الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


د. عفاف عبد المعطي تكتب عن دحل الحمام لأشرف العوضي

أشرف العوضي

2012 / 5 / 23
الادب والفن


"دحل الحمام" لأشرف العوضي
واختزال الصورة

د. عفاف عبد المعطي

المتتالية القصصية شكل روائي جديد مكون من قصص متشابكة منفصلة متصلة لها نفس الراوي المشترك مع اختلاف الأحداث والأشخاص وإن كان ما يجمعهم مكان واحد، كما أنها شكل روائي وسردي يناسب اتجاه ما بعد الحداثة post-modernism ويسمح هذا القالب السردي أيضا بحرية أكثر في البوح بما يريد المؤلف رصده من خواطر وأفكار وذكريات.

الجديد في هذه المتتالية القصصية "دحل الحمام" للكاتب أشرف العوضي أن القصص ليست قصصا بالمعني السردي التقليدي فهي أشبه بالصور المختزلة المختصرة التلغرافية أحيانا وكأنها مشاهد مركزة من فيلم روائي ، وهي كصور حسية تعكس رؤى وانطباعات وذكريات وأحلام واقعية تعبر عن الحنين للماضي nostalgia لواقع لم يعد متواجدا متمثلا في القرية المصرية في الستينات والسبعينات. الراوي هنا هو طفل صغير يجعل القارئ برى العالم من منظوره الخاص الذي يمتزج بالبراءة والشفافية والتلقائية ليعطينا انطباعاته عن القرية وأهلها ، فيراهم بعين الحنين للماضي تارة وبعين النقد لعيوبهم تارة أخرى ولكن في كل الأحوال يستعرض مشاهد حميمة مندثرة من واقع القرية المصرية قديما حيث نجد أصداء لها في كل جنبات المتتالية القصصية . نرى على سبيل المثال سخرية الطفل من الجهل والتخلف والخرافات والدجل والشعوذة لدى أهل القرية ونفاق بعضهم حيث لا يكشف ظاهرهم عن فساد وانحلال باطنهم، ونرى في قصص أخرى فكرة زحف المدنية الحديثة على أجواء القرية الهادئة مما يفقدها هويتها المميزة. نرى أيضا تأثير مرور الزمن على الأماكن والأحداث والأشخاص وما يصاحب ذلك من متغيرات على شخوص وصور الماضي الذي لم يعد متواجدا الآن، مع تناقض لكل هذا مع الثورة المثالية السعيدة للقرية وأهلها في حياتهم اليومية هادئة الإيقاع التي لم تتلوث بشرور المدينة بعد.

لكن المؤلف لا يدعنا لوقت طويل أن نستمر في الاعتقاد بأن حياة القرية مثالية وملائكية إلى هذه الدرجة حيث يكشف ما يحدث خلف الأبواب المغلقة بعيون الطفل المتلصص الفضولي الشغوف بكل ما حوله. نجد مثلا أن الراوي/ الطفل يتعرض لعدة مرات لفكرة لذة التلصص واكتشاف ماهية الجنس في عدة مرات وما يعكسه ذلك من الشرور الخفية في نفوس البعض من أهالي القرى عندما تستبد الشهوات بالنساء والرجال وحالات الزنا في الخفاء التي لا يدري عنها الكبار شيئا ولا يلاحظها سوى الأطفال ، ومع تفشي إدمان المخدرات في السر والخمور أحيانا. هناك جانب سياسي خافت في خلفية السرد يدل على الحقبة الزمنية الخاصة بذكريات الطفل (الستينات والسبعينات) مما يذكرنا بفيلم "سرقات صيفية" للمخرج يسري نصر الله عندما استخدم منظور الطفل أيضا ليعكس حالة الحنين للماضي وتأثير أحداث الطفولة على تشكيل المستقبل والاتجاهات في الحياة. نرى في المتتالية القصصية سردا للآمال والأحلام التي لم تتحقق ولحظات الفرح والحزن والإخفاق والفشل والشبق وحميمية استكشاف تجارب الحياة والإقبال عليها بشغف وحب. بالتالي استنادا لما سبق نجد أن عنوان المتتالية القصصية "دحل الحمام" يوحي بفكرة الإفشاء للأسرار وكأن الحمام الذي يطير حول أجواء القرية يرى ويسمع ويطلع على كل شيء ويخبرنا بهديله كل هذه الأسرار التي لا يراها أحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي