الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السّاسَة المُتديّنُون

فرياد إبراهيم

2012 / 5 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السّاسَة المُتديّنُون
بقلم : فرياد إبراهيم
هناك علاقة جدلية بين الساسة-القادة والرؤساء ورجال الدين على مر العصور . فرجال الدين جلهم يتخذون من الدين سلما الى الدنيا . ومن هنا ينشأ التلاقي في المصالح بين الطرفين : الصديقين اللدودين في الأزمات والعدوين الحميمين في السلم والرخاء.
لذلك نراهم يتعاونون في ما بينهم في استغلال الشعوب وخاصة في اوقات الحرب والازمات. وذلك بما للدين من دور وتاثير في رفع المعنويات والتحلي بالصبر والجلد والتخدير بالوعود والأماني الكاذبة
في الثواب والجنة والسعادة الأبدية ما بعد الممات وما شاكل ذلك من خرافات وخزعبلات لا تغني ولا تسمن من جوع ليس الغرض منها سوى دفع الشباب المغرر بهم إلى موت أحمر الذي يسمونه (شهادة). في حياتي لم اسمع بإمام او واعظ أو شيخ او سيد أو صوفي ّ او اي رجل دين اي دين يستشهد على ساحات الوغى التي دفعوا هم البسطاء والفقراء في الزاد والعلم اليها.
ففي ايام الحروب والمعارك والكوراث نلاحظ امتلاء الجوامع ودور العبادة بالمصلين ويتناقص العدد كلما شعر المرء بالامان والضمان حتى ان الناس في الغرب الآمن المضمون تركوا زيارة الكنائس بعد أن تبين لهم ان الرغد والطأمنينة الزائفة التي توفرها لهم الكنيسة ما هي الا فقاعات تتفرقع تحت شمس الحقيقة الناصعة القائلة : إن ّ العقل والعمل وعدم التوكل على الله هي هذه الضمانة الضامنة لرغد العيش والسلام والأمان لا غير ذلك من الأماني المعسولة وتلفيقات والأدعية المخدرة للأعصاب والعضلات . وأنه لا حياة سوى هذه الحياة نموت فيها ونحيى ولا نعود فلنستغلها الى أقصى مدى وعلى الطريقة الخيامية النيشابورية:
اين نقد بكير وا نسيه بدار
كه ده نك دهول أز دور خوشست
خذها نقدا ولا تشتريها مؤجّلا
إنما صوت الطبل من البعد حَلا
ففي ايام الحروب يلوذ الناس بالجوامع نتيجة الاحباط والخوف وبما يمنحه الجامع من امان وشعور بالراحة والاتكال الزائف على رب لم يحم حتى المصاحف التي احرقت امام أئمّة المساجد دون أن يتحركوا ساكنا ولأكثر من مرة وفي اماكن متفرقة من العالم والتي نسمع بها بين آن وآن. وهذا ما حدث في كردستان على يد (أمير المؤمنين) آخر الزمان أيام الأنفال.
في الحقيقة وما نلمسه على ارض الواقع هي ان الدين يعشعش كالجراثيم في البيئات غير الصالحة المريضة الملوثة.
ففي الحربين العالميتين بلغ عدد زوار الكنائس والمساجد رقما قياسيا . وهذا ما حصل في فترات الحروب والمعارك الطاحنة قديما وحديثا. وأحدث مثل على ذلك : قادسية ال ( دون كيشوت) العربي. فاستغلها رجل الدين استغلالا ذكيا فحضوا لذلك باهتمام ورعاية الطرفين : الشعب والساسة ، ونالوا الجاه والثروة . وكان يقول لمستشاريه المقربين : (الجامع ساعدي الأيمن هناك يجعلون الذئب حملا وديعا ، وانا اقود هذا الحمل الوديع الى أتون جهنم التي أسعرتها وجعلت الناس والحجارة وقودها.)
والحروب والتحدّيات المصيرية تقرب الساسة ورجال الدين بعضهما من بعض ، والسلم والأمان يبعدهما عن بعضهما البعض.
ف (ونستن تشرشل ) أحد أهم الزعماءِ في التاريخِ البريطانيِ والعالميِ الحديثِ كان يزور الكنيسة ايام الحرب العالمية الثانية بإنتظام ويشجع العامة على زيارة الكنائس للأسباب السالفة الذكر.
وفي عام 1979 زار ( زبغنيو بريجينسكي) مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الاسبق جيمي كارتر باكستان للقاء قادة طالبان وخطب بينهم يحثهم على الجهاد المقدس من اجل استرداد وطنهم من سيطرة السوفييت الغزاة . ونشرت وسائل الاعلام في حينه مقتطفات من خطابه منها:
He came to Pakistan to give the Taliban their land and told them: ( God is on your side)
(أي جاء إلى باكستان كي يعطي طالبان ارضهم ووطنهم وليقول لهم: الله معكم وهو معينكم.)
تصوروا مسيحي يحرض المسلمين على الجهاد المقدس..!
ولنفس السبب : اي استخدام الدين واستغلاله من قبل الساسة والقادة من اجل الهيمنة واستغفال العامة (الجهلاء خاصة) ، تسعى امريكا والغرب اليوم وتحت مسمى (ربيع المنطقة) الى تمكين قوى الشر والظلام المتمثلة في الأحزاب الاسلامية المتطرفة من سلفيين والقاعديين والاخوانيين وجند الله وحزب الله وآيات الله وحجة الله الخامانئيين والقرضاوييين والعرعوريين والملاكريكاريين والصدريين والحكيميين والسيستانيين ومن لف لفهم (وتعددت المسميات والأغراض الحاقدة واحدة والموت الزؤام واحد) في بسط نفوذهم وسيطرتهم على المنظومة السياسية للبلدان المحررة من دكتاتورياتها ما دام انه في وجود هؤلاء على هرم السلطة ضمان وامان في بقاء هذه الشعوب في حالة من التخلف والفوضى والتنازع وذلك وبالمحصلة من اجل ترويض الشعوب وتخديرهها وابقائها مستسلمة قانطة متكلة معتمدة جاهلة متخلفة مريضة معتمدة على العالم المتقدم ، اي عالمهم في توفير وتامين ابسط مقومات حياتهم وقد تناولت هذه النقطة باسهاب في مقالي (الجحش لما فاتك الأعيار) اقتبس منها من باب الإستئناس: (( فالغرب تفضل حكومة دكتاتورية غير المستندة على قاعدة شعبية والتي تستند مقومات بقائها على الدعم العسكري والتقني والأمني – والمالي- الذي تقدمه الحكومات الغربية اليهم وما توفره من حماية لهم ولثرواتهم المنهوبة إذا أزفت ساعة الرحيل. وبعد زوال الدكتاتورية فتريدها حكومة اسلامية.
لأن هذه كتلك ترتبط مصالحها مع مصالح الغرب . طالما انها لا تمثل الشعب ولا طموحاته ولاتطلعاته وتقيد مسيرة تقدمه وتمعن في إذلاله وتخلفه وبقائه معتمدا أبدا على الدعم الخارجي راكعة متوسلة بما تقدم موائدهم العفنة من فتات الخبز . كما حصل للعراقيين الذين تناولوا ولا يزالون اصنافا من الطعام لا تصلح معضمها للأستهلاك البشري!!! هذه هي الخطوط العريضة للسياسة الأنكلو- امريكية الجديدة لرسم خارطة الشرق الأوسط كما أظن- وأتمنى لو كنت مُخطِئا- في عصر سقوط الدكتاتوريات، والمبنية على مبدأ المثل السائر:
ألجَّحشَ لمّا فاتَك الأعيارُ.)) – إنتهى-
ولنفس السبب اي ( الجحش بعد الأعيار على رأس السلطة ) نراهم (أي قادة الدول الغربية المسيحية) يفصلون الدين عن السياسة في بلدانهم و لا يشجعون مثل هذا الفصل في بلدان الشرق الأوسط . بل على العكس يشجعون تدخل الدين في كل أمور الدولة.
علماُ ان معظم الساسة لا يؤمنون هم انفسهم بما يؤمن به شعوبهم ويعترفون هم بانفسهم ان السياسة والدين لعلى طرفي نقيض .
هناك حادثة ظريفة تُروى عن (ونستن تشرشل) : انه كان يمشي يوما وسط بعض من رجاله ومستشاريه فعندما مروا امام مقبرة رفع احدهم يده يشير الى ضريح وشاهده العالي وقال له بخشوع:
"سيدي ، انظر هناك يرقد السياسي المحنك والمؤمن الورع ( جيمس وولكر) رحمه الله .آمين."
وعندها التفت تشرشل اليه ورد عليه وهو يبتسم بمكر:
(لأول مرة في حياتي ارى ميّتين في لحد واحد!! )
´
فرياد إبراهيم

12 – 5 - 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah