الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهب وسرقة آثار وكنوز قلعة اربيل التأريخية تحت ظلام الليل

عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

2012 / 5 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



أكد مؤتمر مانيلا عام 1980 (Manila Declaration on World) " أن تأهيل المواقع الأثرية ضرورة ملحّة سيما أنه لايقتصر على احتواء حاجات ورغبات الحركة الثقافية الدولية فحسب بل يتجاوز ذلك إلى حماية المباني التاريخية وصيانتها، وتحقيق التناغم والتناسق بين سياسة الحفاظ من جهة وحاجات الحركة الثقافية من جهة أخرى".
يمثل التراث العمراني أهم المصادر المادية عن الأنشطة الإنسانية الإجتماعية والثقافية، فهو يعطينا القدرة على إسترجاع المفقود من المعلومات عن أناس عاشوا في عهود سابقة من خلال تتبع الحياة الإنسانية والإجتماعية وتطوراتها. والتراث العمراني يعد مصدرا غير متجدد يجدر بنا الحفاظ على عناصره الثمينة والتأكد من أدارتها بطريقة تظهر التقدير والإحترام لأولئك الذين عاشوا قبلنا، وتظهر الحرص والاعتبار للذين سيأتون بعدنا، وهو مصدر للإحساس بالجمال والسلوكيات الإنسانية و يعطي مصداقية للتعريف بالحاضر، وإشباع للعاطفة في ربط الحاضر بالماضي، كما يتيح إمكانية تجربة التنوع الثقافي من خلال توفير تعبيرات مرئية لإحداث من الماضي فيشارك في فهم هذه الإحداث من خلال تعبيرات فيزيائية لتغيرات في الأفكار على مر الزمن.
كما يوفر التراث العمراني الخبرة العملية في التعرف على المخزون التكنولوجي والخبرات الفنية والعلمية وتطوراتها، فضلاً عن أبعاد إقتصادية كأماكن للأنشطة الترفيهية، وأبعاد مكانية للبيئة التي يتواجد بها، وأبعاد زمنية بزيادة الزمن إلى عناصر التخطيط الحضري فيمنحها الإحساس بروح المكان، ويعد العراق موقعاً مفضلاً للكثير من علماء وفرق التنقيب الدولية بسبب تعدد الحضارات التي وجدت فيه، مثل الحضارة السومرية والبابلية والآشورية وانتهاء بالحضارة الإسلامية وتؤكد مصادر مختصة أن هناك نحو 12 ألف موقع اثري مسجل في العراق، هذا فضلا عن الكثير من المواقع الاخرى غير المكتشفة وخاصة في اقليم كردستان العراق.
تشمل عملية الاهتمام بالآثار التخطيط للتنقيب، ونقل الأثر إلى المتحف، وتسجيله وحفظه وعرضه، وخطوات صيانته، وكان الآثاريون العراقيون أمثال طه باقر، وفيصل الوائلي، وفرج بصمه جي ، وفوزي رشيد،و غيرهم يتبعون أصولاً في تنفيذ تلك الخطوات بدقة، فعلى سبيل المثال كان بصمه جي- مدير المتحف العراقي لعشرين عاماً - يأتي بخطاط خاص يخط رقم الأثر عليه، ووصفه وتدوينه في السجل، وغايته من ذلك خط يتناسب مع مكانة الأثر، غير أن مثل هذا التقليد اختفى تدريجياً فظلّ الجميع حائراً بعد عمليات النهب الشامل سنة 2003 لعدم وجود سجل يُرجع له لمعرفة مواصفات الأثر المنهوب.
يواجه الحفاظ العمراني في إقليم كردستان- العراق مجموعة من المشاكل يمكن إيعاز أسباب ذلك التطور الإجتماعي والإقتصادي، وغياب الوعي بأهمية التراث العمراني، وعدم وجود التمويل اللازم، وضعف الحماية القانونية، وانعدام الآليات الملائمة لمشاركة المجتمع في عملية الحفاظ، فضلاً عن هدم العديد من الابنية التراثية لأغراض الاستثمار الاقتصادي الشخصي والتوسع العمراني وبالتالي تفكك النسيج الحضري الممثل لثقافة الأمة وحضارتها، كما نشير بهذا الصدد إلى قلة المسوحات والإحصائيات عن المباني التراثية في الإقليم، وترميمها الغير مستند إلى القواعد الأساسية العالمية.
أن منظمة اليونسكو وافقت على إدراج قلعة اربيل ضمن لائحة التراث العالمي لما تتميز به من مقومات تؤهلها لان تدرج كتراث عالمي ، أن هيئة الاثار في اقليم كردستان تعمل على اعادة ترميم القلعة في مشروع اعادة احياء قلعة اربيل، بيد أن القلعة تتعرض مثل سائر الاثار في العراق الى اعمال سرقة وتخريب .
لقد لعبت البعثات الإسرائيلية و الامريكية و الفرنسية ,دوراً متميزاً في سرقة كميات كبيرة من القطع الآثارية من مدن الإقليم و خاصة محافظة اربيل و قلعتها ،إضافة إلى سرقة كنوز من الذهب والمرمر بأكملها. هذه السرقات أثرت على تكامل الموقع الأثري وبدونها يبدو مبتوراً وناقصاً، ومما يؤسف له إن محاولات السرقة والتهريب تواصلت بحجة ترميم وصيانة القلعة تحت اشراف الهيئة المشرفة على قلعة اربيل. كما وتعرض متحف مدينة اربيل الأثري في كانون الأول ( ديسمير ) من عام 2007، الى سرقة مقتنيات أثرية كانت معروضة في صالاته، لاتقدر بثمن، وعلى الرغم من الأجراءات الأمنية، والأمان في المنطقة، تمكنت عصابات سرقة وتهريب الأثار، التي تنشط الآن في عموم العراق، الوصول الى بناية المتحف في قلب المدينة، وكسر خمسة أبواب فيه، إن ما سرق من المتحف له اهمية اثرية كبيرة منها على سبيل المثال اختام اسطوانية وعملات قديمة.
يتضح مما تقدم إن البعثات الغربية قد مارسوا عمليات واسعة من النهب والسرقة وتهريب آثار إقليم كردستان الى الدول الغربية بطرق وأساليب شتى. ولم يكن هناك رادع مؤثر نتيجة تساهل السلطات الكردية في البدء ،ومن ثم ضعف الرقابة وعدم وجود قوانين صارمة تحد من السرقة والتهريب ،بل ان مرونة القوانين كانت عاملاً مساعداً على استمرار السرقة والتهريب تحت أغطيه وذرائع متعددة ، وقد أسهم في نهب الآثار وتهريبها معظم من عمل في التنقيب من الغربيين ،فضلاً عن الدور المؤثر الذي قامت به متاحف الغرب في تشجيع عمليات السرقة والتهريب ، من خلال المبالغ الكبيرة التي كانت تدفعها مقابل الآثار المهربة ،وقبل ذلك قيامها بتمويل البعثات الآثارية تحت أغطية علمية وتاريخية رصينة. ولذلك كان لمتاحف أخرى في العالم نصيب من الآثار العراقية.
فضلا عن ما تقدم.. يواجه الحفاظ العمراني المستدام تحديات حقيقية أخرى، فهناك مواقع اثارية مهمة مهددة بالاختفاء في مدينة اربيل منها سوق القيصرية ، وقالينج اغا ،ومحلة تعجيل،و محلة خانقاه ، فضلاً عن الرموز التاريخية الكردية والإسلامية الاخرى، ان تحرك الحكومة في الإقليم تجاه هذه الكارثة مازال بطيئا، وما زالت المواقع السياحية مخربة دون تأهيل ومازال الخطر محدقا بكل موروثنا الحضاري والسياحي.
ابرز ما ينفرد به الإقليم هو ان كل مدنه ذات موروث حضاري وسياحي فليست هناك مدينة واحدة لاتتميز بتاريخها وحضارتها وثقافتها ومناخها ومناظرها الخلابة .
إن حكومتنا مشغولة بتهريب النفط و بمشاكل داخلية مع المركز، تحجب عنها مشكلة الحفاظ على التراث الكردي , وربما اعتبرته ترفاً ثقافياً ليس هذا أوانه . أن الحفاظ على مواقع اثارية مسئولية قومية محلية ينبغي أن يقوم بها الحكومة على صيانتها وحمايتها .. وليس اليونسكو أو غيره .
.

.
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت سخية للمنتخب العراقي بعد تأهله لأولمبياد باريس 2024|


.. عقاب غير متوقع من محمود لجلال بعد خسارة التحدي ????




.. مرسيليا تستقبل الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 قادمة من ا


.. الجيش الأمريكي يعلن إنجاز بناء الميناء العائم قبالة غزة.. وب




.. البرجوازية والبساطة في مجموعة ديور لخريف وشتاء 2024-2025