الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر ما بعد الثورة المصرية : كل ثورة وانتم طيبين

ابراهيم القبطي

2012 / 5 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد قيام الثورة يوم 25 يناير 2011 انتابتنا جميعا أعراض الوحدة الوطنية ، وظهر لنا أمل جميل في وطن يمكن ان يكون بلاداً للحضارة مرة أخرى . لا يفرق بين مسيحي ومسلم سني او مسلم شيعي أو يهودي أو بهائي أو نوبي أو أمازيغ ، ولكن الثورة فعليا لم تستمر إلا أيام قليلة قفز بعدها الاخوان والعسكر عليها . فماتت الثورة في مهدها وانهارت احلامنا بالوطن ، وعادت كوابيس حكم العسكر والاخوان أو السلفيين (1). عندها قررت الصمت عن الكلام . ببساطة حدث لي احتباس في الكتابة . فما فائدة الكتابة طالما فشلت دماء الشباب في الميادين في تغيير الواقع . هل ستغير الكتابة شيئا ؟؟؟

قامت الثورة المصرية. ولا نعلم حتى الآن من قام بها تحديدا ، لأنها كما قلت قبلا ثورة بلا وجه (2) . ولأنها بلا وجه صنعوا لها ألف وجه ووجه . من أول وجه وائل غنيم الأخوانجي مرورا بأوجه ناعوت وحمزاوي و حمدين وساويروس والشيخ حسين يعقوب صاحب غزوة الصناديق ، وعشرات غيرهم حتى انتهت بوجهين : وجه محمد مرسي الملتحي ووجه أحمد شفيق العسكري.

مرسي وشفيق وجهان لعملة واحدة لم تتغير منذ جاء التاريخ بمحمد والاسلام ، حكم عسكر (أو ملك) أو حكم أصحاب لحى ، حكم معاوية أو حكم علي بن أبي طالب ، حكم صدام أو حكم ملالي طهران ، حكم البشير أو حكم الترابي ، حكم القذافي أو حكم القاعدة . حكم "تديّن السياسة" أو حكم "تسيس الدين" . وهما الاختيارن الوحيدان اللذان تركهما الإسلام للشعوب بقدر تأثير الإسلام داخلهما . (3)

لهذا وبظهور وجها شفيق ومرسي يمكننا ان نعلن وفاة الثورة المصرية ... والسبب هو دروشة الشعب المصري وأفيونة الإسلام (4) ، فجعلهم يقبلون إما بحكم العسكري طالما مسلم ، أو بحكم شيخ ملتحي يطبق الشريعة ... مات خالد سعيد ومات مينا دانيال ... نزلت دمائهم لتروي الارض فأخرجت منها شوكا وحسكا . لأن الأرض ملوثة بالفكر العرباني منذ 1400 عام ولا توجد فيها إلا بذور القهر والدكتاتورية المحمدية .

الاعراض الاحتباس التي عانيت منها لم تظهر عند بعض أصدقائي ممن يكتبون في المواقع العلمانية والمسيحية ، كانوا قديما يعرفون الخلل الإسلامي في تربة مصر ويواجهونه بكل ضراوة في كتاباتهم ، فلما قامت الثورة بدأت تظهر عليهم أعراض الوحدة الوطنية مثلي ومثل الجميع ، لكنني عندما بدأت أدرك ان الثروة المصرية كانت فقاعة وتخلصت من أعراض الوحدة الوطنية لأنه لا وجود لحلم الوطن بعد . استمروا هم في ثورتهم ، ثورجية حتى النخاع ، وكأنهم أرادوا ايقاف الزمن ليستمتعوا كل لحظة بشعور النشوة الذي انتاب الجميع ... ثورة ثورة ... يسقط يسقط ... الشعب يريد .... هييييه !!!
بدأ اصدقائي الثورجية يهاجمون اسلوبي القاسي في مهاجمة الإسلام ولسان حالهم يقول:
يا ابراهيم فيه مسلمين كويسين
فيه مسلمين بيدافعوا عن حقوق الأقباط
مش كل حاجة ترجعها للدين .
فيه مسلمين بيقوموا بمظاهرات علشان كنايس اتحرقت.
فيه مسلمين علمانيين يشغلهم الوطن بكل فئاته

كانت إجابتي لهم دائما ، أن يخرجوا خارج فقاعة الثورة الوهمية لأنها انفجرت ، والذي فجرها اهل الإسلام من الاخوان والسلفيين الذين كفّروا الثورا أولا ، ثم تلونوا إلى ثوار بعد انتهاء الثورة . وأنه بكل تأكيد هناك مسلمون يحاولون أن يكونوا مواطنين . يحاولون أن ينسوا إنهم مسلمين . يصارعون لينسوا تكفير القرآن للمسيحيين "الضالين" واليهود "أحفاد القردة والخنازير" ، وأحكام الكفار في الإسلام معروفة ..

مشكلتي مع هؤلاء المسلمين "المستنيرين" أمثال (حمزاوي والقمني وناعوت وصلاح منتصر) ومن يشاكلهم من الشباب الصغير ، مشكلة أيدولوجي وليست مشكلة أشخاص . على العكس انا أكن لهم كل احترام ، هم يحاولون ان يخلقوا فكرا جديدا داخل الإسلام ليس فيه ، أملا في تحويل مسار الإسلام ومعه الشعوب التي تؤمن به إلى ركب الحضارة. ولكنهم للأسف يكذبون ويتجملون ويحاولون إخفاء حقيقة الإسلام بمساحيق تجميل رخيصة . يرتعشون في تنوريهم فتظل الدنيا ظلام.(5)

عندما يقول أحد "المسلمين المستنيرين" أن دينه هو مصر . ويقول آخر أنه يؤمن بالعلمانية وحرية العقيدة ، ويقول ثالث أنا اعترض على الإسلام النصي (أي الذي مصدره نصوص القرآن والسنة) . أو يقول رابع بأن نصوص القرآن وليدة ظروف البئية ولا تصلح لكل زمان ومكان كما يظن أي مسلم منذ أيام محمد . هؤلاء جميعهم في عرف الإسلام –كما أنشأه محمد- كفاّر. ينكرون صحيح الدين ويعترضون على كلام محمد في القرآن او السنة ،. من الممكن أن نسميهم – بحسب الاسلام الأصلي - ملحدين شيوعيين منافقين كفار عبدة أوثان مرتدين . أي لقب يصلح إلا "مسلمين" .

ولما يفتخر كل واحد من هؤلاء بأنه مسلم مستنير ، يصبح الامر أعقد مما نتخيل . يصبح تعاملنا مع أزمة عقلية حادة . مثل أزمة حمار يتغصّب في اقناع نفسه أنه عصفور على الرغم من أن كل الأدلة عكس ذلك . ستواجهه الحقيقة عندما يقرر الطيران فيفشل ويفقد حياته . أمثال هؤلاء (وأنا لا ألومهم) يحاولون دائما اصطناع الموضوعية . فيهاجمون تارة المسلمين "الرجعيين المتزمتين" الذين شوهوا صورة "الإسلام المستنير" ، وتارة اخرى يهاجمون المسيحيين (السلبيين الضعفاء الذين لا يطالبون بحقوقهم) تحت بند الموضوعية والحيادية . وهذا لا يعدو كونه نوع من التفريغ العاطفي يعطي الفرصه لـــ "المسلم المستنير" أن يهاجم الاسلام -الذي يريد في داخله التخلص منه والفكاك من أسره - ويبرر هذا الهجوم بهجوم على المسيحية حتى يظهر علمانيا محايدا لا يحابي دينا على آخر . لهذا أرى أن علاجهم الوحيد هو إعلان إلحادهم الصريح وخروجهم عن الإسلام مثل ما فعله الاساتذة صلاح الدين محسن وابراهيم الجندي وغيرهم . عندها يمكن أن نخلق تنويرا في مصر يمكن أن يغير تربة الفساد الإسلامي إلى روح الإنسانية .

اما بالنسبة لأصدقائي "الغير متطرفين" و "الوطنيين" و "الثوريين" سؤالي الوحيد الذي أتمنى أن يسألوه لأنفسهم : لماذا فشلت الثورة المصرية؟
لو عرفوا سبب فشل الثورة التي دغدغت مشاعرنا أولا . ساعتها يمكن أن يفهموا لماذا أنا أهاجم الإسلام . ولن أصمت عن الهجوم وفضح هذه العقيدة الغير إنسانية .

أخيرا : أي محاولة أو ثورة لإصلاح مصر أو أي منطقة في الوطن العربي محكوم عليها بالفشل في وجود الإسلام . هذا رأيي والتاريخ بيننا .
كل ثورة وانتم طيبين
------------------------------
الهوامش :

(1) راجع مقالاتي السابقة "خواطر ثورية " في الحوار المتمدن
(2) راجع مقال : خواطر ثورية (1) : من أنتم ... من أنتم ؟
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=252022
(3) راجع مقالي : قل لي من تعبد ... أقول لك من يحكم -أنظمة الحكم في العالم الاسلامي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=44678
أو نسخة معدلة هنا : http://mechristian.wordpress.com/2010/05/01/islamic-dictatorship/
(4) راجع مقالي : خواطر ثورية (11): أزمة شعب
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=262337
(5) راجع كتاب : ارتعاشات تنويرية للكتاب صلاح الدين محسن
http://tanweer2000.blogspot.ca/










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تاكيداً لكلامك
‎هانى شاكر ( 2012 / 5 / 26 - 16:42 )

أهم أهداف ألأستعمار ألسعودى هو ألحصول على ألمتعة ألجنسية مع ألمصريات .. بالدعارة الحلال والدعارة ألحرام ..

هذا ما سمعته منهم عشية حرب حزيران 1967 ...

سمعته من زملاء ألدراسة بالجامعة ألذين درسوا معنا وكان احترامهم ألحذر لمصر وألمصريين سببه ألخوف ألشديد من عبد ألناصر قبل ألحرب .. نعم سيدى .. عبد ألناصر ارسى الرعب فى قلوب ألمصريين و ألأجانب حتى سقوطه فى تلك ألحرب ألكارثة .

سمعته أيضاً من أعضاء هيئة ألتدريس بالجامعات ألمصرية ألذين أكتشفوا أن ألقوادة أسلس و أسهل من ألقيادة .. وباعوا ألأمتحانات وألدرجات ألعلمية نهاراً و ألفروج ليلا لطلاب الخليج

سمعته أيضاً من كل بواب عمارة فى ألدقى و مصر ألجديدة

وأسمعه أليوم من شيوخ ألسلفيين و قياداتهم الحزبية وألبرلمانية - عباد ألفرج وألمهووسين جنسيا , كالبلكيمى مثلاً - ترزية قوانيين ألدعارة ألحديثة , ألمطالبيين بتزويج البنات ألمصريات عند سن 12 لكحاكيح القرضاوى ..

ألسعوديون معهم دولارات ألبترول .. و يريدون سوق رخيصة مستقرة للهوس ألجنسى فى مصر ... لأذلال مصر إلى ألأبد

أعتذر لفجاجة ألتعليق


2 - هذا ما قلته
محمد بن عبدالله ( 2012 / 5 / 26 - 18:20 )
هذا ما كتبته في تعليقي رقم 1 على مقالة السيدة رشا ممتاز
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=308970

فسارعت إلى منعه

هل يرتعد المسلمون من مجرد التفكير خوفا من وقوعهم في الكفر وتكذيبهم لرسالة خاتم المرسلين؟


3 - الأديان واحدة
عادل الليثى ( 2012 / 5 / 26 - 18:57 )
نعم نربد أن نتخلص من الإسلام ... ربما على الطريقة المسيحية .. فالمسيحية سبقت الإسلام بستة قرون .. وهذا هو الفارق .. فالمسيحية منذ ستة قرون كانت إسلام أوربا
وبعد عدة قرون ستجد المسلمين يقيدون الشمع فى المساجد فى عيد الفصح الإسلامى .. لكن أن يعلن الجميع إلحاده .. ليس حلاً .. هو خلق أقلية جديدة ستكون أكثر تعرضاً للإيذاء فى مجتمعات تراثها أديان فقط


4 - شكرا للتعليقات
ابراهيم القبطي ( 2012 / 5 / 27 - 00:46 )
الزميل هاني شاكر
شكرا على التعليق وإن كنت لا أعلم ما هي علاقته بالموضوع ... دور السعودية لم أذكره في هذا المقال ، وإن كان سيتم ذكره في مقالات قادمة
الزميل محمد بن عبد الله
الوسيلة الوحيدة للمسلم الرجل -الأغلبية- ليحيا مطمئنا هو أن يحيا تحت قهر الدين والشريعة بدونهما يشعر بالعري

الأخ عادل الليثي :
كمؤمن بالمسيح اويد كلامك ، ولكني لا استطيع فرضه على أحد ... أنا في المقالة أتكلم من زواية إنسانية مطلقة ، فالأشرف لهؤلاء أن يلحدوا خير لهم من خيانة أنفسهم
والأفضل بحسب ايماني أن يجدوا معنى لحياتهم وخلاصا بالايمان بيسوع المسيح ربا ومخلصا

ولكن المسيحية لا يمكن ان تكون حلا سياسيا لمشكلة مصر ، على الشعب المصر أن يتحرر أولا ثم يختار بحرية ما يريد لأن المسيح لا يفرض نفسه على أحد


5 - نعم أحلى الخيرين مر كالعلقم ولكن ؟
سرسبيندار السندي ( 2012 / 5 / 27 - 03:00 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي إبراهيم القبطي ، لقد ذكرتني بصديقي المهندس الزراعي وإسمه أيضا إبراهيم القبطي في العراق وتعليقي ؟

1 : إسمح لي أن أقول لك أن اليأس ليست من شيمة الثوار الحقيقيين ؟

2 : السياسة أولا وأخيرا هى فن الممكن ، ولغاية ألأن في إعتقادي المتواضع أنه لازل الموقف لصالح الثوار لأن المنطق يقول أن شفيق زائل زائل بحكم مدته ومادام الميدان موجود هو ألأصلح لهذه المرحلة وحتى للثوار لأنه رأي مدى خطورة الميدان ؟

3 : لو تعاون الثوار بقوة معه معه لربما أطاح وللأبد بسلطة العسكر بحكم موقعه بإحالتهم للتقاعد ، ولن يكون في مقدورهم بعد ألأن القيام بأية إنقلاب ، ولاأنه ليس من ضمن صفقات ألإخوان ؟

4 : أما لو فاز ألإخوان فاليقرأ كل دعاة الحرية والديمقراطية والدولة المدنية السلام على مصر ، فهذا مايقوله الواقع والمنطق بدليل ديمقراطيات حماس وإيران والسودان وطالبان وتاريخ كل ألإخوان ؟

4 : لذا على القوى الثورية أن تلعبها صح فخسارة معركة لاتعني خسارة الحرب ، هذا مايقوله فقهاء السياسة ألأذكياء ، أما ألأغبياء فهم من يكررون نفس ألأخطاء وفي نفس الظروف ويريدون نتائج مغايرة ، إنها حقا لكارثة ، سلام ؟


6 - فن الممكن
ابراهيم القبطي ( 2012 / 5 / 27 - 04:59 )
استاذ س. السندي
شكرا على تعليقك الثري ومحاولة احياء قبس من الأمل في الثورة
زميلي العزيز اليأس ليس من طبعي ، فأنا لم أقل بنهاية مصر ، فقط بنهاية الثورة

وتعمدت أن أختم بــ -كل ثورة وانتم طيبين- لأنني أعلم تماما أنها لن تكون الأخيرة

وسيظل الشعب المصري يقوم بثورات وتفشل إلى يفهم الحقيقة المعروضة في المقالة وهي:

أي محاولة أو ثورة لإصلاح مصر أو أي منطقة في الوطن العربي محكوم عليها بالفشل في وجود الإسلام .

هذا هو جوهر المقالة وليس اليأس أبدا

من جهة اختيار شفيق : فهو بكل تأكيد أفضل من اختيار أصحاب اللحى ... في هذا أؤيدك تماما ولكن حتى شفيق ما هو الا افضل الخبائث ... لأنني أعلم تماما أن حكم عسكر ما هو مقايضة رخيصة على أوضاع الأقليات واللعب على وتر الفتنة الطائفية دائما وأبدا من أجل حكم البلاد بالحيدي والنار ، ولكن على رأي أحدهم أن يحرق العسكر كنيسة كل عام ويفرضوا الاحكام العرفية أفضل من أن يحرق الاخوان كنيسة كل شهر ويفرضوا الشرع الإسلامي

شكرا على التعليق


7 - المنتصر هو اللى نفسه اطول ..
حكيم العارف ( 2012 / 5 / 28 - 00:49 )
استاذى الحبيب ابراهيم

لقد قلت هذا قبلا ...

المنتصر هو اللى نفسه اطول ..

النفس الاطول فى المصروفات .

النفس الاطول فى حشد واللعب بعقول البسطاء

النفس الاطول فى اللعب على الوتر الحساس .

النفس الاطول فى الاستمرار فى الكذب لان السياسه لعبة قذره.

النفس الاطول فى الهروب من المواجهه المباشره والاكتفاء برمى لعبه ومراقبة المواقف لجميع التيارات.

اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية