الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيار الإسلامي غداً : بؤر قندهارية أم ديمقراطية

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2012 / 4 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تطورات المشهد السياسي في العديد من بلدان الشرق الأوسط خلال الثورات الأخيرة أو بعد نجاحها فرضت على واجهة المشهد تيارات وأحزاب سياسية إسلامية, ولم يك ذلك مستغرباً من المراقبين, سيما وأن صحوة هذه الحركات الإسلامية بدت أكثر تبلوراً في العقد الأخير, شاغلة مقاعد المقدمة في حراك بلدانها كفاعل سياسي أساسي, إلى درجة أن باحثين ودارسين متخصصين غربيين في شؤون هذه الحركات توقعوا لها ( معتدلة كانت أو راديكالية ) تحديد الوجهة السياسية في المنطقة, نتيجة لبروزها كخطاب شعبي له جذر اجتماعي ما يمنحها مقبولية شعبية, وبالتالي شرعية سياسية لتمثيلها شرائح مجتمعية أقصيت لعقود من الحياة السياسية في بلدان المنطقة, أيضاً لأن كل أنماط الخطاب السياسي الأخرى ( الليبرالية, الماركسية, القومية ) فشلت على الأصعدة كافة, الأوّلان لأنهما لم يصلا حد التبيؤ في ثقافة المواطن العادي, والخطاب القومي أفلس لأنه ارتبط مراراً بالهزائم القومية للبلدان العربية وتحديداً في مواجهة إسرائيل إلى حد القول أن التيار الإسلامي مدين لإسرائيل في بروزه إلى الواجهة.

أخذ التيارات الإسلامية بعين الاعتبار كمحركات سياسية أساسية في المنطقة بدأ فوت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول, وتبلور الاهتمام الغربي بها أكثر في الاجتماعات التي نظمها مركز كارنيجي للسلام الدولي في العاصمة الإيطالية روما أواخر 2005 بالتعاون مع معهد الشؤون الدولية بروما ومؤسسة هربرت كواندت ستيفتونغ الألمانية وصندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة, مع عدم تجاهل حقيقة أن الإسلاميين لفتوا انتباه مراكز القرار العالمية قبل ذلك بعقدين, الأولى إبان نجاح الثورة الإسلامية في إيران, والثانية إبان اغتيال الرئيس المصري أنور السادات.

وإذا كانت المراكز الغربية حتى الأمس القريب صنفت كل الحركات الإسلامية في خانة واحدة وعدتها عدائية وخطرة وإرهابية, لكن الملاحظ أن تصنيفاً جديداً برز في السنوات الأخيرة, حيث تم التفريق بين تيار راديكالي يستخدم شتى الوسائل للوصول إلى غاياته وتيار سلمي يركز على السياسة فقط وينبذ العنف, ومن هنا بدأ الرهان الغربي ( والأمريكي تحديداً ) على التيار الإسلامي السلمي اللاعنفي المندد بالتيار الإسلامي الراديكالي العنفي, لهذا تم تقديمه في مراكز الدراسات والأبحاث الغربية تحت مسمى ( الإسلام السياسي المعتدل ), وكان لبروز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا دور إيجابي مؤثر في مقاربة الدوائر الغربية لهذا التيار آخذين المنظومة القيمية والأخلاقية والثقافية المستقاة من التعاليم الدينية في المنطقة بعين الاعتبار في إشادة بنيات علائقية مع هذا التيار.

أدرك الإسلاميون في وقت مبكرٍ وبعد معاناةٍ مريرةٍ في العديد من بلدان المنطقة أن إحداث القطيعة مع أوجه العنف المادي والمعنوي هو مفتاحهم للدخول إلى الحياة السياسية في بلدانهم, وهنا كان الافتراق الحقيقي في الحركات الإسلامية بين تيار معتدل ينشد الدعوية السلمية وتيار آخر غلوائي متطرف يريد الحسم عبر السيف, وإذا كان المجريان متضادين فإن المصب واحد, فالهاجس الذي يتملك الطرفين هو الاستحواذ على المجتمع وفرض الشريعة كقانون أوحد, وهذا ما يجعل التوجس سمة التيارات السياسية الأخرى في تعاطيها مع التيارات الإسلامية, وما يخلق هذا التوجس ويفرضه رغماً أن هنالك مناطق رمادية كثيرة في خطابات التيارات الإسلامية ومواقفها إزاء المستويات المجتمعية العديدة ومضامينها.

إذا كان حزب النهضة التونسي لم يكشف عن وجهه ولا يزال مسترسلاً في إغداق الطمأنات على التونسيين, فإن الإخوان المسلمين في مصر أداروا ظهورهم لكل الوعود التي أطلقوها إبان الثورة ضد مبارك, فهم هيمنوا على البرلمان مع التيار السلفي ووضعوا موقع الرئاسة نصب أعينهم, صحيح أننا نحترم الحياة السياسية الديمقراطية المنفتحة, ولكن كل الخشية من إعادة هذه التيارات الإسلامية لعقارب الساعة إلى الوراء وتحوبل بلدانها إلى بؤرة قندهارية.

تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا هو الآخر يترقب ساعة دخوله إلى سوريا بعد انهيار النظام ليهيمن على الحياة السياسية, صحيح أن الوضع في سوريا مغاير لجهة أن سوريا بلد فسيفسائي وهو يختلف في ذلك عن مصر وتونس, ولكن الواضح أن إخوان سوريا ضالعون في معارضة النظام بشكل لافت معتمدين في ذلك على دعم هائل عربي وإقليمي, ويلاحظ أن الحكومة التركية وضعت كامل بيضها في سلة تنظيم الإخوان بنية استبدال نظام الأسد بهم حفاظاً على مصالحهم الاستراتيجية والقومية في سوريا الغد.

مشاريع طمأنات وعهود أطلقتها العديد من التنظيمات الإسلامية في بلدان المنطقة في سياق الربيع العربي, لكن السؤال الأساس هنا هو هل هي ديمقراطية حقاً, وهل ستلتزم تلكم التيارات والأحزاب والتنظيمات بالمعايير والأساليب الديمقراطية إبان مشاركتها في الحياة السياسية لبلدانها, إذ يخشى على نطاق واسع من تغولها وخطورتها إذا ما اكتسحت الصناديق الانتخابية وقررت ترتيب بلدانها وفق مبادىء الشريعة وصولاً إلى إلغاء وعودها باعتماد واحترام القيم الديمقراطية, فكل الخشية من غلبة الأحجية الإيديولوجية على شعارات الدمقرطة والانفتاح على المختلف في فضاء جديد يشهد تحولاً ديمقراطياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بؤر قندهارية
فهد لعنزي السعودية ( 2012 / 4 / 27 - 11:36 )
اخي الكريم ان التدخل السافر للسعودية وقطر في الشؤون الداخلية السورية هو نذير شؤم لان فاقد الشيء لا يعطيه.لذا يجب على المعارضة الشريفة في الداخل اخذ الحيطة والحذر مما يخطط لتفتيت سوريا خدمة لاسرائيل ولتنفيذ الشرق الاوسط الجديد كما تريده امريكا. انظر ما آلت له الامور في ليبيا وربما تؤول له الامور في مصر اذا امتطى السلفيون كرسي الحكم. اليقضة والحذر والنظرالسياسي البعيد بعيدا عن الانفعالات الآنية. نرجو لكم التوفيق.


2 - لايصح إلا الصح ..مادام هناك مصح ؟
سرسبيندار السندي ( 2012 / 4 / 27 - 15:15 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي مصطفى وتعليقي ؟

1 : في عالم اليوم لايصح إلا الصح ، وإن صح بعض الخطأ فهو لوقت قصير لأن زمن التهريج ألإسلامي والتهديد والوعيد قد ولى بفضل العم ناتو ، والعم كوكل والخالة تويتر والخال فيسبوك ؟

2 : فالشباب الذي داس بالأمس على رؤوس الحكام الطغاة وأذلهم في الميادين والساحات ، لازال قادرا أن يعيدها مع أي دكتاتور كان ، حتى وإن كان شيخا بلحية نصف متر أو مرزبان ، لسبب بسيط لقد ذاب الثلج وبان المستخبي والمرج ، بدليل صمود الشباب في مصر وتونس لابل تحديهم لكل المنافقين من سراق الثورات ، فلم تعد تقيهم لا لحية أو زبيبة ولا حتى أسوار الكعبة ؟

اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟