الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن والزمان -الجزء الثاني

نبيل هلال هلال

2012 / 5 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


للقرآن الكريم مهمتان: أولاهما كانت في بداية الدعوة , وهي مخاطَبة جيل الدعوة الأول ومعالجة مشاكله والرد على استفساراته بما يناسب ظروفه وحصيلته الثقافية والمعرفية , فالقرآن ينطوي على حلول ظرفية كانت ضرورية في واقع محدد هو واقع معاصري البعثة النبوية. وثانيهما : الرد على الآخرين حتى آخر الدهر بما يناسبهم ولا يتناقض ( في الأسس والمبادئ ) مع ما سبق بيانه لجيل الدعوة الأول .
وهذا ما يجب النظر إليه عند تأمل القرآن . فإذا قال القرآنُ إن الأهِلَّة لحساب الزمان, كان ذلك ما يفهمه الجيل الأول المعاصر للنبي , وهو جواب يَرُد على تساؤلاتهم بما يكفيهم , ولم يكن ليفهموا إن حُدِّثوا عن أطوار القمر من الوجهة الفلكية (وهي أطوار يعرفها التلميذ في المدرسة الإعدادية الآن), فلو حدّث القرآنُ البدويَّ الساذج بحقائق علمية مركبة غير معروفة في وقتها , لكذَّب النبيَ(ص) في سائر الدين ومنها الأمور العقائدية أيضا وما كان النبيُ(ص) ليصدم العقل العربي الساذج بما لا يطيق الإحاطة به .
والمعنى في القرآن له طبيعة خاصة , فهو غير جامد بل متجدد بحسب الزمان , فليس لمعناه مبتدأ أو منتهى مثل كروية سطح الكرة لا نهاية لها , وهو يناصر ما جاء في الكتب المقدسة المنَزَّلة وينطق بحقائق القرون القادمة . وما من حاجة لأن يكون القرآن كتابا في العلوم , فهذه ليست وظيفته , فليس له أن يضع لك خطة للبحث العلمي مثلا , فالكشوف العلمية - لمن لا يعرف - تبدأ بالفروض والمقدمات وتنتهي بالنتائج والحقائق, وليس العكس . وهي مباحث على الإنسان أن يسعي إليها في نطاق أمور دنياه والضرب في الأرض . وهذه ليست وظيفة القرآن كما أسلفنا.
لكن ذلك لا يمنع أن يحتوي هذا الكتاب المعجز على شيء من حقائق الكون المخفية , فهو كون الله وقرآن الله . وكان على القرآن الكريم أن يشمل حقائق صحيحة وشديدة التعقيد مع ضرورة وضعها في صيغة واحدة لكن متعددة المعاني, وَلادة لتفاسير مختلفة مع تنامي معارف الناس بمرور الزمن , على أن هذه التفاسير لا تتعارض مع بعضها البعض وتكون كلها في اتجاه واحد , فهي مصمَّمة لتجيب عن تساؤلات الإنسان في كل عصر وأوان .فالنص القرآني لا يطلعك مباشرة على الحقيقة المطلقة المركبة التي قد لا تستوعبها معارف العصر , ولكن يضعك بالقرب منها , فهي نسبية ولا يسع الإنسان المتلقي في أي جيل أن يستوعب فوق الجزء (المخصص)له في زمانه .
أما بعد : اليوم الذي نعرفه هو الزمن الذي تقطعه أرضنا في دورانها حول محورها مرة واحدة, وهو يوم رهن بحركة كوكب الأرض وحده . وكل كوكب من كواكب مجموعتنا الشمسية له يوم مختلف عن يوم كوكب الأرض , فإن قلت (يوما) فعليك تحديد الكوكب (المكان)الذي يختص به زمن الدورة . فكوكب عطارد مثلا (وهو أقرب كواكب المجموعة الشمسية إليها ) يدور حول الشمس في 88 يوما من أيامنا الأرضية ,أي أن مدة السنة لراصد في كوكب عطارد هي نفسها 88 يوما لراصد في كوكب الأرض . لذا فالقول عن يوم ما (زمن ما )لا يكتمل وصفه ما لم نحدد (مكان)هذا اليوم .فإذا سمعنا قول الله تعالى إنه خلق الأرض في يومين اثنين (خلق الأرض في يومين )فصلت 9 , لا يكون من الصحيح الظن أنهما يومان من أيام كوكب الأرض , فالأرض لم تكن قد خُلقت بعد . ولا معنى للقول بمفهوم الزمان قبل خلق الكون.

يُتبع -كان ذلك هو الجزء الثاني من مقال القرآن والزمان ,ويتبعه بإذن الله الجزء الثالث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تساؤلات
عامر ناجي ( 2012 / 5 / 19 - 12:09 )
اود ان اسال الكاتب هل ان احتقار المرأة والانسان بشكل عام في القرأن مسألة مرحلية ام دائمية؟ فمثلا يبيح القرأن للرجل المسلم ان ينكح الجواري بغير حساب - وما ملكت ايمانكم- واعتبار شهادة المرأة ناقصة وكذلك غمط نصف حقا في الميراث وكذلك حق الرجل المسلم بضرب زوجته هل هذه احكام دائمة ام مرحلية؟
ناهيك عن وصف القرأن لغير المؤمنين به باشنع الاوصاف اقلها البهائم التي لا تفقه من امرها شيئا التي سوف يعد لها الله حفلات شواء بشرية في جهنم لا تنتهي بنهاية الزمان والمكان


2 - رد
حمورابي سعيد ( 2012 / 5 / 19 - 18:58 )
اسال الكاتب ..ما معنى ان القران يرد على استفسارات السائلين ؟ هل كان كاتب القران يجلس بين مجموعة محيطة به يستمع ويرد عليهم ؟


3 - أحسنت أيها (الكاتب)الطيب
حيدر حسن ( 2012 / 5 / 19 - 19:09 )
يا أخ نبيل بارك الله بك ورحمك الله حقيقة كلماتكم روعة وبديعة ، في مكان يعم بالملاحدة وصغار العقول بل والبلهاء الذين هم أضل سبيلا من البهائم ، يعترضون على رب الأرباب وخاق السموات بأعتراضات لم تدركها عقولهم البليدة التي اعتادت على أفيون ماركس ولينين ومن لف لفهم من أصحاب الفكر الهجين الذي لا يسمن البشرية ولا يغنيها من جوع ، وما مثلهم الا كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، يريدون للمرأة أن تكون سلعة مبتذلة وألة لأشباع رغباتهم ونزواتهم المريضة المشؤمة ، وما كفرهم الا نتيجة انحلالهم الأخلاقي والأسري (سقطوا ويحبون أن يسقط الأخرين كما سقطوا) ألا لعنة الله على القوم الفاسقين ، فألى أمام يا أخ نبيل وننتظر جديدك


4 - الواقع
سعد رياض ( 2012 / 5 / 19 - 20:22 )
استاذ رحمك خير الماكرين لم الف والدوران واختراع المفاهيم والزوايا لتبرير ما لايمكن تبريره و الاستهانه بعقول الناس والعباد الذين وصفوه منذ البدايه با ساطير الاولين وبذلك يعتبر الموضوع منتهيا - كما وقد وصفه لاحقا الامام علي ( رض ) بحماله اوجه -- -


5 - رد الرد
حيدر حسن ( 2012 / 5 / 19 - 20:58 )
لا يرد القران على تساؤلات السائلين الا عن طريق النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)بواسطة الوحي (الملك (بفتح اللام) جبرائيل عليه السلام الذي هو أمين في ما ينقل) ، ثم يا نبوخذ نصر أن القرآن يحترم عقول الأخرين بل نزل ليفهمه القلاء ويتدبروا بآياته ثم أنه ليس بأساطير والتحدي فيه ما زال قائما فأن كنت ذو شجاعة فأتنا بأية واحدة من عندك حتى نسلم لك بما تقول وأنى لك ذلك ، ( ان يحسدوك على علاك ـــ فأنما متسافل الدرجات يحسد من علا) ثم أن وصف أمير المؤمنين أسد الله وأسد رسوله علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة وأتم السلام) لم يقل قوله ذلك (حمال أوجه ) الا كنصيحة للمؤمنين بأن لا يجادلوا بأياته لأنها ذات أوجه في تفسيرها وتأويلها لا من باب الأستهانة كما ذهب اليها عقلك المريض تقتطع نصف الحديث وترمي به جزافا ليمتدحك من هو على شاكلتك ، فاللف والدوران ليس من شأن أصحاب الحق بل هو من شأنكم فآفهم


6 - بدون تعليق
نور ساطع ( 2012 / 5 / 20 - 03:02 )




بلا تعليق والله اعلم

اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس