الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين.. والاختلاف

وديع العبيدي

2012 / 6 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وديع العبيدي
الدين.. والاختلاف

في البدء.. اكتشف المرء نفسه..
عرف الانسان نفسه في صورة الجوع.. الخوف.. الألم..
كان نائما.. مغشيا عليه.. وصحى...
كان شخص آخر ما يزال نائما.. فاندهش منه.
خافه.. راقبه.. عن بعد..
فكّر أن يرفع صخرة ويحدفه بها..
لم يكن له علم بقصة قابيل وهابيل.. ولكنه تردد
تردد وانتظر.. وقعت عيناه على أصابعه.. ساعديه.. ساقيه..
وبلا وعي كانت أصابعه تتقلص.. تتقوس..
وسقط رأسه نحو الأسفل..
نظراته وقعت على أصابعه..
أ.. ص.. ب.. ع.. ههههههههه!..
عاد وراقب الأصابع النائمة على الأرض..
أ.. ص.. ب.. ع.. ههههههههههههههههههه!..
وبقيت عيناه تتنقلان بين الأرض وبين جسده..
وجد أن ذلك هو.. هو.. نفسه.. تحركت ساقاه بلا وعي هاربة من المكان..
اصطدم باللاشيء.. أوقفه الفراغ.. استدار جسده وعاد القهقرى للوراء..
وقف أمام ظله.. دنا منه.. لمس طرف أصبعه طرف اصبعه..
فتح أصابعه وأطبقها على أصابع كفه النائمة..
تفتحت عيناه.. والتقت نظراتهما.. وفي جسديهما سرى خيط دافئ من كهرباء الكون..
صار يقارن كلّ شيء في جسده.. بكلّ شيء في جسده..
انتصب الجسد الساجي.. وقف الأول.. فنهض الثاني..
ومضيا مثل ظلين.. ظل يتبع ظله..
لم يعد المرء وحيدا.. وجد له نظيرا وقرينا..
تراجع منسوب الخوف.. والألم صار نسبيا..
واستمرت الغريزة قلق الوجود..
*
الانسان الأول لم يعرف نفسه.. عرف نظيره..
راقبه بالشكل.. وعرف شكله..
وعلى الطين صار يرسم شكل أصابعه..
على الصخور حفر صورته.. وصور حيوانات..
كلّ من يراها يشعر بالألفة.
مثل عنوان صديق يدعوه..
يتبعون الصورة.. فتتكون الجماعة..
وكلما زاد العدد.. ظهر الاختلاف..
وتكونت مجموعات صغيرة داخل الجماعة الكبيرة..
وانفرد اثنان على حدة، واعتزل منهم أحد..
اللقاء الأول كان بداية الافتراق..
ومع اكتشاف الشبه.. بدأ الاختلاف..
من الواحد صار اثنان.. ومن الأثنين ثلاثة..
الرغبة تحولت إلى مزاج والمزاج تطبع.. والتطبع عادة.. والعادة صارت تقليد..
والتقليد أخذ صورة الثبات والثبات قانون ملزم..
ومع تعدد العادات والقوانين واختلاف الرغبات والأمزجة..
تعددت الجماعات واختلفت.. ومضى كل في سبيله..
ومع الاختلاف والنأي.. تعسّر التقارب..
دافع كلّ عن تقليده.. فوجد نفسه يواجه الآخر..
والتقليد اتسم بالقداسة.. ومن القداسة ولد الدين!..
وكان الدين نقطة اللارجعة!!..
*
من الدين بدأ الماوراء..
وجرى تجميد الزمن في نقظة..
وبدأ الدوران على النقظة!.
*
نقطة داخل الذات أم خارج الذات..
داخل الوجود أم خارج الوجود..
نقطة للمعية.. أم نقطة للتضادّ!..
نقطة في العقل.. أم من الغريزة..
نقطة من الروح.. أم في الجسد!..
*
يعتقد وليد مهدي أن الدين ليس طريقا للوصول إلى "الله"، وانما طريقة تنظيمية للمجتمع. ويرى مالوري ني ان الدين معطى ثقافي قومي، أم أنه نسيج من خيوط الخرافات والاساطير بحسب كريلنغ!.. وفي كلّ ذلك.. يبقى الدين نقطة في الماضي، لا تنفصل عن الزمان والمكان، أي السيرورة والصيرورة المستمرة!.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
• وليد مهدي- مع الله في ملكوته/5- االحوار المتمدن- ع 3767- 23 يونيو 2012
• Malory Nye, Religion- The Basics, Pub. Routeleldge, 2003, London
• A C Grayling, Against All Gods,Obereton Books, 2007, London








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد سجاد العسكري
Wadi Obeadi ( 2012 / 6 / 23 - 16:54 )
أشكرك على مرورك ومداخلتك القيمة..
مع التحية


2 - شكر وامتنان
Wadi Obeadi ( 2012 / 6 / 25 - 19:55 )
ألف شكر ومحبة عزيزي ارام.. ودمت

اخر الافلام

.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري


.. 166-An-Nisa




.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام