الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسألونك عن الروح..

وديع العبيدي

2012 / 5 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وديع العبيدي
يسألونك عن الروح..
اللغة هي منتوج بشري، مصنوع غير مخلوق. وهي في نفس الوقت ظاهرة فيزياوية تعتمد الحركة وتشترط وجود مادة (هواء). والصوت البشري ينتج من حركة (ذبذبة) الأوتار الصوتية في الحنجرة عند ملامسة الهواء لها بفعل العملية التنفس. والتعبير التوراتي (تك 2: 7) "نفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية!"، يمكن أن يفهم منه الحركة، أي أن آدم صار يتحرك، أو أنه صار يتكلم. فعلامة ولادة الطفل هي البكاء (صوت)، وأحيانا يتم قرصه في جلده ليبكي، فالصوت للطفل علامة الحياة، كما أنه يفتح الأوعية التنفسية. وعند انقاذ غريق يتم النفخ في (فمه) ليستعيد قدرته على التنفس.
أعواد القصب المجوفة، عند مرور الهواء فيها تخرج صوتا، عرف الانسان ذلك.. صنع ثقوبا فيه وشذّب فتحاته لموسقة الصوت الخارج منه، وذلك من خلال التحكم في عملية النفخ. ويقال (الموسيقى غذاء الروح)، لأن الشعور الخارج من أعماق النفس، يداعب الأعماق ويهيجها.
الله روح.. والذي يعبد الله فبالروح يفعل.. "والروح هو الذي يشهد، لأنّ الروح هو الحق. فأن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد. والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة: الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد."/ (1يو5: 6-8). وهكذا تتكرر مفردات الروح في الانجيل. فالروح التي هي الثالثة بين الأب والكلمة، هي أداة الربط (joiner) هي مادة الربط. أي هي النسيج الرابط والجامع والموصل. دعنا الآن نغير لفظة الروح ونضع محلها لفظة (ريح) أي -هواء- وهو العنصر الفيزياوي الذي يجتمع مع الحركة لصنع الصوت/ اللغة. فالكلمة من غير [روح/ ريح] لا وجود لها، أو هي كيان ميت. والانسان بغير [روح/ ريح] هو كيان ميت/ جامد- غير متحرك وبلا حرارة. يستطيع الانسان الاستغناء عن الطعام والماء لمدة متفاوتة، ولكنه لا يستطيع الاستغناء عن الهواء [دقيقة/ بضع دقائق]. فكل من الكلمة والكائن لا يوجد بغير [ريح/ روح]. والروح هي التي تنفعل وتتألم قبل الجسد.
ان مصدر لفظة (روح) في اللغتين الاغريقية والعربية، هو نفس مصدر لفظة (ريح). فالروح.. هذا التعبير الذي يكتنفه الغموض وهالة القداسة، ليست في حقيقتها غير أحد ظواهر المادة الفيزياوية، والممثلة بالريح- هواء. والهواء (قوة/ طاقة) محركة في الطبيعة، العظمى والصغرى. وكما أن الطاقة تتخذ صورا وآليات متعددة، فكذلك هي الريح- بالمفهوم الفزياوي، والروح بالمفهوم الديني.
في المقطع الثاني من كلام يوحنا، يجتمع [الروح والماء والدم]، وهذه ثلاثة أنسجة – مواد رابطة وموصلة ومحركة. الروح- هي الريح التي تشغل الفراغ/ الفضاء الأرضي الحيّ، والتي تشكل عنصر لا غنى عنه لانتقال الحركة والصوت، والحركة والصوت هي الحياة، ولا حياة بلا أحدهما أو كليهما. والروح هنا كناية عن الصلة بين السماء والأرض*. وعندما يموت الكائن يفقد صوته ثم يفقد حركته. والماء ليس غير صورة أخرى للهواء. حيث يتكون الماء من جزيئات ناتجة من اتحاد ذرتي هيدروجين بذرة أوكسجين. ويوجد الماء في الطبيعة كما أنه يشكل ثلاثة أرباع جسم الكائن الحي. وإذ يأخذ الهواء الحالة الغازية، يأخذ كلّ من الماء والدم حالة السيولة.
لعلّ الدم هو الأقرب في مركباته وأهميته للكائن الحي إلى الهواء، حيث يتألف كلّ منهما من مركبات كيمياوية مختلفة ، يحتويها الدم في نسيجه السائل المسمى باللمف. ويقوم الدم المنتشر في كلّ أنحاء الجسم عبر شبكة أنهار وقنوات تدعى بالشرايين والأوعية الدموية والشعرية الدقيقة، بتغذية أعضاء الجسم المختلفة بما فيها الانسجة والجلد، بالمواد الغذائية اللازمة لكلّ عضو حسب عمله وتقنيته. وعند نقص مادة من مركبات الدم، ينعكس ذلك في صورة عطب العضو مما يسبب حالة مرضية في الجسم. ويقوم الدم بامتصاص المواد الغذائية اللازمة كعناصر كيمياوية من الأطعمة والسوائل الداخلة إلى الجسم. وعند نقص الغذاء أو سوء التغذية تتأثر نسب العناصر الكيمياوية في الدم مما ينعكس على الجسم. وتوجد تلك العناصر في الدم/ الجسم بنسب شبه ثابتة مع شيء من مرونة، ولذلك تنطبق عليها قاعدة (الزيادة كالنقصان) التدميريةة.
يمثل (الدم) علامة فارقة خاصة بالكائن الحيواني، أما النباتات فتقتصر على تداول الماء الذي تحصل بواسطته على المواد الغذائية اللازمة لها. النبات كائن حي، يولد ويموت ضمن دورة الطبيعة، أسوة بالحيوان والانسان. ونحن نتعارف على أن للانسان والحيوان روح، ولكن هل للنبات روح؟..
النبات كائن حيّ، بالتأكيد. ولكن هل يمكن اعتبار الحياة في النبات والحيوان والانسان كشيء واحد، أم أن الحياة لكل منها مختلف، - بحسب الفكر الديني. هل اختلافها راجع لاختلاف (الحياة) فيها، أم لاختلاف درجتها التطورية؟.. الاختلاف الظاهري الأساس ان النبات مادة خشبية، والحيوان والانسان مادة من لحوم وعظام. إذن يمكن تقسيم المحيط الحيوي بحسب الأصول إلى..
- أصل مادة (هواء)..
- أصل مادة (ماء)..
- أصل مادة (تراب)..
- أصل مادة (خشب)..
- أصل مادة (لحم/ عظم)..
- أصل (روح)- الذي هو ليس (مادة)!..
- أصل مادة (فحم/رماد)!
*
الواقع أن تشارلز دارون كان شخصية متدينة جدّا، وذلك لم يمنعه من اعتماد نظرية التطور المادي وأصل الأنواع، وذلك باستخدام العقل الذي يسعى للحصول على أجوبة لكثير من الأسئلة التي تركها الفكر الديني رهن الغيب. ان الانسان بحاجة إلى قدر لا نهائي من الحرية ليتحول إلى عقل كوني شمولي يتقدم ويعمل بدون موانع ومحرمات وخطوط حمر. وقد أمسك دارون بلحظة من تلك الحرية الكونية ليضع أحد المفاتيح الرئيسة للوجود الأرضي. ونعرف اليوم على الأقل أن المادة (ذرة/ item) هي العامل المشترك بين مختلف أنواع الوجود. وأن كلّ الكائنات الحية بعد موتها تعود تتحلل إلى تراب وهواء، بحسب مكوناتها الأصلية من غازات خفيفة وثقيلة.
فالتراب والماء والهواء هو واحد، بحسب مكوناته. والنبات والحيوان والانسان، هو واحد بحسب مكوناته. فالطبيعة- الكائنات، تشكلت من مادة أو مركبات المواد نفسها، ولكن بنسب واتجاهات وأشكال متباينة. وظاهرة التجاذب والتنافر سواء بين الموجودات الطيعية، أو الموجودات الحية، انعكاس لوحدة العناصر الفاعلة فيها والمشكلة لها. هذا التجاذب والتنافر هي ما يأخذ صور الحب والكره، الحاجة والاكتفاء في عالم الحيوان.
إذن يمكن اصطلاح [النظرية الذرية] بدل نظرية التطور وأصل الأنواع، أو نظرية (وحدة الوجود). وهذا يقود بالنتيجة إلى فكرة مفادها أننا جميعا أخوة كما قال جبران، الشجر والطير والحيوان والبشر. وإذا كان كذلك، فما هو السيء في الأمر؟.. هذا سؤال جاد وحقيقي أما الكلّ!..
هل تمانع أن تكون أخا للبشر- بحسب الآصرة الانسانية..
هل تمانع أن تكون أخا لجميع الحيوانات والطيور- بحسب الاصرة الحياتية..
هل تمانع أن تكون أخا للأشجار والنباتات- بحسب الانتماء للطبيعة..
ولماذا.. مع كل إجابة!..
الاخوة- بمعنى وحدة المنشأ والاتنماء- تعني محبة
والمحبة تعني دعم ومساعدة
والمساعدة هي ترجمة للخير وتجسيد للجمال..
ولكن المحبة أيضا هي التواضع والاتضاع
والاتضاع يعني تجاوز الذات والغاء التمايز والتنابز..
والغاء الأنانية والحيازة والتسلّط..
وعند هذه النقطة سوف يبدأ التراجع.. وتعتقد أن لديك حججا معقولة ودامغة..
عند هذه النقطة يبدأ الفكر الديني..
فكرة التمايز والأنانية والحيازة والتسلّط!.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
• ان سرّ الأدلجة الدينية لفكرة (الروح) كظاهرة امتياز، خصّ بها الكائن العلويّ الانسان، يكمن في تأكيد فكرة مديونية المرء للربّ. فالروح -دينيا- هي هبة سماوية للكائن الأرضي. وقد استعارت المسيحية نفس المفهوم (الهباتي) تحت تسمية [روح القدُس]، وجعلت فارقا كبيرا بينهما. فكرة المديونية، إلى جانب فكرة الخطية والغفران، هي صور تأكيد الصلة بين الرض والسماء، بين الانسان، والأب السماوي!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قل الروح من امر ربي
عبد الله اغونان ( 2012 / 6 / 1 - 23:18 )
الروح هي الحياو في الجسد
اذهناك اجساد تتحرك ولاروح لها وهناك روح بلاجسد
تفسيرك للروح من المسيحية التحريفية المغلوطة
الروح المطلقة هي الله المستغني بكماله عن غيره
الاب والابن والروح القدس ثلاثة في واحد اقرب الى شركة افلاس
انه الشرك كما في الحب والسلطة لايستحقهما الا الواحد الاعلى درجة في كل خير المنزه عن كل شر ونقص
انه الله تعالى الواحد الاحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد
هو الروح المطلقة نعرفه بالصفات ولانعرفه بالذات
لذلك قال
ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما الاتيتم من العلم الا قليلا

اخر الافلام

.. -اليهود مش هينسوهم-..تفاصيل لأول مرة عن قادة حرب أكتوبر


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال




.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |