الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى الأمة المصرية

عباس موسى الكعبي

2012 / 5 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



تحية للشعب المصري البطل في نضاله من اجل نيل الحرية والعيش بكرامة.
انا عراقي واتشرف بان اضع امام الاخوة المصريين التجربة الانتقالية التي شهدها بلدنا العراق مؤخرا بعد زوال نظام البعث..
كان ذلك بعد عام 2003، حين سقط نظام صدام حسين وظهور احزاب عراقية كانت مقموعة ومطاردة ولطالما كنا ننظر اليها على انها الامل في استعادة الحريات التي خسرناها ايام حكم حزب البعث.
ففي عام 2005، جرت اول انتخابات في تاريخ العراق، نستطيع ان ندعي انها كانت حرة نسبيا آنذاك، بعد الاستفتاء على الدستور الجديد.. كنا كعراقيين متلهفين للذهاب الى تلك الانتخابات في سبيل انتخاب اعضاء البرلمان الجديد.. ذهبنا وانتخبنا اول برلمان، وياليتنا لم نذهب ولم نشارك، لان تلك الانتخابات شابها الكثير من الخروقات حيث تدخلت الاحزاب الاسلامية بقوة في تغيير وجهتها عن طريق التزوير والتدليس وخداع البسطاء بسبب الخطاب الديماغوجي وتوظيف الله ورسوله واهل بيته في كل خطوة وكل مرحلة عن طريق ماكنتهم الدعائية والاعلامية الفتاكة.. لقد كانت خطواتهم محسوبة تماما ونفذت بكل حرفية كون الاحزاب الدينية ولدت وعاشت دون برامج سياسية او اقتصادية او اجتماعية واضحة، فالتجأت الى التضليل واحترفت الخداع والكذب في جميع خطاباتها وطيلة فترة وجودها فكانت النتيجة لصالحها..
وكوننا نحب الله ورسوله، ذهبنا الى تلك الانتخابات وانتخبنا برلمان كانت اغلبيته من الشخصيات الدينية، وقلنا الحمد لله، الآن رضى الله ورسوله عنا، فسيكون بلدنا بمثابة دولة العدل الالهي لاول مرة في تاريخ ارض بلاد الرافدين وسنعيد دولة الخلافة بعدالتها ونزاهتها وحفاظها على مال المسلمين ورعايتها لعباد الله...
والنتيجة، فبعد ان شهد البلد معارك طائفية طاحنة بسبب الخطاب الطائفي الظلامي المعلن والمخفي، حصل العراق في ظل حكم الاسلامويين على مركز متقدم، لا في الصحة والتعليم وخفض مستوى البطالة وغيرها، بل حصل على المركز الثاني في الفساد حسب مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية..!! كنا نظنهم زهادا غير طامعين بالدنيا وما فيها وجل ما يسعون اليه هو مرضاة الله ورسوله..!! فكان ذلك اول اشارة الى فساد من انتخبناهم، وذهب بسبب تلك الانتخابات عدد من مواطني البلد ممن ضحى بنفسه وعائلته لبناء دولة العدل الالهي المفترضة.. وازداد معدل البطالة وارتفعت نسبة الوفيات وتدهور التعليم وحل بدله الجهل والخرافة وانتشرت الامية والامية الفكرية حتى بين المتعلمين ومنعت مظاهر الفرح وحلت بدلها مظاهر الحزن والكآبة، فقد تم منع المهرجانات الغنائية ومهرجانات السرك العالمية وغيرها من مهرجانات الفرح، واقتصرت على مهرجانات الشعر والمدائح والاناشيد والطقوس الدينية السوداوية..
وجاءت الانتخابات الثانية عام 2010، وارتكبنا ايضا ذات الخطيئة، فالماكنة الاعلامية الاسلاموية ضخمة ومتفوقة وتعلمت من اخطاءها السابقة، لكننا تلك اللحظة مازلنا ضحايا لها، ويالنا من مغفلين لم نتعظ ولم نتعلم الدروس.. فلم يتغير شيء.. فالشعب، تعلم من هؤلاء كيف يكون جاهلا اميا متعصبا كارها متطرفا والكارثة كيف يكون مؤدلجلا. فاستطاع الاسلامويون توظيف عملية اللعب على الوتر الطائفي بشكل ذكي وخبيث الى جانب التزوير الواضح وخصوصا في المناطق البعيدة عن مراكز المحافظات، بحيث تمكنوا مرة اخرى من الصعود الى البرلمان وتشكيل حكومة مركزية مخيبة للآمال وحكومات محلية هزيلة ذات خطاب متهرئ تفتقد الى أية برامج سياسية واقتصادية وثقافية معينة، وتمكنوا من الاتيان بكائنات خرافية ووضعهم على رأس المناصب السيادية وغير السيادية.. فابتعد العراق عن محيطه العربي والاقليمي والدولي وازداد التدخل الخارجي في شؤون البلاد والعباد، فتحول العراق الى ساحة للمصالح الدولية المتصارعة.. فاستغلت ايران والسعودية وغيرها من الدول المتأدلجة تلك الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فعملت على تمزيق البلد الجريح بعد ان اكتفت الولايات المتحدة الامريكية بدور المتفرج..
وفي ظل تلك الحكومة الهزيلة والقائمة على توافقات سياسية ما انزال الله بها من سلطان، عمت الفوضى مرة اخرى لتلتهم الاخضر واليابس وليتقاتل الجار مع جاره ويحارب الاخ اخاه .. فشهدت البلاد ارتفاع كبير في نسبة العائلات المهجرة والنازحة داخل البلد وخارجه.. وانخفضت اواصر التماسك داخل المجتمع الواحد، بل باتت غير مرئية للقاصي والداني.. وكان اول ضحايا تلك الخطيئة الحريات العامة بما فيها حرية التعبير والحصول على المعلومة وارتفعت نسبة البطالة الى مديات كبيرة وزاد معدل الحرمان واصبح الحصول على سكن ملائم نوع من الرفاهية او احلام يقضة يتسلى بها الفقراء.. وتفشى الفساد بشكل رهيب دون السعي الجدي للحد منه، علما ان الاسلامويين كانوا على رأس الملفات التي تدينهم بالفساد.. فقد سرقوا نفط العراق وآثاره وكنوزه، بل وحتى اموال الارامل والايتام.. وسرقوا ما تعاقدوا عليه مع شعبهم كاحترام الحريات العامة وغيرها.. وقمعوا المظاهرات المطالبة بالحقوق المدنية والعيش الكريم بكل قسوة ودون اية رحمة.. واحتل البلد ذات المركز المتقدم في مؤشر الفساد حسب منظمة الشفافية الدولية وباتت العاصمة بغداد اقذر عاصمة في العالم حسب تقارير عالمية فالنفايات في كل مكان.. لكن، الادهى مازال بعضنا يدعوا لهؤلاء السياسيين ليل نهار بالنصر وهزيمة اعدائهم من اليهود والنصارى وقبل ذلك هزيمة الليبراليين والعلمانيين والماركسيين.. فلتحيا دولة العدل والعدالة!!..
اخوتي في مصر لا ترتكبوا ذات الخطيئة التي وقعنا ضحية لها ومازلنا ندفع الثمن من امننا واستقرارنا وعيشنا وكرامتنا وحرياتنا.. ولا تنخدعوا بالشعارات البراقة والخطابات المنمقة التي يجيدها الاسلامويون باحتراف .. فالاسلامويون دهاة واذكياء ويعرفون كيف يضحكون على عقولكم ويستغلون عواطفكم.. فحذاري ايها الشعب المصري العظيم ان تدعوا روح الفرح والفكاهة تذهب عن شفاهكم وتستبدلوها بالكآبة والحسرة والحزن.. ياشباب مصر، انتم امل الامة المصرية والعربية في التحرر ونيل الحريات العامة والتمتع بها، فالحرية هبة الله لعباده وليست منة من احد.. املنا فيكم كبير وبشعبكم اكبر.. لا تدعوا الاسلامويين يسلبون حرياتكم وكرامتكم.. فالاوان لم يفت بعد والانتخابات على الابواب.. انها دعوة مخلصة من شاب عراقي دفع ثمن سذاجته وحماقته ومازال يئن ويعاني ويحلم منذ سنوات بشمس لعلها تشرق من جديد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسأل مجرب ولا تسال طبيب
فهد لعنزي السعودية ( 2012 / 5 / 12 - 05:52 )
ايها الشعب المصري الابي اتمنى ان تاخذوا هذه الرسالة ماخذ الجد وان تبتعدوا عن العواطف في اتخاذ الاختيارات لالا ترتكبوا اخطاء كما اتخذها العراقيون في انتخابهم الاسلاميين ولتعلموا جيدا ايها الاخوة فاذا كان النظام السابق سرق اموالكم باسم العلمانية فان الاسلاميين سيسرقون اموالكم باسم الله والرسول وهذا يعني اي انتقاذ لهم هو انتقاد لله ولرسوله وسيعزى كل التقصير في اداء الواجبات الى القدر خيره وشره وهذا يعني -Shut-up Close your mouth-.رحم الله امرا اتعط بغيره.
انتخبوا من تتحرون الخير فيه من العلمانيين ولا تغركم شعارات الاسلاميين فهي سراب يحسبه الظمآن ماء ولكم في تونس وليبيا وما يجري في سوريا عبرة لمن اعتبر.
عاشت مصر وعاش شعبها الابي.
هذه امنية مظلوم في ارض الارهاب المقنن باسم الله (السعودية)

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah