الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليسقط الله و ليحيا الإنسان

بسام البغدادي

2012 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تماماً كما تجتر بعض الجمال جيفتها من عمق جوفها حين تجوع فلاتجد ما تأكل, فتدفع بعصارة مافي داخلها كي تمضغهُ من جديد و تستمتع بطعم القيئ الذي يرافق أبتلاعها أياه من جديد. البرلمان الكويتي فاجئنا بقانون أعدام من يتعرض للذات الإلهية و أنبيائه (المقصود محمد فقط طبعاً) و زوجاتهِ أجمعين (حتى من هن دون العاشرة). بالطبع ليس ما فاجئنا في هذا القانون هي تلك الحصانة المُطلقة التي يتم أحاطتها بمعتقدات جزء معين من الشعب ضد معتقدات الآخرين. بل ما فاجئنا هو حجم تلك المظاهرات التي أجتاحت الشارع الكويتي تطالب بأسقاط هذا القانون العار والذي يعطي الحصانة لإنسان ميت وينزعها عن الاحياء. اليس هذا ما فاجئنا؟ يبدو أنني كنت أحلم, لا طبعاً... لم تخرج مظاهرات.. بل حد الإسلاميون أسنانهم ضد كل من يكتب ضد الله ورسوله في الانترنت حتى. بل حتى من يسمون أنفسهم ليبراليون صوتوا مع هذا القرار في مزايدة علنية على الله في سوق الدعارة البرلمانية. الذي يرفع يدهُ أعلى يحصل على رضا الله و المجتمع وربما المزيد من الاصوات التي تؤهلهُ ليجلس دورة قادمة في البرلمان كي يجتر قوانين أخرى من قلب أحد الكتب الصفراء التي قد يعثر عليها في أحد قبور الرسل و الانبياء وربما زوجات الصالحين؟

ماذا ينص قانون العار الذي نصهُ البرلمان الكويتي, أقرأ بعناية: أقتباس "يعاقب بالاعدام أو الحبس المؤبد كل من طعن علناً أو في مكان عام, أو في مكان يستطيع فيه سماعهُ أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح, أو الكتابة أو الرسم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في الذات الالهية أو طعن في الرسول أو في عرضه و عرض زوجاته." أنتهى الاقتباس. ماذا يعني هذا؟ بكل بساطة يعني, بأنك لو تجرئت بأي شكل من الاشكال وتعرضت بطريقة يعتقدها المُشرع أو القاضي الذي سيحاسبك بأنها إسائة لله أو للرسول أو لزوجاته (الاطفال منهن كذلك) فأنك تخاطر برأسك بكل بساطة. بعبارة أخرى, فأن هذا القانون يبيح للدولة الكويتية بكل بساطة القضاء على كل خصومها السياسيين أو الدينيين أو الايديولوجيين من خلال توجيه تهمة تافهة جداً مثل الاسائة لمُحمد أو ربهِ خلال أي نص أو حوار ثقافي أو ديني أو فكري ممكن أن تمارسهُ أي جمعية إنسانية أو ثقافية أو سياسية في الكويت. لاتكمن خطورة هكذا قانون فقط في أنها تكرس لدكتاتورية دينية من نوع إسلامي بحت, بل هكذا قانون والذي لاقى مع الاسف الشديد دعم مُنقطع النظير في الشارع الكويتي يؤسس لدكتاتورية طويلة الامد تحت جناح الفكر الديني المُتطرف و الذي يؤمن بكل وضوح بأن من السهل القضاء على الخصوم من خلال تشريع قوانين الأعدام الكيفية ضد كل من يهدد أسسهِ الدينية أو الفكرية أو السياسية, أو جميعهم معاً.

الإساءة للذات الإلهية مُصطلح تافه وفارغ المحتوى كلياً, من المُمكن ترجمتهُ كيفياً حسب مزاج و رؤية قاضي التحقيق ومدى أقتناعهِ بمثل هكذا وجود ضبابي مثل الله من عدمهِ. وبناء من هذا التشريع السخيف بأمكان القاضي الحكم بأعدام إنسان يمتلك حياة و تأريخ وعائلة وربما أطفال و أحلام و مُستقبل. يتم القضاء على مشروع إنسان كامل بناء على ما يؤمن بهِ القاضي و ما يعتقدهُ رجل البرلمان الذي رفع يده الغارقة بالدم ليصوت لقانون عار مثل هذا. ثم ماذا عن الإسائة للرسول؟ ليس فقط محمد بل زوجاتهِ كذلك؟ قريباً ربما سيتم أضافة فقرات جديدة تعاقب بأعدام كل من أساء لجاريات محمد و الصحابة أجمعين, بل وربما فقرات جديدة تعاقب بأعدام كل من يسئ للبرلمانيين أو ينتقد القوانين التحشيشية التي تصدر عنهم. إذا كان حياة الإنسان الكويتي رخيصة لهذا الحد فلماذا لاننتظر قوانين من نوع الإساءة للذات الإلهية و الذات الملكية و الذات البرلمانية و الذات الوزارية وهلم جراً من الذوات ذات الأنا المتورمة لدرجة أعتقادها بأن حياة البشر أرخص من ذواتهم بكثير.

الذات التي تعتقد بأنها فوق النقد هي ذات تافهة و ضعيفة لاتحتمل النقد. و الذات الإلهية بشكل خاص وكل توابعها من أنبياء و رسل و زوجات و جواري ليس أكثر من مادة دسمة للنقد و التمحيص و الدراسة في محاولة لتصحيح المسار الذي وقعت فيه ثقافتنا العرجاء وجعلتنا نعرج خارج الزمن و التأريخ. الذات الإلهية وكل متعلقاتها من كتب و بيوت و قبور ليست أكثر من فرصة إنسانية خلاقة للعثور عن سبب عاهاتنا و مشاكلنا الاجتماعية التي نعيشها في الشرق الاوسط منذ عصور بسبب تعلقنا بهذه القبور الفكرية المدعوة أديان.

نقد الذات الإلهية لن يتوقف, نقد الانبياء و الرسل و زوجاتهم (اللواتي تم أغتصابهن وهن أطفال أو اللواتي تم أغتصابهن بعد ذبح عشائرهن) لن يتوقف لانهُ لامقدس في عالمنا اليوم سوى الإنسان. يجب أن نكون واضحين ونقولها بأنهُ لن تقوم لنا حضارة بعد اليوم بل سنستمر نعيش كعاهات إنسانية مُتطفلين على حضارات الآخرين إذا لم نسمح لعقولنا أن تفكر خارج الصندوق وتنتقد الشخصيات العامة بكل مافيها من عيوب و أفكارها من مساوئ. لن يكون لنا موقع في التأريخ الإنساني كي ينقل عنا سوى عهرنا الديني إذا لم نضع للإنسان مكانتهُ التي يستحقها بغض النظر عن معتقده أو إيمانه أو أسم الإله الذي يؤمن بهِ. لهذا, فمن العيب.. من المخجل أن يتم تمرير مثل هكذا قانون عار على الشعب الكويتي أولاً ثم على البشرية ثانياً دون أن نرى المُظاهرات تملأ شوارع الكويت وعبارات ثائرة تملأ الجدران.. على سبيل المثال.. ليسقط الله وليحيا الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قوانيين البواسير البواهبية
عمر الكندري ( 2012 / 5 / 8 - 21:34 )
القانون العار تم تشريعه لضرب المسلمين الشيعة ليتماهى مع الحالة الطائفية في المنطقة .كل هذه القوانيين التافهة سوف تسقط في السنيين القادمة بفضل الثورة المعاوماتية التي سوف تلغي البرلمات والسلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية في عموم كوكب الارض .العالم مقبل على دستور كوني وحكومة عالمية .ومصير هذا التشريع ان يتحول الى مرهم مرطب للبواسير الوهابية التي تحك مؤخرة النائب وليد الطبطبائي الذي يعتبر اغبى برلماني في تأريخ كوكب الارض ..والمضحك ان هذا المعتوه الغبي هو رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب الكويتي


2 - عندما لا تستطيع ان تتقدم فتراجع ::
نيسان سمو الهوزي ( 2012 / 5 / 8 - 22:16 )
السيد بسام البغدادي المحترم : مشكلتنا ومشكلة المنطقة القريبة من بغداد واهلها عندما لا يستطيعون التقدم يتراجعون وهذه في الحقيقة هي المقالة التي ستنشر لي في الأيام القادمة ..لك تحياتي وتقديري .. الكاتب نيسان سمو


3 - خلق فوضى لا داعي لها
شاكر شكور ( 2012 / 5 / 9 - 00:56 )
الحقيقة هكذا قوانين خطيرة المتعلقة بمصيرالأنسان يجب ان تدرس بعناية فائقة من جميع الجوانب ويجب ارسال مسوداتها الى مختصين في علم الأجتماع والقانون والطب النفسي لأن في كل مجتمع هناك عداوات وبأمكان اي شخصين عديمي الضمير الشهادة امام الحاكم ان فلانا سبّ الرسول ويقطع عنقه بدون سبب ، كما ان هناك زوجات يتمنون التخلص من ازواجهم بأي طريقة فيمكن ان يستأجروا بلطكية لشهادة زور ، كذلك المسلم الوهابي يمكن ان يهدد انسان من دين آخر ويدعوه لأعتناق الأسلام او يتهمه بالكفر بالله وهو اصلا بنظره كافر ولا يؤنبه ضميره في شهادة زور ، ان البرلمان الكويتي اثبت تخلفه عن المنطق بشكل لا يصدقه العقل واعلن بقراره هذا بأنه هو المسؤل عن يوم الحساب وليس الله ، تحياتي للجميع


4 - الأستاذ بسام البغدادي المحترم
ليندا كبرييل ( 2012 / 5 / 9 - 05:03 )
تحية أيها البغدادي ، اكتبْ لهم أن لا ينسوا التأكد من رسوم السيد محمد وصحابته في الأرشيف الشيعي الموجود في البيوت الثقافية الإيرانية والعراقية من القرن الثالث عشر ، ، قبل أن يحرّموا علينا كلنا ومنهم نحن المسيحية أن نرسم إلهنا وقديسينا وهم لا علاقة لهم بمعتقدنا بل ويكفروه ، قبل أن يعمموا قراراهم المتهافت هذا ليدرسوا ما بيدهم ، وليرتبوا بيوتهم أحسن ترتيب ثم ليصدروا القرارات كما يشاؤون
أين ذهبت كويت أحمد البغدادي ؟
تحية لكل بغدادي صادق شريف
مع التقدير والاحترام


5 - البيت الضعيف دائما يسيجون حوله
حكيم العارف ( 2012 / 5 / 9 - 13:24 )
البيت القوى لايستطيع احد ان يتفوه عليه و العواصف لاتهدمه اما البيت الضعيف الهش فهو الذى يوضعون له قوانين صارمه و يحجبون عنه الرياح و اى شئ بسيط قد يهدمه


هذا هو الفرق بين الدين السليم و الدين الضعيف الذى لا اساس له.

هم يعتقدون انهم سيستطيعوا حماية الاسلام من الانهيار .. و لكنهم نسوا ان الله هو الحامى (لو كان لهم ايمان فعلا ان الله اكبر). اما هو كلام فى الهواء


6 - قبلك قالها نيتشه
عبد الله اغونان ( 2012 / 5 / 9 - 15:05 )
ليسقط الله او مات الله على حد الراحل نيتشه لكن الله تعالى حي لايموت وقد تاكد موت نيتشه في حالة جنون
دمقراطيا كل من اساء الى الذات الالهية او رسوله وزوجاته يكمن ان يعاقب طبقا للقانون اذ هذه عقيدة الامة هذا في واقعنا الراهن وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون


7 - قرار صائب
عمر هيثمي ( 2012 / 5 / 9 - 20:01 )
البرلمانيون الذين صوتوا لصالح القرار يمثلون الشعب الكويتي المتشبت بدينه و هويته الإسلامية... و لا يمكنه أن يبالي ببعض الآراء و الأفكار الشاذة الدخيلة التي لا تمثل إلا نفسها.
نفس القرار إذا تم تمريره في كل برلمانات الدول المسلمة سيتم التصويت لصالحه...


8 - هذا القانون يثبت ضعف الاههم
مروان سعيد ( 2012 / 5 / 9 - 20:34 )
تحية الاستاذ بسام ا لبغدادي
الحقيقة تجرح ولكتمها تسن القوانين والتشريعات الظالمة للمحافظة عليها وكما قال الاستاذ حكيم عارف من بيته على الرمال وضعيف دائم الخوف وحتى من النسمة ان توقعه لاان الاههم ضعيف وكتابهم لا يقدر مواجهة النقد سيسقط ان لم يحيطه بالقوانين الصارمة كحد الردة والعجيب بالامر ومن الاحاديث الصحيحة بان من يسب الرب يستتاب اما من يسب الرسول فلا توبة له يقتل اي هنا يخالفون السنة وكلام رسولهم وهل الرسول هو في منزلة اعظم من الله حتى يقتل من سب الرسول

اشكرك واشكر الحوار المتمدن


9 - فليبق الله وليخيا الانسان ايضا
ابراهيم المصرى ( 2012 / 5 / 10 - 02:19 )
عزيزى معك كل الحق ان تغضب من هذا القانون الغير طبيعى وارجو ان تتزكر ان الكويت الان بها مناداة لديمقراطية غير اللتى سمح بها النظام وايضا انقسام مابين شيعة وسنة لذا زج بالزوجات فى نص القانون وياسيدى لماذا تظن ان هناك تعارض بين الايمان باللهع وبين حياة رائعة للانسان يتحقق فيها؟فهذا التعارض اللذى ظننتة هو وليد افكار ودعوات الشيوخ المسلمين فليس محتم ان يحيا المؤمن منسحق او زليل فالله العادل الرحيم يريد انسانا قويا عزيزا غير منسحق واخيرا سيدى محمد لم يتزوج بصغيرات كما المحت مهما روج الموروث الاسلامى فهذا محض خيالهم ليؤسسوا للتمتع بالصغيرات فهم منحرفون ركبوا موجة الدين والفوا قصة زواج محمد بصغيرات حتى يعملوا مثلة وايضا محمد لم يقتل احد ليتزوج بارملتة فدعك من اوهام الموروث الاسلامى الاجرامى فرسول الله ليس كماصوروة فهو المؤكد لانسانية الانسان والمنادى لها دمتم بالعافية


10 - شكرايابغدادي الشجاع ليسقط الله وسدنته الشيوخ
حميد كركوكي ( 2012 / 5 / 10 - 09:43 )
ليسقط شيوخ الأمريكان في أي مكان وزمان من ضمنهم الحزب الجمهوري المهرّج للدين المسيحي الأبيض لتحميق الشعوب الأمريكية وثم دعمهم القبيح الوقيح لشياطين الأسلام في الجزيرة الحجازية المخرفة و وكلأء پمپ البانزينات الخليجية الفارسية العربية ، العبرية ، الهندية،،،!!!!الخ.... لولا الدعم الأمپريالي للخرافة الدينية لما كان شيوخ العرب خرافيون لهذا الحد، إنها سلوك رأسمالي لتحميق البشرية للأنتاج الرخيص لأركان الأسمالين من من العائلة الأنگلوساكسونية في لندن! و روبرت مرداخ و عوائل الطغمة الجمهورية الخبيثة بما فيهم عائلة بوش وچيني و نفوط تكساس البخساء وعائلة الخرافي -مت رامني” المنافس في إنتخابات أمريكا الرأسية المخادعة للجماهير الغارقة في التفاهة والتسليع الرخيص ! حتى هو “مت رامني-من دين ليس بمسيحي وإنما (دين المورمن الشوڤيني } هذه الديانة تبيح ذبح فرد أبيض إذا تزوج مرأة سوداء أو كما يقول نبيهم {جوزف سمث } إمرأة عبدة سوداءة!!!

اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran