الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقبة عصرالڤايكنغ في مقالات _ 1_

زاردشت قاضي

2012 / 5 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


هناك في شمالي انكلترا وقرب الحدود مع سكوتلاند تقع تلك الجزيرة الصغيرة التي شهدت يوماً ما مضت كنيسة ثرية وديراً وصلت شهرتها كافة أصقاع أوربا , تلك الكنيسة المقدسة تعرضت سنة 793م لغزو رجالٍ جاؤوا بحراً في سفنٍ كبيرة... كثيرة نهبوا الذهب والفضة وقتلوا من كانوا بداخلها .
نتيجةً لشدة بلاء تلك الواقعة , والتي أبلوا فيها بلائاً جريحاً , سمعنا عن شعب الڤايكنغ الذين وضعوا بصمتهم في التاريخ الأوربي , وبات الجميع , من ايرلاندا إلى تركيا , خائفين من هؤلاء الرجال البرابرة القادمين من الشمال .
لقد ظهرالفايكنغ في تلك المناطق التي تسمى اليوم النرويج , السويد والدنمارك , أعطوا أسمهم للتاريخ الدنماركي لأكثر من 200 سنة , على أن الفترة الممتدة من 800 إلى 1050 هي عصر الڤايكنغ , ففي تلك الحقبة احتضنت أغلبية الدول الأوربية الفوضى العارمة , الملوك كانوا في حالة حربٍ مع بعضهم البعض لدرجة أنهم لم ينتبهوا إلى هؤلاء بغية حماية شواطئهم بل أعطوهم الفرصة الذهبية لكي يتربصوا بهم .
إن مصطلح الڤايكنغ اقتبس من هؤلاء الرجال الذين ركبوا البحر من أجل السرقة وقتل الآخرين , لكن العديد من هؤلاء كانوا مزارعين مسالمين وحرفيين , في حين سافرالآخرين إلى البلدان الأخرى بغية شراء وبيع السلع , لقد أبحروا إلى المناطق البعيدة النائية وتاجروا بجلود الحيوانات , الأخشاب ,العسل , السمك بل الرقيق أيضاً .
عثرعلى العديد من الذخائرالنفيسة تعود لذلك العصر مثل مخلفات المباني , المدن , الحصون والسفن فيما عدا المجوهرات والعملة وكذلك الأسلحة التي يتم العثور عليها كل سنة , على أننا نعرف المزيد عن عصر الڤايكنغ من خلال الكتب القديمة والنقوش , ومن خلال الحوادث المؤثرة للعديد من القساوسة والرهبان وتجارب حياتهم المدونة في تلك الفترة .
عاش معظم الڤايكنغ في قرى مؤلفة من 10 إلى 12 مزرعة , في حين قطن الأغنياء منهم مع عائلاتهم في مزارع كبيرة , غير أن العديد من المزارع لم تكن سوى فناء خشبي ذو أرضية طينية عاش فيها هؤلاء مع حيواناتهم من دون نور, كان الموقد يبنى في وسطها بغية طبخ الطعام عليه من قبل النسوة , على أنه استخدم أيضاً كمدفئة في الشتاء الإسكندنافي القارس الطويل . كان يتم التخلص من الدخان عبر فتحات التهوية التي وجدت على الجدران , ولم يحتوي بيت الڤايكنغ على الكثير من الأثاث بل على الأغلب طاولة خشبية وإثنان من المقاعد .
لقد تناول الڤايكنغ يومياً العصيدة مع الخبزالمصنوع من دقيق الذرة , وكذلك السمك في حين كان شرابهم هو الحليب والبيرة , ولعلهم استهلكوا اللحم بكثرة في الحفلات الكبيرة , ومن هنا أهتموا بتربية الحيوانات المنزلية كالخنزير والثور والدواجن .. لكي يتوفر لديهم البيض والحليب إلى جانب الذبدة والجبن طوال السنة , كما استطاعوا الحصول على اللحم من الحيوانات البرية أيضاً كأيل والخنزير البري إلى جانب الخضارالإسكندنافي النموذجي مثل الملفوف والكراث وأنواع كثيرة من الفاكهة مثل التوت والتفاح , وقد امتلك الڤايكنغ طرق مختلف بغية حفظ الطعام كمونة للشتاء الطويل مثل تجفيف الفاكهة ووضع اللحوم والأسماك في الملح بحيث من الممكن حفظها لوقتٍ أطول .
بالنسبة لقراهم كان هناك سور يحيطها من كافة الإتجاهات بغية حماية قاطنيها من الأعداء وقد انتشرت خارجها حقول الذرة والخضار , في حين اهتم الفلاحون بتربية الحيوانات مثل الأبقار والأغنام والخنازير خلف السور كما ربوا الدجاج والأوزة بداخل بيوتهم .
لقد كان هناك نظام الرق في ذلك العصر , وعمل الرقيق في كل ما هو شاق , كقطع الأشجار لإستخدامها في بناء البيوت والسفن وحرقها في الشتاء , وكذلك في الحقول , على أنهم سموا الرقيق تحت اسم " træl" ومعظمهم ولدوا من أجل حياة الرق , فالمرء عندهم يولد كرقيق لأن والدهما أرقاء , والمعروف عن الڤايكنغ أنهم غزو البلدان ومن يصبح أسيراً كان يلقب بـ træl .
Hedeby التي كانت تقع على الحدود بين الدنمارك وألمانيا , كانت واحدة من المدن الكبيرة والنشيطة في عصر الڤايكنغ , وقد ذاعت صيتها من إسلاندا إلى بغداد , وإليها كان يأتي التجار من مختلف البلدان للمتاجرة بها في البيع وشراء السلع .
شكلت السفن القاعدة الأساسية والضرورية لتمكّن الڤايكنغ من أجل ركوب البحر لمسافاتٍ طويلة , وخلق المزيد من المشاكل خارج أوربا , تلك السفن الخفيفة والنحيفة كانت الأسرع في العالم يوم ذاك , وقد امتلكوا كلا الطرازين الشراعية في ظروف المناخية الريحية , والمجاديف في حالة عدم وجود الريح , وضعوا رأس التنين المصنوعة من الخشب في مقدمة السفينة بغية خلق الرعب في نفوس الأعداء .
لقد امتلكوا مهارة فائقة في صناعة السفن وكذلك رجال شجعان أبحروا صيفاً وشتاءً وفي الظروف المناخية كافة على شكل مجموعة واحدة , وحرصوا أن يتجمعوا مثل كتلة واحدة وإنشاء خيمة كبيرة من الأشرعة في الظروف السيئة المطرية , بعض السفن كان كبيراً جداً بحيث كان تتسع لـ 60 إلى 80 شخصاً , لكن الكبيرة منها استطاعت إحتواء أكثر من 120 شخص , وفي العديد من الأحيان أبحروا في نحو 100 سفينة وعلى متنها جيشاً جراراً هاجموا ليس فقط الأعداء من الدول بل تعاركوا وسرقوا ضد أنفسهم أيضاً .
زاردشت قاضي
" تاريخ الڤايكنغ " سيتم نشره بشكل دوري عبر سلسلة مقالات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د