الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة بين الاصلاح والارهاب ؟

احمد مصارع

2005 / 2 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الثورة بين الإصلاح والإرهاب
الفجوة بين التفسير والتغيير , لايمكن ردمها , وحين تستطيع الإرادة الإنسانية المتحررة , فعل ذلك بدون قيود ,
فإنها ستقع حتما في شرك الثورة والإرهاب , ويبرز العنف الدموي للثورة كعمل إرهابي , يريد إحداث تغيير جذري أو تغيير ثوري , ولأن فضاء الإرهاب الثوري مفتوح وغير مضبوط بقواعد إنسانية دقيقة , فستقوم أي ثورة بهذا المعنى على التهام الجزء الأكبر من قادتها, وهو ما يمكن تسميته بالهزيمة الأولى أو الانحراف الأول , ففي ظل حالة طوارئية بدعوى الضرورة , فان الإرهاب سينسحب على أصحاب التفسير , أصحاب الذرائع الموجبة للثورة .
من يؤسس لثورة , سيكون موغلا في المثال العلمي , وهذا بحد ذاته نقص خبرة عملية , التي لا يستطيع أي تنظيم ثوري أن يكون سوى انعكاس باهت للعلمية المزعومة .
الفكر الثوري هو الضحية الأولى للثورة , ولذلك فمصير القادة الثوريين ونهايتهم تكون على أيدي القادة الميدانيين , وهندسة الفعل الثوري أقل كثيرا من دقة الهندسة البنيانية , التي قد تقترب من الخارطة بنسبة خطأ مقبولة , بينما تسقط الثورة عمليا في الامتحان الإنساني أو الوجداني منه .
الثورة التي حملت اسم التغيير الجذري , ثبت مفارقتها للواقع , فالقارات بقيت كما هي , والقوميات ظلت على حالها , والأديان والمذاهب والتمايز الطبقي ...
إن أكبر ثورة حدثت في تاريخ العالم المعاصر هي ثورة أكتوبر وهي الثورة البلشفية الحمراء , بقيادة لينين , الذي يمثل الحد الأوسط بين الفكر العلمي آنذاك , وبين إرادة التغيير والتحرر, وتحت ذريعة بناء الدولة الاشتراكية لأول مرة في التاريخ , توسط القائد لينين بين النظرية والواقع , أو بين التفسير والتغيير , في وسط المسافة مابين غيفارا وسبارتاكوس , وفي وسط المسافة مابين ترو تسكي وكاو تسكي , فالأول يرى عالمية الثورة وضرورة تحرير الإرادة الدولية لامكان الانتصار على الإمبريالية , والثاني يرى أن الشروط الموضوعية لم تصبح عالمية بعد , وهنا يقع استقطاب ارادوي تروتسكاوي غير علماوي , بينما يستقطب الآخر استسلامية علماوية تنفي توفر شروط الثورة ذاتها .
لقد استطاع لينين استغلال الرياح الطيبة لتسريع سفينته , وهذه هدية قدرية , وتتمثل في قوة العامل القومي , فالإمبريالية أجنبية وليست روسية , والعامل الإنساني فالحكم قيصري , ومتخلف عن إنسانية معطف غوغول , والعامل الاجتماعي أو الطبقي .
بين الإرادة والعلم , تم تحقيق الثورة الاشتراكية , المدعومة برياح القدر , وحين لا يبارك الله الثورة , وحين لا يساندها العلم والفكر النفاذ , تحدث الفجوة الكبيرة , وتزداد وتتعمق , ثم يتآمر الكل على الكل , ثم تقع المفارقة , ويحدث الإرهاب , وتكون الخاتمة من العودة الى السيرة الأولى , ما لقيصر لقيصر , وما لله لله .
المشكلة ابتداء هي من نوع جسم يتبدل , ينمو ويكبر , وثياب ينبغي أن تراعي مثل هذا التبدل , وآلا يحدث التمزق , وتسقط الثورات تحت عباءة الإصلاح المفقود , ويبقى العنف شاهدا حزينا على ذرائع أسقطها الزمن , ونعود من جديد , نحو إنسانية جديدة ينبغي الحذر وكل الحذر في التعامل معها بعنف قد يرتقي الى مستوى الإرهاب , والإرهاب هنا هو العمل الثوري الإرادي الذي سقطت مبرراته العلومية .
حين تحدث التغيرات السياسية , وتتبدل الأنظمة , من قارة لأخرى , في الوضع الراهن , ولا نرى في أشكال التغيير , لوحة دولية تسعى للاندماج والتكامل , بملاحظتنا المباشرة لها وكما لوكانت مجموعة من المستويات المتخالفة في فضاء التفسير .
إذا كان التغيير الدولي يسعى نحو الترابط , فقد كان من الممكن لنا ملاحظة نواظم مشتركة , يمكن من خلالها معرفة وتفسير الإرادة المستترة خلفها , وبعبارة أخرى تقليدية , يمكن تحليل إيديولوجيتها , أو امكان بيان مساراتها , وتقدير فترات تقاطعها .
الإمبريالية الجديدة التي استطاعت تذليل العوامل القومية والإنسانية , بشكل علومي ملفق , لم يعد يعاديها سوى نسبة زيادة فقر الفقراء ,أي اتساع فجوة التمايز الطبقي , وعدوانها على البيئات الطبيعية , والموروثة بشكل تعسفي , واستغلالها للطبيعة بشكل جائر وغير مسئول , وصعوبة ردم الفجوة التخلفية بين أمم الشمال والجنوب ,
ولابد من التوقف وشكرا على حسن انتباهكم ..
احمد مصارع
الرقه -2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل