الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة المصرية: السماء لم تعد تمطر ذهبا ولا فضة

ريما كتانة نزال

2012 / 5 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



لم المس خلال حضوري لاجتماع الاتحاد النسائي العربي العام، الذي عقد لنقاش آثار الحراك الجماهيري على المرأة العربية، بأن هذا الحراك قد دفع القيادات النسائية العربية، ونحن من ضمنهم، الى نزع القرص الصلب وتغييره بقرص جديد.
تأثير انهيار قطع "الدمينو" وصل للانظمة الحاكمة قبل ان يصل المجتمع المدني، فسارع بعضها الى إحداث اجراءات طفيفة على واقع النساء، بينما المجتمعات في بيت النساء العربيات ذو الصفة الرسمية: اما متباكيات او راضيات..
أستثني مما سبق المرأة المصرية والتونسية بشكل رئيسي، حيث بدت معالم التغيير الشامل على برامج العمل وكذلك على أساليبه وآلياته، حيث تحولت المرأة التونسية في الاتحاد الوطني للمرأة التونسية الى معارضة للنظام بعد أن كانت محسوبة عليه. كما تم تغيير قيادة المجلس القومي للمرأة لتحضر وجوه جديدة وأداء مختلف كليا. وأعادت نساء من ثلاثين جمعية نسوية مصرية الاعلان عن عودة العمل باسم اتحاد نساء مصر الذي كان الرئيس جمال عبد الناصر قد جمده بذريعة أن الحكومة ستتصدى لمعالجة قضايا المرأة ووضع الحلول لإشكالاتها.
كيف تغير واقع المرأة المصرية وكيف انعكس على تغيير ذاتها..؟ انه سؤال يستلزم العودة خطوات الى الخلف: لتحليل العوامل التي أدت الى تشكيل فجوة وحالة من العداء بين منظمات المرأة وبعض فئات المجتمع، الأمر الذي قاد الى النكوص سريعا عن مكتسباتها المتحققة.. والمشهد الذي تمخض عنه المشهد المصري بعد الثورة وعودة السلفيين والوهابيين الى مصر التي غادروها الى دول الخليج بعد ثورة عام 52 !
بالعودة الى الماضي، ولدى صدور تقرير التنمية العربية الذي وصف وضع المرأة المصرية بالتخلف، معتبرا حالتها كأحد ثلاث مشكلات تعيق عملية التطور. لقد وضعها في مرتبة متدنية مقارنة بدول أخرى من بينها بعض الدول العربية. الا انه لدى قيام النظام باجتراح الحلول لردم الفجوة والتحاق النساء بعجلة التطور والتنمية، وضع معالجات بعيدة عن المتطلبات الحقيقية.. دون استهداف الشرائح المحتاجة في المجتمع، لذلك كانت الحلول لا تؤدي الى النتيجة المتوخاة إضافة الى سطحيتها التي تموه على الاحتياجات التنموية والواقع الصعب. ومن جانب آخر لعب الاعلام الرسمي دورا تجميليا في خلق الفجوة بتركيزه على القشور والزخرفة، حيث بسط مساحة واسعة للتركيز على "السيدة الاولى" مما خلق فجوة بين العمل النسوي وتطوير المرأة وبين الرأي العام اجمالا..
في ذات المرحلة تم وضع تدخلات قانونية محدودة تنصف النساء كقانون الخلع او قوانين الحضانة.. وتم تخصيص "كوتا" محدودة لمشاركة المرأة في مجلس الشعب، او من خلال تعيينات رمزية في المستوى الحكومي.. دون التفات ووضع الخطط للمشاكل المستفحلة المسؤولة عن تخلف المرأة كالأمية، ناهيكم عن سياسات لمعالجة الفقر والبطالة ومسؤليتهما عن ارتفاع نسبة النساء المعيلات للاسر الى أكثر من الربع، الأمر الذي أدى الى تغيير مراكز المسؤولية والأدوار في العائلة تبعه تلقائيا أزمة حادة بين أفراد الاسرة وفي المجتمع أيضا..
مع تحقيق الثورة لاهدافها المباشرة بإسقاط رأس النظام والتي ساهمت المرأة فيها بشكل مباشر، بانخراطها منذ اليوم الأول في ميادين التحرير، مساهمة في صياغة الحدث بدءا من نظمه وشعاراته وتشريعاته وقوانينه وإعلامه وكذلك في الحشد لمليونياته.. لكن مع بداية السير في المرحلة الجديدة المزدحمة بالعناوين، تفاجأت المرأة المصرية بوضعها خارج عضوية اللجان والاجهزة المشكلة لوضع الخطط ونقاش القوانين والدستور وغيرهما. وفي محصلة تغير موازين القوى تراجعت مشاركة المرأة في مجلس الشعب الى تسع عضوات بسبب الغاء "الكوتا" من قانون الانتخابات، واقتصرت مشاركتها بالحكومة الجديدة على حقيبة واحدة عوضا عن ثلاث وزارات شغلتها في آخر حكومة.. دون التغاضي عن آثار الفتاوى الممهورة بختم الفكر الوهابي التي تحط من كرامة المرأة وآخرها فتوى "مضاجعة الوداع"..
المرأة المصرية التقطت أنفاسها سريعا لتلتقط طبيعة المرحلة واستحقاقاتها والمطلوب تغييره. لقد أدركت بأن السماء لم تعد تمطر ذهبا ولا فضة، وبأن زمن المكاسب السريعة قد ولى الى غير رجعة، وبأن عليها إعادة النظر ببرامجها وأساليب عملها وآلياته بما يخاطب هموم القاعدة النسائية، والتصدي الى مشكلة الامية التي تعمي عيون المجتمع عن الرؤية الصحيحة ، وتجعل النساء نهبا للقوى العدمية التي تستغل البسطاء وتدعي النطق والدفاع عن وجعهم، وفي الحقيقة تهدف الى تكريس تبعيتهم مانعة تحولهم من مفعول به الى فاعل ..
الوطن العربي وبسبب نسيجه الثقافي والاجتماعي الموحد تقريبا، من الطبيعي أن تنتقل التغيرات الاجتماعية وتجد صداها في ارجائه الممتدة وتحديدا على صعيد وضعية المرأة وحقوقها. والمرأة الفلسطينية ليست بمنأى عن التغيرات الحاصلة على هذا الصعيد على الرغم من تمايزها كامرأة مناضلة ضد الاحتلال التي منحتها خصوصية الا انها معنية بإجراء المراجعة على برامجها وآلياتها وحضور دورها باتجاه العودة لتزخي حضورها الوطني لتحصين دورها، فهو خط هجومها ودفاعها الاستراتيجي عن تمثيل المرأة. ففي فلسطين كذلك ستتوقف السماء عن امطارنا بالذهب والفضة لذات العوامل الذاتية والموضوعية التي تشهدها المنطقة العربية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA


.. تغير المناخ.. تحد يواجه المرأة العاملة بالقطاع الزراعي




.. الدكتورة سعاد مصطفى تتحدث عن وضع النساء والأطفال في ظل الحرب


.. بدء الانتخابات التمهيدية الخاصة بالمرأة في الحسكة




.. ضجة في مصر بعد اغتصاب رضيعة سودانية وقتلها