الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الاستاذ نهاد كامل: من الممكن ادراك الله من خلال العقل و لكن ما هو الهدف البشري؟

علي رغيد الخيرو

2012 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الاستاذ نهاد كامل المحترم
في البداية, اسمح لي ان اعرب عن كبير احترامي لسيادتكم لما تفضلتم به من مقالات و افكار تحث على التقدم بالكائن البشري و نبذ الجهل و التعصب الذي هو وباء منتشر في زمننا هذا.

لقد قرأت الكثير من مقالاتكم و قد قررت الرد, للمرة الولى, لاهتمامي الكبير بكل ما يخص العقل و المنطق.
أولا- احب ان اصرح ردا على عبارة "ان وجود الله يخضع للايمان المطلق فقط" المذكورة في مقالكم, و هذا التصريح هو رائي الشخصي, ان وجود الله لا يخضع لشيئ و انما هو وجود يخضع الاشياء لارادته.
ثانيا- ان الله, عز و جل, قد صرح في كتابه الكريم ان الذين يعلمون و الذين لا يعلمون غير متساويين؛ اي ان للعلم قيمة و ليس هراء بهراء. و ان كان للعلم قيمة, فان مقاييس العلم و تخيلات العلماء, التي هية ادواتهم للتفريق بين الحقائق و الاكاذيب لها قيمة ايضا؛ طالما استندت على المنطق الصلب الغير قابل للدحض.
هذا لا يعني ان الله خاضع للعلم او التخيل, و انما يخضعان لارادة الله.
ثالثا- أن الايمان, حسب اعتقادي, ما هوة الا ترسيخ لفكرة, تقبل الشك, يقبلها العقل البشري على انها صحيحة و معتمد على صحتها الى درجة تضمينها مع الحقائق المقبولة. و ما الحقائق المقبولة الا الايمان بما لا نقبل التشكيك به. و الحقيقة ان كل شيئ يمكن التشكيك به.

ان رفض المنطق هو قرار خاطئ لان المنطق هو اداتنا لالتفاهم و التناقش و التفريق بين ما هو صحيح و ما هو خاطئ؛ و لكن رفض عبارة يعتبرها البعض منطقية هو قرار صائب طالما قدمت البراهين المنطقية الدالة على عدم صحة تلك العبارة.
ان رفضك لعبارة: "لكل مصنوع صانع, اذا لكل مخلوق خالق" هو قرار صائب و ان لم تقدم سبب هذا القرار. علماء الدين, في استخدامهم لهذه العبارة, يستعملون مبدا المسبب الكافي؛ اي ان وجود الله كاف لتسبيب وجود الكون. الا ان قاعدة المسبب الكافي تدل على ان وجود الكون لا يدل على وجود الله و قد يكون المسبب شيئا اخر, كتعاون مجموعة من الكائنات على خلق الكون (كما تصرح بعض الديانات) او تفاعل فيزيائي عظيم (كما يصرح بعض العلماء).
و الاجدر بعلماء الدين استخدام قاعدة المسبب الضروري؛ اي ان وجود الله ضروري لوجود الكون, و بالنتيجة فان وجود الكون دليل على وجود الله مع ان وجود الله لا يعني ضرورة وجود الكون.

الان, احب ان اطرح بناءا منطقيا, قد لا ينجح كليا و بدون نقاط ضعف في اثبات وجود الله, الا انه يمتلك من القوة ما يكسبه احقية الذكر.
سأستخدم, كاساس لهذا البناء, قاعدتان منطقيتان معروفتان:
1-قانون السببية: ينص قانون السببية على ان لكل حادث سبب و مسبب. أن هذا القانون هو اول قواعد المنطق, حيث انه يستند على وجود حادث (فبدون حادث لا توجد مادة للتحليل المنطقي) و مسبب (حيث ان غياب المسبب يمنع حدوث الحادث) و سبب (حيث ان قظع السبب يمنع الحادث حتى بوجود المسبب). أن رفض هذا القانون يعني رفض كل العلوم و المبادء و المفاهييم التي توصل اليها الجنس البشري منذ بدا الخليقة.
2- أنا افكر, اذا انا موجود: ان التفكير فعل. و لكل فعل فاعل. و من السليم منح فاعل التفكير هوية "انا" دون الحاجة الى نقاش فلسفي حول قيمة وجود "انا" و ماهية التفكير.

بدءا من القاعدة الثانية, الانسان لايستطيع اثبات اي شيئ سوى وجود نفسه بمساوات كيانه مع هوية المفكر "انا". و بما ان التفكير يتضمن حقائق و اكاذيب, وقائع و اوهام؛ فيمكننا ان نفرض ان كل شيئ هو وهم, و ان كل ما حولنا و كل ما نشعر به و كل المدخلات الحسية هي مجموعة من الاوهام.
أن سبب وجود الاوهام و الافكار هو فعل التفكير. و مسبب الاوهام و الافكار هو الوجود "انا"؛ اذا "انا" قادر على تسبيب و جود كائنات اخرى, الاوهام و الافكار. الا ان كل ما هو مسبب من خلال وجود "انا" لا يمكن ان يكون المسبب لوجود "انا"؛ اذا "انا" غير قادر على تسبيب وجود نفسه. و ان كانت النفس غير قادرة على تسبيب النفس؛ فانها غير قادرة على تسبيب وجود ما يساويها او يفوقها في القيمة الوجودية.
أقف هنا لتعريف القيمة الوجودية: هي قيمة تخص الوجود و تحدد قدرته على تسبيب وجود كائنات اخرى. فالافكار غير قادرة على تسبيب وجود اي شيئ و ان امتلكت القدرة على التئثير بوجود "انا" و كل وجود اخر قادر على التفكير؛ اذا فهية, الافكار, ادنى بالقيمة الوجودية من "انا". و الوجود "انا" غير قادر على تسبيب وجود اي كائن قادر على التفكير حيث ان التفكير هو دليل وجود "انا" و تسبيب التفكير يعني القدرة على تسبيب "انا" و هذا غير ممكن.

من هنا يتضح انه لا خيار لدي سوى تقييم وجود "انا" لاني افكر و لا يوجد شيئ اتفكر فيه سوى "انا".
"انا" هو وجود, و هذا الوجود محدود؛فالاستمرار بانكار الجسم و حاجاته, لان اثبات وجود الجسم غير ممكن, سيقود الى ضعف و انعدام التفكير, و بالنتيجة انعدام الوجود. أذا فان "انا" ليس وجودا دائما و انما وجود مؤقت محكوم بالارتباط مع الجسم. أذا فالجسم موجود و عليه فان المدخلات الحسية موجودة, و ان كان مدى صحة هذه المدخلات غير مؤكد.
, بما ان وجود "انا" محكوم بوجود الجسم, و وجود الجسم محدود بالولادة و الوفاة؛ فان وجود "انا" محدود و مؤقت.
و ان كان وجود "انا" له بداية (حادث الولادة)؛ اذا فوجود "انا" يستلزم مسبب و سبب. و هذا المسبب يجب ان يكون اعلى من "انا" بالقيمة الوجودية. و هذا المسبب لا يحتاج الى التفكير كدليل على وجوده, و بالتالي يمكنه منح التفكير و تسبيب وجود "انا".
سنمنح مسبب وجود "انا" هوية "هو".

الى هذه المرحلة, تمكننا من اثبات وجود النفس و الجسم بالضرورة. تمكننا من اثبات وجود الافكار, كائنات ادنى بالقيمة الوجودية, كنتيجة لفعل التفكير الدال على وجود "انا". و تمكننا من اثبات وجود "هو", كائن اعلى بالقيمة الوجودية, كضرورة لتسبيب وجود "انا" المؤقت.
و بما ان "هو" مسبب لوجود "انا" المحكوم بوجود الجسم فان قدرة "هو" تفوق منح التفكير و تتضمن القدرة على تكوين و التحكم بالمادة و الطاقة.
الوالد و الوالدة لا يساويا "هو" حيث انهما لم يمنحان قدرة التفكير و لا يمتلكان القدرة على تكوين و التحكم بالمادة و الطاقة و انما وجود "انا" تحقق من خلالهما و ليس بارادتهما.

ان كان وجود "هو" مؤقتا, استلزم مسببا لوجوده. و المسبب الثاني, ان كان مؤقتا ايضا, يستلزم وجود مسبب ثالث؛ حتى الى ان نصل الى مسبب دائم الوجود, لا يستلزم مسبب و لا فعل دال على الوجود. يمكن ان نمنح المسبب الدائم هوية "هو" و اعتباره مسببا غير مباشر (او مباشر) لوجود "انا".

الى هذه المرحلة, لقد حصلنا على خمس صفات لالوجود "هو": دوام الوجود (الخلود), انتفاء الحاجة (الصمود), القدرة على منح التفكير (الخلق), القدرة على تكويين المادة و الطاقة (التكويين), القدرة على التحكم بالمادة و الطاقة (السيطرة).

قد يقول البعض ان تساوي خمس صفات غير كاف لاثبات ان "هو" يساوي "الله", الا اني اصرح و بكل ثقة, ان الاستمرار على اكمال هذا البناء المنطقي سيقود الى استنتاج جميع صفات الله منطقيا دون الحاجة الى كتاب مقدس او عالم ديني ليخبرنا بها. و السبب الذي يمنعني من اكمال هذا البناء المنطقي ليس العجز و لكن اكمال هذا البناء يحتاج الى كتاب و لا تكفي مقالة صغيرة لذلك.
ألا اني سافترض قدرة القارء على اكمال البناء بنفسه و لذا ساتعدى ما يستلزم اكماله لاثبات ان "هو" يساوي "الله" الى سبب تسبيب وجود "انا", و الذي هو امر في غاية الاهمية.
لماذا خلق الله البشر؟
قال الله في كتابه ان البشر خلقوا ليعبدوه! و لكن ان اراد الله منا ان نصلي له, نشكره و نسبح بحمده طوال الوقت فالملائكة يقومون بذلك على اكمل وجه. لماذا منحنا القدرة على الكفر و العصيان بينما اراد منا العبادة؟
الجواب ان الاية الكريمة لا تدل على سبب خلق البشر بل على الغاية التي عليهم تحقيقها خلال وجودهم. و الا لماذا يخلق من البشر من سيكفر به؟ اليس انقطاع السبب امر يلغي الحدث؟
ان الله لا يحتاج الى عبادتنا فلماذا يطالب بها؟
الجواب هو ان لخلق البشر هدف يتحقق من خلال العبادة و ليست العبادة نفسها.
, بما ان العبادة عملية غير معرفة بشكل قاطع و يتجادل في تعريفها الكثير, فان معرفة الهدف البشري ,الذي يريد الله منا تحقيقه من خلال العبادة, سيسهل معرفة العبادة نفسها.
ساناقش الهدف البشري و علاقته بالعبادة في مقالة اخرى قد انشرها اذا لم يستطع احد البرهنة, بصورة منطقية, علىاي نقطة ضعف في البناء المنطقي المذكور اعلاه.
أشكر الجميع لمتابعة القرائة حتى النهاية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لنفترض أن ضطص موجود ، إذن ضطص موجود !
ماجد جمال الدين ( 2012 / 5 / 6 - 07:37 )
السيد علي رغيد
مقالك لا يتجاوز بمعناه وأسلوبه عنوان تعليقي !
فمنذ البداية أنت تكتب ((( ان وجود الله لا يخضع لشيئ و انما هو وجود يخضع الاشياء لارادته. )))
قبل أن تفسر لنفسك ولنا ماذا تعني بكلمة الوجود ؟؟ هل هنالك وجود خارج الموجودات التي نحسها ونعيها ، وما دليلك على ذلك غير أوهامك وخيالاتك ؟
ومن ثم تقول أنك تستعمل المنطق ، ولكن أي منطق تستعمل ؟ هل هو منطقك أو منطقي ؟ ، فمثلا قولك : (((ان رفضك لعبارة: -لكل مصنوع صانع, اذا لكل مخلوق خالق- هو قرار صائب و ان لم تقدم سبب هذا القرار ))) يعني أن أنك ترفض أيضا هذه المقولة ولكنك أيضا لم تقدم المبررات لإعتبارها غير صائبة ، وعلي القارئ الثقة فقط بحكمك العقلي الذي لا يعرفه ..
ما تسميه قانون السببية ، لا أعرف من أين جئت به غير كتبك الدينية المتمنطقة ..
أولا ما ذا تعني بكلمة قانون أصلا ؟ وهل هي إلا تقريبات وأنمذجة لما نشاهده نحن في الطبيعة .. يعني ليست هنالك قوانين مطلقة أو مجردة ..
وثانيا .. لماذا سبب واحد وليست أسباب عديدة ( ومتناقضة على ألأغلاب ، أو عشوائية تماما ) .
وثالثا ماذا تقصد بالمسبب .. يعني بداية تفترض وجود
يتبع


2 - لنفترض أن ضطص موجود ، إذن ضطص موجود ! 2
ماجد جمال الدين ( 2012 / 5 / 6 - 07:39 )

.. يعني بداية تفترض وجود ذات عاقلة وراء كل حدث ، فمن جهة تعيد عنوان تعليقي ومن الجهة الأخرى تقع في تناقض مع نفسك لأن هذا هو مارفضته في مقولة لكل (مصنوع صانع .. ولكل مخلوق خالق ) رغم أن هذه العبارة صحيحة تماما من الناحية المنطقية .. لأننا بداية حصرنا ألأمر في ما هو مصنوع أو مخلوق ..

هنالك الكثير من المغالطات والإلتفافات الأخرى في بقية مقاللك ولكن ليس هنالك مجال عندي لفضحها ، ولكنك في بداية مقالك تكتب عبارات ، مع كل إحترامي لشخصك فهي مثيرة للسخرية لا أكثر ، من مثل هذه :: (((و ان كان للعلم قيمة, فان مقاييس العلم و تخيلات العلماء, التي هية ادواتهم للتفريق بين الحقائق و الاكاذيب لها قيمة ايضا؛ طالما استندت على المنطق الصلب الغير قابل للدحض.
هذا لا يعني ان الله خاضع للعلم او التخيل, )))
تفكر بها جيدا .. فأنت هنا تقيس كل عمل العلماء وجهدهم الفكري بمقاييس منطقك أنت ألذي تعتبره صلبا ، فيما هو مدحوض أصلا بالتجربة الواقعية .. وتنفي وتمنع أن يتفكر الناس في فكرة الله الوهمية والتي اثبتت تفاهتها وضررها ..
تحياتي


3 - سألتني عشيقتي !
ماجد جمال الدين ( 2012 / 5 / 6 - 11:36 )
سألتني عشيقتي , وكان إسمها الله ، (وبالحقيقة ـ هذا ليس إسمها الأصلي بل هي إتخذته إسما بعد أن قرأت ما قاله أبو لهب ، عبد العزى بن عبد المطلب شقيق عبد اللات بن عبد المطلب الذي يُفترض أنه أب القثم بن أبي كبشة نبي المسلمين ، ـ من أن كلمة الله هي مؤنث وليست مذكر ) ، سألتني ما هو ضطص ؟
فأجبتها : هنالك لها معنيين ، أولهم ترد في العربية كفعل مصدر : ضطص يضطص وضطست ( بالسين في ألآخر ،فكما جاء في لسان العجم ، لا يمكن دمج الضاد مع التاء ولذا تستبدل بالسين ) ، وهذه تعني شطح يشطح وشطحت بعقلها بعيدا عن الواقع .. أي أن كلمة الشطح عادة تأخذ معنى ماديا بالإنحدار عن المجرى بينما الضطص مخصصة للأمور ألعقلية المفاهيمية ..
أما المعنى الثاني فهو إسم علم .. ألـ ضطص ، وهو نوع من الطحالب الإلوهية الموجودة في كوكب سيكاموس 4 (سيكاموس ـ إسم النجم ) في مجرة الفا تسينتافرا .. وملكة هذه الطحالب هي أن تحول كل ما يلتصق أو يحتك بها إلى شبيهها أي إلى ضطص .. ومن هنا تألهت !!
تحياتي لمن فهم المقصد !


4 - عزيزي كاتب المقال
ناصح نصر ( 2012 / 5 / 6 - 22:37 )
بل لابد من إنهاء هذا البناء العقلي المزعوم..
كيف تثبت مثلا ان هناك حياة أخري ؟


5 - شكرا
علي رغيد الخيرو ( 2012 / 5 / 7 - 20:34 )
اشكر السادة المعلقين على تعليقاتهم و لرد عليها بما يلي
الى الاستاذ ماجد جمال الدين, ان كثرة تساؤلاتك و النقاط التي طرحتها في سلسلة تعليقاتكم تجبرني على الاجابة بمقال لاستيفاء الاجابة في حال توصل قارئ اخر الى نفس التساؤلات. و قد نشرت مقال الاجابة في الحوار المتمدن في هذا العنوان
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=306683
فارجو الاطلاع عليه

الى الاستاذ ناصح نصر, ارجو التصريح بسبب رغبتكم بانهاء الموضوع, و بخلافه فاني مستمر بكتاباتي.
و مزاعيمي تضل صحيحة حتى اضهار ادلة الدحض, فان توفرت هكذا ادلة فارجو نشرها
اما عن تساؤلكم حول الحياة الاخرى (و اعتقد انك تقصد الحياة بعد الموت) فان الجواب على ضرورتها ياتي نتيجة لسبب خلق البشر و الذي ساناقشه في مقالي التابع لمقال الرد على الاستاذ ماجد

مع الشكر و التقدير

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah