الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتصوف المتمرد ... 4

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2012 / 6 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الذات الممتلئة أبدا

....

منذ أن حدثني الصوفي عن العالم باعتباره لوحة ناقصة، نقصانها هو شرط وجودها ووقود حركتها ومحفز تناقضاتها.. وأنا متمرد على نقصانها بعدم التذمر عليه.. وكأنها بنقصها تكتمل رغم أنفها ... وأستسلم لنقصانها بالشعور بالعرفان لكل ما يخلقه هذا النقص من لذة ... متعة الصراع المؤقت .. واللذة المؤقتة ... التي ينبغي أن أخوضها ما استطعت إليها سبيلا .. قبل أن أقرر تركها لأوفر على نفسي عناء فقدانها رغما عني..

ولكن يبقى ذلك الشعور بالضآلة ... بالضعف .. بالانهزام .. رغم استشعاري لحياد الكون تجاهنا جميعنا ... تجاه المليار القطيع .. وتجاه الفرد المتمرد ... لم أتمكن من هزيمته ... فاللا-انفعال سبيل مثل سبل اللوحة الناقصة.. تخاض ولكن لا تستحضر في كل لحظة ...

فكيف أهزم شعوري بالوحدة .. بالخوف من الشماتة .. بالخوف من اتفاق الجميع على أنني كنت خاطئا.. أصبحت عبرة بسوء خاتمتي... وما انتهى إليه مصيري .. وكأن المصير عقوبة ... أخاف أن أصبح عند الجميع عبرة ... ويثبت برهانهم الكاذب على أنني الشر.. أشعر بالهزيمة وأشتاق إلى أي قطيع ... إلى أي طمأنينة

وحين لجأت إلى الصوفي المتمرد

قال لي بأن إحساسي بأني وحيد هو محض وهم يخلقه الانفصال.. ويجليه استشعار الوحدة والاتصال .. وأن الذات بطبيعتها ممتلئة... لا تفرغ أصلا لتمتلئ... وبأن هذا الواحد الذي يدينه الباقي .. هو نفسه الباقي الذي يدين الواحد ... وبأن تجربته الواعية الذاتية (الأنا) ... هي شهادة .. وبأن الرغبة في ملء النفس التي تشعر بالضآلة هي المشكلة وليست الضآلة التي ليس لها وجود...

وذكرني الصوفي المتمرد بالتماهي (استحضار شعور الآخر)

كنت قد نسيته ... كان قد أصبح بالنسبة لي "أداة أخلاقية" ... شيئا مثاليا أتصور أني يمكن أن أستخدمه لأفهم الآخر ..

في حين أن التماهي لا يتم إلا باستشعار تجربة الآخر .. بحيث لا يعود آخر .. بحيث أستشعر تلك "الأنا" التي تدينني وتريد قتلي وتتلف أعصابها مني ... فأدرك صميم غيظها .. أهو سوء فهم... أم حسد .. أم جهل .. أم حاجة وجدانية تتصل ببواطن البواطن...

هل بعد كل هذا ضآلة .. أو لا طمأنينة ... أو خوف من مصير يظنه الآخرون عقابا ..

أراحني كلام الصوفي .. ولم أدر هل كان علاجا أم كان حقيقة ...

وسألته ... إلى أين أمضي بذاتي الممتلئة ... وهل أبشر بذلك .. هل أواصل البحث عن الحق والمعنى؟

فقال الصوفي: نية البحث .. تخفي وراءها كل شيء ... و كذلك تخفي اللا شيء ... وهنا متعة الاختيار ... بشر اذا اردت ذلك.. ولا تبشر اذا لم ترد .. ابد للناس حكيما .. أو ابد سفيها... ابد جميلا أو ابد قبيحا... ابد قليل الكلام مهيبا .. أو ابد كثير الكلام مهينا ... ابد كما تريد ... وكما لا تريد .. ولتكن الشهوة متقطعة والحكمة متقطعة .. والغاية مفقودة

... ولا حاجة لك بشيء مما قلناه .. فالصوفي المتمرد الحقيقي لا يشغل باله بكل ذلك ... بل يعيش وكفى

http://1ofamany.wordpress.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح والعلاقات بين مصر واسرائيل .. بين التوتر والحفاظ على الم


.. الجدل المتفاقم حول -اليوم التالي- للحرب في غزة.. التفاصيل مع




.. حماس ترد على عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-.. فما انعكاس


.. قتلى ومصابون في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #ر




.. جدل مستمر وخلاف إسرائيلي وفلسطيني حول مستقبل حكم غزة | #التا