الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في بيتنا بندقية

محمد شفيق

2012 / 5 / 26
المجتمع المدني


استميح الكاتب الكبير احسان عبد القدوس العذر لاستعارة عنوان واحدة من روائعه ( في بيتنا رجل ) الفلم المصري الذي يحكي قصة مناضل مصري أبراهيم حمدي (والذي يجسد دوره الفنان عمر الشريف) كان قريبه قد قتُل في أثناء تظاهرة على يد البوليس في المدة ما قبل الثورة فقرر الإنتقام بقتل رئيس الوزراء الذي كان يتهم بالخيانة والموالاة للانكليز، ولكن يتم القبض عليه بعد تنفيذ العملية ويتم تعذيبه حتى يدخل أحد المستشفيات ويستغل مدة الأفطار في شهر رمضان ليقوم بالهرب.
هكذا اصبح حالنا اليوم، بعد ان قررت الحكومة العراقية السماح لكل عائلة عراقية بحيازة قطعة سلاح وخيّرته بين بندقية أو مسدس والذي تلاه واحد من أرفع المسؤولين الذين انيطت بهم مسؤولية التحدث بإسم العراق .القرار الذي توضع عليه علامات استفهام وتعجب عدّة، كشف عن أمور مخفية كثيرة، وكأن الحكومة تريد ان تقول للمواطن بأن الجهاز الأمني الذي يخصص له نسبة كبيرة من الميزانية التشغيلية البالغة 70 % من الموازنة العامة للدولة غير قادر على توفير الحماية، والحفاظ على الأرواح والممتلكات لذلك نجيز لكم استخدام قطعة سلاح خفيفة واحدة لحماية انفسكم وممتلكاتكم، خصوصا ان هذا القرار يتزامن مع تصاعد ملحوظ في عمليات السرقة للدور والمحال التجارية الأمر الذي تتكتم عليه الحكومة وحتى وسائل الاعلام. وهذا يدل على ان الجهاز الأمني العراقي مازال هشاً ويعاني الكثير وان التبجح بقدرة وكفاءة القوات الأمنية ما هو الا كلام اعلامي يراد منه تمرير اجندات سياسية معينة، وان حقيقة الجهاز الأمني العراقي غير ذلك تماما .القرار كشف كذلك عن الضحالة الستراتيجية التي تتعامل بها الحكومة في اتخاذ مثل هذه القرارات المهمة، فهي لم تراع جملة من الأمور كتلك المتعلقة بالجانب السيوسيولوجي حيث المجتمع العراقي الذي يغلب عليه الطابع العشائري وعلاقة السلاح بالعشيرة علاقة ازلية اذا جاز الوصف وكان السلاح يصلهم في أشد الأيام التي كان النظام السابق يحصر فيها السلاح بيد الدولة وراحت بعض العشائر تنحرف عن المبادئ والاعراف الاجتماعية وتمارس عمليات السلب والسرقة على الطرق والمقاطعات الحدودية. فكيف اليوم وقد جعلت الحكومة للسلاح أطار قانوني يجيز لهم استخدامه ويخيرهم بين بندقية أو مسدس !! ثم أما فكّرت الحكومة قليلا بتجارة الأسلحة وهي التي بشكل أو بآخر تشرعن لتجارة السلاح ؟ وهل أدركت عواقب ازدهار تجارة السلاح واقتناء كل عائلة لقطعة سلاح ؟ ان اليمن الذي كان يسمى يوما ما بـ "السعيد" أهم تحدٍ يواجه أمنه واستقراره الهش أصلا هو تجارة الأسلحة بحسب التقارير الدولية والمحلية. وما غفلت عنه الحكومة ايضا انها للتو تخلصت من سطوة الميليشيات والجماعات المسلحة، وقرارها الحكيم هذا من شأنه ان يبعث الأمل والروح مجدداً لدى افرادها.والأهم من ذلك هو، هل تابعت الحكومة ومكاتبها ومسؤولوها الاعلاميون ردود أفعال الوكالات والصحف حول هذا القرار ؟ وكيف تناولت الخبر ؟ ولماذا أصلا تناولت خبراً محلياً ؟ ما اريد ان اصل اليه في هذه النقطة ان احدى الوكالات العربية تناولت الخبر على صدر صفحتها الرئيسة، وهذه الوكالة لا تتناول الشأن العراقي إلا نادراً، فهي لا تتناول حدث استشهاد مئات العراقيين في تفجيرات ارهابية تهز العاصمة لكنها تناولته مفردة له مساحة كبيرة !! الامَ يشير ذلك يا رجال اعلام الحكومة ؟!.الاجدر بالحكومة العراقية ان تسحب قرارها فورا، كما يجدر ايضا بالمثقفين والاكاديميين ان تكون لهم وقفة تجاه هذا القرار خصوصا اننا نسعى اليوم لتعزيز ثقافة الكلمة والحوار والأمن والسلم الاجتماعي.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية




.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور