا ثياب السياسة ويتعاملوا بعيدا عن قدسية يدغدغون بها مشاعر الناس واما ان يعودوا الى مساجدهم وحوزاتهم لان المزاوجة بين الدين والسياسة تدفع بالوطن نحو المجهول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا