الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاصرون بين سكاكين الزرقاوي والاطماع الدينية

مالوم ابو رغيف

2005 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو ان بعض رجال الدين الشيعة و المراجع قد أثرت عليهم العزلة وطول المقام والمكوث في بيوتهم فاعتقدوا ان العالم قد توقف في احكامه وقوانينه وان الحياة لا زالت كما هي عليه منذ اكثر من 1600 سنة فقالوا ان الاسلام يجب ان يكون مصدر التشريع الوحيد متناسين ان ابناء طائفتهم اللذين قتلوا ويتم قتلهم باسم الاسلام الذي يطالبون ان يكون سيفا مسلطا على رقاب الناس لكن كقانون دستوري.
لو أن هذه المرجعيات التي لا تجد ما تفعله طوال النهار ،لها فضلا فى تحرير العراق من التسلط الهمجي الذي كان بعضه من الحملة الإسلامية الإيمانية سيئة الصيت وتطبيق القصاص الاسلامي على الناس ،لاعطيناها بعض الحق فيما تطالب به ،لكن صمتها طوال مدة التعذيب النفسي والجسدي والمقابر الجماعية وغياهب السجون وفرامات لحم البشر وعدم اعتراضها على ما كان يقوم به الحزب الهمجي آنذاك حتى لم تنبس ببنت شفه ،ثم تأتي اليوم لتطالب بدستور وشريعة اسلامية حيث الناس يجلدون وتقطع رقابهم واياديهم وارجلهم وينكل بهم أينما وجد دستور اسلامي او حكم حسب الشريعة سواء كان في السعودية ، إيران ، السودان ، باكستان أو في أيام افغانستان طلبان او في زمن السيارات والناس المفخخة وذبح البشر كالنعاج،فانه امر لا يثير الاستغراب فقط بل والاشمئزاز ايضا.
ولو تركنا كل هذا جانبا ونظرنا إلى قولهم حول ضرورة الحفاظ على وحدة العراق الجغرافية والسكانية ،أليس لهؤلاء المراجع تناقضا كبيرا بين ما يودونه ويرغبونه لوحدة الشعب وبين اصرارهم على ان يكون الاسلام هو المصدر الوحيد للتشريع.؟
الا يدرك هؤلاء ان الشعب العراقي وان كان غالبيته ممن ورثوا دينهم من ابائهم وليس باختيارهم ولا يملكون الحق في اختيار دين اخر بسبب قانون الاعدام او قانون الردة الاسلامي الذي يعاقب بالموت بحد السيف كل مسلم مرتد عن دينه ،بان الشعب العراقي متكون من عدة اديان وطوائف ومذاهب فكرية علمانية والحادية ،وان نسبة الذين لا يؤمنون حقا وان كانوا مسلميين اكثر باضعاف المرات من نسبة الذين يمتهنون الدين او يتبعون اوامر رجاله.؟ فبأى حق يتكلم هؤلاء المراجع ويفرضون ارائهم وتهديداتهم وهم لا يمثلون الا اقلية ضئيلة .؟ هل استشاروا الناس فيما ذهبوا اليه ام هل استفتوهم.؟ هل اختلطوا مع الناس وشاركوهم العوز والفاقة وتبادلوا معهم الاراء واستمعوا الى مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية.؟ ام قد صدقوا انهم ظل الله على الارض فتخيلوا انهم يأمرون فيطاعون ويقولون فلا ينكسر لهم قولا ولا يعصون فعلا .؟
ثم اي اسلام يجب ان يكون المصدر الوحيد للتشريع ،هل هو الاسلام السني ام الاسلامي الشيعي ،هل هو الاسلام الوهابي ام الحنبلي ام المالكي ام الشافعي ،الاثنى عشري ام الاسماعيلي ام ولاية الفقيه.؟ هل هناك ما يسمى اسلام في ايامنا الراهنة سوى نظم وميول ظالمة هدفها الوحيد الحد من حرية الانسان والانتقاص من ارادته وجعله اسير لدى رجل الدين المعمم الذي لا يفقه شيئا سوى امور الحيض والنفاس والعبادات والغيبيات.فما دخل كل هذا بالعلاقات الدولية والسياسيات الاقتصادية والرؤى الاجتماعية والتيارات الادبية والصراعات السياسية والاجتماعية والمعاملات التجارية ،ما دخل الدين بصفته منظما للعبادات بحرية الانسان وارادته المستقلة واختيارته الذاتية ،ما دخل رجل الدين بقوانين المجتمع وهو الذي يدعي الحفاظ على قوانين الله.
كما ان مسألة دين الدولة هي ابتداع يفهم منه احتكار السلطة واقتصارها على المسلميين فقط والانتقاص من بقية المواطنيين من غير المسلميين الذين لا يمكن لاحد منهم ان يصبح رئيس للجمهورية او الوزراء لانه غير مسلم ،فاي تشريع انسانى او وطني هذا الذي لا يساوى بين ابناء الوطن الواحد .؟واي قانون سيصلح للجميع اذا كان يستند على المعتقد في التفاوت بين الناس .؟ الم يكن حزب البعث يفضل البعثيين على غيرهم في التعيين والترقية والامتيازات .؟الا ينطبق هذا مع شكل المطالبة بكون الدين هو المصدر الوحديد للتشريع وضرب نتاجات وابداعات ودراسات البشر عرض الحائط والاكتفاء بما يقوله او يفسره المسجد او الحسينية .؟
ان المطالبة بجعل الدين الاسلامي ،غير المعرف المذهب ،المصدر الوحيد للتشريع ودين الدولة الرسمي ،يجعل العراق غنيمة بين المذهب السني والمذهب الشيعي ممثلا برجال الدين من كلا الجانبين ويؤسس لمرحلة طائفية خطيرة اذ سوف ينقسم المجتمع العراقي الى قسمين حسب القانون الاسلامي من الناحية السياسية ومن الناحية الاجتماعية ولعل ابسط مثل على ذلك هو الموقف من الانتخابات فقد صدرت فتوى من الجانب الشيعي بادخال الناس في جهنم ان هم امتنعوا عن المشاركة بالانتخابات وفتوى اخرى ادخلتهم النار اذا ما شاركوا فيها ،فتوى حثت على المشاركة بامر ديني واخرى بامر ديني ايضا اوجبت مقاطعتها..نعم اذا ما تم لرجال الدين ذلك فانهم سيتقاسمون الغنيمة ولايتركون لبقية الناس الا فتات الموائد ، كما كان الحال في سائر العصور الاسلامية الغابرة منذ تأسيس الدولة الاسلامية الى يومنا هذا ..
لم تكتفي المرجعية بالمطالبة بجعل الدين الاسلامي المصدر الوحيد للتشريع الذي يعني ان المحكمة الدستورية ستكون شلة من المعممين الذين يفهمون بالدين وليس بالقانون ،بل ذهبت الى ابعد من هذا فافتت بعدم جواز فصل الدين عن الدولة وجعلته امرا محسوما ، متنكرة لكل وعودها السابقة بعدم المطالبة بحكومة اسلامية ،فما شكل الحكومة الاسلامية اذن ،اذا كان الدستور اسلامي والقوانيين اسلامية ودين الدولة اسلامي ولا انفصال بين الدين والدولة واذا كان رهط المسلميين المعممين يحتلون اغلب مقاعد الجمعية الوطنية وولي فقية غير معلن فتواه قانون لا يمكن مخالفته .؟
لكن هل لنا ان نتسائل ما سر موقف المرجعية الغريب وفي هذا الظرف بالذات حيث الناس محاصرين بين سكاكين الاسلام الزرقاوي وهيئة علماء المسلميين وسياط مقتدى الصدر وارهاب اتباع ايران ومضايقاتهم.؟
هل هو تقارب بين الولي الفقية الايراني والمرجعية العراقية ام يا ترى هو شعور بالقوة بعد الانتخابات والتي فازت بها قائمة الائتلاف الموحد بالاغلبية .؟ام ان هناك من يريد ان يشغل العراق بخلافات ثانوية لتحقيق غايات ومصالح معينة على حساب الصالح العام .
لماذا هذا التوقيت بالذات وهم يعرفون ان العراقيين لا يشغلهم الدين بقدر ما يشغلهم مستقبل العراق السياسي والاقتصادي والقضاء على الارهاب ومنع عودة البعث على يد علاوي والياور والشعلان وبقية الشلة .؟
فاذا كانت المرجعية لا تعي مثل هذه الامور ولا يهمها الظرف الحساس والدقيق الذي يمر فيه العراق ، فانها غير صالحة بان تعطي رأيها بالشان السياسي العراقي الا اذا كان اقتراحا وليس اوامر وتحذير وتهديد ،اراء فردية او جماعية شانها شان اي منظمة اجتماعية او سياسية او دينية للاستئناس بالرأي وليس الاخذ به اذا لم يكن وجيها .
يبقى ان نقول ان رجال الدين على مختلف انواعهم واختلاف انتمائاتهم يدركون ان اهميتهم ستقل في عصر ازدهارالديمقراطية وان الانسان سيتحرر من سيطرتهم وسيعنتق من قوانينهم كلما كان القانون انساني علماني مدني متحضر ،لذلك لابد لهم من المقاومة واقحام نفسهم للحفاظ على مراكزهم –لكنهم خاطئون فرجل الدين الإيراني لم يصل الى مثل هذه المرحلة من الاستهزاء وعدم الاحترام ومحل ازدراء الناس الا عندما تسلط وطغى واصبح عبدا للدولة وليس عبدا لله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام


.. قوات الاحتلال تمنع أطفالا من الدخول إلى المسجد الأقصى




.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي