الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أميّون بشهادات جامعية!!

سعد تركي

2012 / 6 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


في سنوات حرب الثمانينيات وحصار التسعينيات، لم يكن الاستمرار بالدراسة يعني أكثر من نيل التأجيل عن أداء الخدمة الإلزامية، حتى إن بعضهم كان يلجأ إلى تعمّد الرسوب ما دام القانون يسمح بذلك. وفي حين لم تدرأ شهادة التخرّج عن حاملها السوقَ إلى جبهات القتال في الحقبة الأولى، فإنّ الوظيفة الحكومية ـ في سني الحصار ـ لم تكن توفّر سبيل عيش الحد الأدنى، فعزف كثيرون عن التقدم لها مفضلين أيّ شيء يُسمّى عملاً في القطاع الخاص.
لاحقاً، بعد التغيير، أضحى الحصول على الشهادة، بأيّة وسيلة، هدفَ الطامحين (أو الطامعين) بحياة رغيدة بأمان وكسل العمل في الوظائف العامة بعد أن انكمش وتقلّص عملُ القطاع الخاص، مكتفياً بالنشاط التجاري بيعاً وشراءً.
الحرصُ على نيل الشهادة الجامعية يوجب، بداهةً، الاهتمام بالتعليم في مختلف مراحله. من اجل الحصول على أعلى نسبة نجاحٍ ممكنةٍ والخلاص من عبء الكسالى من طلبة صفوفهم، يعمدُ بعض معلمي الابتدائية إلى ترحيلهم للصف التالي وصولاً إلى السادس المحكوم بالامتحان الوزاري. النسبة المطلوبة للنجاح في الوزاري كانت تَفرضُ على إدارة المدرسة أن تستثني من دخوله كلّ طالبٍ تشكّ في قدرته وأهليّته لعبور بوّابته. إلاّ أنّ الدخول الشامل، الذي أجازته وزارة التربية هذا العام على إدارات المدارس مع بقاء شرط نسبة مقبولة لنجاح الطلبة المتأهلين إلى المرحلة المتوسطة، فرضَ واقعاً آخر كان على هذه الإدارات التعامل معه بما يجنّبها الوقوع في المساءلة والعقاب.
روى أحد المعلمين أنّه فوجئ لدى قيامه بتصحيح أسئلة اللغة العربية الوزارية أن رزمةً كاملةً من الدفاتر تبتدئ إجابات الطلبة فيها عن موضوع الإنشاء بجملة واحدة اتفقوا جميعاً عليها. دهشة المعلم ازدادت حين وجد رزمة أخرى اتفقت على جملة مغايرة استهلّ بها الطلبة ردّهم على نفس الموضوع الانشائي. تبدّدت دهشته وزال استغرابه إذ تذكّر زميلاً أوصاه بأن (يدير باله) على أيّ رزمة تقع بين يديه ويجد في أجوبتها اتفاقاً على جملة محدّدة، مع وعد ردّ الجميل بأحسن منه أو مثله!!
كانت الامتحانات الوزاريّة، برغم بعض عيوبها، فلتراً وغربالاً يستبعد غير المؤهلين، إلاّ أنها اليوم سرّبت أعداداً إلى المتوسطة لا يمكنهم كتابة أسمائهم بشكل صحيح ولا يفرقون بين جمع الأرقام وطرحها. الخطر سيزداد حين تعمم الوزارة تجربتها على الامتحانات الوزارية للمرحلتين التاليتين. من المؤكد ـ حينها ـ أن عديد حملة الشهادات العليا سيتعاظم..
يبدو أننا سننجح فيما عجزت أمم وشعوب عنه، فنحن الوحيدون في العالم منْ نمنح الأميين شهادات جامعية!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا