الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت رايات جليحة والابيض

جمال الهنداوي

2012 / 7 / 1
المجتمع المدني


قليلة هي اللحظات المضيئة في حياة الانسان,والاقل هي تلك التي يشكل بها الوعي باهمية وفرادة الزمن حجر الزاوية في عملية الادراك,وعصية على خذلان الذاكرة تكون عندما تفجأنا بنورها ونحن نرتكس في ظلمات التناقض مع الرؤى والقيم التي درجنا عليها قديماً..والاجمل والابهى هي عندما تمر علينا تلك اللحظات اثناء انشغالاتنا باحصاء خسائر العمر الكثيرة ومباهجــه الضائعة في خضم تيه الاسئلة مستدرجة الامل بغدٍ يختلف في صبحه عما يراد له ان يكون..
من تلك اللحظات التي يمن الله بها علينا كرحمة مهداة في ظل هذا التعكر العضال الذي يؤرق امزجة العراقيين كانت هي التواجد ضمن تجمع ولقاء ضم ابناء عشائر امارة كندة في احدى مدن بغداد التي انهكها الارهاب والعنف وكان يراد منه الترحيب بمقدم وجوه وشيوخ قبائل جليحة العربية في كربلاء من قبل ابناء عمومتهم في عشيرة الابيض الكرام ولكن يأبى الله وطيبة واصالة الشعب النبيل الا ان يكون ذلك اللقاء كرنفالاً من المحبة والتمسك بالقيم التي لطالما روت بدماء وتضحيات السنين والناس والتي تعلن بطهرها ونقائها عمق انتمائها للارض التي لا تستشعر فرقا بين اقدام السائرين عليها ولا تألم من معاول وفؤوس تعمر فيها وتعلي ما يحفظ للانسان العراقي الكريم هيبته وعزته وكرامته..
ساعات قضيناها وقوفا متراصين تحت رايات بيارق العشائر العراقية الكريمة واهازيج الوحدة والتلاحم مرت كانها الطير انغمارا بنهر المودة الذي يختطف الانفاس والتسابق النبيل من قبل الجميع نحو التأكيد على اولية المشتركات ما بين الشعب الكريم ونبذ وتبشيع كل ما يفرق بين الاخ واخيه وبين ابناء الوطن الواحد والتي كانت كدروس مباحة مسفوحة امام القوى السياسية للعودة الى سجلها الطويل المشترك من النضال ضد قوى التسلط والاستبداد والذب عن ديمقراطيتنا الناشئة تجاه النكسات التي تعتريها ..
ان الومضة التي يترتب علينا استخلاصها من مثل هذه الملتقيات الوطنية هو ان البحث عن جذور ووشائج تغور الى عمق القرون والعمل على تعشيقها وتحويلها الى منبر للقاء والتوحد وهو ما يجب ان يكون نصب عين قوانا السياسية المحملة بشرف تمثيل الشعب العراقي العظيم وهي تستحضر تاريخها المشترك في مناهضة الديكتاتورية والحكم العائلي المغلق وتتخذ من توحد ورقي وتحضر وتفاعل قوى الشعب وفعالياته وعناوينه المجتمعية مثابة تنطلق منها الى استنباط الحلول التي تساهم في تصحيح مسار الحراك السياسي باتجاه بلورة ملامح خطاب وطني يتماهى مع الاهداف الواقعية للمجتمع والتي لا تتقاطع مع المبادئ الانسانية العامة بخطوطها العريضة كضامن اكيد لوضع الاسس الصحيحة لمسيرة التظور والنماء تجاه بناء دولة العدل والقانون والمؤسسات وحقوق الانسان..
ما ينبغي المراهنة عليه هو المشتركات الكثيرة بين ابناء الوطن الواحد والثقة بقواه السياسية وقدرتها على انضاج المتفق عليه منها بما يعزز الاصطفاف والتلاحم والتوافق الوطني، ويسهم في الخروج بتصورات واعية وعقلانية تتضمن إيجاد الحلول والمعالجات لمختلف القضايا المفصلية التي تهم المواطن ويعمل على تمتين جسور الثقة وترسيخ تقاليد الممارسة الديمقراطية وأخلاقيات الاختلاف والرأي الآخر والممارسة المنضبطة لمفهوم التباين السياسي كعامل تدافع ايجابي والانحياز للمشروع الوطني واولية إحلال الأمن والاستقرار باعتبار أن ذلك هو المدخل العملي، الذي سيمكن العراق من التعاطي مع مشكلاته الاقتصادية والتنموية..
الموقف يتطلب من الجميع وقفة مع النفس,وادراك عالٍ لجلال وعظم المسؤولية أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة التي تنتظر منا ان نوصلها إلى بر الأمان، ودرء التحديات والأخطار التي تجابهها وانتشالها من بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار،والوعي بان العملية السياسية الجارية في العراق,رغم جميع الهنات التي شابتها والمطبات التي واجهتها,تعد بكل المقاييس الاساس الصالح والوحيد الذي نتحصل عليه كمشروع مؤمل ومبشر في عملية بناء دولة المؤسسات والقانون,وهي الخيار الوحيد المتاح الذي يستطيع ان يعبر عن جميع تطلعات اطياف ورؤى ومكونات الشعب العراقي رغم تباينها او تقاربها بدرجة او باخرى..
هذه العملية السياسية الرائدة..وهذه الديمقراطية الوليدة تبقى دائما بحاجة ماسة لكي تستمد من مثل هذه الفعاليات الحكيمة العاقلة التي من الله عليها بالقدرة على رؤية المشهد كاملا والمتحصلة على ملكة استشراف مستقبل الوطن من خلال النظر في عيون ابنائه,وهذه الاصوات المنادية بالوحدة والتعايش السلمي هي التي يجب ان تصل لاسماع العملية السياسية ,وهي التي نحتاج اليها الان,وهي التي نتمنى ان تعلو,وان تسود,وان تنقل الى اذان الناس بان هناك من يلملم مثلما هناك من يبعثر..وان هناك من يبني ويرمم مقابل كل معول هدم ترتفع به الاكف المعادية للعراق والعراقيين,وان هناك الكثير من الاليات الدستورية والقانونية التي من الممكن ان تكون من عوامل حل الخلافات ما بين فرقاء العملية السياسية وضمن سقف القانون والدستور والمصلحة الوطنية العليا..
املنا كبير في رجالات العراق ونسائه الذين حملناهم مسؤولية قيادة مركبنا نحو شاطئ الامان,وثقتنا كبيرة بقدرتهم على تجاوز الصعاب رغم ثقل المهمة الملقاة على عاتقهم,والشعب العراقي مطمئن على عمليته السياسية ما دامت بيد من يستوعب ضخامة الثمن الفادح الذي دفعه العراقيين من اجلها ارواحا ودما ومقدرات.وان ديمقراطيتنا ليست عبثا ,ولا فوضى,بل حقيقة ومساراً وخياراً وًطنياً واسلوب حياة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسبان يتظاهرون ضد السياحة المفرطة في -أرخبيل البليار-


.. خيام النازحين الفلسطينيين تمتد على طول شاطئ دير البلح في غزة




.. إسرائيليون يتظاهرون في القدس المحتلة للمطالبة بصفقة لإعادة ا


.. إيهاب جبارين: ذوو الأسرى يريدون أبناءهم أحياء لا جثثا هامدة




.. انقسام في إسرائيل حول عملية رفح.. وأهالي الأسرى يطالبون بوقف