الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وثائق الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي / تقييم سياسة حزبنا وخطه العام بين المجلس ( الكونفرنس ) الحزبي الثاني 1956 والمجلس الثالث 1967/ الجزء الثامن والاخير

خالد حسين سلطان

2012 / 6 / 7
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


7ـ نضال الحزب ضد خطر الانتهازية الانعزالية (( اليسارية ))
لقد شخص حزبنا وعالج بنفسه الانحراف اليميني الذي وقع فيه في أواسط 1964، وقد بدأ تبديل سياسته منذ اجتماع اللجنة المركزية ( في نيسان 1965 والبيان الصادر عنه ) وفي تشخيص اساليب الكفاح وتحديد اسلوب الكفاح العنفي باعتباره الاسلوب الرئيسي لنضال شعبنا. لقد انعكست تلك التصحيحات على خطط الحزب العملية ايضاً. ان ما تم حتى الآن لا يعني انتفاء او انتهاء مهمة النضال ضد بقايا وجذور الاتجاهات اليمينية الذيلية في حزبنا، وفي فترة تصحيح وتعديل سياسة الحزب السابقة تعرض حزبنا الى خطر الاتجاهات الانتهازية من الجانب الآخر، أي الاتجاهات الانعزالية (( اليسارية )) انعكس ذلك في فترات معينة منذ الاجتماع الموسع تشرين أول / 1965 خصوصاً .
ففي العامين الماضيين، انتعشت الميول الانعزالية (( اليسارية )) في حزبنا وتفاقم تأثيرها في بعض منظماته ( كمنظمة العاصمة بشكل خاص ) وقد تسترت هذه الميول وراء مبررات مختلفة للوقوف امام تيقظ الحزب تجاه تسربها وامام معالجته لها. وكان من هذه المبررات القول بأن مكافحة الاتجاهات (( اليسارية )) يعطي الفرصة للاتجاهات اليمينية بالانتعاش، أو القول بأن اليمينية نفسها تتستر بمعارضة الاتجاهات الثورية الصائبة عن طريق تسميتها بالاتجاه الانعزالي المغامر .
ان الاتجاهات المنحرفة عن جادة الماركسية ـ اللينينية سواء كانت يمينية أو (( يسارية )) هي من منابع اجتماعية غريبة عن الطبقة العاملة وايديولوجيتها، وان نتائجها واحدة على السواء، كلا الاتجاهين اليميني (( واليساري )) يلحقان الضرر بحركة الطبقة العاملة وحزبها وبالحركة الثورية للشعب. وهذا لا يعني عدم امكانية وضرورة تشخيص نوعية الانحراف الفكري الذي يتعرض له الحزب وتشخيص سماته واساسه الاجتماعي ومؤثراته العملية وبالتالي لا يعني باي حال ارخاء النضال ضد أي التيارين .
لقد بحث الاجتماع الكامل للجنة المركزية لحزبنا شباط / 1967 وفيما بعد المجلس الحزب الثالث كانون أول / 1967، في توضيح وتحديد خطة الحزب التكتيكية ( أساليب النضال ) وعالج الأخطاء والتشوهات التي رافقت رسم خطة الحزب، خصوصاً ما يتعلق بدحض الأفكار والاستنتاجات ذات الطابع الانعزالي (( اليساري )) والتي كانت تقلل من شأن الحركة الجماهيرية ونضال الجماهير في تحقيق الانتصار الحاسم والتصور بان تعديلات جوهرية أو جدية قد طرأت على نفسية الجماهير لدرجة تجعلها تتجنب اساليب النضال الثوري المستميت، الطويل النفس ضد اعدائها والذي يتطلب الاستمرار في تقديم المزيد من التضحيات والألم. وكانت هذه المفاهيم الخاطئة تفصل بين الجيش وحركة الشعب وتقلل بالنتيجة من اهمية نضال الجماهير الثوري المتعدد الاشكال ومن قوة المثل النضالية في حركة الجماهير الشعبية، وضرورتها لاجتذاب القوى الثورية في الجيش نحو المساهمة الفعالة والحاسمة في ثورة الشعب .
لقد دحض الاجتماع الكامل المفهوم الخاطئ للتكتيك الحزبي السابق الذي يستقطب كل آمال الجماهير ( والحزب نفسه ايضاً )، على الحركة الأولى ( من قبل القوى العسكرية ) ويساهم في اشاعة الترقب والانتظار والسلبية .
ان الاتجاهات الانتهازية (( اليسارية )) التي تعرض لها حزبنا مؤخراً والتي توجت في الانشقاق في أيلول 1967، مؤداها تحريف وتشويه دور الطليعة وجعلها بديلاً عن الطبقة العاملة والجماهير الشعبية. وما يترتب على ذلك من افكار وخطط تبقي الطليعة منعزلة عن الجماهير، واختزال المهام القيادية والتعبوية والتنظيمية للطليعة في الحركة الشعبية، الى زج الطليعة لوحدها في المعارك من أجل تحقيق الانتصارات الحاسمة . . . انه الاتجاه ( التصفوي بالمقلوب ) كما كان يسميه لينين .
ورغم ان عناصر المنظمة الانشقاقية لم يكونوا هم وحدهم حملة الاتجاهات الانعزالية (( اليسارية )) والمغامرة في حزبنا، فقد كانوا في أغلب نهجهم الفكري وتصرفاتهم والحلول التي كانوا يحاولون فرضها على الحزب تجسيداً نموذجياً لهذا النوع من الانتهازية في حزبنا. لقد اثبتوا بانهم امتداد للحركات الفوضوية والمنظمات التروتسكية السابقة في العراق والموجودة الآن في بلدان أخرى. ان الانعزالية والانكماشية ( التقوقع ) الذي كانت تعاني منه منظمات حزبنا كان تعبيراً عن تفشي وقوة تأثير هذا التيار الغريب في حزبنا .
لقد تناولت مؤثرات هذا التيار الانتهازي في الحزب، تشويش وارباك المفاهيم والمقاييس حول جوانب هامة تتعلق بتحديدات وتطبيقات اساليب النضال الملموسة وقضايا التحالفات الطبقية والمسائل المتعلقة بتقدير وضع الحركة الجماهيرية ونفسية الجماهير وامكانيات وكيفية الاستفادة من المناسبات السياسية لتطوير مواقع الحزب والحركة الثورية .
ان الزمر التي انشقت على الحزب تتبنى وتبشر، كما في السابق، بمفهوم سطحي تبسيطي، لتكتيك ( الانتفاضة الشعبية المسلحة ) أو ( الحرب الشعبية ) ينبع من ايديولوجيتها المتأثرة. ويعتمد على زج (( الطليعة )) ـ أجزاء منها ـ في المعارك الهجومية الفاصلة، وهي في الوقت الذي تفصل بين العمل الجماهيري وبين الجهد الضروري لكسب القطاعات الاخرى الى جانب الثورة، فإنها في نفس الوقت تستهين بأهمية التوعية وتثقيف الجماهير الواسعة وتدريبها في المعارك النضالية وقيادتها للوصول الى تحقيق الاهداف الأخيرة في اسقاط الحكم الرجعي وتحقيق التحويل الثوري للمجتمع .
ان التيارات الانتهازية (( اليسارية )) تلتقي مع الانحراف اليميني في السمة القومية ايضاً، وذلك بسبب المنشأ الطبقي الواحد، الغريب عن الطبقة العاملة، نعني البرجوازي الصغير. فالانتهازيون (( اليساريون )) المعاصرون يسعون الى زعزعة مواقع الحزب الاممية ودفعه نحو مواقع القومية البتي برجوازية. فاذا كان الانحراف اليميني الذي وقع فيه حزبنا في أواسط 1964. قد تميز بالذيلية والتأثر بالتيار القومي العربي ( البتي البرجوازي ). فان الصفة الوطنية ( العراقية ) الضيقة واتخاذ موقف معارض ومتشكك وحتى عدائي من الحركة الاممية والاحزاب الشيوعية والمس بمبادئ الحزب الاممية، تجاه الحقوق القومية للشعب الكردي واعادة النظر بالمواقف من الحركات الطائفية من زاوية نفعية ضيقة. . . هذه هي السمات العامة التي تميز مواقف الزمر الانتهازية للمغامرين (( اليساريين )) المعاصرين .
ان الكتل المنشقة تشن النضال ( الخفي الآن والمفضوح فيما بعد ) ضد مبادئ الحزب في التضامن الأممي البروليتاري وضد الاحزاب الشيوعية الشقيقة تحت شعارات انفضح زيفها وخداعها عن (( الاستقلالية )) أو (( الكفاح ضد التحريفية )) !
ومثل أي انحراف آخر في ميدان الأيديولوجية والسياسة، فان الاتجاهات (( اليسارية )) والمغامرة تنعكس على ميدان التنظيم والحياة الداخلية واساليب خوض الصراع الداخلي في الحزب. ان معاداة المركزية الديمقراطية والضبط البروليتاري الواعي، وازدراء آراء مجموع الحزب والطعن بقيادته وكوادره وبوعيها، واباحة الليبرالية والتكتلات والانشقاقات . . ان هذه السمات التي تميز المنظمة الانشقاقية الحالية، هي سمات مشتركة لجميع الاتجاهات الانتهازية التي خبرها حزبنا في تأريخه الطويل، ولكن ما يميز هذه الزمرة الانتهازية المنشقة عن غيرها، انها أباحت لنفسها حل الصراعات الداخلية في الحزب عن طريق اتباع الوسائل العنفية واساليب الغدر والشقاوة وتدبير مكيدة سرية، واستخدام عنصر الكتمان والمباغتة الانقلابي .
ان هذه الميزة ( الجديدة ) للاتجاه الانعزالي المغامر في حزبنا، لم تكن هذه بسيطة، أو عثرة طارئة؛ انها تجسد التطورات الجديدة لفوضوية بعض الفئات البرجوازية الصغيرة والمنظمات الانشقاقية التي تمثلها انها تعبر عن انعكاسات وتأثير أجنحة البرجوازية الصغيرة المغامرة الجازعة من مواصلة النضال الثوري حتى النهاية على حركة الطبقة العاملة، ومما يزيد من خطورة هذه الاتجاهات، وضرورة أخذها بالحساب الجدي من قبل حزبنا والحركة الثورية لشعبنا، التشجيع الذي تلقاه من الأعداء الطبقيين ومن قبل المنظمات التروتسكية العالمية والمحلية السياسية لتخريب الحزب الشيوعي من الداخل او حرفه عن طريق النضال الثوري السديد وعن السبيل الاممي .
الخاتمة :
دحر الاتجاهات الانتهازية، اليمينية و ((اليسارية )) شرط لانتصار حزبنا
ان احدى المهام الكبرى التي يواجهها حزبنا في ميدان النضال الفكري هي تنشيط الدفاع عن نظرية الحزب، عن المبادئ الاساسية للماركسية ـ اللينينية ومبادئ البروليتارية وعن التاريخ المجيد للحركة الشيوعية العالمية ومنجزاتها وعن مآثر الطبقة العاملة في البلدان العربية واحزابها الشيوعية، ان تحقيق هذه المهمة يقتضي الرد على اكداس من المفاهيم والنظريات التي تسعى لتشويه وتحريف الماركسية ـ اللينينية، وبضغط على فكر الطبقة العاملة بهدف زحزحته عن مواقعه لصالح الطبقات الاخرى. لقد تخلف حزبنا حتى الآن في اشباع هذه المهمة حقها، منذ ان جرى تعديل وتصحيح الانحراف اليميني في حزبنا وفي التحوط كما يجب، من مخاطر ردود الفعل المعاكسة في فترة الانحراف بالذات .
ان الخطر الرئيسي الذي يواجه الحزب، في الميدان الفكري هو الخطر اليميني، وان خطر الانعزالية (( اليسارية )) اصبح خطراً مباشراً في الحزب وهو يهدد بالتضخم والاستفحال اذا لم تجري مكافحته، ويعرقل ايضاً تصفية الانحراف اليميني واجتثاث جذوره .
لقد تصلب حزبنا وتثبت كيانه وترسخت مواقعه الفكرية ونفوذه الجماهيري. في مجرى الصراع السياسي، ليس ضد المستعمرين والطبقات الرجعية فقط بل كذلك في مجرى النضال الفكري ضد الانحرافات الانتهازية، اليمينية و (( اليسارية )) وتشخيص اساسها الاجتماعي، ووضع القواعد الرصينة لكفاح الحزب الناجح ضد جذورها ومؤثراتها على الحزب. يقول لينين : (( ان الانتهازية ليست وليدة الصدفة ولا خطيئة ولا زلة، ولا خيانة افراد منعزلين، انما هي النتاج الاجتماعي لمرحلة تاريخية كاملة )). وقد أكد باني حزبنا الرفيق فهد، عند شرحه لجذور وأسباب الانتهازية في الحزب على التحذير : (( من الظن بان ما حدث ويحدث في الحزب مجرد اعمال شخصية، لا تيارات متصلة بحركتنا وان كانت غريبة عنها ايديولوجياً، اني لا انكر دور الاشخاص في هذه الانحرافات، لكنهم ليسوا مصدرها، انهم نبتات جذورها الراسخة في تربة قطرنا. ان العدو يضحك من عقولنا ان نحن حاربنا اوراق الشجرة واغصانها (( تركنا جذورها سالمة )) .
ان الوسط الاجتماعي في بلادنا، اي البرجوازي الصغير السائد وانعكاساته على ظروف عمل الحزب وتركيبه ايضاً، يساعدان على بروز ونمو مختلف أشكال الانتهازية، اليمينية و(( اليسارية )). ان حزبنا الذي نشأ وينمو من وسطه الاجتماعي هذا، يتعرض الى تأثيرات وتسرب الذهنية الغريبة التي تحملها عناصر البرجوازية الصغيرة داخل صفوف الحزب وتضغط باتجاهها فئات ومنظمات هذه الطبقة خارج الحزب .
ان مهمة مواصلة وتشديد الكفاح ضد الانتهازية وضد الانحرافات اليمينية و(( اليسارية )) في حزبنا، وفي حركة شعبنا الثورية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بصيانة وجود الحزب وصيانة استقلاله ونقاوته الأيديولوجية وتوطيد وحدته وتعزيز مكانته بين الطبقة العاملة وفي حركة الجماهير الثورية ورفع طاقاته من اجل انجاز خططه الانية والاستراتيجية بنجاح .
وترتبط بهذه المهمة ايضاً ضرورة شن الكفاح بحزم ضد الميول التوفيقية والحلول الوسطية التي تسعى لتمويه وتمويع الحدود المبدأية للحزب، تحت واجهات عاطفية أو نفعية، ولكنها تخدم بالنتيجة الاشكال الصريحة للانتهازية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو


.. مواجهات بين الشرطة الأميركية وطلاب متظاهرين تضامناً مع غزة ب




.. Colonialist Myths - To Your Left: Palestine | أوهام الاستعما


.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم




.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني