الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممارسات غير محسوبة..

جمال الهنداوي

2012 / 7 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مثير للقلق هو كل هذا الاستسهال,والخفة الاقرب الى الطيش,التي يمكن ان نصف من خلالها ذلك الاندفاع الكبير الذي تمارسه بعض دول الاقليم نحو جر شعوب المنطقة الى اتون التقاطعات الطائفية المهلكة وبتبسط وتهاون قد لا يتلاءم مع خطورة المنتظر من هكذا تفلتات وقد يكون مستغربا مع كل هذا الاداء العلني المنقول فضائيا للنتائج الكارثية على الارض لايام الفتنة واعلاء القيم الطائفية التي تم استنباتها في شوارع وارصفة واسواق العراق وتقديمها كقيمة اولية مهيمنة على جميع المشتركات التي كان من الممكن ان تكون وسيلة صالحة لاشاعة روح الالفة والتسامح بين ابناء الشعب الواحد..
وهذا الاندفاع وأن كان غير متوافق مع الروح الثورية التي تعصف نسائمها في ارجاء المنطقة والمبنية على المطالبة بالعدالة الاجتماعية والمساواة وحق التعبير عن الخيارات السياسيةالحرة للشعوب..ولكنه قد يكون مفهوما من خلال التضاد الواضح والمعلن لهذه الشعارات مع مصالح وثوابت بعض الانظمة المتعتقة في الحكم والتي تشفق حد الفزع من موقف متأخر ومأساوي من المحتم ان يؤطر مواقع اقدامها في اي من معارك التحرر والانعتاق التي قد تواجهها تحت اشتراطات وتوجهات حركات التحرر الشعبية العربية..
ومن هنا قد لا يكون هذا الاحلال الطائفي اللحوح الا كنوع من تحسين المواقع وتحصين التخندقات الرسمية للحكم..لخبرة الانظمة القمعية الاستبدادية الطويلة في اختلاق الازمات ولطول باعها وتمرسها في التلاعب بالتناقضات الطائفية من خلال نشر خارطة المنطقة على طول وعرض الوطن وتأشيرها بالخطوط والعلامات المعبرة عن اولية التوزيع الطائفي والعرقي والفئوي والمتماهي تماما مع انتماءات الحاكم وخياراته الايديولوجية وتفضيله على مبدأ المواطنة المتساوية,خدمة لاهداف استمرارها في التسلط على رقاب بدأت تتململ من طول المطال في وحل الديكتاتورية والحكم الفردي العائلي المغلق..وهذا الهدف قد يكون اكثر من كاف لكي يتخذه السلطان ذريعة كافية لتمديد ومط حدود تدخلاته وايلاغه في دماء الشعوب استنادا لقيادة ملتبسة منتحلة لمهمة الدفاع عن هذه الطائفة او تلك الفئة تجاه اخطار قد يكون الحكم نفسه من اهم عواملها..
ان محاولات جر شعوب المنطقة الى المساحة الهلامية الخطرة مشوشة الملامح والمعطيات التي تمثلها الطائفية تمثل فعلا اقرب الى الجرم منه الى تأمين الحكم لمواقعه..ويعد ممارسة غير محسوبة النتائج بدرجة تعبر عن مدى استخفاف النظام الرسمي بوحدة النسيج المجتمعي للامة وامنه وسلمه الاهلي..ولن يكون من الممكن تمريرهذه الممارسات –خصوصا في المرحلة الحالية- الا من خلال الاسراف في اغراق المنطقة في الصراعات الفئوية المسعورة بشبق القتل والتدمير والتي لا يمكن لها ان تسفر عن رابح اوخاسر..ولنا في الاعمال التي استجلبت الى العراق وسالت بسببها انهار من الارواح والدماء والجثث المقطعة الاوصال ونزف الثروات والمقدرات نموذجا عن عدم امكانية السيطرة على هذه الامور عند انطلاقها وخضوعها الحتمي للتفلت الخارج عن سيطرة كل الاطراف..
كما انها تذكرة لمن يعي ان نتائج المحاولات التي اقترفها النظام الرسمي في تغويل الوحش الطائفي واطلاقه في شوارع العراق كانت من السوء بحيث يتوجب النداء باعلى الصوت ضد الجهد الحثيث في تصديرها الى مناطق اخرى من المنطقة..كما ان المطلوب الان التعامل بواقعية مع المعطيات الجديدة التي تتفاعل على الارض والاقتناع بلا جدوى مناهضة الشعوب في مسيرتها الظافرة نحو الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والايمان بحتمية انتصار الارادة الشعبية الحرة على الحكم الاستبدادي المناهض للحرية والحق ومستقبل شعوب وللمسار التاريخي السليم..
كلنا امل في الصفوة الطيبة من الشباب العربي الثائر ان تثبت بتوحدها والتفافها حول الشعارات المعلية لمبادئ المواطنة وحقوق الانسان رفضها التام لاستخدام الورقة الدينية الطائفية من قبل الانظمة المعادية للشعوب..والتي يبدو انها لم تعد تتحصل الا على قدرتها على اثارة الفرقة والاضطرابات واستنهاض اسوأ ما في النفس من ادران وعتمة من خلال النفخ في رماد التمييز الطائفي والمجتمعي كمبرر وحيد لادامة وجودها وتسلطها على رقاب المجتمع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran