الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأهرامات ملك للإنسانية

يوسف غنيم
(Abo Ghneim)

2012 / 6 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأهرامات ملك للإنسانية

صرح د. عبد اللطيف المحمود شيخ مشايخ السنة في البحرين " الحمد لله الذي نصر جنده وهزم الأحزاب وحده ، مبروك عليكي يا مصر ،آن لك هدم الأنصاب الأهرام وتماثيل اللكفر وتنجزي ما لم ينجزه الصحابي عمرو بن العاص" .
يعبر التصريح عن ضيق أفق في تحديد إحتياجات الواقع وتوجه ظلامي قل نظيره ، لا يعبر هذا الموقف بالضرورة عن التيارات الإسلامية قد يكون موقف فردي لهذا الشيخ مع ذلك لا يمكن تجاهله للعديد من الأسباب أهمها إستناده إلى النصوص والمفردات الدينية بتقديم موقفه "الأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ". في محاولة لتوظيف النص الديني والحدث التاريخي " هزيمة الأحزاب" لتسويغ مطالبته هدم الأهرامات وهذا مرتبط بطبيعة النصوص الدينية التي يمكن تحميلها أكثر من معنى إرتباط بالأهداف التي يسعى لها المفسر .
هل تكمن الإشكالية في النصوص أم في من يحاول تفسيرها ؟
تعتبر الإجابة على هذا السؤال مسألة مفتاحية في فهم الدين السياسي نظرا للقداسة المقترنه بالنص ، حيث يعمل أصحاب الدين السياسي إلى تكفير كل من يتناول إشكالية النص نظرا للتابو المفروض على نقاشه ، مما يحصر النقاش دوما بفهم الشخوص للنصوص الذين يصيبوا ويخطؤون ولا يمس ذلك حسب فهمهم النصوص كونها منزهة ، لذا يتم حصر النقاش والجدل بالرأي المرتبط بالنص حتى لا يتم المس بقداسة النص، وهذا ما يعطي مساحة كبيرة من التلون لدى أصحاب الدين السياسي الذين يستمدون القداسة لمواقفهم من قداسة النص على قاعدة من يجتهد ويصيب فله أجران ومن يجتهد ويخطئ فله أجر . إستند المسلمون إلى النص في تدمر الأصنام التي شكلت الفضاء المادي للكعبة بعد إنتصارهم على قريش نظرا للتناقض التناحري بين معتقد التوحيد الذي جاء به الإسلام وتعدد الألهه الذي ساد المجتمع القريشي في ذلك التاريخ، لم يتمكن المسلمون في بداياتهم من هدم الأنصاب كما يدعو الشيخ بل تعايشوا معها مستندين إلى "وإدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " ، كانو يطوفون بالبيت العتيق والأصنام تحيط بهم ، أقاموا طقوسهم الدينية في ظل المعتقدات الأخرى وهذا يشير إلى أن العرب أمنوا بالتعددية الفكرية والروحية وقبلوا الأخر الذي نشأ في رحم مجتمعهم ساعيا إلى نفيهم ، معتقدون بإمكانية تعايش التناقضات دون حسم مخالفين منطق التاريخ .
تمكن المسلمون من حسم الصراع مع قريش مستندين إلى النص " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وبأن الله على نصرهم لقدير " حاملين بعض التغيرات "التقدمية " إلى المجتمع العربي ، مكملين ما بدأه قصي بن كلاب في الجزيرة العربية ومتممين ما جاءت به الرسالات السماوية الأخرى السابقة " جئت لأتمم مكارم الأخلاق " .
بعد ذلك بدأ مشوار المسلمون بالإنتشار خارج الجزيرة العربية شمل هذا التمدد مصر" أرض الكنانة " حيث كانت وافرة الخصبة ساهم إنتاجها بتخفيف معاناة المسلمين في سنوات القحط في عهد عمر بن الخطاب ، الذي لم يدع إلى تدمير التماثيل والأهرامات المزروعة قي صحراء مصر ، لأن المحرك الرئيسي للتوسع الإسلامي إستند إلى إحتياجات إقتصادية إجتماعية ُحملت على بعد ديني "نشر الإسلام خارج جزيرة العرب " لم تشكل الأهرامات عائقا أمام تحقيقها . ما أنجزه المسلمون في تلك المرحلة كان نشر المسلمين خارج الجزيرة العربية أكثر من نشر الإسلام في أوساط المجتمعات التي وصلوها ، والسبب الرئيسي لذلك إنتشار الديانة المسيحية في تلك المجتمعات خاصة (بلاد الشام ومصر ) والدوافع الإقتصادية التي شكلت مكونا رئيسيا للحراك ، وما يشير إلى ذلك رفض عمر بن الخطاب إندماج المسلمون في المجتمع المصري ومطالبته لعمرو بن العاص بإقامة مدينة الفسطاط خارج التجمعات السكنية للمصرية ، نشر الدعوة بحاجة إلى إنخراط في المجتمعات التي يتم دخولها ، بالوقت الذي يحتاج تحصيل الخراج والضرائب المختلفة إلى قوة عسكرية تضبط الحالة العامة وتحقق المصالح الإقتصادية للقوى المسيطرة . لم يكن للإسلميون حاجة في الماضي بهدم الأهرامات ، ولن يكون لهم مصلحة في الحاضر في هدمها فالأهرامات هي عنوان السياحة في مصر التي يشكل الدخل منها 11.3% من الدخل القومي بما يعادل 12.5 مليار دولار وأي مس بها يعني مس بالأمن القومي المصري ، لقد حافظ المسلمون على مصر الزراعية في الماضي وعليهم الحفاظ عليها اليوم على مختلف الصعد .لم يمس المسلمون الأوائل بمصالحهم ولن يمسوا بها في الحاضر أو المستقبل ،المصالح هي المحرك الأساسي وعندما تتعرض للخطر يتم الدفاع عنها بالنواجذ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد عباس: المقاومة الاسلامية تملك السلاح الفعال وقادرة على


.. مسلمون يؤدون -رمي الجمرات- أثناء الحج




.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و


.. 61-An-Nisa




.. 62-An-Nisa