الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدبر معنى الإخلاص في القرآن الكريم

رضا عبد الرحمن على

2012 / 5 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد خَلًقَ الله جل وعلا الجن والإنس لعبادته وحده بلا شريك ، وتكفل برزقهم ، وهو غني عنهم وعن عبادتهم ، وليس محتاجا إليهم لرزقه أو إطعامه ، يقول تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)الذاريات: 56 : 58 ، لأن الله هو الرزاق وهو القوي ، لكن الإنسان هو الضعيف الفقير إلى الله والمحتاج إليه لكي يعيش ويبقى حيا في هذه الدنيا ، كما يحتاج نفس الإنسان إلى عبادته الخالصة لله جل وعلا وعمله الصالح ، فمن آمن فلنسفه ومن كفر فعليها ومن يعمل صالحا فلنفسه ومن يسيء فعليها أيضا فهذه الأمور واضحة جلية في القرآن ، يؤكد أن على كل إنسان أن يعبد الله وحده وأن يعمل الصالحات ويبتعـد عن الكبائر لكي ينجو بنفسه يوم الحساب ويكون صالحا لدخول الجنة ، وسنوضح هذا تفصيلا.
لكن علماء الحديث لهم وجهة نظر أخرى ومنهج آخر يمنح أي إنسان يعيش معظم حياته على حافة الهاوية يرتكب المعاصي والكبائر والسيئات يظلم ويسرق أو يشرك ، وبعد كل هذا فأمامه أبواب الجنة مفتوحة على مصراعيها ، وحتى لو كُتِبَ له دخول النار سيكون هذا الدخول مؤقتا حسب زعمهم ، وكتبوا في هذا أحاديثا كثيرة نذكر بعضها ونتلوها بالتعليق عليها ، ثم الرد من خلال آيات القرآن الكريم.

أولا: الأحـاديـث
الحديث الأول
صحيح البخاري - كِتَاب الْإِيمَانِ - بَاب تَفَاضُلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فِي الْأَعْمَالِ

22ــ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدْ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَا أَوْ الْحَيَاةِ شَكَّ مَالِكٌ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً )قَالَ وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرٌو الْحَيَاةِ وَقَالَ خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ
الحديث الثاني
154 وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة . رواه أبو داود ( 3116 ) .
الحديث الثالث
147 الحديث الثاني والسبعون عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ، ونعله حسنا ؟ فقال : ( إن الله جميل يحب الجمال . الكبر : بطر الحق ، وغمط الناس ). رواه مسلم .
الحديث الرابع
باب الذكر والدعاء - ما يقول من حَضَـرَهُ الموت
153 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم لا إله إلا الله . رواه مسلم ( 916 ) .
قوله : موتاكم ، أي : من حضره الموت منكم .
الحديث الخامس
155 - وعن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأصغت إليه قبل أن يموت وهو مسند إلي ظهره يقول : اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى . رواه البخاري ( 4440 ) ، ومسلم ( 2444 )

ثانيا :ــ الـتـعــــلــــيـق:ــ
1ــ من وجهة نظري أعتبر أن الأحاديث الثلاثة الأولى متناقضة مع بعضها لأنها تمنح دخول الجنة لأي إنسان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، أو من كان آخر كلامه (لا إله إلا الله) ، كما تَـحـْرِمُ أي إنسان من الجنة إذا مات و في قلبه مثقال حبة من خردل من كِـبْـر ، وقبل أي شيء ليس من حق أي إنسان أن يتدخل ويتحدث ويتقول على الله في هذه الأمور الغيبية التي لا يحكم فيها إلا الله ، حتى لو كان المتحدث نبيا لأن الله جل وعلا قال لخاتم النبيين عليهم السلام (وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ )الرعد:40 ، وأعتقد أن أي إنسان في قلبه مثقال ذرة من كبر قد يكون في قلبه أيضا مثقال ذرة من إيمان بل قد يوجد إنسان قد خلط عملا صالحا بعمل سيء ، كما يوجد إنسان يؤمن بأن الله هو الخالق والرازق الذي خلق السموات والأرض وسخرهما ، وهو الذي يبسط الرزق وهو الذي ينزل الماء من السماء ليحيي به الأرض الميتة لكن رغم ذلك يكفر ويشرك ويكذب بآيات الله (العنكبوت 61 : 64) ، وقد وصف القرآن الكريم نوعية من المشركين الذين يؤمنون بالله إيمانا غير كامل أو غير نقي او غير طاهر يقول تعالى(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ)يوسف:106.
2 ــ ونفس الأمر يتكرر فالحديث الرابع رقم(153) يتناقض مع الحديث الخامس رقم(155) رغم أنهما في نفس الصفحة ، الحديث الرابع يدعو إلى تلقين الموتى عند الاحتضار(لا إله إلا الله) بدعوى من كان آخر كلامه (لا إله إلا الله دخل الجنة) ، وفي الحديث الخامس يثبت على لسان عائشة أنها سمعت النبي وأصغـت إليه وقت الاحتضار أنه يقول (اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى) يعني يدّعون أن الرسول عليه السلام يأمر الناس بقول (لا إله إلا الله) عند الاحتضار ، ثم يخالفهم ويقول (اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى).

ثـالـثــا:ــ الرد على هذه الأحاديث من خلال القرآن الكريم

إن إخلاص ــ (طهارة ونقاء) ــ العقيدة والعبادة لله جل وعلا قضية مصيرية وأساسية تحدد موقف كل إنسان يوم القيامة في دخول الجنة أو النار ، ولقد كان الأنبياء أنفسهم مُخْـلِصين في عقائدهم وعبادتهم لله جل وعلا وكانوا يَدْعُـون أقوامهم لعبادة الله مُخْـلِصين له الدين ، وقد وصف القرآن الكريم الأنبياء بالمُخـْلَـصين (بفتح اللام) وهذه درجة من السمو الأخلاقي والنقاء من الشرور يصل إليها كل إنسان يكون من المخـْلِـصين (بكسر اللام) في العقيدة يقول تعالى عن يوسف(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)يوسف:24 ، و عن موسى(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً)مريم:51 ، وعن خاتم النبيين ووصفه بأنه كان يعبد الله مُخـْلِـصا له في العقيدة يقول تعالى (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)الزمر 11: 15 ، هل يمكن أن نصدق أن خاتم النبيين كان يعبد الله جل وعلا مُخْـلِـصا له الدين ويُقـر بأنه مأمور أن يعبد الله مُخْـلِـصا له الدين ، وأنه يخاف الوقوع في العصيان ، ثم يقول للناس من مات وفي قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان سيدخل الجنة.؟. من يصدق هذا فهو حر لكن عليه تحمل مسئولية اختياره يوم القيامة.!!
وتكرر في القرآن أمر الله أن ندعوه مخلصين دون الاستعانة بأحد لأنه الخالق الرازق القادر على كل شيء وكذلك كان يفعل خاتم النبيين لما جاءه الوحي القرآني (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِي الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)غافر: 64 : 66 ، لأن بعض الناس يتخذون أولياء من البشر أو الحجر بحجة أنهم يقربونهم إلى الله أو يظنون أنهم وسيلة للتقرب إلى الله يقول تعالى عنهم(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)الزمر: 2 ، 3
ولأن الإنسان مخلوق وبداخله الخير والشر والإيمان والكفر فمهما كفر ومهما ظلم فمن الممكن في لحظة ما يدعو الله مُخْـلِـصا لكي ينجو من محنة أو موقف ضعف وحاجة ، وتكرر هذا كثيرا في قصص القرآن عن السابقين يقول تعالى(هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ)يونس:22 ، وتكرر هذا في قوله تعالى(فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)العنكبوت 65 :66 ، إذن هؤلاء الناس في وقت من أوقات حياتهم دعوا الله مُخْـلِـصين له الدين لكي ينجيهم ، لكنهم بعد أن نجوا عادوا للكفر ، وأعتقد أن التعبير القرآني (دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) حين تقييمه ووزنه سنجده أكثر بكثير من (مثقال حبة من خردل من إيمان) ، وهي كافية لإدخال هؤلاء الكفار الجنة حسب رواة الأحاديث ، لكن ربنا جل وعلا قال (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
وتكرر في آية أكثر وضوحا (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)لقمان:32.
ورغم أن هؤلاء الناس كانوا كفارا ويُكَـذّبون بآيات الله إلا أنهم حين دعـوا الله مُخْـلِـصين له الدين استجاب لهم وأنجاهم من محنتهم ، ولذلك فجميع الأنبياء كانوا يدعون أقوامهم إلى عبادة الله مُخْـلِـصين له الدين يقول تعالى(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)الأعراف:29
وفي حديث القرآن عن المنافقين يقول تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) ، ولكن الاستثناء الوحيد منهم هو أن يتوب الإنسان ويعبد الله مُخـْلِـصَا له الدين ويعمل صالحا فإن الله جل وعلا يجعله مع المؤمنين (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)النساء:145 ، 146 ، إذن لكي يتحول الإنسان من الكفر و النفاق و الشرك إلى الإيمان والنقاء القلبي فهناك خطوات أولها التوبة ، والتوبة لها شروط بأن تكون في وقت مناسب ومُبَـكّـر يسمح للإنسان أن يعمل الصالحات لكي يُكَـفّـر عن سيئاته وأن يعبد الله مخلصا له الدين ، وكل هذا في الدنيا ، أما لو مات الإنسان دون توبة مقبولة فمصيره إلى الله وهو يحكم لا معقب لحكمه.
من عظمة الإيمان بالله جل وعلا وحده بلا شريك وإخلاص الدين لله أن الذين يعبدون الله مُـخْـلِـصين له الدين لا يستطيع الشيطان ــ الذي توعد الناس جميعا ــ أن يُضِلّهم عن عبادة الله وعن ذكر الله أو يـُزَيّـنَ لهم في الأرض يقول تعالى(قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ)الحجر : 36 : 43 ، وتكرر نفس الموضوع في قوله تعالى((قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)ص: 80 : 84

ومن وجهة نظري الشخصية أدعى أنه من أهم الصفات التي يكتسبها الإنسان المُـخْـلِص ــ (بكسر اللام) ــ في دينه وعبادته وعقيدته لله الواحد القهار أن الله جل وعلا يجعله من المُـخْـلَـصِين ــ (بفتح اللام) ــ وهذه الصفة (المُـخْـلَـص و المُـخْـلَـصِين) تُعَـبّـر عن السمو الخُـلقي ونقاء النفس من الشرور والأحقاد والترفع عن الوقوع في الفاحشة ، ويؤكد هذا القرآن الكريم في وصف بعض الأنبياء كما وصف يوسف عليه السلام حين راودته امرأة العزيز في قوله تعالى(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)يوسف:24 ، وتكرر نفس المعنى في وصف موسى عليه السلام وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً)مريم:51 ، ومن البديهي أن الأنبياء جميعا أخلصوا دينهم لله جل وعلا وعبدوه وحده بلا شريك ولذلك كانوا قدوة في أفعالهم وسلوكياتهم حتى وصفهم ربنا جل وعلا بأنهم من المُـخْـلَـصِين أي الأنقياء من الشرور والأحقاد والضغائن البشرية ، وأظن وقد أكون على صواب أن هذا النقاء الخُـلقي من الشرور والأحقاد والترفع عنها يرتبط ارتباطا وثيقا بإخلاص العقيدة لله جل وعلا أو النقاء القلبي في العقيدة ، وهذا معناه أن مفتاح الهداية الحقيقي هو عبادة الله بلا شريك بإخلاص ، ولذلك يقول ربنا جل وعلا (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً)النساء:41 ، وأعتقد أيضا أن هذا يرتبط ارتباطا وثيقا بالإخلاص في الصلاة أو (إقامة الصلاة) ويتضح هذا في سورة العنكبوت في سياق الآيات التي تشبه الذين يشركون بالله بضعف وهشاشة عقيدتهم (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون) وتلتها آيات تؤكد علم الله بشركهم وأن الله جل وعلا هو خالق السموات والأرض بالحق وأن هذه آيات لا يعـقلها إلا العالمون المؤمنون ، ثم آية عظيمة فيها توجيه لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام ولنا من بعده تأمرنا بتلاوة القرآن الذي أوحاه الله لرسوله الكريم وإقامة الصلاة ، وهي دعوة صريحة تربط بين قراءة القرآن وإقامة الصلاة لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء يقول تعالى (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)العنكبوت:41 ، 45
وفي المقابل إن كل إنسان مات مؤمنا بالله جل وعلا وحده بلا شريك مُـخًـلِصا في عقيدته وعبادته واكتسب صفات المُـخْـلَـصين الأنقياء فإنه يوم القيامة من الفائزين ويستحق جميع النعم والطيبات من الرزق والزينة التي خلقها الله في الدنيا ، يقول تعالى(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)الأعراف:32 لكن الفارق الوحيد هنا أن كل هذه الزينة والطيبات من الرزق ستكون خالصة أي حلال نقية أكثر مما كانت في الدنيا ، لأنه حسب فهمي أن خلق البشر في الجنة سيكون مختلفا عن خلقهم في الدنيا وبالتالي فالطعام والشراب لابد ان يكون مختلفا وأظن أن معنى خالصة أي ليس فيها مُحَـرّم ونقية ، وبعد أكلها لا يحتاج الإنسان إلى عملية الإخراج.

كلمة أخيرة::
باختصار شديد أن الإنسان الذي عمله سيكون سببا في دخوله النار لا يصلح أبدا لدخول الجنة حتى لو دخل النار فترة مؤقتة كما يدّعُـون ، والسبب في هذا أن دخول الجنة حسب وجهة نظري ، وكما فهمت من آيات القرآن الكريم يرتبط بثلاث خطوات : الأولى : إخلاص العقيدة لله جل وعلا ، الثانية: تحول الإنسان المُـخْلِص في العقيدة والعبادة إلى إنسان مُـخْـلَـص نقي في سلوكياته في الحياة ، وهذا هو الإنسان الصالح لدخول الجنة لأن الخطوة الثالثة : أن هذا الإنسان ينتظره في الجنة كل ما كان يتمناه أو يشتهيه في الدنيا من نعم وزينة لكنها نعم وطيبات خالصة أيضا لتتناسب مع طبيعته كمخلوق عاش ومات مُـخْـلِـصَا و مُـخْـلَـصَا. والله أعلم

هذه وجهة نظري التي تقبل الخطأ قبل الصواب ولا أفرضها على أحد.


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرض خطير يستشري بين الجميع
شامل عبدالله ( 2012 / 5 / 12 - 12:31 )
الانسان المتناقض شخصية مهزوزه ضعيفه...تحاول فك القيود....والخروج عن النص..

واثبات الذات...وارتكاب الحماقات والتي ربما تُرى بعينيه هي الإنتصارات

هذا التناقض والإزدواجية وعدم الوضوح الذي نمارسه في المقالات بالشبكة العنكبوتية..!!
هل هو ضرورة ملحة فرضها علينا المجتمع ...فأصبحنا لانستطيع العيش إلابهذا التناقض ؟؟
ام انه مرض خطير يستشري بين الجميع يتوجب علينا ..بتره ومعالجته ..!!

عندما يشعر الكاتب ان لارقيب ومترصد لتصرفاته !
كالذي يسافر خارج الوطن ومن ثم يبدأ بممارسة كل ماتهواه نفسه المكبوتة ..!!

إلا أنك لا تستطيع أن تجزم بأن الكل يعاني من إزدواجية إذا أنه هناك بعض الأناس الواضحين الذين لا يحتاجون إلى هذا التناقض... و أشكرك مجددا على الموضوع ..


2 - شيطان كاذب
.مريم رمضان ( 2012 / 5 / 12 - 23:01 )

ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدْ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَا أَو


بما أن مؤلف القرآن متناقض وسارق كيف تتوقع كتاباته


إفهموا يا مسلمين إن محمد سارق من الكتب المسيحيه ويضعها على هواه.إن آية حبة الخردل قد سرقها من الإنجيل التي تقول لو عندكم إيمان بحجم حبة الحنطه أي الخردل فتقولون للجبل إنقل فينتقل.
هذا ما يدل على أن مؤلف القرآن ليس من عند الله بل شيطان كاذب


3 - الأستاذ / شامل عبد الله
رضا عبد الرحمن على ( 2012 / 5 / 13 - 16:15 )
الإنسان بطبيعة خلقه يحمل في داخله الخير والشر ولكن هو مسئول عنه اختياره الذي يختار في حياته في فترة الاختبار الدنيوى وهذا الاختيار يكون بإرادة كل إنسان فكل نفس بما كسبت رهينة وكل إنسان مسئول عن أفعاله وأقواله أمام الله جل وعلا في الآخرة
والقرآن الكريم تحدث عن أن معظم الناس لو اتبعناهم سيكنون سببا في الضلال وتم تحذير خاتم النبيين من هذا فقال له ربنا جل وعلا (وان تطع أكثر من في الارض يضلوك) لأن معظم الناس يريدون التحرر من الدين والقيود والالتزام ويحبون السير وراء أهوائهم ونزواتهم الداخلية
ومسألة الازدواجية من وجهة نظري سببها الأساسي هو التدين السطحي المبني علىى الاهتمام بالشكل الخارجي للإنسان ملامحه وملابسه مث التدين السني الوهابي الذي يهتم بالملابس واللحية أكثر من الاهتمام بالأخلاق والسلوكيات والأعمال على أرض الواقع فعندهم من له لحية ومن تلبس نقابا يكون قد قطع شوطا كبيرا في درجات الايمان وهذا لا علاقة له بالدين الإسلامي لأن الإسسلام في جوهره يدعو لأمرين الإيمان بالله جل وعلا وحده لا شريك له أو إخلاص العقيدة والدين لله وحده والعمل الصالح لالذي لا يضر الناس ولا يضر المجتمع
أشكرك


4 - يا أستاذة مريم تمهلي
رضا عبد الرحمن على ( 2012 / 5 / 13 - 16:22 )
الأستاذة مريم
لماذا تتحدثين بهذه الثقة أن محمد عليه السلام هو مؤلف القرآن الكريم .؟
الرسول عليه السلام مبلغ للقرآن وليس مؤلفا له
والحديث الذي تقولينه ليس قرآنا ولكنه حديث مزعوم تم تلقيه للرسول عليه السلام وهو منه بريء ، واتفق معك أن رواة الأحاديث خططوا لتشويه الاسلام بتلفيق هذه الأحاديث وإلصاقها بالرسول والاسلام لأنهم لن يستطيعوا تحريف القرآن كما حدث مع الكتب الأخرى لذلك كان خطتهم الطعن في القرآن بأحدايث يتم تأليفها وينسبونها لله وللرسول لكي يختلط الأمر على معظم المسلمين ويتيهون بين هذا وذاك
لك كل الحق والحرية فيما تعتدقين لكن لابد أن أبين لك الحقيقة من وجهة نظري لم محمدا عليه السلام سارقا ولكنه كان على خلق عظيم كما وصفه رب العالمين ولم يكن من حقه تأليف دين أو تأليف آية واحدة لأنه رسول مبلغ ومنذر لقومه فقط وليس من العدل والإنصاف أن نحاسب الرسول على أخطاء من جاؤوا بعده وعلى جراءمك ارتكبها رواة الحديث في حقه ونسبوها إليه هل من العقل والمنطق والعدل أن اتهمك بالتزوير بعد وفاتك وأنسب لك مالم تقولينه .؟
لا يجب تصديق ما جاء في كتب التراث على أنه صحيح الاسلام فهذا ظلم لله والرسول وللإسلام


5 - وشهد شاهد من اهلهم
سركون البابلي ( 2012 / 5 / 13 - 19:57 )
هذا رجل دين مسلم يقول بان القران ليس من الله واكبر
http://www.youtube.com/watch?v=wKBMHcyYM3Y&feature=related


6 - أكرر ليس من حق أي مسلم أن يتحدث باسم الاسلام
رضا عبد الرحمن على ( 2012 / 5 / 13 - 20:11 )
الأخوة الأعزاء جميعا
وخصوصا الخ سركون البابلي
كل غنسان حر وكل إنسان يقول ما يشاء وكل غنسان يعتنق ويعتقد فيما يشاء فهذه هي الحرية التي خلقنا الله جل وعلا ومنحانا إياها وليس من حق أي مخولق ان يتدخل في حرية العقيدة الخاصة بالآخرين وكما يقولون تنتهى حريتي عند حدود حرية الآخرين
واكرر لا يوجد مخلوق بشرلى يمثل الدين الإسلامي وليس من حخق أي فرد أو جماعة الادعاء بأنهم المتحدثون باسم الاسلام ويجب التفريق بين الإسلام والفكر الإسلامي كما يجب التفريق بين الإسلام وبين تدين المسلمين ولا يجب تحميل الإسلام أخطاء وأوزار المسلمين فهذا أشد ظلما للإسلام ولرب الإسلام
الشيخ يقول ما يقول فهو حر فهو يمثل نفسه وأنا أمثل نفسي وما أقوله وما اكتبه وما يقوله وما يكتبه غيري هو وجهة نظر ورأي واجتهاد بشرى نتحمل جميعنا مسئوليته امام الله جل وعلا ولا يجوز لأي منا ان يعتبر رأيه دينا يفرضه على الناس وإلا لاخترع كل واحد دين على هواه وعلى مزاجه
كلنا بشر نخطيء ونصيب ولذلك نتحمل نتائج ما نقوله ولا ننسب ما نقول لرب العالمين

ولا يوجد دين سماوى أساء إليه أصحابه أكثر من دين الاسلام

شكر لكم


7 - ربماكنت على حق ولاكن
شامل عبدالله شامل ( 2012 / 5 / 26 - 23:34 )
ليسو كلهم كذلك ولاكن نسئل الله الهداية للجميع
تقبل تحية وسلام


8 - سركون البابلي
شامل عبدالله شامل ( 2012 / 5 / 26 - 23:55 )
هذا شخص مارق زنديق وليس بعيد ان تكون مثله
وهذا الشخص لايمثل المسلمين ولايمثل الاسلام
هداك الله اقراء عن الاسلام من الثقة ولاتتبع كل ماقيل
اقراء انت القرآن مع نفسك عدة مرات واستنتج من عقلك الخالص
وهذا لايحتاج لأي مسلم ان يفهمك فقط اعتمد على نفسك
وسترى النتيجة وانا في خدمتك لأي استفسار هداك الله
http://www.sbeelalislam.net/vb/index.php
تجدني هنا الحاكم بأمرالله

اخر الافلام

.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع


.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية




.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا


.. 161-Al-Baqarah




.. 162--Al-Baqarah