الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فولتير, معتقده و نقده للأديان السماوية

فادي كمال الصباح

2012 / 6 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فولتير(1778 - 1694)، كاتب وفيلسوف فرنسي عاش في عصر التنوير ذاع صيته بسبب سخريته الفلسفية الظريفة ودفاعه عن الحريات المدنية خاصة حرية العقيدة.كان من أكبر المدافعين عن الحرية ومن أكبر أعداء التطرف الديني ويعتبره المؤرخون من أهم منظّري الثورة الفرنسية ورمزا لعهد التنوير.وكان فولتير مدافعًا صريحًا عن الإصلاح الاجتماعي على الرغم من وجود قوانين الرقابة الصارمة والعقوبات القاسية التي كان يتم تطبيقها على كل من يقوم بخرق هذه القوانين. وباعتباره ممن برعوا في فن المجادلة والمناظرة الهجائية، فقد كان دائمًا ما يحسن استغلال أعماله لانتقاد دوغما الكنيسة الكاثوليكية والمؤسسات الاجتماعية الفرنسية الموجودة في عصره.

قام فولتير بدراسة التاريخ؛ خاصة تاريخ الشعوب التي أسهمت في بناء الحضارة حتى الوقت الذي كان يعيش فيه.وعمل على دراسة الفلسفة؛ خاصةً الفلسفة الميتافيزيقية - ذلك الفرع من الفلسفة الذي كان يتعامل مع الأمور بعيدة المنال والتي لا يمكن إثباتها بطريقة مباشرة: كيفية الحياة وماهيتها، ووجود الله أو عدم وجوده، وما يشابه ذلك من موضوعات. وقام فولتير بتحليل الكتاب المقدس في محاولة لاكتشاف مدى صحة أفكاره في العصر الذي كانا يعيشان فيه. وانعكست آراء فولتير النقدية في إيمانه بوجوب فصل الكنيسة عن الدولة وكذلك بحرية العقيدة.

وكحال الكثيرين من الشخصيات البارزة التي عاشت أثناء عصر التنوير الأوروبي , كان فولتير مؤمنا بالله ولكنه لا يؤمن بالأنبياء، لأنه يعتقد أن "الله لا يحتاج للأنبياء لكونه داخل كل قلب وداخل كل فكر".، فقد اعتبر فولتير نفسه مؤمنًا بمذهب الربوبية. فقد كان لا يعتقد في أن الإيمان المطلق بالله يحتاج إلى الاستناد على أي نص ديني محدد أو فردي أو على أي تعاليم تأتي عن طريق الوحي. وفي حقيقة الأمر، كان كل تركيز فولتير ينصب على فكرة أن الكون قائم على العقل واحترام الطبيعة؛ وهي الفكرة التي عكست الرأي المعاصر له والذي كان يعتقد في وحدة الوجود. وقد نالت هذه الفكرة حظًا وافرًا من الرواج بين الناس خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر وكتب لها الاستمرار في الوجود في شكل من أشكال الربوبية المعروفة في عصرنا الحالي باسم "Voltairean Pantheism" "وحدة الوجود من منظور فولتير."
وكتب فولتير متسائلاً: "ما الإيمان؟" فهل هو أن نؤمن بما نستطيع أن نراه واضحًا أمام أعيننا؟ لا، فمن الواضح تمامًا لعقلي إنه من الضروري وجود كيان خالد رفيع المنزلة عاقل ذكي. فالأمر عندي لا علاقة له بالإيمان، ولكنه مرتبط بالعقل".

وفيما يتعلق بالنصوص الدينية المسيحية، يعتبر فولتير الكتاب المقدس بإنه أولاً مرجع قانوني و/أو أخلاقي عفا عليه الزمن. وثانيًا، هو بوجه عام نوع من أنواع الاستعارة اللغوية، ولكنها استعارة تحمل في طياتها القدرة على أن تعلمنا دروسًا مفيدة. وثالثًا، هو عمل من صنع الإنسان. هذه المعتقدات قد أكسبته سوء السمعة في أوساط المنتمين إلى الكنيسة الكاثوليكية واعتبروه مصدرًا للإزعاج ، لأن أفكاره كانت معروفة للجميع وفي كل البلاد.

أما بخصوص الاسلام, لم يكن فولتير يحسن العربية , حيث قرأ القرآن في ترجمة انكليزية راقية لجورج صال, و كان يعتقد بأن الإسلام اختراع محمّدي ومع ذلك فهو لا ينعت محمّدًا بالنفاق بل يقول أنه كان يعتقد خلال تخيّلاته بأن الوحي يأتيه من عند الله بواسطة الملائكة، وهو يستعمل ذكاءه وحيله لتمرير ما يعتقده حقًّا عن حسن نية ليقنع الناس به. و في الخطاب الذي قام بإرساله إلى البابا بنديكت الرابع عشر والذي قام بكتابته في باريس في 17 أغسطس في عام 1745 كانت افكاره حول الاسلام إيجابية نوعاً ما، فقد وصف فولتير الرسول محمد بأنه رسول "ديانة تتسم بالحكمة والصرامة والعفاف والإنسانية". كما تحدث عنه كالتالي: "واضع شريعة المسلمين رجل رهيب ذو سطوة استطاع أن يفرض تعاليمه على اتباعه بالاستبسال في القتال وبحد السيف ".

وبالمقابل حول الديانة اليهودية, يشكّك فولتير في وجود النبي موسى أصلا وهو بالنسبة له لا يعدو أن يكون أسطورة نظرا للخوارق التي صاحبته من ولادته إلى وفاته والتي لا يقبلها العقل.

وفي عمر ناهز الثالثة والثمانين من عمره. اعتقد فولتير بإنه على شفا الموت ، فكتب: "أنا الآن على شفا الموت وأنا اؤمن بالله، وأحب أصدقائي، ولا أكره أعدائي، وأمقت الخرافات." وفي لحظات احتضاره على فراش الموت، عندما طلب منه القسيس أن يتبرأ من الشيطان ويعود إلى إيمانه المسيحي، أجابه "لا وقت لدي الآن لأكتسب المزيد من العداوات,كرمى لله، دعني أرقد في سلام".
وجدير بالذكر أن فولتير كان يشكل مصدرًا للإزعاج للعديد من المؤمنين بعقيدة الكنيسة، لأن أفكاره كانت معروفة للجميع وفي كل البلاد. فقد كتب فولف موتسارت إلى والده خطابًا عندما توفي فولتير قال فيه: "أخيرًا رحل عن العالم أكبر الأوغاد..."
وبسبب خلافه المعروف مع عقيدة الكنيسة الذي رفض أن يتراجع عنه قبل وفاته، لم يتم السماح بدفن فولتير وفقًا للشعائر الكاثوليكية. وعلى الرغم من ذلك، فقد تمكن اصدقاؤه من دفن جثمانه سرًا في إحدى الكنائس الكبيرة في مقاطعة شامباين قبل أن يتم الإعلان رسميًا عن قرار منع الدفن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توضيح ضروري حول المقالة
فادي كمال الصباح ( 2012 / 6 / 12 - 16:21 )
سقط سهوأ, ان نشير , الى ان المقالة هي محاولة لتقديم صورة أقرب لحقيقة أفكار فولتير حول معتقده و نقده لأفكار الاديان السماوية , إستناداً لمفاهيم و أفكار المذهب الربوبي أو الالوهي, بعدما تبين لنا ,أن ما ينشر في الانترنت حول فولتير و خاصة في مجال الدين لا يعكس أبداً في الكثير من جوانبة أفكار ومفاهيم المذهب الربوبي ,بل هي محاولات لاستغلال هذه الشخصية لصالح , , أفكار و معتقدات بعض الاديان بطرق ملتوية . لذا اقتضى التوضيح

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran