الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمير تاج السر يكتب عن , دحل الحمام وكتابة الحرير

أشرف العوضي

2012 / 5 / 21
الادب والفن


دكتور / أمير تاج السر
دحل الحمام وكتابة الحرير

حين قرأت رواية دحل الحمام، الصادرة حديثا لصديقنا الكاتب الشاب أشرف العوضي، وهي رواية ثانية في مجمل رواياته بعد رواية الهيش، وكتاب رابع أو خامس وسط إبداعه، تمنيت ألا تنتهي وأن تستمر هكذا بلا خاتمة، ليس لأنها أغفلت أشياء لم تقلها، وليس لأنها لم تكن جرعة منشطة وطاعمة، ولكن لأن إحساس الشبع كان يريدها هكذا بلا نهاية.

الرواية ليست كالروايات الكلاسيكية المعروفة، تتبع البناء الهرمي الذي يبدأها ويعقدها، ويحلها، وليست كالنصوص التجريبية التي تجبرك على الغوص فيها، دون أن تمنحك عدة الغوص، ولكن مجموعة أقاصيص أو قصائد سردية عزفت على نشيد القرية، حين تعزفه خيالات عازف بارع، هي امتصاص للريف في ذروة حرارته، وخموده أيضا، استدعاء لشخوص بأعينهم، منتقين من زمن مضى وزمن حاضر وزمن قد يجيء، ليدخلوا اللحم، ويوقدوه، وكلما مرت لقطة تحس بها تستدعي التي تليها، وكأن اللقطات كلها لقطة واحدة، ولكن قسمها اللحن إلى عدة معزوفات.
كان تناوب الشخوص على احتلال المقاعد الموضوعة لهم في النص، محكما، يدخل الدجال، ليخرج الحالم، تدخل المرأة السخية بشهوتها، لتخرج العجوز ذات الحكمة، ونرى الجد ممثلا للماضي، مشتبكا بالحفيد في كثير من اللقطات.
هو يمده بالحكمة، ويمتص منه الشقاوة، أو يتوارى بحكمته أحيانا، ليمتص شقاوة الحفيد يعود بها طفلا، وهكذا من مدخل إلى مخرج، إلى مدخل.. إلى مخرج واللحن لا ينتهي، وتأخذه في ذاكرتك لتضيف إليه مقاطع جديدة، لكن لا تستطيع أن تحذف منه حرفا.

هذا النوع من الكتابة، أي الكتابة التي تتناول مصائر الشخوص، وتربطها بالطين والغرائز بشتى أنواعها، ليس كتابة جديدة قطعا، لكن الجديد في الأمر هو طريقة الكتابة، لا وجود لتفاصيل غير ضرورية، لا وجود لأثر لقلم الذهن وهو يود لو كتب المزيد، ولكن توجد دلائل كثيرة على أن النهايات غير المكتوبة، تركت لذهن القارئ ليكتبها.
لقد كتب الناشر على الغلاف الأخير، إن هذا النهج من الكتابة ساد عند مبدعين آخرين سماهم، لكن في الواقع هو نهج جديد يستحق التنويه بعمق.
دحل الحمام أخيرا، تجربة أولية لكاتب أجاد، و أعتقد أنه يستطيع أن يطور من ذلك الدحل، ليس من حيث اللغة أو المضمون، فقد كانا متطورين، ولكن من حيث طول نفس الكتابة، فما زال في الأمر بقية، لا أزعم أنني قد خمنتها كلها، ولكن أنتظر أن أراها مكتوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي