الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة زغلول النجار

داود روفائيل خشبة

2012 / 5 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ظاهرة زغلول النجار
داود روفائيل خشبة

ظاهرة زغلول النجار ظاهرة صاعقة الدلالة، ليس فحسب من حيث أن فكر الرجل مثال صارخ للتخلف واللاعقلانية، وليس فحسب لاقتران هذا السفه الفكرى بامتلاك الرجل لمؤهلات علمية رفيعة، وإنما أخطر من كل ذلك أن مجتمعنا بعلمائه ومفكريه ومثقفيه يقف قانعا مستكينا أو مستسلما عاجزا أمام ما ينفثه الرجل من جهالات وما ينشره من ظلام. إنه فى نظرى أشدّ خطرا وأفدح ضررا من كل الساسة الفاسدين المفسدين الذين قام شعبنا ضدهم بثورة ما زالت تتعثر لكنها تأبى فى إصرار أن تخمد. وإذا كانت قوى الفساد تطلق النار على صدور الثائرين، فإن زغلول النجار وما يمثله زغلول النجار ينسف الأرض التى يقف عليها كل من يريد لبلادنا تقدّما حتى نهوى جميعا إلى قاع سحيق وتبتلعنا غياهب اللاعقل.
حين نتحدث عن الشعوذة والدجل فإننا عادة نشير إلى شخص جاهل، ضئيل الأثر، يحتال على حفنة من الناس البسطاء. لكننا فى حالة شخص مثل زغلول النجار نجد أنفسنا بإزاء رجل حصل على درجات من مؤسسات أكاديمية وتسلح بأحدث إنجازات التكنولوجيا يوقع فى أحابيل شعوذته ودجله بآلاف وربما بمئات الآلاف من الشباب الذين ضحينا بالنفيس والغالى لنعلمهم ونثقفهم ليمضوا بمجتمعنا إلى الأمام، فإذا بهذا الرجل يخلب عقولهم ويلقى بها فى دياجير التخلف.
أعتذر عن هذه المقدمة الانفعالية. فلنمض إلى موضوعنا فى هدوء، وبدءًا لنسأل: من هو زغلول النجار؟ حسبما جاء فى واحد من العديد من مواقع الإنترنيت المخصصة له، هو أ.د. زغلول النجار، ولد في مصر عام 1933 م. تخرج من قسم الجيولوجيا من جامعة القاهرة عام 1955 م مع مرتبة الشرف ، وكُرِّم بالحصول على جائزة الدكتور مصطفى بركة في علوم الأرض. حصل على الدكتوراه من جامعة ويلز في بريطانيا عام 1963 م. عمل أستاذاً للجيولوجيا في جامعات عربية وعالمية عديدة، منها: جامعة عين شمس، وجامعة الملك سعود، وجامعة قطر، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة ويلز في بريطانيا، وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. وهو فوق ذلك رئيس لجنة الإعجاز العلمى للقرآن بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وزميل الأكاديمية الإسلامية للعلوم وعضو مجلس إدارتها، وعضو المجلس العالمى للبحوث الإسلامية، ويعمل الآن أستاذا فى جامعة العلوم الإسلامية العالمية فى عَمّان، وله برامج تلفازية وإذاعية عديدة، ولا نغالى إذا قلنا إن هذا قليل من كثير.
ولا يتسع المجال لمناقشة تفصيلية لبعض من إبداعات أ.د. زغلول النجار فى التفسير العلمى للإعجاز القرآنى فى مجالات الفلك والجيولوجيا والفيزياء والطب وغيرها. وطريقة النجار – والأصح أن نسميها حيلة – بسيطة، شديدة الدهاء، وفعّالة، فهو يأتى بنصّ من القرآن أو من الحديث فيه إبهام – وإذا كانت كل لغة عادية لا تخلو من الإبهام فإن لغة القرآن ولغة الأحاديث النبوية ذات نصيب غزير من الإبهام – ثم ينطلق فى عرض مسهب مبهر لمعلومات مدهشة فى موضوعات علمية ليس لها إلا ارتباط لفظى أو شكلى زائف بالنص، فيوهم المستمع أو القارئ البسيط أن تلك المعلومات العلمية البديعة مستمدة كلها من النص القرآنى أو التراثى.
ألا يجوز لنا أن نسأل: إذا كان فى مقدورنا أن نستمد كل العلوم من نصوص القرآن والحديث، فلماذا لم يستطع أحد هؤلاء الجهابذة أن يأتينا باكتشاف علمى واحد جديد، بدل أن ينتظر حتى يكتشفه الكفار ثم يتبين أن هذا الكشف العلمى كان تحت أيدينا فى النص المقدس! وإذا كان عندنا كل هذه الأكاديميات الإسلامية، والمجالس العالمية للبحوث الإسلامية، وجامعات العلوم الإسلامية، فلماذا لا نرى لكل هذا أثرا لا على واقع الأرض العربية، ولا فى مجالات التقدم العلمى العالمى؟ عندنا بالطبع علماء من كل البلاد العربية يعملون فى مختلف أرجاء العالم ويحققون إنجازات يعترف بها العالم المتقدم، لكنهم يحققون هذا فى أطر المؤسسات العلمية للعالم المتقدم، ثمرة للبحث العلمى بأساليب العلم الموضوعية وليس بوحى من نصوص مقدسة.
لكن أسوأ ما فى الأمر ليس أن هناك الكثيرين ممن يتابعون أحاديث النجار ويعجبون بها، فإننا نجد مثيلا لهذا الخبل حتى فى أكثر البلاد تقدما، إنما الأسوأ أن بيئتنا الثقافية تتقبله فى استكانة، وأن تخصص له الأنظمة العربية الدعم وتحيطه بكل مظاهر الحفاوة والإجلال والتكريم، وأن تفرد صحيفة فى مكانة "الأهرام" صفحة أسبوعية لزغلول النجار؛ فكل هذا شهادة على ما انحدر إليه العالم العربى.
لهذا أتحدث عن "ظاهرة" زغلول النجار. إنها ظاهرة ذات دلالة مخزية على حال الثقافة المصرية والثقافة العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رد
راضي زريوح ( 2012 / 7 / 9 - 23:05 )
ذكرت في مقدمتك التي وصفتها بالإنفعالية وجهة نضرك في شخص و وصفت فعله بالشعوذة و الدجل إلا أن الدجل هو خلط الحق بالباطل ففي موضوعك لم تأتي بمثال لهاذا الخلط و نقدك يضل سطحيا دون إضافة, أما مسألة الإعجاز العلمي لها علاقة بالإيمان فالمسلم مؤمن بمضمون النصوص إيمان غيب وإيمان يقين يتبع ما أمر الله به و يجتنب نواهيه, كتحريم الخمر مثلا, نمتنع عنه منذ أمرنا بذلك ليأتي العلم بعد قرون من نزول الوحي ليبين الضرر المترتب عن الخمر. و أمر قبلنا كثر.فنحن أعرضنا عنه لأن الله أمر بذلك و هناك من يعرض عنه لأن العلم أثبت ذلك بأدلة علمية مكتسبة ويقول أفلاطون أن المكتسبات إيمانيات حقيقية.وتقدم غير المسلمين يأتي مصداقا لقوله تعالى ’’سَنُريهِم ءايٰتِنا فِى الآفاقِ وَفى أَنفُسِهِم حَتّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ ۗ أَوَلَم يَكفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلىٰ كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ’’ سورة فصلت .53 .

اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran