الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غيّر معيشة المرء تتغير أخلاقه

حيدر محمد الوائلي

2012 / 5 / 11
المجتمع المدني



تكتسب الأخلاق كما هو معروف من المحيط الاجتماعي، فهي صنيعة المجتمع، وتختلف الأخلاق باختلاف المجتمعات.

الأخلاق مفهوم عام يتأثر بالتعصب والولاء والرغبة حيث ما تراه أخلاقاً حسنة لربما يراه من يخالفك في التعصب والولاء والرغبة (سياسية، دينية، طائفية...الخ) فيراها أخلاقاً سيئة، حتى وإن كانت في حقيقتها عند كلا الطرفين هي أخلاق حسنة.

قال شاعر: (والفضل ما شهدت به الأعداء)...!!
حيث لم يصدق الشاعر أن هنالك فضلاً أكبر مما يشهد به الأعداء، حيث تعتبر عند مجتمعاتنا تلك الإشادة فضلاً ما بعده فضل...!!
ذلك يعود لسبب كبير وخطير، بل كبير جداً وجداً أخطر وهو أن لا يوجد في مجتمعاتنا أخلاق احترام الاختلاف، وأن الاختلاف لا يفسد في الود قضية، بل هو يفسدها في أغلب الأحيان، بالرغم من أن من المفترض أن يكون الاختلاف مهما كان نوعه أن لا يعمم على تصرفات وطريقة تفكير وإدارة عجلة الحياة.
أخلاق موجودة نظرياً ولكن لا يعمل بها إلا القليل جداً...!!
مهما كن نوع الخلاف (سياسي-قومي-طائفي) يجب أن لا يكون مدعاة لجعله آلة حرب وتدمير شاملة لذلك السبب فحسب.
بل حتى أصبحت متابعة كرة القدم وتشجيع الفرق قاتلة ودموية وحاقدة في مجتمعاتنا...!!، فما ذنب العشرات ممن سقطوا على أرض ملعب (بورسعيد) في مصر سوى أنهم في مجتمع لا يحترم الآخر ولا يعطيه المجال حتى ولو كانت لعبة كرة القدم...!!
وحتى أصبح من يشجع ريال مدريد وبرشلونة مشجعاً متعصباً حاقداً مدريدياً كان أو كتالونياً، فتراه مشجعاً متعصباً حاقداً ملكياً أشد من أهل مدريد، أو مشجعاً متعصباً حاقداً كتالونياً أشد من أهل كتالونيا...!!
حتى أني راعيت أن أذكرهما بنفس العبارات (مشجعاً متعصباً حاقداً) لكي لا يحسبوني حاقداً على الريال أو البارسا...؟! بالرغم من أني أشجع ريال مدريد...!!

قيل أن من أهم أسباب علاج الأمراض والمشاكل هو الاعتراف بوجودها، والتحدث بها حتى يتسنى علاجها.
نحن مجتمع عربي تسوده الكراهية والقومية والطائفية بالرغم من أن غالبية شعوبه تتبع ديناً إسلامياً يمجد الأخلاق الحسنة ومكارمها وتمقت الكراهية والقومية والطائفية ولكن تلقى تلك الأخلاق خلف الظهر لمجرد خلاف طائفي مثلاً...!!
ما الفائدة من هذا الدين إذاً لو كان أصحابه ورجاله يتبعون خلافه ويعملون خلافه...؟!
السبب هو أنهم لا يعترفون أنني وأمثالي يتكلمون (صح)...!!
وأنهم بنظرتهم التي يؤمنون بها هم (الصح) دائماً، والأدهى أن كل من يخالفهم أما غبي أو حاقد أو غيرها من مسميات تسمعونها كل يوم.

أصبحت السياسة تعيش فينا وتسقونا سوق المطايا في توجهات وصراعات لا طائل للشعب بها لتتغير سوءاً أخلاقه أكثر.
نحن مجتمع أناني يهتم بالمصلحة الفردية أولاً وأخيراً وبعد استيفاء هذه المصلحة الفردية تأتي كتحصيل حاصل المصلحة العامة حتى بأدائنا لوظائفنا الرسمية لتي يتقاضى عليها الموظفين رواتباً، ولكن في محل عمله الخاص تراه يعمل بإخلاص...!!
حتى الطبيب في المستشفى العام الحكومي لا يهتم بك ولا يداريك إن راجعته للمستشفى، ولكن ما إن تراجعه على حسابك الخاص في عيادته الخاصة إلا وتراه إنسان آخر بفكر وأسلوب آخر...!!
وحتى أن الكثيرين من الناس هم نظيفين داخل بيوتهم ويرمون النفايات في سلة المهملات ولكن ما إن يخرجوا خارج المنزل حتى تراهم يرمون نفاياتهم في أي مكان، ويعد هذا في أوربا مثلاً جريمة بالرغم من عدم وجود دين سماوي يحرمها ولكن الشعب هناك لا يفعل ذلك، بينما عندما من كبار المحرمات الدينية الأضرار بالمصلحة العامة وإن احترام وتقديس حقوق الآخرين والنظافة فهي من الإيمان ولكن نخالف كل ما تقدم ذكره كل يوم...!!

لا نقدس الحقوق العامة كثيراً والقانون يأتي بالقوة والحزم فمن مأثورنا أن (من أمن العقوبة أساء الأدب)، وليس مثل ما حصل في ألمانيا حيث ذكر أحد الصحفيين أنه وبعد سقوط النظام النازي رأى طابور من الناس الألمان مصطفاً منتظراً كلاً بدوره حافلة الباص رغم أثار الدمار الهائلة حول الطابور فكتب الصحفي أن شعباً يفعل ذلك في مثل تلك الظروف هو شعب لا يموت، وفعلاً فهاهي المانيا اليوم من كبريات دول العالم بفضل شعبها.
وكذلك ما حصل عقب الكارثة النووية في اليابان في حوالي العام 2011 حيث رصدت كاميرا إحدى المدرسات تلقي درساً على طلابها في مجمع رياضي لإيواء العوائل حيث عملت غرفة صف من ورق الكارتون ولم تتخذ الكارثة حجة للتوقف عن الدراسة...!!
وتم تشكيل لجنة في اليابان لغرض إنقاذ وصيانة صور الذكريات في البيوت المنكوبة فحسب...!! طبعاً من يفعل تلك المثاليات عندنا يتهمونه بأنه مثالي...!!
أصبحت المثالية عيب فالواقع لا يسمح بذلك بالرغم من أن الحياة والدين قائم على المثالية وجميع المبدعين ومن نقدسهم ونحترمهم من علماء ومصلحين لولا مثاليتهم لما صاروا جديرين بالاحترام.

أين هذا من طريقة تفكيرنا...؟!
ولماذا صرنا كذلك...؟!
والسبب في ذلك هو عنوان المقالة نفسها...!!
(غيّر معيشة المرء تتغير أخلاقه)...!!
فمتى ما تغيرت وتحسنت معيشة المرء فتكون المحصلة أن تتغير أخلاقه للأحسن والعكس بالعكس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية