الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكم التفتيش السلفية تنفذ احكام الاعدام في مواطنين خالفوا تعاليم الشريعة

خليل خوري

2012 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



طوال الفترة التي استاثرت فيها الكنيسة الكاثوليكية بالسلطتين السياسية والدينية كانت الكنيسة ترسخ سلطتها الاستبدادية وتفرض رؤيتها الدينية على اتباع الديانة المسيحية عبر محاكم التفتيش التي اقامتها في اروربا بغرض رصد المخالفين لتعاليم الكنيسة والخارجين عن سلطة البابا وملاحقتهم وتقديمهم للمحاكمة واصدار الاحكام ضدهم . وتذكر الوثائق الخاصة بمحاكم التفتيش التي عثر عليها الباحثون والمؤرخون ونشروا قسما كبيرا منها ان محاكم التفتيش قد نفذت احكام الاعدام بمئات الالوف من اتباع الكنيسة لافعال جرمية ان صح التعبير لا تستوجب حرقهم بالنار او جز رقابهم بالمقصلة او اجلاسهم على خوازيق حتى يلفظوا انفاسهم الاخير وهو الاسلوب الذي كان متبعا من جانب محاكم التفتيش للتخلص من اتباع الرعية المخالفين لتعاليم الكنيةس والمتمردين على سلطة البابا وعلى سبيل المثال لا الحصر كان يكفي ان يجدف احد المسيحيين على الكنيسة او على يسوع او يجاهر بعدم قناعته بان يسوع هو الابن الوحيد للرب حتى يصدر نيافة المطران او غبطة البطريرك الذي يتراس محكمة التفتيش حكما بحرقه حيا و لينال بذلك عقوبتين الاولى حرقه امام الرعية والثانية احتراقه في جهنم الحمراء الى ابد الابدين ولم يسلم من محاكم التفتيش الفلاسفة والعلماء وكبار المفكرين والشعراء حيث تم تنفيذ احكام الاعدام بهم لمجرد انهم كانوا يشككون بتعاليم الكنيسة او ينشرون كتبا ومقالات تثير شكوكا حول صحة ما ورد في الاناجيل من روايات وتعاليم او تعتبرها مجرد اساطير لا فائدة ترجى من ورائها ولا ترتقى الى حقائق علمية يمكن الاستفادة منها في تحقيق أي شكل من اشكال التطور الحضاري ولم يسلم العالم غاليليو الذي اكد كروية الارض من حكم الاعدام الا بعد ان اعلن توبته وتراجعه عن اكتشافاته المتعلقة بكروية الارض وتاكيده بانها تتعارض مع رؤية الكنيسة التي كانت تعتبر الارض منبسطة وترفض كرويتها استنادا لما ورد عن شكلها في الكتاب المقدس عند المسيحيين . وفي ظل الهيمنة الشمولية للكنيسة على المجتمعات الاوروبية وتضييق محاكم التفتيش الخناق على المقكرين و العلماء والفلاسفة تعطل التطور الضاري لاوروبا بحيث لم تشهد نقلة او تطور في أي مجال يتعلق برفاهية والمستوى المعيشي والمعرفي والثقافي للانسان اللهم الا في مجال بناء الكنائس والكاثدرائيات خلافا للنقلة الحضارية التي حققتها في الحقبة الوثنية أي قبل انتشار المسيحية وترسيخ تعاليم المسيح الداعية الى تخلى المؤمنين بع عن متع الدنيا عن القيام باي عمل منتج للتفرغ للعبادة وتطبيق تعاليم المسيح وحمل الصلبان والمشي ورائه ضمانا لاخرتهم الابدية في جنات النعيم ، ولم تتخلص الشعوب الاروبية من سطوة الكنيسة وتسلطها على المجتمع ومن فرض رؤيتها الغيبية عليه الا بعد الثورة الفرنسية حيث تم تهميش دورها مع اجبار قساوسة محاكم التفتيش على كنس شوارع باريس وغيرها من المدن الفرنسية و حراثة الاراضي الزراعية وتنظيف زرائب البهائم وغيرها من الاعمال النافعة للمجتمع بدلا من ادارتهم وتشغيلهم لمحاكم التفتيش التى تركزت وظيفتها على ارهاب المجتمع وتعطيل تطوره الحضاري . ومع ان اوروبا وغيرها من دول العالم المتقدم قد تخلصت منذ قرون من محاكم التفتيش الكنسية ، فقد تكفلت التنظيمات الاسلامية السلفية باعادة انتاج محاكم التفتيش في اكثر من قطر عربي لكى تقوم بنفس الوظيفة مستغلين اجواء الصحوة الدينية التي عمت العديد من البلدان العربية التي هبت عليها رياح ثورات الربيع العربي وسيطر الاخوان الملتحون على مقاليد السلطة فيها بدعم سعودي قطري اميركي. ففي تونس اقام السلفيون العشرات من محاكم التفتيش السلفية اومجالس القضاء الشرعي كما يحلو لهم ان يسمونها في العاصمة والمدن والبلدات التونسية من اجل فرض التجب والتنقب على الاناث وملاحقة تاركي الصلاة ومنع اختلاط الذكور بالاناث في الحافلات والاسواق وداخل المدارس والجامعات كما شملت اجراءات " نشر الفضيلة " في المجتمع التونسى وتطهيره من ميكروبات وفيروسات الحضارة الغربية الكافرة : حرق كتب العشرات من الادباء والمفكرين والفلاسفة والضغط باتجاه اغلاق الفضائيات التونسية التي تبث مواد ترفيهية وبرامج تثقيفية وفكرية تتعارض مع تعاليم الدين . ومع تعاظم نشاط محاكم التفتيش فقد صعّد السلفيون حملتهم ضد المخالفين لتعاليم الشريعة وابدوا تشددا اكثر في التعامل معهم وعلى هذا الصعيد فقد ذكرت وسائل اعلام محلية ودولية تتابع تفاعلات الربيع الاسلامي في تونس ان احد السلفيين قد قام بذبح احد المواطنين التونسيين بعد ان ضبطه متلبّسا بارتكاب معصية من الوزن الثقيل الذي يغضب الله وملائكته وهي جريمة معاقرة الخمر وتبين لاحقا ان القاتل السلفي او لنقل ممثل الله على الارض لم يذبح هذا المواطن المسكين نتيجة ردة فعل سلفية وانما تنفيذا لاوامر محاكم التفتيش السلفية التي يتركز دورها في ظل الصحوة الدينية والفلتان الامني على استئصال كافة اشكال الحداثة في تونس اضافة الى تغيير بنية الدولة ووظيفتها من دولة مدنية الى دولة دينية وظيفتها الاساسية ارهاب وقمع وتضيق الخناق على رموز الحداثة والعلمانية والتنوير بدلا من ان تكون راعية للمجتمع بكل شرائحه وضامنة للتعايش السلمي بين افراد المجتمع على اختلاف مشاربهم واذواقهم وثقافاتهم وتوجهاتهم !!!
ورغم ان عدوى ثورات الربيع العربي لم تصل بعد للاردن ولم نرى اية ارهاصات لها الا حراكات شوارعية اخوانية غير مؤثرة ومحدودة العدد ولا يزيد عدد ها في احسن الاحوال عن 3 الاف متحرك فقد قام السلفيون قبل اشهر باحتلال وسط مدينة الزرقاء كما قاموا بالاعتداء على الشرطة حين حاولت ابعادهم عن وسط المدينة تسهيلا لحركة السير ولتمكين التجار في تلك المنطقة من فتح متاجرهم بعد ان اجبرهم السلفيون على اغلاقها تحت تهديد سيوف وخناجر كانوا يحملونها واسفرت المواجهة بين الطرفين عن جرح 130 شرطيا بعضهم كانت جراحه بليغة ادخلوا على اثرها الى المستشفيات . ولقد تبين لاحقا ان سيطرة السلفيين علة وسط مدينة الزرقاء وارهابهم للمارة والتجار لم يكن تحركا عفويا وردا كما زعموا على ابعاد امام سلفي من المسجد القائم في هذه المنطقة بل كان عملا منظما وجماعيا تم التخطيط والحشد له قبل اشهر من حدوث هذه الواقعة وتقف وراءه محاكم التفتيش السلفية . وتمشيا مع توجهات محاكم التفتيش السلفية فقد شهدت ضاحية عين الباشا القريبة من عمان قبل يومين حالة امنية متوترة على خلفية مقتل احد المواطنين على يد مجموعة سلفية ويذكر شهود عيان ان مجموعة من السلفيين قد اطلقوا علية النار واردوه قتيلا داخل معرّش للبطيخ عائد له بعد ان ضبطوه متلبسا بجريمة التجديف والتلعين على الذات الالهية . وعقب الحادث بينت تحريات للشرطة ان نشطاء التيار السلفي قد اسسوا مجالس قضاء شرعية محلية يتركز نشاطها على حل المشكلات بين العوائل والعشائر واصلاح ذات البين والدفاع عن منظومة القيم السلفية في ظاهرة لم تالفها بعد . فهل كان ممكنا ان يتعاظم نشاط هذه الجماعات السلفية وان تمارس ارهابها عن طريق القضاء الشرعي الذي لا يختلف من حيث وظائفه عن محاكم التفتيش الكاثوليكية لولا ضعف اداء الحكومة وتساهلها مع هذه الجماعات رغم انها لا تخفي توجهاتها في اقامة امارة سلفية في الاردن ولولا تقلّص القاعدة الاجتماعية الموالية للحكومة والنظام خاصة بعد ان " ولّعت " اسعار السلع والخدمات الاساسية نتيجة للسياسات المالية للحكومة وعجزها عن تضييق فجوات العجز في الموازنة العامة وفي الميزانين التجاري والمدفوعات وارتفاع ملموس في المديونيتين المحلية والخارجية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah