الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية بين النظرية و التطبيق ( القسم الاول )

سلمان مجيد

2012 / 5 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من بين أكثر المفاهيم اختلافا في المعنى و التفسير بين البشر ، هي الحرية و ما يتبعها من انواع و اشكال متعددة ، منها مثلا الحرية السالبة او الشخصية و الحرية الخارجية والحرية الداخلية و االحرية الفردية و الحرية الاجتماعية ، الى غير ذلك ، حيث اختلف الانسان في معناها ــ كان هذا الانسان مفكرا او عبقريا او انسانا عاديا ، حيث البشر ينقسمون حسب قابلياتهم (( الى ثلاثة اقسام : 1ـ البشر البشر . 2ـ البشر المفكرون . 3ـ البشر العباقرة . ))(1) وذلك لان الحرية واحدة من المعاير التي تميز بين الانسان و الكائنات الحية الاخرى ،التي تحكمها حتمية العيش في البيئة الطبيعية التي تحاول تلك الكائنات ان تكيف حياتها وفق تلك الظروف البيئية ، اما الانسان ، فانه على العكس من ذلك ، فانه يعمل على تكيف البيئة ــ بمفهومها العام ــ كانت طبيعية او اجتماعية ــ لذلك اصبحت الحرية بالنسبة اليه مرهونة بعملية الموائمة بين دوافعه المطلقة ،المنطلقة من عقالها ، و الظروف البيئية تلك مما يجعل الحياة تتسم بنوع من الانسجام و التوافق ، ولكن ما يعرقل هذا التوافق هو التمايز بين البشر في استعداداتهم البدنية و العقلية مما يساعد على خلق نوع من التمايز بين البشر على شكل فئات او جماعات تختلف من حيث الفعل و القوة التي تاثر سلبا او ايجابا ، ومن ابرز تلك المؤثرات التي تتركها ، على الحرية ، فاما ان تطلقها بكل قوة و اتساع ، او تحددها عند حدود القدرات و الاستعدادات لهذه الجماعة او تلك ، و ترجمة لذلك فاننا نرى ان (( الذين يعتقدون بحرية الارادة المطلقة ينكرون وجود القوانين الموضوعية في الطبيعة والمجتمع ، ويعتقدون بان تطور المجتمع البشري انما تسيره رغبات و ارادات الاشخاص ،اما الذين لا يعترفون الا بالضرورة المطلقة فانهم ينكرون اية حرية في النشاط الانساني ))(2) وانطلاقا مما تقدم قد يبرز تساؤل مهم حول ،هل ان الحرية هي نوع من الفوضى ؟ ام شكل من اشكال الضرورة ؟ فان كانت تشكل نوع من الفوضى ، فهي فوضى منظمة تاخذ شكل مشكلة ((التناقض بين القيم الاجتماعية و الفكرية التقليدية و المجتمع الجديد (حيث) تعمل دون ريب على تفكيك النسيج الاجتماعي ، وتؤثر في اختلاف انماط السلوك الاجتماعي لدى الافراد ))(3) اما اذا كانت تمثل حالة من حالات الضرورة ، فلا شك انها تعبر عن حتمية الاجتماع الانساني الذي من ضروراته التطور الذي لا يتحقق ـ حسب وجهة نظر علم الاجتماع ـ الا (( بفعل ومضات العبقرية التي يتركها البشر العباقرة ))(4) بموجب الحرية التي يتمتع بها هؤلاء العباقرة ، ولكن لا تمثل تلك الحرية الا جزء من الحرية الشاملة التي يتمتع بها كل البشر بانواعهم الثلاثة ، حتما الاجابة ستكون بالنفي و ذلك لتعارض الخصائص التي يتمتع بها البشر كلا حسب خصائصه ،لذلك ستكون تلك الحرية متوفرة على حساب حرية الاخرين لضرورة تتعلق بمتطلبات الحضارة التي (( لاتهتم بالاعداد الكبيرة التي تشكل سكان العالم ، لانهم لا يمثلون الا اعدادا كبيرة ، بينما تركز الحضارة الانسانية اهتمامها الكلي على الفئة القليلة التي تستطيع ان تضخ دما جديدا في جسم التفكير الانساني ))(5) وان هذا التمايز بين حرية الاقلية و الاكثرية لايعني تفكك عرى اللحمة الاجتماعية بين البشر ، ولكن ليس على ـ كلا ـ بعدي الاتصال الداخلي والخارجي للبيئة المحيطة بالفرد ، فعلى البعد الداخلي يمثل ذلك ضرورة لتلك اللحمة ، الا (( ان الاتصالات (تلك) تربط الفرد بالعالم الخارجي ولكنها لاتعقد صلة بينه وبين جميع جوانب هذا العالم الخارجي ، ويرجع ذلك ــ في جانب منه ــ الى عدم قدرة الكائن الانساني على استيعاب كل شئ ، و الى ان كل فرد ينتقي الجوانب البيئية التي تشبع لديه و تحقق له حاجات اساسية ))(6) تجعل منه فردا ضمن هيئة من هيئات المجتمع التي تتمايز بتمتعها بحجم الحرية التي بالنتيجة ،اما ان توسع او تحد من تحقق تلك الحاجات الاساسية التي تعتمد اساسا جوانب شخصية ذلك الفرد ،وكتعبير عن ارتباط التغير الاجتماعي للشخصية نجد (( ان الشخصية ليست موهبة طبيعية في الانسان يرثها كاملة ، في جملة ما يرث من ابائه و اجداده ، انها في الواقع اكتسابية تنشآ في المجتمع))(7) و بموجب ذلك ، و استنادا الى ما تقدم من تضافر حجم اتصا ل الفرد بالعالم الداخلي و الخارجي للبيئة المحيطة به ، فانه يتاكد من حتمية ( الفوضى المنظمة للحرية ) التي تتعارض مع الفطرة الطبيعية للفرد التي تحددها ضرورة تكوين التجمع البشري ، وان هذا التكوين او البلورة للوحدة الاجتماعية او البشرية انما تعتمد على مجرى التقليد ( الذي ) اذا انتشر من فرد الى اخر هو الذي يخلق الوحدة الاجتماعية و الوعي الاجتماعي الذي هو ليس سوى انعكاس لهذه التقليدات المتعددة (8) ولكن هذه التقليدات لا تعبر عن استنساخ لما كان عليه الافراد السابقين ، بل كان ذلك يتوائم مع تطور التفكير الانساني الذي بدا بمراحله المتاخرة (( يميل نحو النسبية في مهمته لما يعترضه من تعقيدات و تناقضات في بيئته الطبيعية و الاجتماعية ، و هذا ... التفكير النسبي خطوة جريئة في تاريخ العمل و الفكر البشري ))(9) لانه تجاوز تلك لقيود التي كان يضعها التفكير الحتمي ، مما ادى الى فتح الافاق الرحبة امام الحرية لتاخذ مداها في بناء المجتمع الانساني الذي اساسه وحدة الخلق (بفتح الخاء) و الخلق (بضم الخاء) ، ولم يتحقق ذلك الا بعد ان انجزت البشرية (( فائض الوقت ، ويقصد بذلك مقدار الزيادة التي تتوفر للانسان في وقته وعلى الاخص عندما يؤمن حاجاته الضرورية وما يتطلبه من كماليات ، فاذا تم اشباع تلك الحاجات في وقت اقصر وبجهد اقل توفر لدى الفرد وقت فائض عما يحتاجه في سد حاجاته يستطيع ان يستغله في التفكير وفي العمل الحضاري بكافة جوانبه من عقل وفن وكتابة))(10)
ولكن هل تحقق ذلك على مدى تاريخ نضال البشرية ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ للحديث صلة
المصادر : 1ـ 3 ـ 4 ـ 5 ـ 9 / ثورة على القيم / الدكتور متعب مناف / مطبعة التلغراف / بغداد
2 ـ مذاهب ومفاهيم في الفلسفة و علم الاجتماع /الدكتور عبد الرزاق مسلم الماجد/المكتبة العصرية /بيروت
6 ـ اساليب الاتصال والتغير الاجتماعي / الدكتور محمود عودة/ ذات السلاسل /للطباعة والنشر والتوزيع
7ـ شخصية الفرد العراقي / الدكتور علي الوردي / منشورات دار ليلى
8 ـ القضايا الفلسفية المعاصرة / ترجمة ـ حنا بولس الشاعر / دار الطليعة ـ بيروت
10 ـ الواقع الفكري و المجتمع العربي / الدكتور متعب مناف / مطبعة العامل ـ بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطم مروحية | ا


.. الضفة الغربية تشتعل.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائي




.. هل ستتمكن إيران من ملئ الفراغ الرئاسي ؟ وما هي توجهاتها بعد


.. إل جي إلكترونيكس تطلق حملة Life’s Good لتقديم أجهزة عصرية في




.. ما -إعلان نيروبي-؟ وهل يحل أزمة السودان؟