الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام السياسي الى اين ؟!

جورج حزبون

2012 / 6 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



المناخ السياسي في العالم العربي والشرق اوسطي ، يمتاز بصعود حركات الاسلام السياسي ، بعضها كان قائماً ، وغيرها ينتظم ليقيم احزاباً او تيارات اسلامية ، في مصر وفي ليبيا واليمن وتونس ، والمشهد في سوريا واضح الان كما هو واضح في فلسطين التي اقام فيها الاخوان امارة يعز عليهم التفريط فيها على حساب الوحدة الوطنية ولو كان تحت الاحتلال وفي مرحلة التحرير الوطني ؟!
والعامل المشجع في ذلك هو تمدد المشهد الاسلامي بغض النظر عما يتضمنه من اجتهادات لكنه متعدد ، ولا يستطيع ان لا يكون كذلك ، سواء بالاجتهادات السياسية والفقهية والمذهبية ، او بالامتداد التاريخي لذلك الموروث الإسلامي ، الذي تميز بالتعدد والاحزاب والتكفير والتشدد في الحياة والمجتمع ، قد يكون المتغير في الحياة لا يسمح ولا يعطي تلك الانقلابات الفكرية مكانا ضمن اسرة الشعوب ، ونظامها وعلاقاتها المتعددة ، ليكون إمامها فقط فسحة لاستدعاء التجربة التركية والاندونيسية والماليزية ، ولا تملك مساحة للطالبانية وحتى الباكستانية ، يحكم الموقع الجغرافي والحاجة الى ذلك الدخل الأساسي من السياحة وتجارة النفط والعلاقة الاقتصادية ، ولا إلى تجاهل وتأثير ثورة المعلومات ، والاتصالات التي جعلت من العالم وحدة اجتماعية .
لكن الأكثر أهمية في الامر ، هو ان وصول تلك الحركات الى السلطة ، جاء بالانتخابات ، بمعنى عبر الديمقراطية ، وهي تعبير مرفوض اسلامياً ، ولكنه مقبول ان كان يحقق طموحاتهم ، وقد يكون لمرة واحدة ، كما حصل في فلسطين ، ثم توضع نظم وقواعد لا تسمح بالعودة الى تلك الممارسة ، وقد تجد تلك الحركات انماط اخرى تتفق مع تصورها وتشتق لها من المقدس ما يؤيد رأيها ، لتستمر في السلطة تحت ذريعة الحفاظ على الدين والشريعة ، حيث انهم الامناء عليهم وان سواهم اي كان ليس جديراً بالسلطة التي قد تستخدم في غير شرع الله كما يفهمونه ، وهذا ما يشير الى ان المنطقة مقبلة على انظمة قمعية ، ومرحلة ردة حضارية ، قد تطول لاكثر من عقدين زمنين ، وتشهد احترابا بين المذاهب والاجتهادات ، ليس شيعية وسنة فقط، بل بين اصحاب افكار ومشارب دينية عديدة ، فقد حصل مثل ذلك في قطاع غزة حيث تسطير حركة حماس ، وقامت بتصفية معارضيها من التيارات الاسلامية والسلفية بالنار وحتى داخل المساجد ، وهو حال لا يستطيع اي نظام سواهم القيام به ، لما لذلك من اعتداء على المساجد وعلى حرية الرأي و المعتقد .
فاذا كان هذا شأنهم اليوم فكيف سيكون عند التمكين ، فتاريخياً معروف انه اية معارضة لم يكن مسموحا بها في الدولة الإسلامية ، ابتدأ من المرحلة الرشيدية ،فقد قتل خالد بن الوليد صاحبياً واتخذ من رأسه قاعدة لموقد طعامه لمجرد اختلاف في الرأي ، مع انه أعلن تمسكه بالإسلام والتوحيد، محتفظاً برأي حول اسلوب جباية الزكاة لخلافة ابو بكر ، التي كانت مرحلة بعد وفاة الرسول تحتاج الى اقناع الناس وتوضيح الامور لهم في ذلك المجتمع اليدوي الذ لم يكن معتاداً ولا مستوعباً لفرض الضرائب، ولو جاءت بمسمى الزكاة كركن ديني ، فقد قتل مالك بن نويرة ومثل في جثته واغتصب زوجته !
وحين يعبر الناس عن قلقهم ، فان الخطابات والوعود لا تطمئنهم ، فالتجربة التاريخية والرهنة تبين ان للاسلامين اساليبهم ، ولهم تفسيراتهم ، حتى يتمكنوا ، ولن يكون نموذجهم بعيداً عن السعودية وبلدان الخليج حيث حرية الرأي والمعتقد محرمة، و مجرمة ، ويكفي ان نلاحظ ذلك للاضطهاد الذي تلاقيه المرأة في تلك البلدان المحكومة بقاعدة / درء المفاسد / وتراجع فرص الابداع والتميز ، وعموماً ان مجتمعنا يضطهد المرأة ليس حراً بل قمعياً بامتياز .
ولكن رغم كل هذا ، هل يحقق صعود الحركات الاسلامية الاستقلال السياسي ، ويحقق الرفاهية والتنمية ، ويواجه قوى الاستعمار الجديد المباشر والاقتصادي ؟ وهي اسئلة محقة في ظل وضع جرى اضطهاد الاسلامين والعلمانين لسنوات طوال من قبل الانظمة التي كانت حاكمة ، تحت ذريعة أنها بمعارضتها تعيق عملية المواجهة والتحرر ،وإقامة الدولة الفلسطينية كحالة معيارية لموقف عربي موحد بافق سياسي واضح ، ولكن ما لا يطمئن في الامر هو غياب البرنامج السياسي الواضح لهذه الحركات ، فهي فقط تهتم بالشريعة وتطبيقها وبعض اللزوميات الغامضة، ومحاسبة الناس على ذلك ، علماً بان الله كان وعد بانه سيحاسب من خالف شرائعه يوم القيامة ، ومع ذلك فما هي برامج التنمية ، وهل تستقيم مع فكر غير قادر على التلائم مع المتغير في العالم والجديد في الحياة ، مثل ذلك النائب في مجلس الشعب المصري الذي ما كان يهمه فقط هو اعلان الاذان في موعده ، دون التفات لما يناقش او يقدم فكراً او رأياًَ ، كذلك فعل مرشح الرئاسة ( مرسي ) حين رفع الاذان في اجتماع له بالاسكندرية ؟؟
هذه مؤشرات بان القول بالسعي لتحقيق تطلعات الشعب السياسية والاقتصادية لا يحظى على الأقل بالأولوية ، وان اداء الشعائر وغطاء الراس هو الاولوية!! وكيف يطمئن الناس الى المستقبل ، وعقائد هؤلاء الصاعدين لا تؤمن بالديمقراطية ؟ ولا تؤمن بالمواطنة ، وتعيد نظم الحياة الى ما قبل الحضارة ، وكيف ستقوم تلك الأنظمة بإعادة الهيكلة للدولة، على إيه قاعدة ؟ بالتأكيد المستندة الى الدين ، وستبقى السعودية نموذجاً مع الاختلاف بين الملكية والجمهورية ، وهل سيطلب من السواح القادمين الى مصر مثلا ارتداء ملابس خاصة !!، وعموماً فان صحة ما تقوله تلك الحركات ، يتبين من المرحلة الاولى ، فان شكلت حكومات تحالفية ، يكون امامها فرصة للتأقلم مع الحال الراهن ، وادارك ان العمل في المعارضة ليس مثل العمل في المسؤولية ، وان الدين لا يمكن ان يكون مصدر اكراه وقمع للناس ، وان كثيراً من الشعارات لم تعد تصلح بعد تسلم السلطة ،وان التمكين يحتاج الى مناهج أخرى !.
وفي سياق النظر الى تقدم الاسلام السياسي الى السلطة ، فعن ايه هوية سيعتمد الاسلامية ام العربية ، والفرق هنا كبير ، فللهوية الاسلامية منهج واولويات ليس من ضمنها ذلك الطموح الذي ناضل وضحى الالاف في سبيله ، وهو إقامة دولة ديمقراطية وحسم الصراع العربي الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية ، وهل يمكن بالتوجه الى الهوية الإسلامية مثلا استرداد لواء الاسكندرون ، او عربستان ، او جزر ابو ظبي ، وهل اعتماد الهوية الاسلامية سيتعارض مع العروبة التي تضم مذاهب كثر منها غير اسلامية ؟ ومن المحتمل ايضاً ان تدخلنا تلك الهوية الى مواجهات مذهبية ، مع ايران ومع سواها ؟ .
ان الوضع السياسي الراهن في المنطقة ، لا يؤشر الى استقرار قريب ، وان الصراع على النفوذ في هذه المنطقة هو سمة المرحلة الراهنة ، فكما لتركيا وايران طموحاتها فان لاميركا واسرائيل ايضاً طموحات ، قد تصل الى ضرورة الاستفادة من الحالة الراهنة الى وضع اوا اتفاقات او تنفيذ ! ما يسمح بضمان بقاء المنطقة مشتتة ، والعودة بالامور الى ما قبل الاستقلال الوطني ، وبالتالي يكون صعود الاسلام السياسي فرصة يجب الاستفادة منها لاعادة ترتيب اوضاع المنطقة ، خاصة وان الاستقرار فيها قد يطول وان الاختلاف فيها سوف يستمر لاسباب لا تتعلق فقط في تفسير مضامين الإسلام السياسي وأنظمة حكمه، بل أيضا لطبيعة المجتمعات العربية التي ستكون قد خرجت بعداءات تستمر طويلاًَ وتحتاج الى تصفية حسابات ، تحتاج احياناً الى تحالفات خارجية ، وهنا تكون عملية اعادة تقسيم المنطقة واردة ، وبناء شرق اوسط جديد قائمة ، وهو الامر الذي تدركه إسرائيل وتجهز على أساسه ابتداء من اقامة حكومة وحدة وطنية ،هي الأوسع منذ إنشاء الدولة ، وتجري مناورات عسكرية لتكون جاهزة لايه احتمالات .
وان ايقاف كل هذه المخاطر يقتضي برنامج وطني مرحلي في كل من تلك الدول ومرة اخرى نقول ان الخطر ليس على الاسلام بل على الاوطان والشعوب ومستقبلها الذي يهم الجميع بعد اسقاط الانظمة الاستبدادية عليهم الوحدة لمواجهة الخارج كما تم عند مواجهة الداخل .
فإسقاط النظام السوري على علاته ، ليس الإخوان وبرنامجهم أفضل منه ، ثم لصالح من يتحرك الإسلام السياسي في كافة إنحاء الوطن العربي مرة واحدة ، تحتاج الى إمكانيات تسليحية ومالية ولوجستية ،؟ وتنظيمية ومتابعة وتوجيه والى كل ما تتطلبه مساءلة إطلاق انتفاضة شاملة متعددة المواقع والأساليب ، وما هي نظرية الفوضى الخلاقة هنا ، ؟ ولماذا كانت أطلقت مبكرا ؟ كل هذا يحتاج إلى تحالف ديمقراطي شعبي لمواجهة الانحراف بالثورة ، واستغلال الدين وتيرة لضرب مستقبل الشعوب العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا الحدر على التعليق؟
عبد الله اغونان ( 2012 / 6 / 24 - 14:46 )
ارسلت تعليقا على الموضوع بعنوان الى القيادةومنع من النشر كزن ان تكون هناك مبررات لاني امارس رقابة ذاتيه وانضباط وعند اضغط على عبارة ارسال شكوى اجد الرابط لايعمل
ومضمون تعليقي السابق هو ان الاسلام السياسي متجه الى القيادة وذلك من حقه مادام قد أخذها بالشرعية الدمقراطية وهذا ظاهر في كل الاقطار العربية

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah