الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الروح

محمد شرينة

2012 / 6 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قال لي أحدهم ما يلي:
اجتمعنا في مكان ما ونحن مجموعة من الناس الحائرين حول وجود الله وبعد تداول مطول كان رأي عدد كبير منا – الغالبية – أن بعضنا ربما يعتقدون بوجود الله. فما المانع من ذلك إذا وجدنا طريقة لذلك لا تتعارض مع ما سبق واتفقنا عليه؟
أنا: ما هو الذي سبق واتفقتم عليه؟
هو: أن لا يتعارض ذلك مع الغاية من اجتماعنا ومبدئنا الأول أو مرتكز انطلاقنا الذي هو أن أي فكرة يجب أن تكون نافعة للإنسان وان لا تتعارض مع مصلحته بأي شكل من الأشكال.
أنا: بالكاد فتحت فمي، عندما أكمل حديثه:
في الواقع كان لا بد من توصيف هذا الإله وببساطة اتفقنا على أن الله كما نعرفه من أدياننا كمسلمين ومسيحيين سابقين يجب أن يكون قوي وحكيم بالمطلق. أن يكون الله هكذا يعني أنه من الجنون أن نجهد عقولنا وربما أجسادنا بأي جهد. فالحكيم مطلقا لن يدع شيء في ملكه يقع إلا بأتم حال وهو حتما سيفعل ذلك لأنه قوي بشكل مطلق.
أنا: آه ، تنفست بعمق وأنا أصغي.
هو: تبادلنا خيارات كثيرة لم يكن أيها مرضي فالإله ذو القوة المطلقة عديم الحكمة لا ينفع بشيء. حتى طرح أحدنا فكرة غريبة، قال: الإله يجب أن يكون حكيم بشكل مطلق وليس من المهم أن يمتلك القدرة أو على الأقل حتى لو هو امتلك بعض القوة فمن غير المعقول أن يمتلك القدرة المطلقة.
أنا: غريب عجيب!
هو: القضية أعجبت البعض منا، لكن المشكلة التي أثارها البقية هي: ما قيمة هكذا اله عاجز؟ صاحب الفكرة هز رأسه وسكت.
أنا: استسلم وانسحب.
هو: لا، احتار وهو كان مثلنا جميعا حائرا من قبل أن يزداد حيرة. لكن جاء رد أكثر غرابة من آخر: الإله الحكيم غير مطلق القدرة يمكن أن يكون نافعا شريطة أن يمتلك شيئا من القدرة حتى لو كانت محدودة.
أنا: وكيف ذلك؟
هو: قال الآخر: بالقدرة غير المطلقة التي يمتلكها هكذا اله يمكنه أن يوصل حكمته إلى الفاعلين في الكون، إلى البشر وأمثالهم وهم بدورهم يستعملون قدرتهم لتحقيق الحكمة و جعل العالم أفضل.
أنا: وهل اقتنعتم بما قال؟
هو: بعد نقاش طويل بدا أنه أمر غريب أن يوافق معظمنا على فكرة أحدنا المعدلة من قبل الآخر، لكن هذا ما حصل. في الواقع بعضنا ظل غير موافق لكننا اتفقنا أنه إذا كان البعض يريد إلاها فهذا أفضل الممكن. أفضل تصور ممكن لإله لا يتعارض مع إرادة وعقول ومصلحة البشر.
أنا: هذا يعني أن الإنسان غير حكيم، كما يعني أن الإنسان مجبر على إتباع الحكمة السماوية. فأي فضل أو وزر يبقى للإنسان وعليه؟ لا أظن أنكم غيرتم شيئا.
هو : لا، ليس كذلك. هذا الإله لا يملك من القوة إلا القدر الذي يمكنه من إيصال الحكمة إلى البشر. البشر يملكون حكمتهم الخاصة بها والتي نتفق على أنها ليست بالمطلقة، كما إن لديهم دائما خيار أن لا يعملوا بالحكمة التي يوحيها إليهم هذا الرب لأنهم هم الأقوياء.
أنا: فكرة محيرة، أهكذا انتهى الأمر؟
هو: لا طبعا. فهذا الإله مطلق الحكمة محدود القدرة يحتاج إلى اسم لأن ما يفهم من اسم اله أو رب أو الله هو كائن مطلق القدرة والحكمة وهو الأمر الذي اتفقنا على استحالة وجوده في عالم مختل غير كامل كالذي نعيش فيه، فكماله يقتضي أن تكون صناعته كاملة وقدرته تمكنه من ذلك!
أنا: عجيب فهل وجدتم؟
هو: عدد كبير من الأسماء هي التي تداولناها فيما يخص الإله الجديد لكننا عجزنا عن الاتفاق على أي منها. لأن كل اسم منها كالحكيم أو العليم أو الرحيم إما غير مناسب أو سبق ووصف به الإله القديم. أخيرا استقر رأينا على أن نصوت على أفضل مجموعة ثلاث أسماء وجدناها مع اتفاقنا على أن ليس من بينها أي اسم مناسب تماما، لكننا سرنا في هذا الطريق لأن الاسم ما أن يطلق حتى يتبعه المعنى أو المفهوم.
أنا: وبعد
هو: كانت نتيجة التصويت هي الروح.
أنا: وجدتم اله جديد إذا!
هو: ليس تماما. حصل انشقاق البعض قالوا: هذا تحايل على الإنسان وقدراته فبعد أن كان يوصف بأنه ضعيف والقوة تعزى إلى السماء تصفونه الآن بالجهل وتنسبون الحكمة للسماء. وبالتالي حصل انشقاق.
أنا: يبدو لي أن ما تقولونه ليس هكذا بالضبط فأنتم لم تنفوا حكمة ابشر الذاتية!
هو: أنا ربما سأنضم إلى المنشقين فما تؤدي إليه الأفكار أهم مما تقوله. لنأخذ مثلا فكرة أن قوة وحكمة الله مطلقة، هي لا تقول للناس كونوا انهزاميين ومتهربين من العمل وتحمل المسئولية لكنها تقود إلى ذلك حتما كما أسلفت لك؛ الحكيم المطلق لا يترك شيء يحدث إلا بأحسن وجه والقادر المطلق يستطيع فعل ذلك، فعلاما نتعب أنفسنا وحتى لو حدثت الأمور بصور تبدو فيها سيئة فإنها ليست بسيئة للسبب السابق نفسه. الماء لا يصعد تله بدون قوة تضطره ليفعل ذلك والإنسان لا يبذل جهدا دون وازع وحاجة إلى ذلك. رغم أن ما اتفق علي المجتمعين لا ينفي الحكمة عن الإنسان إلا أنه حتما يؤدي إلى ذلك، فما حاجة إنسان قادر وحكيم ولو جزئيا إلى حكيم سماوي مطلق الحكمة؟!
أنا: فعلتم كمسافر عين الرمانة التي قالت عنها عمتي المرحومة، ينطلق في الصباح ليقضي النهار سائرا وما أن يمسي المساء حتى يجد نفسه عند العين التي عليها شجرة رمان!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال