الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعددية والتوحيد وأثرهما الاجتماعي

رمضان عيسى

2012 / 7 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



يجب عدم النظر الى الدين - أي دين - كرزمة إعتقادية واحدة وحيدة , وجدت بهذا التصور مرة واحدة , لا , ان الأديان كمنظومة إعتقادية ارتبط ظهورها مع بداية الطفرة العقلية التي إنتقلها الإنسان من المرحلة الوحشية إلى الحالة الإنسانية , والتي ظهر فيها بداية تشكل مجتمع إنساني .
ان حالة العجز عن فهم ظواهر الطبيعة والخوف والأحلام قد أوحت الى العقل البشري فكرة وجود قوى خارقة فاعلة تقف وراء التنوع في ظاهرات الطبيعة , ان النزوع الفطري للمحافظة على الحياة ومشاعر الخوف من المجهول التي أكثر منها الوعي البشري في حالته الجنينية قد أوحت للانسان بأشكال من الآلهه كعبير عن قوى غيبية خارقة لا حصر لها وبجملة من الطقوس والصلوات , ومن اجل استعطاف هذه القوى الغبية الخارقة , يجب تقديم القرابين لها لكسب رضاها واتقاء شرها . كما أن الأحلام أوحت بوجود عالم آخر بجانب العالم المادي , وهذه هي مكونات أي دين ,فالدين هو جملة من الأوامر والنواهي ترسم علاقة ما بين الأرض وسكانها والسماء بوصفها مسكن الآلهة ,وهناك منحى آخر للأديان , وهو تنظيم العلاقة بين سكان الأرض بعضهم ببعض . وبهذا نجد أن الترهيب والترغيب عنصر هام في الأديان , إذ يرتكز عليه المبدأ الأخلاقي الذي يتميز به كل دين , فكل دين له حلاله وحرامه ,وهناك أديان تُعظم عنصر الترغيب أكثر من الترهيب , بينما نجد أديانا تُعظم عنصر الترهيب والعقاب أكثر من الترغيب والثواب . وهناك أديان لها من الأوامر والنواهي والتدخلات في كل صغيرة وكبيرة في حياة إتباعها بما لا تعد ولا تحصى , بينما هناك أديان لا تزيد عن كونها مباديء وحكم أخلاقية ونظم إرشادية للإنسان في علاقته مع أخيه الإنسان .ونرى أن لكل تصور ديني - في بدايته- أتباع , في الأغلب لهم ارتباط جغرافي , أو لغوي أو عشائري .
ان للأتباع دور كبير في تطوير الأديان , فمنهم من زاد عليها , ومنهم من تجاهل بعض نصوصها مما أدى الى تفرعها وتعددها. ولكن اذا انتشر دين معين في منطقة جغرافية ، فانه يطغى ليطمس آثار الديانات الأقل أتباعا فتدور صراعات دينية تودي بحياة الكثير من البشر .
ان الأديان كانت في الأصل تعددية , أي ممكن أن يكون لكل قبيلة اله كبير, ولا يلغي هذا وجود عدد من الآلهة الأقل شأنا, أو ممكن لكل ظاهرة اله , له اسم وشكل وطقوس خاصة يمارسها أتباعه ,فالآلهة كانت متعددة بتعدد الشعوب ,ولكل شعب آلهة متعددة بتعدد الظواهر الطبيعية , فهناك اله للشمس , وللقمر والمطر والبرق , كما هناك آلهة تعكس علاقات بين البشر , مثل آلهة الحرب , وهناك آلهة تعكس المناظر المرغوبة والمحببة , مثل آلهة الجمال , والحب .
ولما كانت أفكار الناس تتناسب مع زمانهم , فان لكل زمن , ولكل مرحلة من التطور الاقتصادي والاجتماعي أفكارها الدينية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية , ففي مرحلة العبودية , كانت أفكار الناس تقبل تقسيم المجتمع الى أسياد وعبيد , وأن وسائلهم لإنتاج الغذاء مرتبطة بالرعي , أو بغزو بعضهم البعض لتوسيع مراعيهم , أما تفكيرهم الديني , فكان لكل قبيلة اله تقدسه وتقدم له القرابين , وكان لكل قبيله طقوسها الخاصة بها وبإلاهها لكسب رضاه ومساندته في حروبها مع الغير .
ومع تطور المجتمعات واندماج العشائر والقبائل في مجتمع أكبر, كل هذا أدى الى تطور شكل البناء الفوقي " الدولة ", وهذا أدى الى تفسخ مجتمع الأسياد والعبيد التعددي , وظهور أنظمة الحكم الملكية, بوصفها الشكل الفردي للحكم مثل ملك , فرعون , سلطان , خليفة . فقد واكب هذا , بل وحتم ظهور الشكل التوحيدي للعبادة , للدين بوصفة الوسيلة الفكرية لجمع الناس حول شخص واحد , السلطة العليا في البلاد ,فمثلا أخناتون أراد توحيد الآلهة في اله واحد , الشمس , وفرعون آخر اعتبر نفسه هو الإله ,وقال : أنا ربكم الأعلى , وكان هذا بمثابة التوحيد للآلهة في اله واحد مشخص , منظور , يراه الناس .ولكن له السلطة العليا . ولما تطورت المجتمعات , وتوسعت ,وأصبحت مترامية الأطراف , تطور الوعي البشري التنظيمي والإعتقادي أكثر وأصبح الإيمان بإلاه مشخص غير كافِ لربط الناس بالحكم و فكثرت الثورات والحروب في البلد الواحد , ولأن هذا الإله يموت , فرعون مثلا - وقد يكون غير مرغوب من الجميع , أصبحت الحاجة تحتم ظهور دين جديد , اعتقاد جديد , اله جديد , هو الإله الغير مشخص , الغير مرئي ,ويجمع كل الصفات الخارقة , بأنه هو سبب الحياة والموت والرزق , وهو جبار , يدمر المدن ويهلك العصاة , و في نفس الوقت , جالب السعد والنصر على الأعداء .
وأحيانا يظهر شكل التمرد على نظام الحكم بالتحول عن الاعتقاد السائد بالإله الذي تؤمن به السلطة الحاكمة , الملك أو فرعون , الى اله آخر , من نوع آخر , كما حدث لبني اسرائيل الذين تمردوا على حكم فرعون الذي كان يظلمهم ويستعبدهم ويقتل أبنائهم , واتبعوا موسى الذي دعاهم الى إله غير مرئي , وقد يحدث العكس , فبعد هروب بني إسرائيل الى سيناء , وانحسار خطر فرعون وجنوده الذي كان يلاحقهم , وانعزال موسى عنهم في الجبال , ولم يلمسوا أي فائدة منظورة من الإله الغير مشخص الذي دعاهم موسى إليه , فقد انحسر إيمانهم به وعادوا لعبادة اله مشخص – العجل .
ان ظهور الشكل الديني التوحيدي , أي الإيمان باله واحد , هو السند المعنوي والفكري لنظام الحكم الفردي , حيث لا تستطيع أن تحكم الناس وتجعلهم مطيعين دون وصايا تنبع من المقدس . لهذا تجد النظم الفردية والملكية والديكتاتورية هي الأشد دعوة للناس للتمسك بالدين وملحقاته , ليس إيمانا منها بالدين – فان سلوك الحكام أبعد ما يكون عن التدين – بل لأن الإيمان باله واحد يرسخ في الوعي الفردي الإيمان بالحاكم الواحد , الملك الواحد , السلطان الواحد , والايمان بالاله الواحد الدائم يرسخ في الوعي ديمومة الحاكم الواحد , وعدم التفكير في التغيير أو المطالبة بنظام انتخابي ديمقراطي تعددي , ومحدد زمنيا بحكم الدستور الذي يقره المجتمع .
لقد وجدت أنظمة الحكم الفردية ضالتها في ربط بقائها في الحكم بالمقدس , بالدين , بالإله الواحد , الذي يدعو الرعية الى طاعة أُولي الأمر وعلى رأسهم السلطان ,الخليفة , الملك , الفرعون .وإذا اعتبرنا اخناتون أول موحد يذكره التاريخ , فقد كان لهذا المنهج انعكاسه على حياة المجتمعات عامة والشرقية خاصة , حيث لا زلنا نعيش انعكاسات هذا المنهج حتى الآن .ان انعكاسها النفسي ظهر في إلغاء الرأي الآخر, ومنع التعددية في الآراء .
ويحضرني في هذا المقام ما كتبه الكاتب : باسم النبريص في الحوار المتمدن تحت عنوان : هل يمكن اعتبار اخناتون أول فاشي في التاريخ ؟ حيث كتب يقول :
"إن عملية تأليه الفرعون، أي الحاكم الزمني، أُخذت من توحيد الإله السماوي. وهكذا، فُتحت في الشرق تحديداً، صفحة الحاكم الإله، الحاكم المافوق بشري، الحاكم المُفارِق. فلم يعُد يُعرف، إن كان الحاكم بشراً من طينة البشر أم إلهاً من نسل الإله.
والآن، ورغم كرّ ألاف السنوات، ما زال الحاكم الشرقي هو صورة فوتوغرافية عن أخناتون العتيق. هو أولاً، ممثل الإرادة الإلهية على الأرض، وتالياً، متماهٍ مع الإله ذاته. فقوله من قول الإله، وله ذات القداسة الأعلى. لذا فهو لا يغيب عن المشهد إلا بالموت، ولا يعقبه ألا واحد من نسله المصطفى. وهكذا، إلى لحظتنا الراهنة!
فسيكولوجية المؤمن بإله واحد، تدفعه، سواء عرف أم لم يعرف، إلى تنزيل هذه الوحدانية، وتلبيسها على آحاد البشر، كلٌ في مجاله وفي نوع نشاطه. أي اختزال المتعدد في الواحد، والمتنوع في الأُحادي. ما أفقر الحياةَ، وسرقَ منها زبدتها، وما أحالها إلى صحراء بالمعنيين الجغرافي والمجازي.
وما نحن، كعرب معاصرين تحديداً، وكشرقيين عموماً، إلا أخناتونيين، في جيناتنا ما كان فيه، مهما اختلف الزمان وتغيّر المكان! وللتدليل على هذا الطرح، ما على المرء إلا أن ينظر حوله ويرى. فنحن شعوب الحاكم الأوحد، والشاعر الأوحد، والرأي الأوحد، إلخ. أي شعوب الاختزال بالمعنى المفضي إلى الوبال والنكال! شعوب لغت تعددية الآلهة، فلغت، بالضرورة، تعددية الرأي، والنظر، والتفكير. في حين أن الحياة، وكما هو معروف وبديهي، لا يكون غناؤها وثراؤها، إلا في التعدد، وقبول الآخر المختلف. ذلك أن التعدد والتنوع والاختلاف، هي نعمة النعم، إذا جاز هذا القول. ولا تقوم الحضارات المرشحة للاستمرار والتطور والسيادة إلا بها وعليها. فما انهارت الإمبراطورية السوفيتية، حديثاً، إلا لأنها بنت أيديولوجيا أحادية. وما انهارت كل الإمبراطوريات قبلها، إلا لأسباب مشابهة تقريباً. إن الرأي الواحد، هو الموت عملياً. فصاحب هذا الرأي، يلوي عنق الواقع، كي يأتي على مقاس رأيه. ويستهين ويحتقر التجارب، مقابل تكريس وتقديس الكلمات. بل إن صاحب الأيديولوجيا، لا يرى الواقع البشري على الأغلب. فهو يحلّق في غمام ما فوق الواقع. وأذكر في هذا السياق، كلمة قالها مسئول دولي ألماني، نبيل ومتعاطف مع مأساة الشعب العراقي، وقد كان الرجل يعمل في هيئة الأمم المتحدة، وقابل صدام، قبل نشوب الحرب بأشهر، بعد أن قرر إنهاء عمله ومغادرة العراق. قال الرجل، إنه قابل زعيماً، لا يعيش الواقع، بل يحلّق في الوهم ويتكلّم عن الفتوحات والانتصارات الغامضة، في حين أن شعبه يعاني الأمرّين. وأنه، أي صدام، بدا له وكأنه ليس من هذه الدنيا! هكذا هي سيكولوجية كل الطغاة المتألّهين! يتحجّرون في كهف نظرتهم الأحادية، ومع الوقت، يصبحون هم أنفسهم أيديولوجيا تعلو على كل أيديولوجيا! وهذا النمط من الحكام، يفرز آلافاً مثله، كلٌّ في موقعه ودائرة عمله. فلا نعود نرى إلهاً أرضياً واحداً، بل آلهة صغاراً متناسخين في كل مكان وموقع. وأغلب الظن أن كل الديكتاتوريات، في التاريخ، هي انعكاس لديكتاتورية الإله السماوي الأوحد. ما يعني أن معظم مآسي البشر، ولدت من هذه المنطقة. وما يعني بالتالي، ضرورة تخطيها، كي نعود إلى أصل وفصل الحياة : أي التنوع والاختلاف. لقد كان في زمن تعدد الآلهة، إلاهاتٌ فاتنات وشريرات : إلاهات خصب ونشوة وشهوة وجمال وفرح وحياة، والإلاهات إنانا، وفروديت، وعناة، نماذج مضيئة منها. فتصوّر كم هي الحياة جميلة مع إلاهة إمرأة؟ وفي المقابل، تصوّر كم هي جهمه وقاسية وفادحة مع إله متجهم قاس صحراوي، لا يتقن غير الوعيد؟؟
لقد خسر البشر بفكرة أخناتون التوحيدية، أضعاف ما ربحوا. بل إنهم عملياً وتاريخياً، لم يعرفوا معه غير الخسارات الأبدية. من حروب تتوالد ولا تنتهي، إلى أحقاد وكراهيات، واحتقار واستهتار.. من هذا الدين إلى ذاك، ومن ذاك إلى هذا. بل شاع كل ما سبق بين أنصار الدين الواحد، فتفرقوا شيعاً، وكفّروا بعضهم البعض. زاعمين أنهم محتكرو الحقيقة الإلهية، ولا توجد هذه خارجهم! بمعنى أن بيان الواحد ينطق فقط على لسانهم. وأنهم مكلّفون بالجهر به لتسييده، ومقارعة كل الخارجين عليه والمنحرفين عنه. فهم، بالمعنى المستتر، مقدسون، والآخرون مدنسون! وما بين المقدس والمدنس، تتحوّل الحياة إلى موت، والأرض إلى يباس، والناس إلى حطب المحرقة. فهل هذا ما يصنع الحضارة والرقي حقاً؟ وأينهما هذان سوى في البلاد التي تعلمنت والبلاد التي تخلّصت من مفاعيل القصة كلها؟! لقد أفسد أخناتون، الحياةَ في هذا الشرق المنكود. ولولاه لكنا الآن في شأن آخر ووارد آخر. فهو أُسُّ البلاء، وبئر الشقاء! لو كنا غير شكل، مع كل هذه الأرض، وهؤلاء البشر، وهذا النفط، لكنا يقيناً، وصلنا إلى ما وصله الآخرون، من تقدم وازدهار ورقي. لكن فكرة الإله الواحد، بما هي جذر وحاضنة الحاكم الواحد، أفسدت كل شيء، وأعادتنا إلى وراء الوراء، فيما العالم من حولنا، لا يجري إلا ليتقدّم. حتى صارت المسافات بيننا وبينه تٌقاس بالسنوات الضوئية! إن أحفاد أخناتون، هم حاكمونا إلى الآن : يحكمون على غرار الفرعون القديم، سواء أكانوا في مصر أم الشام أم العراق أم الجزيرة أم المغرب العربي. فكل حاكم لدينا هو فرعون، وهو إله، وما ينقصه فقط وينقصنا كذلك، هو أن نصلّي له ونركع ونسجد، جسدياً، وليس مجازياً فحسب. مع أننا في زمن آخر وحقب أخرى : زمن أصبح فيه هؤلاء الفراعين، أضحوكة في أعين حاكمي الغرب المنتخبين، أضحوكة لا تثير سوى الاستغراب والشفقة! فهم فراعين لا سلطة لهم إلا على شعوبهم الجائعة المقهورة. أما إذا وقفوا أمام الحاكم الغربي، فهم لا أكثر من متسوّل وشحاذ! ولن يزولوا إلا بزوال الثقافة التي تؤلّههم. فهم أبناء هذه الثقافة، ولم ينزلوا على الناس من السماء.
لقد كان أخناتون، إذاً، أول فاشيّ في التاريخ. أما آخر الطغاة الفاشيين، من الشرق والعرب، فلا أحد يعرف متى يوجد ومتى ينتهي. ذلك أنه ما لم تتغيّر ثقافتنا، في العمق منها، وتنحو منحى التنوع وقبول الآخر المختلف، والتعلم منه، سوف يولد الطغاة طاغية وراء آخر، ولن ينتهوا. إن مأساتنا في ثقافتنا، قبل أن تكون في بضعة حكام أفراد. مأساتنا، كما يمكن القول، في النسق. وكما يمكن القول أيضاً، في السيستم، فالسيستم كله مضروب ومعطوب. لذا يولد الطغاة في هذه البقعة التعيسة من الأرض، كما لو أنهم نبت طبيعي فيها. وكما لو أنهم قدر مقدور وفي كتاب مسطور! فلا أحد منا معنيّ بأن يمدّ بصره إلى برّه: إلى الشاطئ الآخر من حوض المتوسط : إلى أوروبا مثلاً، حيث رئيس الدولة هناك، هو أعلى موظف لدى الدولة. يعني في الأخير: موظف ! وما يعني أيضاً، أنه بشر، مثل البشر، وأن له مدة يحكم من خلالها، ثم يتقاعد ويذهب ليتريّض، في شوارع الناس ومتنزّهات الناس، كمتقاعد مثل مئات آلاف المتقاعدين من شعبه. يحدث هذا أمام عيوننا ونشاهده في الفضائيات، بينما، وفي نفس الوقت، نرى المسئول العربي، مهما قلّ شأنه، وانخفضت قيمته، لا يسير إلا بموكب وحراس ومرافقين، أي تحت حماية ورعاية جيش لا ضرورة له، ويُصرف عليه من خزينة الدولة، أي من أموال دافعي الضرائب، وعلى حساب الفقراء المعدومين! لكن كل هذه التفاصيل، ومليارات غيرها، ما هي إلا إفراز طبيعي لثقافة الإله الواحد، والحاكم الواحد : ما هي إلا رأس جبل الجليد، وأما قاعدته، فهي، يقيناً، فكرةُ عمّنا أخناتون".
وقد ترك هذا الاعتقاد أثره على أصحاب الفتاوي الدينية محاولة منهم للالتصاق بالاله الأوحد , وبالتالي فأنهم مالكين للحقيقة المطلقة ، ويجب على الناس احترمهم وطاعتهم .
وأخيرا فإن الدين وُجد لخدمة الإنسان ولم يوجد الإنسان لخدمة الدين , ويجب أن نُطوع الاعتقاد والقوانين والوصايا الأخلاقية لخدمة المجتمع . من هنا كان التنوع والتعددية الدينية أكثر نفعا للإنسان مقابل الإصرار على تنقية المجتمع من التعددية .فمثلا في الهند على الرغم من تنوعها الديني , إلا أنها أكثر سلما من باكستان الإسلامية . فالتعددية الدينية تخلق أرضية رحبة لإشاعة الديمقراطية وحرية الرأي وسلمية انتقال السلطة , كما وتشيع تقاليد قبول الآخر . وحتى واحدية الدين في البلد الواحد لا يمكن أن تعطي نتيجة ايجابية ولا تستطيع إشاعة السلم الاجتماعي , بل نرى أن الدين الواحد يخرج من تحت عباءته عدة توجهات دينية أكثر تناحرا مع بعضها البعض , وأكثر رفضا لبعضها البعض , بل وأكثر شراسة في تصارعها الفكري والعسكري مثل الصومال .
والآن وفي زماننا هذا تكون التعددية وقبول الآخر هي عنوان الحرية والديمقراطية , وهي الدافع للإبداع والخلق والتجديد , وإن تطور المجتمعات قد تطلب هذا المنهج كوسيلة لتحرر الإنسان العربي من التسلط وأفكار السلطة الحاكمة . وهي الوسيلة للتخلص من عقدة الخوف من الحاكم الأوحد والدائم ,وأجهزة مخابراته القمعية للشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جودي سكيت.. يكشف عن أشياء مستحيل أن يفعلها ومفاجأة عن علاقته


.. تساؤلات حول تقرير واشنطن بشأن استخدام الأسلحة الأمريكية في غ




.. بعد الوصول إلى -طريق مسدود- الهدنة لا تزال ممكنة في غزة.. «ج


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش.. جهود متواصلة لدعم الجر




.. تحرك دولي لإطلاق تحقيق مستقل بشأن مقابر جماعية في قطاع غزة