الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المتدينون لا يؤمنون بالديمقراطية؟

رعد عباس ديبس
(Raad Abaas Daybis)

2012 / 7 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ارتبط الدين بالارادة الألاهية وجميع الانبياء الملوك, مثل داود وسليمان عليهم السلام وكذلك الانبياء الذين حكموا مثل يوسف عليه السلام والنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم, حكموا بتكليف من الله سبحانه وتعالى. ولكن اذا تتبعنا تاريخ البشرية منذ ان خلق الله عز وجل ابونا ادم ولحد الآن والبالغ عشرات الآلاف من السنين نجد ان الذين حكموا عن طريق التكليف المباشر قليلين جدا, وايضا خلال هذا التاريخ الطويل جلس على العروش ملوك وحكام ورؤساء طغات أفسدوا الحرث والنسل فهل يمكن التجني على الله جل شأنه بأنه كلفهم بالحكم؟
في الاسلام لم يحكم بالتكليف الألاهي الا النبي محمد صلى الله عليه واله, وحتى الامام علي عليه السلام الذي كلف من الله سبحانه وتعالى بواسطة النبي صلى الله عليه واله لم يحكم بهذا التكليف وانما حكم بعد ذلك بتكليف دنيوي بمبايعة الناس له, وحتى الخلفاء الراشدين لم يدعوا التكليف الألاهي سوى الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه حين طلب منه التنحي عن الخلافة قال: لا اخلع ثوبا البسنيه الله.
وفي عصر صدر الاسلام الذي يعتبر هو تاريخ الاسلام الحقيقي واحيانا في عصور المسلمين التي أتت لاحقا كان هناك انواع عديدة من الممارسات الديمقراطية, فقد اشرك النبي محمد صلى الله عليه واله المسلمين في اتخاذ القرارات المصيرية على طريقة الديمقراطية المباشرة اليونانية حيث كان يعتلي المنبر عند كل حدث ويطرح المسألة على عامة المسلمين ويستمع الى ارائهم وكثيرا ما كان يأخذ بها مثل اخذه برأي سلمان الفارسي في حفر الخندق, وقد تطورت هذة الممارسة عند الخلفاء الراشدين لما يشبه الديمقراطية البرلمانية حيث كونوا جماعة أهل الحل والعقد من المهاجرين والانصار الاوائل والبدريين, حيث كان الخليفة يستشيرهم في الامور التي تهم المسلمين والدولة الاسلامية.
تداول السلطة كان بطريقة سلمية, صحيح انه لم يأخذ شكل محدد ولكنه كان في النهاية يخضع لموافقة الناس بواسطة البيعة العامة التي تأتي بعد البيعة الخاصة من أهل الحل والعقد.
من ناحية اخرى كان القضاء مستقل استقلال تام ولا يوجد أي تأثير من الخليفة على القاضي وكذلك القاضي لا يخاف ولا يداهن الخليفة, واعتقد ان رواية ادعاء الامام علي عليه السلام على يهودي بسرقة درع من بيت المال وقضاء القاضي لليهودي لعدم وجود البينه لدى الامام علي عليه السلام مع انه كان في ذلك الوقت خليفة للمسلمين غنية عن التعريف.
الاجراءات الجنائية أيضا كانت مصانة فهناك حرمة واجراءات خاصة لدخول البيت للبحث عن متهم وحتى طريقة جلبه يجب ان لا تمس كرامته. وحتى اثبات التهمة يجب ان تكون عن طريق اجرائي مشروع, ورواية تسور الخليفة عمر رضى الله عنه الحائط على اشخاص يشربون الخمر وتراجعه عن عقابهم لانهم نبهوه بأن طريقة دخوله عليهم كانت غير مشروعة.
الاجراءات القضائية كانت هي الاخرى محترمة, فالخصمان يقفان بمستوى واحد أمام القاضي ومن حق المتهم أن يدافع عن نفسه بشتى الطرق, وعلى المدعي ان يثبت ادعائه ببينة أو شهادة شهود عدل. وعلى القاضي ان يعاملهما بنفس المستوى مهما كان الفرق الاجتماعي او السياسي او الديني بينهما.
الاقليات والاديان كانت محترمة وكان فقراء اهل الذمة يصرف عليهم من بيت مال الله الذي سميي في زمن الامويين وما بعده ببيت مال المسلمين لحرمان الذميين منه, وحتى الجزية التي كانت تؤخذ من أغنياء الذميين ولا تؤخذ من فقرائهم فهي ضريبة أقل بكثير من ضريبتي الخمس والزكاة التي تؤخذ من اغنياء المسلمين, اصافة انها تعفيهم من الاشتراك في الحرب والدفاع, وهي أيضا اختيارية فيمكن للذمي أن يدفع الخمس والزكاة ويشترك في الحرب وعندها يعفى من الجزية.
المساوات وفق قاعدة ( لا فرق بين عربي ولا اعجمي ولا عبد ولا سيد الا بالتقوى), وقدر الامكان رفع شأن المرأة واعطاء حقوق الطفل, ومساواة المرأة مع الرجل في العبادات والحقوق الا في حالات حصرية يوجد حولها نقاش كثير.
حرية الانسان بماله وعمله وممارسة شعائره, وضمان الامن والامان والمعيشة له, ففي دولة الامام علي عليه السلام كان السكن والماء والامان والعيش مضمون للجميع مسلمين وغير مسلمين وحتى الذين كانوا يخالفونه الرأي ولا يحبونه لا يقطع عطائهم من بيت المال.
هذه كانت ديمقراطية صدر الاسلام وعلى اساسها وباستعمال الآليات الديمقراطية الحديثة يحاول المتدينيين
حكم الدول التي وصلوا الى دست حكمها عن طريق الثورة أو عن طريق الانتخابات كما هو الحال في تركيا وايران والعراق وتونس والمغرب ومصر وحزب الله في لبنان.
أنا اعتقد بعدم وجود تناقض بين الدين والديمقراطية وكما بينا اعلاه بان مبادئ الديمقراطية طبقت قبل 1430 سنة في منطقتنا, ولكن على السياسيين المتدينين ان يتفهموا روح العصر وان يواكبوا التطورات العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتمثل جوهر الاسلام وليس قشوره وان يمتثلوا بقول الامام علي عليه السلام ( لا تجبلوا اولادكم على تربيتكم لانهم خلقوا لزمان غير زمانكم).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ديموقاطية المتدينين
سوري حائر ( 2012 / 7 / 6 - 10:30 )
اتساءل ان كان كاتب المقال على اطلاع كاف عن الديموقراطية الاسلامية التي يتحدث عنها ام انه كغيره يحاول تلميع الصورة. في صدر الاسلام او في عجزه التسلط والاستئثار والفردية هي سمة الامبراطورية الاسلامية, هذا في تعاملهم مع بعضهم البعض, اما في تعاملهم مع الغير مسلم, فلقد قرأت ان الديموقراطيات الحديثة استلهمت من الاسلام, والبشرية مدينة للرسول وخلفاءه بكل تقدم انساني في هذا المجال لذلك يهرب الناس من الدول غير الاسلامية ويتدفقون على المجتمعات الاسمية طلبا للجوء املا في حماية ديموقراطية هناك!!!.


2 - المواقف
عبد الله اغونان ( 2012 / 7 / 7 - 00:10 )
بينت المواقف من جل الاحزاب المسماة ديمقراطية وعلمانيةواشتراكية هي التي لاتقبل المقراطية اثر النجاح الباهر للاحزاب الاسلامية وتوليها جزءا من المسؤولية

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah