الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدمة المجتمع الواقعي والإفتراضي

عبدالرحمان بينكو

2012 / 5 / 28
المجتمع المدني


من بين أهم الملاحظات التي يمكن وضعها بالنسبة للشبكات الإجتماعية التواصلية، أنها تقربنا إلى أهم التفاعلات التي تعرفها الساحة الدولية والإقليمية، من خلال النقر على رمز "مشاركة" أو "نشر" لصور وأخبار ...، حتى يتمكن أكبر عدد من الأصدقاء مشاهدة ما يجري من أحداث، لكن الغريب في الأمر أننا وبعد تلقي لهذا الكم الهائل من الإدخالات، ترتب عنه ترسيخ شعور نفسي غير متحكم فيه، يجعلنا نأخذ تلك المعطيات بحس أو شعور اللامبالاة، وهو في الحقيقة يمكن تشبيهه بتمرين رياضي لعضلة، بعد أن اعتادت في البداية على مجهود حركي معين لتنتقل لمجهود أكبر، والذي معه تصبح العضلة لا تبالي للمجهود الأول.
هكذا يصبح نسق العقل الإنساني يتعامل مع الأحداث والمعرفة التي يتناولها من الوسط الإفتراضي، وهو نفس التصور يمكن طرحه على المستوى الواقعي، لكن هذه المرة وفق سياق "لحظة الحدث"، زمانا ومكانا.
فالتعامل مع الأحداث التي تحيط بنا -واقعيا، إفتراضيا- والتفاعل معها بهذا الشكل، يجعلنا نتعايش معها، دون إعطائها الأهمية التي تستحق، فما إن تظهر أحداث معينة لم تقتل بعد إلا وتظهر أحداث أخرى تقتلها وتزيحها عن حقل النقاش وتقتل معها فرص البحث عن الحلول الممكنة، فهناك بعض الافراد يميلون إلى إدراك الوقائع والاحداث التي تدور حولهم لكن بطرق مختلفة ومتفاوتة وذلك اعتمادا على طبيعة الخلفيات التي عاشوا فيها والحوافز والبواعث التي يستهدون بها، لكن الأخطر في الأمر هو حين يكون الإهتمام مبني على مصالح يسعون إلى تحقيقها.
حقيقة إن نمط التعامل مع هذه الظاهرة وفق هذا التصور هو ليس جديدا، بل هو متداول، لكن ليس بالحدة التي تم ملامستها عبر الشبكات الإفتراضية، والذي أنتج بدوره "مجتمعا غير مبالي"، أو الغير المهتم للأحداث التي تحيط به، يتأثر ولا يؤثر في الواقع، وهو ما يجعلنا نشكك في مفهوم تحول السلطة من الهرمية إلى الشبكية في مثل هاته المجتمعات.
هذا النوع من المجتمعات، هو نتاج مركب مجموعة من العوامل المتداخلة، والذي لا نجده غالبا إلا في الدول التي مازالت تقيد أشكال التعبير، وتكبح ردود فعل مكوناتها الإجتماعية، فهي بطبيعة الحال صنيعة أنظمتها السياسية، فتواجدها يحيلنا مباشرة إلى طرح استشكالات حول فهم طبيعة النظام السياسي الذي تتواجد فيه.
متى ستشعر هذه المجتمعات بالصدمة؟
ملامح الإجابة عن هذا السؤال، ستظهر أساسا عندما ستعيش هذه المجتمعات في ظل نفس الأنظمة بالذات، "دورة الأحداث"، فتصبح حينها موضوعا للحدث الذي سيشاهده المتلقي الأخر، والذي معه ستدرك مدى أهمية وخطورة ما كانت تعيشه المجتمعات الأخرى، وهو في الحقيقة سيكون ثمن صمتها وعدم إبداء رأي يؤثر على الوقائع التي كانت تدور حولها، إن هذا التعامل –البنتامي-* الذي يجعل منها كمتلقي غير قادر على النقد أو التعقيب وأحيانا السخرية، ليتبلور في شكل رد فعل واقعي من خلاله تنفض شعور التعايش معه، هو ما سيجعلها تعيش على إيقاعات أنغام الصدمة.
يتبـــــــــــــــــــع...
*(J. Bentham) بنتام فيلسوف وإقتصادي إنجليزي يعتبر أهم رواد المذهب النفعي في الفلسفة، كتب في الفلسفة القانونية والمؤسسات السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - كوريا الشمالية تعرب عن دعمها الكا


.. حديث السوشال | في الأردن.. معلمة تصفع طفلاً من ذوي الاحتياجا




.. مشاهد لاكتظاظ مدينة دير البلح بالسكان النازحين من رفح


.. تونس: متظاهرون يطالبون بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وإطلا




.. الجيش الإسرائيلي يخلي مراكز الإيواء من النازحين الفلسطينيين