الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسلامريكا - هل يصلح أمر هذه الأمة ؟

طلال سعيد يادكار

2012 / 5 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


على الرغم من أن الربيع العربي والثورات العربية لم تقم باسم الدين ولم يقم بها المتدينون الاسلاميون ولم يكن فيها أي دور لشيوخ الدين , فان الدين ( الاسلامي ) أصبح اللاعب الابرز بعد تلك الثورات وبعد هروب أو مقتل أو تنحي الحاكم ! لقد استطاعت المؤسسة الدينية ( الاسلامية ) وبقيادة رجال الدين أن تسرق ثمار الثورات في تونس وليبيا ومصر وأن تركب أعلى موجة فيها بعد أن جاؤا من المنفى مباشرة كما حدث في تونس وليبيا ! بالرغم من أن الكثيرين ممن كانوا في المنفى هم من غير الدينيين من العلمانيين والليبراليين ولكنهم لم يستطيعوا أن يصلوا الى ما وصل اليه الاسلاميون ! وفي مصر ايضا استطاع الأخوان المسلمون أن يصلوا الى ماوصلوا اليه ابتداءا من الاغلبية في البرلمان وربما الى كرسي الرئاسة أيضا !

فلماذا الدينيون الاسلاميون وشيوخها ورجالاتها يكسبون الاصوات بسهولة في مجتمعاتنا ؟ هل لأنهم يتكلمون باسم الدين والذي هو شرع الله الخالد كما يعتقد العامة من الناس في مجتمعاتنا العربية الاسلامية؟ أم لأن الدولة التي سيقيمونها ستكون نموذجا لدولة الرسول الاولى في المدينة وتطبق شرع الله ( الاسلام ) والتي ستصل بهم الى عصرها الذهبي الثاني وسيحررون البلدان الاسلامية المحتلة من قبل أمريكا واسرائيل وسيفتحون البلدان الاخرى وتنغمر عليهم أموال الخراج والفيء والجزية من جديد ؟!أي الهيمنة على العالم بأسم الدين ! نعم هذا مايعتقده أغلبية الناس في مجتمعاتنا ! أنها الصورة النمطية الطفولية الغير الناضجة لفكرة تطبيق شرع الله ! ويصدق أولئك البسطاء ما يقوله المشايخ على المنابر (لايصلح أمر هذه الامة الا بما صلح أولها) ! أنهم بذلك يلغون البعد الزمني الشاسع والذي يمتد مابين 570 م و 2012 م ! أو مابين عام الفيل وعام أنتربرايز (مكوك الفضاء) !

المشكلة الرئيسية في مجتمعاتنا العربية الاسلامية ان غالبية الناس يقدسون الجهل وحسب تعبير المفكر الفرنسي أوليفييه روا في كتابه الجهل المقدس - زمن دين بلا ثقافة ! أي أن تفكيرهم وخاصة فيما يتعلق في الجوانب الدينية تفكير عاطفي نمطي منغلق على ذاته ولايقبل الانفتاح , والاطار الفكري لديهم أصبح اطارا فولاذيا وغير مطاوع لاية فكرة جديدة ! حتى بوجود التقنية الحديثة كوسائل الاعلام المسموعة والمرئية والانترنت والهاتف الجوال , فان الفكر الاسلامي متسمر في نقطة زمنية واحدة لا ينفصل عنها ويتم تكراره واجتراره ليل نهار ! ولا يستفاد من التقدم العلمي فكريا بل ربما يزيده صلابة ! وأقصد بذلك أقناع الناس بأن العلم كلما تقدم يثبت ويؤكد الاعجاز العلمي الموجود في القران أوكما يتوهمون أو يوهمون الناس والذي يؤكد بدوره على أن ذلك الشرع هو الصحيح الخاتم !

فمع الاسف باستطاعة أي شخص مثلا أن يخدع جمهورا من الناس البسطاء من خلال اطالة اللحية , وأن يتحول الى شخص مقدس مبجل حتى لو كان قد ارتكب افضع الجرائم من خلال اطالة اللحية !!وخاصة اذا كانت تشوبها شعيرات بيضاء يتبين منها الخيط الابيض من الاسود مضيفا عليها وقارا وهيبة ! لأن صورة الرجل بلحية , خاصة اذا كانت بيضاء, توحي للناس البسطاء بأنه شخص مقدس وذو بركة وصافي النية و متقي أو( يخاف الله ) وحسب التعبير الاسلامي ! فمازالت عامة الناس يعتقدون ذلك ويعممونها على الكل الصالح والطالح حتى لو كانت اللحية دنيوية وليست دينية ! ومع الاسف الشديد أن اصوات هؤلاء الناس ومن خلال العملية الانتخابية الديمقراطية الغربية هي من تصل بأصحاب اللحى الى مراكز القيادة حتى لو كانوا بدون اية خبرة سياسية أو حتى ادارية ! هؤلاء يعرفون كيف يخدعون أولئك البسطاء الفقراء والجهلة بشعارات الورع والتقوى وشعار (لايصلح أمر هذه الامة الا بما صلح أولها)!!

ثم هل كانت أول هذه الأمة صالحة ؟ ومامعنى الصلاح في المنظور الاسلامي ؟ هل تعني الفضيلة , والتي هي عكس الرذيلة ؟ فأنا لا أعتقد أن اتخاذ ملك اليمين وأستباحة أعراض الناس من الفضائل حتى لو كانت سائدة بين الشعوب في ذلك الوقت ! ولا أعتقد أتخاذ العبيد وفرض الجزية أو السيف من الفضائل ! ولا نشر الدين بالقوة فضيلة ! أم أن المقصود بالصلاح العلاقة المتبادلة بين السلطة الحاكمة وبين الناس وإطاعة أولي الامر؟! فهل كان الناس كلهم ممن أطاعوا قائد الدولة في المدينة ؟ الجواب , كلا . فقد كان هناك الكثير من المعارضين والذين وصفوا بـ (المنافقين)!أي أنهم أظهروا امرا وأبطنوا أمرا أخر خوفا من بطش السلطة الحاكمة ! وهي أول ظاهرة أجتماعية واسعة بين العرب في ذلك الوقت ! فأولئك المنافقين ( المعارضين) لم ترق لهم أسلوب السياسة المحمدية في مدينتهم ولم يستطيعوا أن يبدوا رايهم بصورة علنية خوفا على رقابهم من سيف الحاكم , لذلك وصفوا بذلك الوصف ! وهذا ما فعلته وما تفعله أغلب السلطات الحاكمة في البلدان العربية الاسلامية التي سقطت أو التي لم تسقط أو التي هي في طور السقوط , فان أغلب مواطنيها يتحولون الى ( منافقين ) رغما عنهم وخوفا من البطش والتنكيل , أما الذين يعلنون أستياءهم ورفضهم للسلطة الحاكمة ويثورون ويتظاهرون فانهم يجابهون بالقمع والتنكيل ويتهمون بأثارة الفتنة أو يتهمون بالخيانة والعمالة لأطراف خارجية , كما حصلت في دول الخليج !

فالاسلام الاصولي المسيس يريد أن يطبق شعار(لايصلح أمر هذه الامة الا بما صلح أولها) ويعود بعجلة الزمن الى الوراء وتطبيق نموذج دولة المدينة النبوية في الجزيرة العربية قبل اكثر من اربعة عشر قرنا والتي سقطت أو كادت بعد وفاة مؤسسها مباشرة إثر الانتفاضة الشعبية العربية العارمة ضدها ولم ينقذها الا السيف الذي قطع رقاب كل المعارضين والمنتفضين الذين بلغ عددهم عشرات الالاف في ذلك الوقت! فهل هذا هو الحل الذي يريدون تطبيقه على الثوار والمنتفضين على السلطة الحاكمة اذا ما وصلوا الى كرسي الحكم ؟

ومن الشعارات الدينية الاسلامية أيضا (الاسلام هو الحل) ! فهل الاسلام حقاهو الحل ؟ الحل لاية مشكلة ؟ لمشكلة الفقر والبطالة ؟ أم الحل للخلافات المذهبية داخل المؤسسة الاسلامية المنشقة ؟ أم الحل لمشكلة المواطنة لغير المسلمين ؟ أم الحل لمشكلة حرية التعبير عن الراي والخروج عن الحاكم ؟ أم الحل لأنتخاب الرئيس لفترة زمنية محددة ؟ أم الحل لمشكلة فلسطين ؟ أم الحل للمشكلة العربية الايرانية ؟

فهناك مشاكل كثيرة ومختلفة ومتداخلة والاسلام السياسي أو السلطات الحاكمة في الدول الاسلامية يحاولون أن يكيفوا أنفسهم مع مشاكل العصر وحسب المصالح سواء الاقتصادية أو الأمنية أو حتى الاجتماعية حتى لو كانت على حساب التعاليم الاسلامية والتي غالبا ما يقبل التأويل والتفسير وفقا لمصلحة السلطة الحاكمة !

ولكن حتى لو وصلت الجماعات الاسلامية الى الحكم في البلدان العربية وحتى لو كانت دينية أصولية , فهل ستكون أكثر إسلامية وأكثر اصولية من إسلام السعودية واصوليتها مثلا ؟ لأن السعودية تعتبرالمثل الأعلى للدول العربية والاسلامية لأنها هي الدولة العربية الحاضنة لقدس الاقداس الاسلامية ! فهل السعودية حقا النموذج الاسلامي الذي يمكن أن يقتدى به من قبل الجماعات الاسلامية التي وصلت الى السلطة في دول الربيع العربي ؟ وهل هي خالية من المشاكل ؟ لو وضعنا جانبا الجانب الاقتصادي , فان المجتمع السعودي مكبوت سياسيا ولا يستطيع السعوديون أن ينتخبوا أو يختاروا حاكمهم ! لأن السعودية تملكها شخص وسميت باسمه ( الأرض والشعب ) وأصبح الحكم وراثيا من بعده في عائلته ! بالرغم من أن الاسلام لا يبيح توريث الحكم ! والمرأة مهدورة الحقوق ! والمذاهب الاخرى مضطهدة وغير معترف بها ! والمظاهرات تقمع على اساس أنه لا يجوز الخروج عن الحاكم , مع أن السلطة الحاكمة تبيح وتدعم خروج الناس عن الحاكم في دول غير خليجية ! ولا توجد حرية صحافة ولا حرية رأي ولا حرية دينية ولا حرية عبادة !

ومع أن السعودية هي دولة دينية وتطبق حدود الاسلام ( التي تدينها منظمات حقوق الانسان) كحد قطع يد السارق وقطع الرقبة بالسيف على المحكومين بالاعدام وتقيم حد الرجم ولا تسمح للمراة بقيادة السيارة ولكنها في الوقت نفسه أقوى حليف عربي إسلامي لأمريكا التي أحتلت دولتين مسلمتين ! وذلك الحلف كما معلوم يشمل عدة جوانب منها الاقتصادية والعسكرية والامنية ! ويمكن تسمية ذلك الحلف بــ( اسلامريكا) أقتباسا من تعبيرالكاتب الفرنسي جان بيير , فكلا الجانبين ( الاسلام و أمريكا ) لديهما نفس الهدف وهو السيطرة والهيمنة على العالم ! حتى أن الشعب السعودي أو الخليجي بصورة عامة لم يقم بمظاهرة واحدة أحتجاجا على ذلك التحالف ولا على اقامة القواعد الامريكية على أراضيها ! ويبدو أن الخليجيين أقتنعوا تماما أن الجزيرة العربية المقدسة لا تحميها الان طيور أبابيل بل تحميها طائرات اف 22 الامريكية !

فالجماعات الاسلامية التي وصلت الى السلطة بعد الربيع العربي أو تلك التي تحاول الوصول اليها , لن تكون أكثر إسلاما من إسلام السعودية , وبالتأكيد لن تكون أقوى اقتصاديا منها . وبالتالي سترضخ للواقع وستتحالف مع أمريكا وستقنع الناس أو سيقتنع الناس أن ( اسلامريكا) ليس نفاقا دينيا بل سياسة وضرورة دنيوية !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah