الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلق العالم . 3- الحياة

نعيم إيليا

2012 / 4 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إذا كان مبدأ الأزلية، قادراً على تفسير معضلة خلق العالم، وذلك بنفي وجود قوة من خارجه دفعته إلى أن يوجد، ولم يكن موجوداً، معتمداً في نفيه لها، على أن الاعتقاد بوجود هذه القوة، لا يتضمن حلاً للمعضلة، بل يفاقمها؛ لأنه يضيف إليها معضلة جديدة؛ هي معضلة القوة الخالقة الدافعة نفسها: هل هي أزلية أم مخلوقة؟ وربما اعتمد في نفيه على معادلة رياضية معروفة لدى الفيزيائيين، تنقض البناء التصوّري غير المادي للعلاقة السببية القائمة بين الخالق المفترض والمخلوق. وقد يصح التعبير عن هذه المعادلة بعبارة منطقية على النحو التالي:
إذا افترضنا أن خالقاً خلق العالم، فلا بد حينئذ من وجود اتصال زماني – مكاني ما بين الخالق والمخلوق شبيهٍ باتصال الذكر بالأنثى في مكان محدد ولحظة معلومة؛ أو باتصال البخار بالماء عند غليانه فوق الموقد، وإلا استحال الخلق.
وإذا كان مبدأ الأزلية قادراً على تفسير الغاية من العالم، وتفسير الغاية من الحياة على ما بينَّا فيما تقدم، فإنه سيكون قادراً على تفسير ماهية الحياة أيضاً؛ لأن مبدأ الأزلية مطلق، وما كان مطلقاً من المبادئ، لا بد له من أن يعمل في جميع الحالات والظواهر، التي ينطوي عليها، أو يكمن في داخلها: مثل الطاقة التي تعمل في جميع أشكال المادة وصورها، والتي بها تُفسَّر حركتها وأحوالها.
ولكنْ، كيف يمكن تفسير الحياة وفق هذا المبدأ الأزلي الذي اخترناه؟:
إننا حينما نعتقد بأن الحياة، روح قائمة بذاتها تدخل في الكائنات من خارجها لتبعث فيها الحياة والحركة، لن نصل أبداً إلى تفسير مقنع لماهية الحياة، وسنظلّ نلوب في فراغ الأسطورة والوهم من دون نتيجة تسكِّن عطشنا. ولكننا عندما نقصي هذا الاعتقاد عنا، ونلوذ إلى المعطيات العلمية، التي يقدمها لنا علم الأحياء والأحافير بسخاء، فإننا لن يشقّ علينا أن نستلهم منها تفسيراً مقنعاً يروِّح عن عقولنا.
إن المعطيات العلمية، التي تؤكد أن الحياة، نشأت على كوكبنا حول فتحات البراكين في أعماق محيطاته، أو في غلافه الجويّ، أو في طبقات الجليد التي كانت تغطيه، أو نشأت بعد أن انهمرت على كوكبنا بذورُها الأولى من الأعماق السحيقة للكون، وإن المعطيات، التي تؤكد أن الحياة نشأت من تفاعلات كيميائية، تمدنا جميعها بحقيقة لا نكاد نرتاب في صحتها؛ هي أنّ الحياة مادة، وأنّ هذه المادة تتمتع بخواص تميزها من المواد الأخرى، التي يمتلئ بها كوننا الفسيح اللامتناهي، أهمها: التغذية والتكاثر، التطور والتكيف، الإحساس والوعي.
فلما كانت الحياة مادة على هذه الصورة المخصوصة، كان القول بأنها أزلية، نتيجة منطقية: فما ينشأ من المادة، لا يكون إلا مادة.
ولما كانت الحياة على هذه الصورة مادة أزلية، فإن وجودها، من جانب آخر، محكوم بالضرورة والحتمية لا بالمصادفة، كما هو شائع لدى طائفة من المفكرين وعلماء الطبيعة. إذ لولا وجود المواد العضوية التي نشأت عن مواد غير عضوية قد اجتمعت وتفاعلت في مختبر الطبيعة وفق قوانين لا تحيد عن طبيعتها وغاياتها ومساراتها أبداً؛ لما تحتَّم على الحياة أن تظهر على كوكبنا في صورتها المعروفة، أو تظهر حيثما تتوفر لها شروط الظهور في الأكوان الممتدة الرحيبة داخل أغوار الوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ نعيم ايليا الجزيل الاحترام
وليد يوسف عطو ( 2012 / 4 / 26 - 13:26 )
المادة ليست فقط وزن وحجم وكتلة وهناك احتمال وجود اكون اخرى مضادة لكوننا . ان قانون ديالكتيك الطبيعة يجعل المادة تنتج في حركتها وتضاداتها اشكالا جديدة من المادة والطاقة غير المكتشفتين بالاضافة الى عالم الكوانتم الدقيق وبالتالي سوف لايصل الانسان الى اجابات مقنعة لكل مايبحث عنه لان المادة تتغير وتتطور وتتبدل باستمرار . شكرا على هذا الجهد الفكري - الفلسفي وعلى المودة نلتقيكم دائما


2 - ماهي المادة ؟ ما هي الحياة؟
نعيم إيليا ( 2012 / 4 / 26 - 15:20 )
أهلاً بباحثنا الأستاذ وليد عطو مع جزيل المودة
أولاً:يعطيك العافية على بحثك الجديد، سأقرأه قراءة متأنية عند رجوعي إلى البيت
ثانياً: ما هي المادة في عرفك يا عزيزي؟ هل تعني أن وجود أكوان أخرى، وقوانين فيزيائية جديدة ، وصور متنوعة للمادة، وحدوث تغيرات فيها وحدوث أشكال لها جديدة، ينفي وجودها؟
المادة يا صديقي، هي الشيء موجوداًًًًًًًًًًًًً، دقَّ هذا الشيء أو عظم
إن المادة كيفما يكن شكلها، تكن شيئاًًً له وجود. ولا بد لهذا الموجود من قوانين عامة كي يتمتع بالوجود مثل قانون الحركة
والحياة هي شكل من أشكال المادة ظهر ويظهر من تفاعلات مادية كيميائية بين سوائل وغازات ومعادن في وسط ملائم
طيب إن لم تكن الحياة كذلك فما هي؟
وشكراً لك يا صديقي العزيز، وطابت أوقاتك


3 - اين تكون المادة
منير يوسف ( 2012 / 4 / 26 - 21:00 )
اذا كانت الحياة مادة فاين موضعها نرى ان ان الكتلة والحجم لا يتغيير لا وما هو شكلها فان لكل مادة كتلة وشكل وحيز عندما يكون الكائن حيا اين تكون وما هو وزنها وشكلها وعندما يفارق الكائن الحياة ماذا ينقص منه في وزنه وشكله وحجمه فإننا لا نلاحظ اي تغيير فكل ما يحدث هو الانتقال من الوجود بالفعل الي الوجو بالقوة لذلك من الصعب تخيل الحياة كمادة مع تحياتي


4 - الحياة والمادة
نعيم إيليا ( 2012 / 4 / 27 - 09:22 )
عزيزي الأستاذ منير يوسف
تحياتي لك
حين تقر بأن ما يحدث هو انتقال من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، فإنك تدعم التصور أن الحياة قوة مكنونة في عناصر الطبيعة تخرج إلى الوجود إذا توفرت لها الشروط.
وقد رأيت أنك تتحدث هنا عن الحياة مفهوماً، وليس عن الحياة مادة متجسدة في أشكال لا حصر لها
مفهوم الحياة، لا وجود له في الواقع، مثل مفهوم الإنسانية الذي لا وجود له أيضاً في الواقع
ولكن الزهرة الحية موجودة لها وزن وحجم وشكل، وكذلك الإنسان الذي هو أنا أو أنت فله أو ، لنا وزن وحجم وشكل. وحين نموت سنرد إلى العناصر التي تكونا منها ليتكون من هذه العناصر مواد أخرى هكذا إلى ما لا نهاية
وإذا لم نستطع أن نتخيل الحياة مادة، فكيف نستطيع أن نتخيلها؟
شكراً لك على ملاحظتك


5 - المتفضل الاستاذ نعيم ايليا المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 4 / 27 - 17:35 )
تحيه ومحبه وامتنان وشكر
الفائده انك تهز الكيان فيما تطرح وتجبر القاري الى ان يتعمق مع نفسه وتثير فيه الشك ليسال نفسه ويبحث ويستقصي
الحياة موجوده عناصرها فيما حولها او محيطها تحت تاثير العوامل حراره وضغط وزمن انتجت شي
ارجو التفضل بالتمعن بالتالي:جلبت كيس طحين وركنته في مخزن لفتره وكان ذلك بغرض تحويله الى نوع اخر من الغذاء وقت الحصار على العراق وكان الطلب على البروتين الحيواني لمشاريع الدواجن عالي و مربح
بعد فتره كما معروف تواجدت به معالم الحياة بوجود حشرات تركت قسم منها تحت نفس الظروف وعزلت اجزاء اخرى بضروف انا من اوجدها رأيت الاول انتج كميات هائله من الحشرات التي كانت غذاء جيد للدواجن وكان هذا المطلوب والاخريات انتجت اشكال اخرى من عفن وروائح وخمائر وكانت المنافسه شديده بين تلك الكائنات النتيجه انه كان انتاج الاول افضل وانفع
قيل لي ان هناك بيوض او خلايا لتك الحشرات في اصل الطحين لم اقتنع رغم احتمال ذلك لكن نتاج الاجزاء الاخرى حجمت هذا الاحتمال
جمدت قسماً من الطحين وسخنت قسم دون الاحمرار او الاحتراق كانت النتيجه وجود نفس الحشرات حسبت ذلك لوجود سبورات لتلك الحشرات التي تقاون الظروف يتبع


6 - الاستاذ الفاضل نعيم ايليا المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 4 / 27 - 17:40 )
اكرر التحيه
لكن عرفت بان هذه الحشرات ليست من الكائنات الحيه التي تنتج السبورات
لا ازال اقتنع ان اسباب الحياة موجوده في المحيط التي تظهر فيه وتحت ظروف جويه مع الوقت تنتج اشكال للحياة تطورت مع ملايين السنين الى ما هي عليه اليوم وهذا مستمر ولو نحن لا نشعر به وانتم استاذي تعلمون ان كل يوم يعلن عن اكتشاف خليه حيه او حتى حيوانات كبيره سواء بحريه او بريه
لكم فائق التقير والاحترام يا صاحب الوخزات النعيميه التي تحاكي الخلايا العصبيه
دمتم بصحه وعافيه لتقدموا لنا المزيد لنستفيد


7 - لماذا التفكير بالحياة؟
نعيم إيليا ( 2012 / 4 / 27 - 18:01 )
أخي الكاتب والشاعر الموهوب الأستاذ عبد الرضا المحترم
شكراً لك على الملاحظات القيمة، وعلى حديث التجربة، كلتش زين
على فكرة صديقي، أشعارك جميلة وأنا أستمتع بها كثيراً، كنت وما زلت من عشاق الشعر العامي ولا سيما اللبناني والعراقي
عزيزي، كوكب الأرض كوكب حي، بذور الحياة فيه مبثوثة في كل خلية من خلاياه
وقد نحلق إلى أبعد من ذلك، إلى تصور أن الحياة هي جزء من المادة الكونية الأولى
ولكن، لماذا ينبغي أن نفكر بكل هذا؟
الجواب: إن الغاية من التفكير هي الوصول إلى الحقيقة، والوصول إلى الحقيقة يمنح الإنسان طمأنينة وسلاماً
تحياتي وامتناني لك


8 - منطق
سيمون جرجي ( 2012 / 4 / 29 - 22:52 )
صدقتَ يا عزيزي، فكرة مميّزة وموفّقة وهي اقتناعي بعينه، والجميل فيك أنّك قادرٌ على التعبير عنها بأسلوب صافٍ رائق متوازن شديد البيان موجَز، وهذا قلّما توافر لأحدٍ من الكتّاب والمفكّرين، لكن ألا ترى أنّ الإنسانَ يميّز الارتقاء الذي انتهجته المادّة منذ أزليّتها، ويخالف بقيّة أشكالِه في الكثير من المواصفات؟! أشعرُ في بعض الأحيان أنّ الإنسانَ هو طور ارتكاسيّ للارتقاء يحتاج إلى زمنٍ طويل للتعديل، هذا إن استطاعت الحياة الكبرى أن تعدّل شكلها الإنسانيّ الصّغير!


9 - الإنسان
نعيم إيليا ( 2012 / 4 / 30 - 08:41 )
عزيزي سيمون
شكراً لك مع أنك تسرف في الثناء على قلمي
الإنسان حقيقة ما زالت جوانب كثيرة منها غامضة (على رأي الكسيس كارليل: الإنسان ذلك
المجهول) والسبب في غموض هذه الجوانب، هو وعي الإنسان؛ فإن وعي الإنسان كثيراً ما يرتبط برغباته. فإذا رغبت في الخلود مثلاً، عزَّ عليّ أن أتقبل حقيقة أنني مادة متغيرة متحولة على الدوام مثل سائر المواد، وأنني مادة تتحكم بها قوانين الطبيعة الخالدة الأزلية
موضوع الإنسان هو الحلقة القادمة من سلسلة الملاحظات السريعة هذه، والتي هي نواة لمشروع فكري
شكراً لك مرة ثانية


10 - بعض العلماء
eva ( 2012 / 5 / 22 - 10:36 )
صباح الخير استاذ ايليا ..عجبني الموضوع لأنو بيهمني كتير وبحضر عنو أفلام وثائقية كتير بتكون مبسطة وعلمية للناس اللي مش متخصصين متلي ..ومن هيدي الأفلام الوثائية عرفت انو العلماء بيشكوا انو الحياة تكونت برا الأرض أصلا- لنكها نميت وترعرعت بالجو المناسب والملائم على كوكب الأرض وانو ممكن كتير تكون أجت على نيزك وقع بيوم من الأيام عنا وانو هيدا أصلنا !!!!

اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا