الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار ميتة.. وعقل ميت..

آيا الجوهري

2012 / 5 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أي إتجاه فكري أو عقائدي لكي يتطور يستلزم له أن يدور في دوائر النقاش وأن يتعرض للنقد وأن يتم البحث في علله وأصله
ومناقشة مدى صحته وأسباب الإعتقاد به وكيفية الإعتقاد به ومدى قربه أو بعده عن الصواب
لكي تستمر الفكرة وتتطور وتنمي من نفسها لابد من أن تتسم بالمرونة وأن يكون مجال نقاشها مفتوحاً بل ونقدها كل أنواع النقد
أيضاً لكي يتم فهم الفكرة لابد للمتلقي أن يكون المجال متاح له للتفكير في العلل البعيدة والقريبة التي بنيت عليها
وأن يكون متاح إعمال العقل الناقد بكل حرية ومناقشة الفكرة ونقدها ونقد النقد والفهم الدقيق لها..


ولكن...

في الغالب نجد أن أي فكر أو رأي شائع أو يلاقي قبول من الغالبية هو غير مسموح بنقده أو مجرد النقاش فيه
حتى وإن كان النقد منطقي ومبني على قواعد سليمة..
فنجد الشخص المتعصب لآرائه لا يقبل أن يناقشه أحد بها وإن مجرد التفكير بأن آراءه محتمل أن تكون خاطئة شئ غير مسموح تماماً
والتعصب سببه أن إعتقاد الشخص بآرائه مبني على قواعد غير صحيحة
فالأفكار الجامدة هي أفكار ميتة و سقوطها شئ حتمي
لأنها أفكار مُعلبة جامدة غير قابلة للتفكيك أو الفهم أو الدخول في حلقة نقاش أو النقد
غير أنها مبنية على أسس وقواعد غير صحيحة
لأنه لو فُتِح المجال لمناقشتها وفهمها والبحث عن أصلها سيتضح نقاط ضعفها
رغم أنه عندما يتضح نقاط ضعف الفكرة هذا يتيح المجال لتصويبها وتنميتها وليس لسقوطها
وإستمرار الفكرة مربتط بفهم الفرد ووعيه بها وجمودها وعدم وعي الفرد بها يجعلها تسقط

إن إقصاء العقل الناقد للإنسان وإقصاء قدرته على الوعي والفهم
وتدريبه فقط على الحفظ والترديد كالببغاء! يدمر عقل الإنسان ويجعل منه كائن متعصب لاوعي ولا إرادة ولا تعقل لديه..

فنجد -على سبيل المثال- في مراحل التعليم الأساسية يتم تدريب الطالب على الحفظ وإختبار قوة ذاكرته وقدرته على الحفظ
فمثلا في مادة "الرياضيات" يتم إلزام الطالب بحفظ القوانين الرياضية دون فهمها وفهم أسبابها وأصل هذه القوانين وكيف تم التوصل أي أن يتم فهم القوانين الرياضية ومن ثم تطبيقها لا حفظها!
وأن يتم فهم "جدول الضرب" بدلاً من إلزام الطالب بحفظه دون أن يفهمه! إذا فهمه لن يحتاج لحفظه..
أو أن يتم إلزام الطفل بحفظ "النصوص الدينية" دون فهمها!! ما فائدة التلقين والحفظ دون الفهم؟!

المجتمع ينشئ جيل يستطيع أن يحفظ ويردد لا أن يفهم وينقد ويناقش فقط يتلقى دون فهم او وعي!
فنجد التعصب مرض ينهش في جسد المجتمع ككل والفتن الطائفية والكراهية وعدم قبول الإختلاف اياً كان نوع هذا الإختلاف
فربما يكون الإختلاف في تشجيع فرق رياضية مختلفة!! ويمكن أن تحدث فتنة طائفية لهذا السبب..
النقاش والنقد والفهم يفتح المجال للإختلاف والتعايش مع الإختلاف وقبوله وإحترامه بل والإستفادة من الفكر المخالف..

أصبح الجميع لديه جمود فكري في كافة آرائه وتعصب وعدم قبول الإختلاف وباب النقاش في مدى صواب وخطأ الرأي هو باب مغلق وغير مسموح بفتحه وإلا أصبح النقاش "مشاجرة" حادة
فكل فرد يعتقد أنه على صواب في كل آرائه وأن الحقيقة معه والمختلفون لايملكون الحقيقة
ولو إفترضنا أنه على صواب وأن الحقيقة معه فلماذا هو متعصب بل عليه أن يفخر ويذكّر نفسه بأنه الوحيد الذي على صواب والأخرين مخطئون
لماذا يبدي تعصبه تجاه المختلفون بدلاً من أن يتفاخر بأنه على حق
لا أجد مبرر لذلك!

جمود الفكرة يقتلها ولا يحييها.. والجدال والنقاش حولها وسماع النقد وسماع الأفكار الأخرى يحيي الفكرة وينميها
ولكن تجميدها ووضعها في عزلة عن باقي الأفكار وعدم سماع أي أفكار وآراء أخرى يخلق التعصب والتعصب يخلق مشكلات لا جدوى منها
وكيف لإنسان أن يخلق إتجاه فكري دون أن يكون لديه خلفية عن غالبية الإتجاهات الفكرية الأخرى
لكي يخلق الأفضل ويتجنب الأخطاء التي وقع فيها السابقون..


الإتجاه الفكري أو العقائدي الجامد الغير قابل للتفكيك والفهم سقوطه هو نهاية منطقية
فالأفكار الجامدة هي أفكار "ميتة"..
والإنسان الذي لايعترف بالإختلاف ويقولب عقله بفكر جامد ولا يقبل النقاش ولايفكر ويفكك ويفهم الأفكار
هو إنسان صاحب عقل "ميت"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟