الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال الدين أفيون الشعوب2 (فرج فودة.. شمعة مضيئة وسط الظلام)

أحمد عبد العزيز

2012 / 6 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يكن اغتيال فرج فودة محاولة للقضاء على رجل فحسب، بل محاولة لم تنجح في القضاء على فكر تنويري تجديدي وقف للعقول الظلامية بالمرصاد، وبادلهم الحجة بالحجة، وتحدث بالعقل والمنطق والسند، فكان السبيل نحو الخلاص منه هو اغتياله، للتصدي لأفكاره ورؤيته التي أثرت في أجيال وأجيال ولم تزل تؤثر إلى الآن.

دكتور فرج فودة كانت قضيته هي مصر، فتحدث بشجاعة عن الإرهاب والتطرف، ووقف بقوة في وجه الجماعات الإرهابية، وعكف على الكتابة لمواجهة الفكر بالفكر، فتحدث بحديث الحروف، فرد الظلاميون بحديث الكلاشينكوف.

لعبت كتب دكتور فرج فودة دوراً كبيراً في إثراء الفكر المصري في فترة الثمانينات وأوائل التسعينات، فكتب الحقيقة الغائبة، الإرهاب، النذير، زواج المتعة، نكون أو لا نكون، قبل السقوط، حوار حول العلمانية، وغيرها من المقالات والندوات واللقاءات التي تبنت أفكار الدولة المدنية، وتناولت الحديث عن حقوق الأقليات، والدعوة لوطن يحتوي جميع أبنائه.
كانت مواقف دكتور فرج فودة واضحة وقوية في التأكيد على مدنية الدولة، وانضم لحزب الوفد باعتباره الحزب المعبر عن الدولة المدنية، ولكنه انفصل عنه عام 1984 حين تحالف الوفد مع الإخوان وأعلن أنه حزب إسلامي.

كانت مناظرة دكتور فرج فودة في يناير عام 1992 بدار الكتاب مناظرة فريدة من نوعها، حيث واجه أفكار المتحدثين عن الدولة الدينية (الشيخ محمد الغزالي- المستشار محمد المأمون الهضيبي- الأستاذ الدكتور محمد عمارة) وتحدث عن مدنية الدولة، وعن تاريخ الحكم الإسلامي، وعن الخلفاء الراشدين، وطلب نموذجاً لدولة دينية متقدمة تتوافق مع العصر، كما تحدث أيضاً الدكتور محمد خلف الله مدافعاً عن الدولة المدنية.

تم اغتيالدكتور فرج فودة في القاهرة في الثامن من يونيو عام 1992 حين كان يهم بالخروج من مكتبه بشارع أسماء فهمي بمدينة نصر -إحدى ضواحي القاهرة- بصحبة ابنه الأصغر وأحد أصدقاءه الساعة السادسة و 45 دقيقة، علي يد أفراد من منظمة تستخدم العنف السياسي عرفت باسم الجماعة الإسلامية حيث قام شخصان بينهما مطلق الرصاص من بندقية آلية بقتله فيما كانا يركبان دراجة نارية، فيما أصيب ابنه أحمد وصديقه إصابات طفيفة. أصيب فرج فودة إصابات بالغة في الكبد والأمعاء، وظل بعدها الأطباء يحاولون طوال ست ساعات لإنقاذه إلي أن لفظ أنفاسه الأخيرة، ونجح سائق فرج فودة وأمين شرطة متواجد بالمكان في القبض علي الجناة.

تبين أن الجريمة جاءت بفتوي من شيوخ جماعة الجهاد علي رأسهم الشيخ عمر عبد الرحمن المسجون حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يفوتنا هنا شهادة الشيخ محمد الغزالي أثناء محاكمة القاتل، ووصف فودة "بالمرتد"، وأنه (ويقصد فرج فودة) مرتد وجب قتله، وأفتى بجواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وهذا يعني أنه لا يجوز قتل من قتل فرج فودة حسب تعبيره، وهو موقف مخزي للشيخ الغزالي الذي قبل بمناظرته قبلها بستة أشهر، وأثناء المحاكمة سئل قاتل فرج فودة :
- لماذا اغتلت فرج فودة ؟
- القاتل : لأنه كافر.
- ومن أي من كتبه عرفت أنه كافر ؟
- القاتل : أنا لم أقرأ كتبه.
- كيف ؟
- القاتل :أنا لا أقرأ ولا أكتب .

ما تحدث عنه دكتور فرج فودة بالأمس، وحذر منه كالاستقطاب الديني، والتكفير، والعنف، واضطهاد الأقليات هو ما نعاني منه الآن، فأصبح الاستقطاب الديني أمراً واقعاً، كما لا يزال مسلسل التكفير مستمراً في مواجهة الفكر والعقل والمنطق، وهو ما يؤدي بالفعل إلى الاضطهاد والعنف والإرهاب، كما حذر فودة من تقسيم السودان في كتابه قبل السقوط، وهو ما حدث بالفعل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان