الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة والدين

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2012 / 5 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


طالما دعا العلمانيون إلى فصل الدين عن الدولة ، ولم يكن أولائكِ كفرة ملحدين حتى يتهموا أن دعوتهم كفرٌ بالدين وبالتالي تجب محاربتهم وإعتبارها جهاداً . ليست هذه هي الحقيقة ، بل أن الكثير من العلمانيين هم من رجال الدين المؤمنين والمتعمقين في علومه في جميع الأديان . الكثير منهم إنما يدعون للعلمانية حرصاً على مكانة الدين وقيمه السمِحة والتي تتعارض مع ما يدعو له السياسيون من أمور دنيوية مرتبطة بالمصالح الشخصية التي تستدعي وجوب إختلاف التصرّف عن الأقوال ، ووجوب إرتباط الفعل بالمنافع الشخصية رغم تعارضها مع المبادئ والقيم الدينية .

حكومة المالكي حكومة في دولة إسلامية ، مصدر قوانين البلد الشريعة الإسلامية . وزير التجارة يختلس من المال العام ملايين الدولارات ، ويتستر على المتعاقدين على صفقات من المواد الغذائية الفاسدة التي توزع على أبناء الشعب ضمن برنامج الحصة التموينية . هذا الوزير يحاول الهرب خارج القطر ولكن سلطات المطار تعيد الطائرة التي سافر على متنها إلى المطار ثانية لإحباط عملية الهروب . يقوم المالكي بشخصه ، والكل يعرف أن المالكي يصلي يومياً خمساً ويصوم رمضان ويبكي ويلطم في محرم ويلبس محبساً شذرياً ، يقوم هذا المالكي بمعاقبة مسؤولي المطار ويمهد لهروب الوزير ثانية ، ثمّ يتدخل في شؤون القضاء العراقي ( كامل الإستقلالية 100% ) لنقل قضية الوزير إلى محكمة الديوانية التي تقوم بمحاكمته غيابياً وتصدر حكمها ببراءته . كيف لنا أن نطمئن على سلامة ديننا الحنيف من مثل هذه الممارسات السلطوية ؟

مثال آخر : في مجرى الصراعات السياسية بين حكومة المركز ( المتمثلة بشخص المالكي ) وحكومة إقليم كردستان ( المتمثلة بالبرزاني ) ، صدرت عن حكومة المركز تصريحات عديدة تبيّن أن لا أساس لها من الصحة ( أي كاذبة ، والكذب كما هو معروف محرمٌ دينياً ) . أول هذه الأكاذيب أن سلطات الإقليم تأوي إرهابياً ( والمقصود طارق الهاشمي) بينما الحقيقة أن طارق الهاشمي ( متهم ) والمتهم بموجب بنود الدستور العراقي بريء حتى تثبت إدانته ، ثم أن مذكرة إلقاء القبض عليه غير دستورية لأنه يمتلك الحصانة و ما لم ترفع عنه الحصانة فلا يجوز إعتقاله ، وكذا الحال عن السبب في عدم إعتقاله قبل مغادرته بغداد إلى كردستان في وضح النهار ؟ الكذبة الثانية إدعاء المالكي أنه عرض على البرزاني إعطاء كرسي وزاري في التشكيلة الوزارية إلى واحد من حزب التغيير ( الكردي ) ورفض البرزاني العرض . لقد تحدى البرزاني أن يقدم المالكي دليلاً على صحة ذلك ، فهل يجوز لرئيس وزراء دولة إسلامية أن يكذب بقصد خلق فتنة وإنشقاق بين من يعتبرهم خصومه ؟ أما الكذبة الأخرى فهي قديمة وتجددت الآن ، وهي ما إتهم به المالكي صالح المطلك وبرر به طلبه إلى البرلمان لرفع الحصانة البرلمانية عنه لإمكان محاسبته قانونياً . ترى ماهي تلك الإتهامات التي دفعت المالكي إلى ذلك حينذاك وما المسوغات التي جعلته يتراجع عنها ويقبل بصالح المطلك ثانية كنائب عنه ( أي نائباً لرئيس الوزراء ) .

علينا أن نلاحظ أن المالكي قد قد طلب من البرلمان رفع الحصانة عن صالح المطلك لإمكان محاسبته قضائياً ، بينما لم يطلب نفس الطلب من البرلمان بشأن طارق الهاشمي ، مما يُستدل منه قصده في خلق المشكلة بين المركز والإقليم . كما أن المالكي قد دفع السلطة القضائية لنقل قضية وزير التجارة المختلس الهارب من بغداد إلى الديوانية بينما يقوم فعلاً بعرقلة نقل ملف محاكمة طارق الهاشمي إلى كركوك .

أيها الأخوة المعتصمون بحبل الله ، عليكم أن تعلموا أن جمع السياسة والدين في يد سلطة واحد مضرةٌ على هيبة الدين نفسه وخدمةٌ لمصالح الذين إتخذوها تجارة دنيوية وجمعوا بين شيئين متضادين ( الكذب والإدعاء بالدين الذي يحرم الكذب ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah