الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تموت الأشجار واقفة !!! وداعا جاسم الصكر

حامد كعيد الجبوري

2012 / 6 / 6
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


الشيوعية سلوك فطري كما الخير والماء والهواء ، أقرأ ألف كتاب ولا تصبح شيوعيا ما لم يقرن الفكر مع التطبيق والعمل ، عرفتُ الشيوعية من خلال وجوه حلية عايشتها ستينات وسبعينات القرن الماضي ، وجدت فيهم الصدق والأمانة والتضحية وحب الخير وحب الوطن ، أسماء لا تمحى من ذاكرتي التي لا تزل تختزن بأسماء رسموا من خلال سيرتهم ومسيرتهم ألق لا يمحى ولا يكرر ، ( عباس حمزه الكناي ) الملقب ( أبو عمشه ) مناضل شيوعي ومثقف فطري أحب الناس وأحبته ، لم نعرف له أبا أو أما لأنهم توفوا وهو طفل رضيع فكفلته زوجة أبيه ، مثقف فطري لم يقرأ هيكل ولا ماركس ولا لينين ولا تولستوي ، ولكنه تثقّف بحب الفقراء وحب الفكر الذي أعتنقه ، ( عباس مجيد موسى البياتي ) ذلك الشيوعي الوسيم الذي كرس حياته من أجل الفقراء والوطن ، أسماء لا يمكن المرور عليها مرور الكرام لأن ذلك يسئ لتاريخهم النضالي المشرف ، جعفر حمود هجول ، رءوف سعيد الطاهر ، عبد الأمير شمخي الشلاه ، علي هادي ، عبد اليمه هادي ، محسن كريدي ، ناجي ديكان ، عبد ألآله حبيب وأسماء رحلوا وتركوا أثرا وأرثا وطنيا لا يستهان به ، مساء يوم 4 / 6 / 2012 م غيب الردى رفيقا ومناضلا وشهما وصلبا وهو جاسم حسين الصكر ، ولد الراحل عام 1941 م في ناحية القاسم ، أكمل الابتدائية في الناحية مع رفيق دربه الفنان كوكب حمزه ، أنتقل الى الحلة لإكمال الدراسة المتوسطة والثانوية ، من عائلة أقطاعية كبيرة تمتلك مئات الدونمات من الأراضي الزراعية ، تمرد على واقعه الإقطاعي وأنتظم مع صفوف الحزب الشيوعي العراقي بداية ستينات القرن الماضي ، شارك مع الرفاق وأصدقاء الحزب الشيوعي بقيادة تظاهرات في ناحية القاسم والحلة ، زج في سجون وأقبية وطوامير وزنزانات العهود التي تعاقبت على ظلم الشعب العراقي ، آخر اعتقال له عام 1970 م ، لم يثنه أحد عن مواصلة نضاله ، لم يشترك أو يشارك بما يسمونه الصف الوطني الذي أبتكره البعث المجتث ، ولم يسهم أو يساهم في ما يسمونه الجيش الشعبي ، أكمل دراسته الجامعية في مصر وحصل على بكلوريوس قانون ، نال شهادة الماجستير عام 2006 م ، لم يمهله الزمن والمرض والعمر لإكمال شهادة الدكتوراه رغم إكماله مستلزماتها ، لم ألحظه يوما متشائما قط ، كلما تحاورنا بوضع العراق سابقا ولا حقا ، أعود كلما جالسته محملا بأماني جديدة يرسمها لي ، لم يكل أو يتعب وهو يتابع قضايا الناس قبل احتياجاته الشخصية واحتياجات عائلته ، لم أره مريضا أو متمارضا يوما ما ، يصارع المرض بقوته وبعقله الكبير ، تمتد علاقاته الوطنية لكل بقاع الدنيا ، والسيئة التي أرتكبها طاغية العراق المقبور وهي تهجير اليسار العراقي والوطنيين العراقيين لمنافي العالم أصبحت حسنة لجاسم الصكر ولغيره ، عبد الآله الصائغ في أمريكا ، رياض النعماني في الدنمارك ، سعد الشريفي في هولندا ، حمودي شربه في السويد ، شاكر السماوي في السويد ، عزيز السماوي لندن ، الرمز الوطني العراقي الكبير مظفر النواب لا حدود لمكان أقامته ، كل هؤلاء وغيرهم ومثلهم الكثير يتراسل معهم ويراسلونه ، كل دواوين السماوي شاكر تصله تباعا ، لم ألحظه مرة يبكي إلا في رحيل صديقه الصدوق جعفر هجول ، ولكن كيف بكى الصكر جاسم ، أودعنا جعفر قبره قلت له هيا أبا اليقظان ؟ ، قال لي سألحق بك دعني أودع جعفر ، لاحظته بعد هنيهة وهو يستخرج منديله ليمسح آثار دموع عينيه ، لم أره يوما إلا وهو بكامل قيافته الجميلة ، حريص أن لا يخرج الى الشارع أو المكتب إلا وشعره أسودا ، لم أرى بياض شعره وحتى قبل رحيله بيومين ، قال لي أخ الراحل كريم الصكر ، قلت لجاسم هيا لنعود الى العراق من رحلة العلاج في تركيا يا جاسم ، قال لأخيه ولصديقه الذي رافقه برحلة العلاج أحمد الناجي لا أعود قبل أن أصبغ شعري ، وفعلا أخذناه لحلاق قريب وصبغ شعره كما هي عادته ، في أيام مرضه الأخيرة أشتد وقع المرض عليه ، أخبر عائلته أنه لا يحب لقاء أصدقائه وهو بهذه الحالة المرضية الشديدة ، ولكن أنى له أن يفارقنا دون وداع ، قال لأهله اليوم سأخرج لوداع أحبتي ، وكان لنا ملتقى أخوي خاص نلتقي به صبيحة كل يوم خميس ، جلس معنا لساعة تقريبا وبعد أن كحل ناظريه برؤية أصدقائه ورفاقه غادرنا قائلا الوداع ، وفعلا كان اللقاء الأخير والوداع الأخير ، وداعا أيها الأخ والرفيق والصديق والمناضل جاسم حسين الصكر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رفاق الدرب والعمر
يوسف ألو ( 2012 / 6 / 6 - 03:41 )
بالرغم من عدم معاصرتي ومعايشتي لأولئك الأفذاذ والعمالقة من رفاقنا لكنك جعلتني من خلال كلماتك ووصفك لرفاقنا ولرفيقنا الراحل جاسم الصكر وكأنني اعيش معكم تلك اللحظات والأوقات الجميلة من سني النضال الحقيقي المفعم بالقول والفعل وبالفكر الشيوعي الصحيح والمعروف لدى شعبنا العراقي الأبي ... ما اتمناه يا رفيقي هو ان تكون تلك العلاقة وذلك النضال وتلك الأفكار ومثلها من تضحية من اجل الشعب والوطن والحزب ماثلة االيوم بين رفاقنا الذين يخوضون نضالا من نوع آخر من اجل انتزاع الحقوق المسلوبة لشعبنا
الرحمة لرفيقنا الفقيد والصبر والسلوان لأهله ورفاقه واصدقائه والعمر المديد لكم يا مناضلي الشعب يا معلمينا الأشاوس الذين منكم نستلهم الهمم وتقودونا الى طرق النضال حتى تحقيق اهدافنا والتي هي اهداف شعبنا المعذب


2 - وداعا ابا يقضان
محمد الشمري ( 2012 / 6 / 6 - 05:13 )
لاانكر اني شحيح اللقاء به وعندما التقيه واعتذر يكلي ولك احنه حبايب مو اصدقاء وحب الحبايب وحد ولك انت ساكن القلب حتى لو ما اشوفك .ولد وعاش يملك سحر الشخصيه الرزينه كلما جاء المدحتيه ان لم يراني يحمل اصدقائي السلام وداعا رفيق دربي لن انساك حتى اللقاء معا.............رفيقك ابو عادل


3 - وداعا ابا يقظان
حامد كعيد الجبوري ( 2012 / 6 / 6 - 07:46 )
شكرا محمد الشمري وشكرا يوسف ألوا وعهدا نبرمه لأصدقائنا الراحلين أن نتلمس خطاهم وألف شكر لمروكم الكريم


4 - الذكر الطيب
علي فهد ( 2012 / 6 / 6 - 12:22 )
الذكر الطيب للفقيد الراحل والشكر والعرفان للوفي حامد كعيد


5 - الذكر الطيب
حامد كعيد الجبوري ( 2012 / 6 / 6 - 19:09 )
شكرا أخي الفاضل علي فهد وتحياتي لك

اخر الافلام

.. اليمين المتطرف في فرنسا يعتزم منع مزدوجي الجنسية من شغل مناص


.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح




.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال


.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي




.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين